الله أنعم علينا بنعم عظيمة ، نعم لا تُعد ولا تُحصى ، فما من طرفة عين إلا والعبد ينعم فيها في نعم لا يعلم قدرها إلا الله جل وعلا : ( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ) [هود: 6]. خلق الخلق فقسم أرزاقهم وأقواتهم فلم ينس منهم أحدًا ، فما رفعت كف طعام إلى فمك وفيك إلا والله كتب لك هذا الطعام قبل أن يخلق السموات والأرض ، سبحان من رزق الطير في الهواء والسمكة والحوت في الماء ، سبحان من رزق الدودة في الصخرة الصماء ، سبحان من لا تخفى عليه خافية فهو المتكفل بالأرزاق ، سبحان ذي العزة والجلال مصرف الشؤون والأحوال .
إذا أراد الله بالعبد خيرًا بارك له في رزقه ، وكتب له الخير في البركة في العلم النافع والأموال والعيال ، وفي الشؤون والأحوال ، الله وحده منه البركة ومنه الخيرات والرحمات ، فما فتح من أبوابها لا يغلقه أحد سواه ، وما أغلق لا يستطيع أحد أن يفتحه.
فتقوى الله التي يفتح الله بها أبواب الرحمات ويجزل بها العطايا والخيرات ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ [الأعراف:66]. فمن اتقى الله جعل له من كل هم فرجًا ومن كل ضيق مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب ، فلن تضيق أرض الله على عبد يتقي الله ، ولن يضيق العيش والرزق على من خاف الله واتقاه ورضي بالقليل مع البركة فيه . وعليكم بالدعاء والالتجاء إلى الله جل وعلا في أيامنا هذه ، فهو الملاذ , فإن ضاق عليك رزقك وعظم عليك همّك وغمّك وكثر ظلم الظالمين فاقرع باب الله الذي لا يخيب قارعه ، واسأل الله جل جلاله فهو الكريم الجواد ، وما وقف أحد ببابه فنحّاه ، الدعاء حبل متين وعصمة بالله رب العالمين ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) [الفاتحة: 5]. فإذا أراد الله أن يرحم عبده ألهمه الدعاء، وشرح صدره لسؤال الله سبحانه وعليكم بالتواصل فيما بينكم فمن وصل وصله الله وبارك له في رزقه ووسع له في عيشه ، ومن فرج كربة المكروب فرج الله كربته في الدنيا والآخرة ، فارحموا عباد الله يرحمكم الرحمن فالله يرحم برحمته عباده الراحمين ، فمن أنفق وساعد ووقف مع مظلوم لوجه الله ضاعف الله له الأجر في العمل والكسب الطيب ، خذوا بأسباب الرزق ( فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ) [الملك: 15] . خذوا رحمكم الله بأسباب البركة بالعمل المباح والكسب المباح . كما فعل قدوتنا محمدًا صلى الله عليه وسلم وكما فعل من بعده الطيبين الأطهار أصحابه الأبرار ومن سار على نهجهم واهتدى بهديهم فهم قدوتنا الى يوم الدين
أسأل الله لي ولكم الفرج القريب وأن يمكن لنا ديننا الذي ارتضاه لنا ولا يميتنا إلا ونحن عليه ، والحمد لله رب العالمين .