الأمطار نعمة من نعم الله سبحانه وتعالى .. به حياة البشر والبهائم والأرض فبنزوله تنبت الأرض خيراتها وتعم البركات وتكثر الخيرات ، وينعم به متى شاء على عباده، ولا يعلم أحد متى ينزل المطر إلا الله تعالى، قال عز وجل: “إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ”. لقد منّ المولى عز وجل علينا في شهر رمضان المبارك بنعمة المطر الذي اتخذ في هذه الأيام صفة الاستمرار، فأرسله ربنا جل وعلا على معظم أرجاء محافظات الجمهورية غيثاً مغيثاً هنيئاً مريئاً ولا يكاد يمر يوم حتى يرى الناس آثار رحمة الله سبحانه وتعالى ونعمته، حتى بدل الله سبحانه وتعالى الحال وغيّر الأمر، فبينما بالأمس، كانت أراضينا غبراء، وكانت قلوبنا وجلة، والوجوه عابسة، والأنعام جائعة، بدل الله عز وجل الحال بمنه ورحمته، فأصبحت ترى الأرض واحة خضراء فيحاء في كثير من المحافظات والنواحي، فصدح الطير، وأورقت الشجر، وأزهرت الأرض، وشبعت الأنعام، وفرحت النفوس، وابتهجت القلوب، فلله الحمد والشكر، وله الفضل والمنة على هذه النعم العظيمة، والمنن القديرة، نسأله سبحانه وتعالى أن يجعلها نعمة لا استدراجاً، فلقد فرح بهذه النعمة الصغار والكبار والصالحون والمقصرون، فترى البهجة والسرور في الجميع استبشارًا بهذه النعمة وفرحا بها، حتى سمعنا من بكى كثيراً بهذه الرحمة عندما نزلت حتى قال أحدهم: إذا كان فرح الجميع بهذه النعمة واستبشارهم بها فكيف الفرح بعفوه ودخول جنته. وينبغي علينا جميعاً أن نكون على علم بهدي النبي صلى الله عليه وسلم عند نزول المطر؛ لنكون متأسين بهديه متَّبعين لسنته، فلقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا رأى المطر قال: “اللهم صيِّبا نافعا” وعندما يتوقف المطر كان يقول: “مطِرنا بفضل الله ورحمته”، وكان إذا نزل المطر وخشي منه الضرَر دعا وقال: “اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والضراب وبطون الأودية ومنابت الشجر” وإذا هبت الريحُ نهانا عن سبّها لأنها مأمورة، وكان يدعو بهذا الدعاء: “اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به”، وجاء في الأثر بسند صحيح عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال: “سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته”. وإذا نزل المطر بغزارة وكان شديداً فخاف المسلم على نفسه أو أهله وماله فيشرع له أن يقول: “اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكَام والظِّراب والأودية ومنابت الشجر”، ومما يندب له مع نزول المطر أن يحسر الواحد منا شيئا من ملابسه حتى يصيبه المطر تأسيًا برسول الله .. كما عن أنس قال: أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر, قال: فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه حتى أصابه من المطر فقلنا: يا رسول الله، لم صنعت هذا؟ قال: “لأنه حديث عهد بربه”. فلا ينبغي لأي منا أن تفوته مثل هذه الأدعية والأذكار، وكم هو جميل أن نعلّمها أهلنا وأولادنا ونرغبهم في حفظها والعمل بها، والدعاء عند نزول الغيث مستجاب، فعن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “اثنتان ما تردان: الدعاء عند النداء وتحت المطر”. فإن الواجب على كل واحد منا وفي هذا لشهر المبارك أن يقابل نعم الله علينا بالشكر، قال تعالى: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ”, فنسأل الله تعالى في ليالي هذا الشهر الكريم أن يجعل ما يُنزل علينا من الأمطار بفضله وبرحمته وبرضاه، لا أن يكون عذاباً وسخطاً وغرقاً.. فلقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استسقى سأل الله سبحانه: “اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً مرَيئاً مريعاً، نافعاً غير ضارّ، عاجلاً غير آجل”، كما نسأل المولى أن يوحد صفنا ويجمع شملنا ويفرج كربتنا وأزمتنا وأن يجمع السياسيين في الوطن على طاولة الحوار.. والله الموفق. [email protected]