القى مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومستشاره الخاص لشؤون اليمن جمال بنعمر, كلمة خلال حفل اقيم اليوم بصنعاء بمناسبة اطلاق الصندوق الائتماني الخاص بالمحافظات الجنوبية أشار فيها الى دلالات تزامن هذا الحدث مع الذكرى الثانية لتوقيع المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، التي أنقذت اليمن من الغرق في مستنقع حرب أهلية.. وقال:" ورغم التحديات والعراقيل التي حالت دون اختتام أعمال مؤتمر الحوار الوطني في موعده، لا بدّ أن نفتخر جميعاً بما تحقق حتى الآن, والذي نوجزه في الآتي .. أولاً: جنّب اليمنيون بلادهم السيناريو السوري بحكمتهم وفطنتهم، ثانياً: اجتمعت مختلف المكوّنات اليمنية- من النساء والشباب والمجتمع المدني والحراك الجنوبي السلمي وأنصار الله وسواهم- اجتمعوا تحت سقف واحد للعمل على بناء مستقبل جديد، ثالثاً: قدم اليمنيون نموذجاً ديموقراطياً راقياً في التحاور والبحث عن حلول للقضايا المطروحة وتقديم الرؤى، رابعاً: تمكن اليمنيون في غضون أشهر قليلة من دفع مؤتمر الحوار نحو مخرجات واعدة تطلب التوافق عليها في دول أخرى سنوات". وأضاف :" حين نتأمل في هذه المنجزات، لا بد لنا من الإشادة بجهود جميع من شارك في صنع مسيرة التغيير وقيادتها، خصوصاً الرئيس عبدربه منصور هادي وأمين عام مؤتمر الحوار الدكتور أحمد عوض بن مبارك وهيئة رئاسة الحوار وأعضاء الحوار جميعاً، و لا ننسى طبعاً دور مجلس التعاون لدول الخليج العربية وسفراء الدول العشر الداعمين للعملية السياسية بصوت واحد منذ بدايتها". وأشاد المبعوث الأممي بإطلاق الصندوق الائتماني الخاص بتعويض أبناء المحافظات الجنوبية.. وقال :" يسعدني أننا هنا اليوم من أجل هدف لطالما انتظر اليمنيون تحقيقه، هو اتخاذ خطوة أساسية للتعويض على آلاف الموظفين الجنوبيين المبعدين قسراً وآلاف ممّن صودرت أراضيهم وممتلكاتهم في الجنوب". وأردف :" لقد تعرّض الجنوب في ظل النظام السابق للتهميش والتمييز بحق أبنائه ولنهب ثرواته من دون رادع، وتلقى الجنوبيون كثيراً من الوعود الفارغة". وأستدرك قائلا:" لكن، للمرة الأولى، نرى تحركاً جدياً لتعويضهم، نرى ضوءً في نهاية النفق".. متوجها بالشكر في هذا الاطار إلى دولة قطر بقيادة سمو الأمير تميم بن حمد آل ثاني، لمساهمتها الكريمة في الصندوق الخاص بالجنوب، بمبلغ ثلاثمئة وخمسين مليون دولار. وأعتبر تواجد وزير الخارجية القطري الشيخ خالد العطية في هذا الحدث اليوم دليل على تضامن دولة قطر ودول الخليج العربية مع الشعب اليمني.. متمنيا أن تقوم دول أخرى بمبادرات مماثلة كون الحاجة كبيرة في هذه المرحلة الدقيقة من العملية الانتقالية إلى إجراءات لبناء الثقة ليس تجاه الجنوبيين فقط، بل تكون عابرة لمختلف المكوّنات السياسية والمجتمعية في اليمن. وأشاد مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومستشاره الخاص لشؤون اليمن بجهود الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي، وحكومة الوفاق في هذا الشأن .. وقال :" لقد اتخذ الرئيس هادي منذ البداية قرارات وخطوات جريئة رغم كل العقبات، منها المتعلقة بتنفيذ النقاط العشرين والإحدى عشرة وتشكيل صناديق لمعالجة المظالم في الجنوب وصعدة والثورة الشبابية السلمية، وأخيراً اعتماد قرارات لجنة الأراضي قبل نحو أسبوعين". وتطرق بنعمر في كلمته الى جريمة اغتيال عضو مؤتمر الحوار الوطني عبدالكريم جذبان .. مجددا ادنته الشديدة لهذه الجريمة و تعازيّه الحارة إلى ذويه ومكوّن أنصار الله وجميع زملائه في مؤتمر الحوار.. وقال :"من المؤسف جداً، واليمن على مشارف اختتام أعمال أول مؤتمر حوار وطني تشاركي وشامل في المنطقة العربية، أن نشهد هذا التصعيد". وأضاف :" كلنا يعلم أن هناك من لا يريد نجاح العملية السياسية، وهناك من لم يتوان عن عرقلة مسيرة تغيير سلمية بدأها اليمنيات واليمنيون بروح واحدة وعزيمة كبيرة". ومضى المبعوث الأممي قائلا:" ما تشهدونه في هذه الآونة يجب ألا يزيدكم إلا إصراراً على التعاون للتغلب على التحديات المتبقية والمضي في عملية التغيير السلمي لتأسيس يمن جديد.. يمن لا يتّسع للمطامع والمصالح الشخصية الضيقة، بل يسوده القانون والديموقراطية والعدالة وحقوق الإنسان والحكم الرشيد". . متمنيا أن يقف المتحاورون وكافة اليمنيين وقفة تأمّل وحكمة للترفع عن ضغائن الماضي ودرء محاولات الفتنة، وأن يقفوا للتطلع نحو المستقبل وتجديد العهد لتغيير منظومة الحكم جذرياً وتأسيس ميثاق وطني جامع. وأشار بنعمر في سياق كلمته الى أنه سيقدم بعد أيام قليلة، تقريراً جديداً إلى مجلس الأمن الدولي، يبلغه فيه أن مؤتمر الحوار الأكثر شفافية وتشاركية في تاريخ اليمن والمنطقة، ما يزال ينتظر حسم قضيتين رئيستين ومصيريتين، هما القضية الجنوبية وشكل الدولة. . مؤكدا في هذا الصدد أن الحسم لن يتم بوضع العصي في الدواليب، بل يتطلب إرادة سياسية جدية ترسم شكل يمن جديد كما يشتهيه أبناؤه, ومطالبا الجميع بأن يستثمروا دعم المجتمع الدولي وثقته في قدرتهم، قدرتهم وحدهم، على إيجاد حلول للقضايا العالقة وإنجاح الحوار.. وقال :"لقد آن أوان التقدم بمسؤولية وثبات وسرعة نحو وضع وثيقة مخرجات توافقية، تكون ثمرة جهود فرق العمل التسعة في مؤتمر الحوار.. وثيقة تشكل خارطة طريق للمرحلة المقبلة، تؤسس لمصالحة وطنية وعقد اجتماعي جديد، وتطلق ميثاقاً وطنياً تهديه إلى جميع اليمنيين الذين نشدوا التغيير والتنمية والمساواة، إلى أولئك الذين ظلموا طيلة عقود، إلى المتضررين من الحروب والنزاعات والفوضى والفساد، إلى آباء وأمهات يحلمون بمستقبل أفضل لأطفالهم". وأختتم المبعوث الأممي كلمته قائلا:" أؤكد لكم من قلب اليمن النابض بعراقة الحضارة وعبق التاريخ، وأطمئنكم أن الشعب اليمني لن يسمح للمتربصين والواهمين بالعودة إلى الماضي، لأن اليمنيات واليمنيين يستحقون أفضل بكثير. . يستحقون دولة حديثة وقوية، يستحقون المشاركة في صنع القرار، يستحقون تنمية متوازنة وخدمات ومواطنة متساوية وقانوناً يكون فوق الجميع بلا استثناء.. وأن اليمنيات واليمنيون يستحقون التنعّم بالأمن والاستقرار. .وأؤكد أننا سنبقى لهم سنداً لمساعدتهم على تحقيق ذلك".