يختلف تأثير الجامعات في حياة المجتمعات والدول من منطقة الى اخرى ومن مجتمع الى اخر .وقد يتحدد تأثير الجامعة في الحياة العامة بجودة ما تقدمه من معرفة وعلم وثقافة بعيدا عن سياسه التجهيل ... وبما يحمله قادة المجتمع المخفيين وهم هيأت التدريس فيها فهم بما يحملون من مخزونات علميه وبحثيه متراكمه وبما ينقلونه الى العقول الشابة التي تتلقى المعرفة عن طريقهم يكون لهم كبير التأثير في المجتمع المحيط بهم لتكون الجامعة هي نقطة الانطلاقة لكل شارع وزقاق تنقل اليه المعرفة والثقافة والعلم وتستطيع بذلك ان تحدث التغيير المرتقب من الجميع (التغيير للأحسن وليس العكس ..) ولهذا ارتفعت اسماء الكثير من الجامعات لتكون منارة ينطلق من خلالها نور العلم والمعرفة والاختراع الثلاثي الذي احدث نقلة نوعية في حياة البشرية جمعاء.
والمتابع منا للحراك الذي حدث في الاعوام القليلة الماضية في عموم دول الربيع العربي يرى جليا ان نواة انطلاق حركه التغيير هم الشباب الجامعي الذي لم يستطيع الوقوف مكتوف اليدين ليرى العالم من حوله يتقدم ويتطور ويخترع ويصل للرفاهية المرجوة بينما يرى من بيدهم القرار في موطنه مهتمين فقط بنهب الاموال تحت شعارات زائفة منها محاربة ما بقي من مخلفات الاستعمار وما يسمى بالمقاومة للعدو الصهيوني والتغني بما انجزته من البنية التحتية (( المهترئة )) وغيرها من الاسطوانات المحطمة ...اذن هي الجامعات ومن يرتادها من هنا انطلقت شرارات التأمل للمستقبل الافضل من ابوبها واسوارها وقبل ذلك من عقول وافكار مرتديها حراك احدث تغيرا ايدلوجيا كبيرا في المنطقة ليعلم بذلك من في اقصى الارض ومن في ادنها بوجود شباب متعلم مسنود بخبرات متمرسة تسعى لبنى الوطن المنشود لن اتحدث هنا عن جامعات تونس او دمشق او القاهرة لكي لا يختلق الكثير منا الاعذار كون هذه مجتمعات - مقارنة بمجتمعنا - تعتبر متقدمة.
لكن سأضرب مثالا قريبا منا ومن مجتمع نعتبره - نحن الحضارم - اقل ثقافه وعلم منا ... مع اني قد اخالف هذا الاعتبار كوننا بتنا نتغنى بشعارات وانجازات صنعها اجادانا و ابتعد عنها جيلنا كثيرا ...
لن اترك مجالا للحيرة تأخذ حيزا من تفكيرك لتتسائل عن هذا المجتمع الذي سأتحدث عنه لأني سأجيبك وقد لا يعجب الكثير ما سأقول ولكن لقول الحقيقة ثمن وعندي كامل الاستعداد لدفعة ...
نعم هو مجتمع يقع في شمال اليمن وهو المجتمع الذي سيطر الامام عليه لعقود ساد فيها الجهل وسيطرت فيها الخرافة على التفكير المنطقي بينما اعتبر الجنوب ومناطقة اوفر حظا في تلقي العلم والمعرفة ...
في هذا المجتمع وبالتحديد في السنوات القريبة الماضية ظهرت الجامعة كمؤثر اساسي ينافس ويزاحم المؤثرات الرئيسية في تلك المنطقة واقصد بذلك الاحزاب ، والقبيلة واعرفاها ..لنرى في حركه الاحتجاجات الاخيرة شباب جامعي لا يكاد يحمل شهادة البكلاريوس وهو يتحدث وتسمعه اذنك ولا تصدق ان هذا شاب جامعي وليس بروفوسور في العلوم السياسية وغيرة في الاقتصاد وتلك الاخرى وهي تتحدث بطلاقة الاديب الكبير في رثاء الشهيد ليصل صوتها لمشاعرك قبل ان يدخل اذنك وصل هذا الشباب لمرحلة مناقشة من تلقى على يديهم هذا العلم في تلك الجامعة ((جامعة صنعاء )) وهم الاخرين يبهرونك بأطروحاتهم العميقة والمؤثرة ... لم اقارن بين مناقش من طلاب جامعة صنعاء واحد المسؤولين الحكوميين لان الاخير ليس مقياسا لقياس درجة ثقافة وعلم الاول .. كونه اختير ليكون راعيا ليس لدرجه علمه وانما لدرجة انتمائية الحزبي والقبلي ... ابهرني ما رأيت في تلك الفترة من هذا الشباب وتذكرته في هذه الفترة .. عندما رأيت جامعتي بطلابها وهيئه تدريسها الا من رحم ربي بعيدين كل البعد عن هذا التأثير في مجتمعهم ليتخلى من ينتمي لهذا الصرح عن هذه المكانة ويتركها لجهال القوم يتحكمون بمصير مجتمعه والاكثر من ذلك انه هو اول من ينساق خلفهم مرددا شعاراتهم ومتأثرا بأفكارهم وان كانت طريقة ايصالها خاطئة بكل المقاييس الدينية والاخلاقية ... أتسأل هنا هل تخلي الملقي والمتلقي واقصد هنا بالملقي هيئة التدريس من حمله الشهادات والمؤهلات العلياء والمتلقي هو الطالب الذي ينهل من ما حصل عليه الملقي .
هل جاء تخليهم برغبه؟ ام برهبه ؟ام ان اليأس تغلغل الى نفوسهم؟ ... ان كان الاول فهنا ليس لهم الحق ان يتخلوا عن شيء حملوه بمحض ارادتهم وان كانت الثانية فأقول ((الموت براس مرفوعة اهون من العيش بنفس منكسرة )) وان كانت الثالثة فعلى حضرموت السلام .