محمد سعيد سالم.. قامة وطنية شامخة, وملكة مهنية ابداعية قل وجودها في زمننا هذا.. وحقيقة القول انني لا اجد من الكلمات والعبارات أو الجمل البلاغية ما تفي هذه الشخصية حقها.. كما انني اسطر هذه الكلمات على استحياء وخجل من اخي وصديقي (ابو اسلام) لمعرفتي الجيدة به بانه لا يحب المديح ولا يروق له الكلام عن شخصه, فهو كذلك ابدا لم يكن ممن يحبون الاضواء, وقد ظل وعلى مدى اربعة عقود شخصا معطاء يعشق مهنته بعيدا عن المظاهر التي يتفانى البعض في استعراضها والتباهي بها. محمد سعيد سالم, ظل يقدم العطاء في مجاله المهني بإخلاص وصمت وابداع منقطع النظير الى جانب اهتمامه وتحسسه هموم غيره ويهتم بها اكثر من تحسسه واهتمامه بهمومه الشخصية.. عرفته مند مطلع السبعينات رجلا يتحلى بالتواضع وعزة النفس.. يقول الحقيقة مهما كانت العواقب .. ينتصر للحق مهما تبرم منه اصحاب الباطل. لا يرضخ للإغراءات أيا كان نوعها إذا كانت على حساب مواقفه وقناعته الشخصية. ربطتني به علاقة المهنة وخلال عشرتي المهنية معه وجدت فيه القلب الكبير ووجدت فيه الاخ الوفي والصديق الصدوق.. رجل عندما تتعامل معه تشعر بالأمان والتقة.. يشجعك لمزيد من العطاء والابداع, لا يشعرك بفارق الرئيس والمرؤوس, يمنحك الثقة وحرية الحركة في مهنتك.. توطدت علاقتي به منذ بداية الثمانينات وزادت توطيدا منتصف الثمانينات عندما اسس (صحيفة الرياضي) وهو حينها مدير عام الاعلام في المجلس الاعلى للرياضة, فكانت هذه الصحيفة حديقة غناء ومساحة للإبداع وجامعة لكل أطياف الرؤى والافكار, وبتشجيع منه تفتقت مواهبي وابداعاتي الصحفية, فقد افسح لي مساحات واسعه لكتابة التحقيقات الصحفية الرياضية وكتابة المقالات المتنوعة واستقطاب العديد من الاقلام الناشئة التي ترعرعت في ظل هذه المدرسة المتميزة (صحيفة الرياضي).. كنا جميعا نعمل في هذه الصحيفة كاسرة واحدة شعورنا ان هذه الصحيفة ملك لنا بفضل المعاملة الحسنة والراقية من قبل رئيس تحريرها محمد سعيد سالم, ولم نكن نلتفت لأي مردود مادي بل نعمل بكل حب وتفان واخلاص من اجل الرياضة. وفي العام 1988م أطلق لي محمد سعيد سالم العنان وكلفني بمهام متلاحقة.. المهمة الاولى الاعداد لإقامة معرض رياضي شامل تم افتتاحه من قبل الرجل الثاني في الدولة الأخ سالم صالح محمد في يناير 1988م فيما كانت المهمة الثانية تكليفي بمرافقة المنتخب الوطني للشباب الذي توجه نحو الصومال في مارس 1988م لإجراء ثلاث مباريات ودية استعدادا للمشاركة في بطوله المالديف وكنت الصحفي الوحيد المرافق للمنتخب وقد كلفني بالتعليق الصحفي على المباريات وتقييم المستوى صحفيا والتوثيق المصور للزيارة. اما المهمة الثالثة فبعد عودتنا من الصومال مباشرة كلفني بنقل المعرض الى مدينة الشحر بحضرموت لإقامته هناك بمناسبة ذكرى الشهداء السبعة فانطلقت بمعية الاخ خالد صالح وتم ترتيب المعرض وافتتاحه من قبل الاخ علي منصر سكرتير اول منظمة الحزب، وفي اليوم الثاني زار المعرض الاخ حيدر العطاس رئيس مجلس الرئاسة وابدى اعجابه بمحتويات المعرض. فيما كانت المهمة الرابعة تكليفي بإعداد صور اضافية وشاملة لجميع الانشطة الرياضية واضافتها الى صور المعرض السابق وتجهيز معرض متميز ليتم افتتاحه في يوليو 1988م بمناسبة الذكرى الخامسة عشرة لتأسيس المجلس الاعلى للرياضة وتم افتتاحه من قبل الاخ فضل محسن عبدالله.. وفي سبتمبر من نفس العام 1988م كلفني بمرافقة بعثة المنتخب الوطني الموحد لكرة القدم (جانب الشطر الجنوبي) التي غادرت الى صنعاء يوم 12 سبتمبر 1988م لتشكيل المنتخب الموحد, وهناك قمت بتغطية صحفية شاملة بما فيها لقاءات واحاديث تلفزيونية لبرنامج (المجلة الرياضية) في تلفزيون عدن التي يعدها ويقدمها محمد سعيد سالم. هذه التكليفات المهمة التي منحني إياها بن سعيد طورت منهتي واكسبتني مهارة وثيقة كبيرة ورفعت من مستواي الصحفي وشدت من عزمي لمواصلة نشاطي في صحيفة الرياضي, وبعد مايو 1990م تم توثيق اصدار الصحيفة, وكنا وبحسب مقولة (العمل بالأحسن) نتعشم استمرار صدورها ولكن الخُبرة (بضم الخاء) عملوا بالأحزن بدل الأحسن, ومن بعدها تعرض استاذي محمد سعيد سالم لجملة المضايقات والحرب النفسية حتى انه تم حرماننا من تعليقاته الرياضية على المباريات عبر التلفاز التي كان يمتعنا بها، بما لديه من ملكة وموهبة وثقافة ومعلومات في نقل مباريات كرة القدم.. وبعد عودته من المنفى وتسلمه دائرة الاعلام بوزارة الشباب والرياضة استدعاني للمشاركة في المعرض الرياضي الذي أعد له بمناسبة الذكرى ال36 لثورة 14 اكتوبر والذي اقيم في صنعاء في اكتوبر 2003م. ان استعراضي لجزء يسير من مناقب استاذي محمد سعيد سالم وما حباني به من عناية واهتمام لي وللكثير من غيري انما قصدت منها الاعتراف بالجميل لهذه الشخصية والقامة الوطنية الشامخة.. مع علمي بأن بن سعيد لن يسره هكذا حديث عن شخصه لعلمي الأكيد بسجيته التي لا تحبذ الاطراء وان كان حقيقة, ولقد ترددت مرات عديدة بالتطرق لهذه الشخصية لعاملين اثنين اولهما انني ومهما حاولت الحديث وبما امتلك من مفردات وعبارات فلن استطيع ان افي الرجل حقه, وثأنيهما لعلمي المسبق بانه لا يحب ولا يسره الحديث عن شخصه, ولولا إصرار صديق تعرفت عليه مؤخرا لما كتبت هذه المقالة المتواضعة والبسيطة في حق شخص يستحق الكثير والكثير, فمعذرة (أبا إسلام) أعذرني.. أعذرني!.