قبل ثلاثة قرون وتحديدا عام "1676"م أعلنت قبائل حضرموت انتفاضة شاملة ضد حكم الإمام المتوكل على الله إسماعيل احد الأئمة الزيديين الذي امتد نفوذه إلى المهرة وأطراف عمان وذلك بعد عشرين سنة من اجتياحه لحضرموت والمهرة وشبوة "بين عامي "1654-"1657"وكان قد اخضع الإمام مناطق الوسط والجنوب قبل عشر سنوات من ذلك التأريخ. وبينما أطلق بعض المؤرخين على الإمام إسماعيل صفة موحد اليمن، اعتبره آخرون ظالما ومستبدا أستأثر بالمال والقوة والنفوذ واحكم قبضته على البلاد بالحديد والنار جاعلا من سفك الدماء والجباية والإفقار وسائل لتوطيد حكمه.
وبغض النظر عن حقيقة ذلك الحاكم إلا أن الثابت والمجمع عليه المؤرخون أن انتفاضة الحضارم وضعت بداية النهاية لحكمه وقوضت حكم الأئمة لما يقرب من مائتي عام إذ لم يظهر الإمام التالي في صنعاء وهو الإمام احمد ابن هاشم إلا في عام"1847".
وكانت انتفاضة الحضارم قد توسعت باتجاه شبوة و المناطق الجنوبية الأخرى والوسطى لتشمل معظم مناطق البلاد، وفي غضون عامين أسدل الستار على إحدى الحقبات الحافلة والمثيرة من حكم الأئمة في اليمن.. ويذكر مؤرخون أن بعض علماء الزيدية كانوا قد حثوا الإمام إسماعيل على ضرورة ترشيد حكمه ورفع الظلم عن الرعية سيما بعد ظهور تململات وسخط في الأوساط المجتمعية لكنه أبى واستكبر.
فهل يكرر التاريخ نفسه اليوم بفصل مقارب شديد التشابه بدا بحرب "94" العبثية وامتد ظلما وبطشا واستكبارا لفترة مماثلة "20" عاما..وهل ستدشن حضرموت مجددا في العشرين من الشهر الحالي هبة أخرى تحاكي هبة الماضي البعيد لتطوي صفحة شديدة السواد وتفتح أخرى على المجهول المحفوف بالمخاطر أم ستنهض الحكمة اليمانية لترشيد المخاض وتوجيه الدفة نحو بر الأمان.