ما أشبه الليلة بالبارحة وبعد مرور خمسين سنة عن استشهاد الشيخ راجح بن غالب لبوزة في مديرية ردفان في عام 1963م على أيدي جنود المحمية العسكرية للاحتلال البريطاني للجنوب آنذاك وكان هذا الحدث البداية الأولى لتفجير ثورة الجنوب الأولى. في 14أكتوبر1963م والتي انطلقت شرارتها الأولى من جبال ردفان لتعم كل جبال وسهول ووديان الجنوب من المهرة شرقا وحتى باب المندب غربا في ثورة شعبية ضد الاحتلال البريطاني استطاعت أن تفقد الاحتلال سيطرته على زمام الأمور في الجنوب بعد أن فرضت الثورة الأمر الواقع بالسيطرة على مدن الجنوب ومراكزها الهامة مما أدى بالاحتلال البريطاني إلى أن يقرر الرحيل من ارض الجنوب وتسليمها لأبنائها بعد رحيل آخر جندي بريطاني في 30نوفمبر1967م وإعلان استقلال الجنوب .
وبعد خمسين عام من هذه الحادثة التي أشعلت الثورة الاكتوبرية الأولى والتي أدت إلى استقلال الجنوب الأول تعود الأحداث على الجنوب وشعبها وبنفس الصورة والطريقة ولمن بوجود احتلال أخر على ارض الجنوب ..احتلال أكثر همجية وتخلف من الاحتلال البريطاني ..انه الاحتلال اليمني الذي احتل الجنوب في 1994م وأعاد الجنوب مرة أخرى للرضوخ تحت الاحتلال من جديد وبعد خمسين عام على اغتيال الشيخ غالب بن راجح لبوزة في ردفان على أيدي جنود الاحتلال البريطاني تفاجأ شعب الجنوب باغتيال المقدم بن حبريش مقدم قبائل الحموم والعليي على أيدي جنود الاحتلال اليمني في إحدى الحواجز الأمنية للاحتلال في حضرموت وبطريقة همجية بشعة مع عدد من مرافقيه أعادت عقارب الساعة إلى الخلف أدت هذه الحادثة إلى إعلان الثورة الجنوبية الثانية والتي قامت بعد أن قررت قبائل الحموم وحضرموت إعلان الهبة الشعبية في يوم 20ديسمبر بعد أن تكبر الاحتلال اليمني ورفض التنازل لتنفيذ طلبات القبائل الحضرمية التي طالبت بعدة طلبات أهمها تسليم قتلت المقدم بن حبريش ومرافقيه .
أن تعنت وتكبر الاحتلال اليمني أمام مطالب القبائل الحضرمية أدت إلى انطلاق الهبة الشعبية التي أعلنتها قبائل حضرموت لإسقاط المحافظة والمراكز الهامة فيها من أيدي الاحتلال اليمني وتسليمها لأبناء حضرموت لإدارتها وإدارة شئون المحافظة بأنفسهم.
ولكن بعد أن أعلنت الهبة الشعبية من حضرموت تداعت كل قبائل وشعب الجنوب ومكونات الثورة السلمية الجنوبية لتأييد قرار الهبة الشعبية ومساندة قبائل حضرموت فتم تشكيل اللجان والفرق لتنفيذ الهبة الشعبية على كل ارض الجنوب من المهرة إلى باب المندب .
ومع بداء انطلاق الهبة الشعبية في حضرموت اشتعلت كل مدن ومديريات الجنوب في انتفاضة تحررية ضد الاحتلال اليمني في الجنوب بإسقاط المرافق الحكومية والإدارات الأمنية ورفع علم الجنوب على أسطحها بعد إسقاطها وتسليمها لقيادات جنوبية لإدارتها ..وكذا إسقاط الحواجز العسكرية المنتشرة في الخطوط والتي كانت تستفز المسافرين وتسلبهم أموالهم وحاجياتهم وتعرقل سفرهم بين مدينة وأخرى وتسليم هذه الحواجز لأبناء الجنوب لحماية الخطوط وتسهيل حركة المرور ورفع علم الجنوب عليها.
أن الهبة الشعبية التي انطلقت من حضرموت وعمت كل محافظات الجنوب هب عبارة عن انتفاضة كبرى مستمرة ولم يحدد لها زمان لتوقفها بل أن زمانها يتوقف برحيل آخر جندي يمني من ارض الجنوب وبنفس الطريقة والوسيلة التي تحولت بها حادثة اغتيال الشيخ بن لبوزة إلى ثورة تحرير كللت بالاستقلال الأول فان حادثة اغتيال المقدم بن حبريش تحولت إلى ثورة تحررية من الاحتلال اليمني انطلقت شرارتها من حضرموت ومستمرة حتى رحيل أخر جندي يمني من الجنوب بإعلان الاستقلال الثاني وكما كان الاستقلال الأول قادم من الغرب فان للجهات والأدوار تبادل تشير إلى أن الاستقلال الثاني للجنوب سوف يكون قادم من الشرق بدئت هبات نسائمه بالهبوب من حضرموت.