ما زلت ألوذ بصمتي على ما يدور في الساحات داخل حضرموت .. وما أعايشه كلما أشرقت شمس النهار خلال نزولاتي إلى الشارع لرصد الواقع ، يظهر بأن هناك حراك شعبي ضد ظلم طفح كيله عند المواطن الحضرمي بوجه خاص أو المواطن في مناطق الجنوب عامة ، هناك جور وغياب للأمن وقهر اجتماعي من نظام بائد قام على أنقاض اتفاقية جوفاء تم الالتفاف عليها ونكثها بحرب صيف 94م قتلت ما بقي من حب للوحدة التي كانت وبالا على كل فرد في مجتمعنا ، عاني منها الكل الأمرين ، فهي سياسة تحمل التهميش والإقصاء للآخر ، ناهيك عن تحلل القيم والقضاء على كل ما هو جميل في حياتنا ، فانتشرت الرشوة والمحسوبية والحزبية الضيقة. والنظام أعتبر بعد انتصاره في حربه السيئة الصيت بأنه يملك كل شيء ولا يحق لغيره المطالبة باستعادة حقوقه المغتصبة عازفاً على أوتار ( الوحدة المباركة ) عليه ونقمة على الآخرين ، كل ما حققه ( نظام الفيد وغنائم الحرب ) فوزع الثروات على المحسوبين عليه من مشايخ وقيادات عسكرية وعائلات نافذة ، بعد أن استفحل الوضع وأصبحت جحيما لا يطاق ، ثار الجنوبيون والحضارمة على تلك الأوضاع التي شكلت حالة من البؤس عليهم ، توالت مطالباتهم باستعادة دولتهم السليبة التي كانوا ينعمون بالحرية في ظلها رغم كل شيء ، فكانوا يحظون بمجانية التعليم ، والتطبيب ، والحقوق الوظيفية بطريقة عادلة .
رغم بعض الأخطاء التي صاحبت التجربة الاشتراكية ، هب الحراكيون من متقاعدين قسراً ومبعدين قهراً قاموا ضد المكر والخديعة واستغلال العشيرة والقبيلة للسلطة والاستحواذ على ثروات البلاد ، وأصبحت هي النافذ والناهي والآمر ، كلمتها هي المسموعة ينقاد لها رجالات الدولة ، بل ويدينوا بالولا ء لها أكثر مما يقسموا لله وللوطن الذي فقد الحرية والحق والعدالة والأمن .. وإن الدولة تملصت من واجباتها تجاه المواطن رغم أنها تأخذ رسومها وضرائبها منه ، دون أن تقدم له شيئا يذكر . لا توجد دولة مدنية ، رغم ما قالوه عن الدولة المدنية في ثورة الشباب فكانت تلك كذبة كبيرة ضحكوا بها على المجتمع الذي صدق أكاذيبهم ، والقبيلة التي عاثت فساداً وتسلقت على حساب غيرها ، لم تكن عند مسئوليتها بعد مقتل الشيخ سعد العليي الحمومي ، .
وكانت الهبة الشعبية ثورة على تسعف اللا دولة وإزهاق أرواح الناس الأبرياء فكان مؤتمر وادي نحب التاريخي المنعقد في العاشر من ديسمبر 2013م الذي أخرج القبائل الحضرمية من صمتها لتتحرك باتجاه فرض إرادتها في العشرين من الشهر نفسه ، فكانت الهبة الشعبية التي تعتبر اللبنة الأولى على طريق الكرامة والعزة لشعب ذاق الويلات منذ عقود .. كحركة مطلبيه للحقوق والمضي قدما لتنفيذ مخرجات مؤتمر القبائل الذي وضع أساساته الشهيد سعد العليي الحمومي قبل استشهاده ، في انتزاع الحقوق من مخالب المتنفذين العابثين بالثروات المستهترين بأرواح الناس . وقد استبشرت شرائح المجتمع كافة خيراً ولكن ظهرت هناك أصوات أخرى تحاول حرف الهبة عن إتجاهها الصحيح ، والسير بها نحو مطامح آنية وسياسات خارجة عن ما تم تحديده في مؤتمر ( تحالف قبائل حضرموت ) التي رسمت خارطة طريق بعيدة عن تسييس تلك المطالب لغايات أخرى من قبل قيادات سابقة .
لست أخص بمقالي شخصاً بعينه أوجهتاً بعينها انماهي قراءة من واقع مرير وتشتت موحش الم بنا فظهرت وزادت النزعات والمزايدات والتوجهات مستغلة الموج العابر والصيف الماطر .
هل حان الأوان نبني ارضنا .. أنسانيتنا ويحين للابناء والأخوة الاشقاء نبذ الماضي البغيض ورص الصفوف بثبات وحزم ؟؟ ولن نبني وطننا إلا بالأخلاق والنظام التكاتفي.. رحم الله شهدائنا ...عافى الله جرحانا وعجل بشفائهم ..فرج الله عنا ما ألمَ بنا ورفع عنا الظلم والجور والمغالاة فيه .