العم عبدالحافظ المُلاَّ, كما يبدو من ملامح وجهه المتهلِّل والمشرق, ومن أثر السجود على جبينه, رجلٌ وقور, حسَن النيَّة نقيّ الطويَّة, يعرفه الكثيرون ويحوز على احترامهم وتقديرهم واعجابهم لارتباطه بالعمل الخيري والاجتماعي ساعيا وعاملاً ومشرفا, يعمل كخلية نحل, دون كلل أو ملل لإنجاز أي عمل يُكلّف به. ويجمع كل من عرفه في يافع وخارجها, على اختلاف مشاربهم واتجاهاتهم على نزاهته وأمانته وتفانيه في أعمال الخير وخدمة أهله ومجتمعه, ولهذا يعهد إليه أهل الخير بالإشراف والمتابعة على المشاريع التي يتبنون تنفيذها, فيحسن القيام بها على أكمل وجه.
اسمه الكامل عبدالحافظ عوض عبده بن سلمان, ولقبه "المُلاَّ" اكتسبه في الكويت التي هاجر إليها عام 1960م, وغادرها مكرها بعد اجتياحها من قبل قوات صدام حسين عام 1990م, بعد أن أمضى فيها ثلاثة عقود من عمره, (وأصل "المُلاَّ" مولى بالعربية فحرفها الأتراك إلى مُلاّ يقولون قاضي مُلاَّ واصله قاضي أي يلقب بمولانا عند الكلام عنه أو إليه) وقد عُرف العم عبدالحافظ منذ شبابه في الكويت بالتَّقوى والوَرَع واستقامة السلوك ولهذا أُطلق عليه هذا اللقب, وطغى على اسمه وأصبح الآن لصيقا به وبأولاده وأحفاده من بعده.
منذ عودته إلى مسقط رأسه, ارتبط بالعمل الاجتماعي والخيري, وأسهم طوعيا ولسنوات عديدة على الترميمات التي كانت تتم لطريق نقيل الخلاء قبل تعبيدها بعد كل اضرار تخلفها السيول فيها, وهو أيضا من أنشط أعضاء مجالس الآباء, وتابع أعمال توسعة وترميم مدرسة النصر, ومن النشطاء أيضا في الجمعيات الخيرية وفي غير ذلك من الأعمال الاجتماعية.
سمعت عنه الكثير, قبل أن أتعرف عليه منذ تأسيس كلية التربية يافع عام 1998م, وعرفته أكثر عن قرب, منذ أن عهد إليه الأستاذ محمد بن محمد الرشيدي, ونجله الخلوق نبيل بمهمة الاشراف على الترميمات الملحة في بعض منشآت كلية التربية – يافع, وخاصة سكن المدرسين والقسم الداخلي للطلاب وغير ذلك من أعمال الترميم الملحة التي تتبناها مجموعة المرحوم عمر قاسم العيسائي وأولاده الكرام, كامتداد لبصمات والدهم طيب الذكر المغفور له بإذن الله في إرساء هذا الصرح العلمي الشامخ عند تأسيسه عام 1998م, وكذا في دعمهم المادي لطلاب الكلية بتقديم إعانات شهرية لهم منذ أكثر من عشر سنوات. وقد جاءت استجابتهم لتبني هذه الترميمات الضرورية مشكورين مأجورين بعد أن سُدّت أمامنا الطرق لاعتمادها من قبل الدولة.
وكعادته شمر العم عبدالحافظ عن ساعديه, منذ تكليفه وأخذ يتابع كل صغيرة وكبيرة, بدءاً من شراء المواد بالتنسيق مع الأستاذ نبيل محمد الرشيدي, الذي تكرم من جانبه بتجهيز مصلى خاص بالطالبات, ومرورا بالإشراف على العمال والبقاء إلى جانبهم وكأنه واحداً منهم, يحضر معهم صباحا ولا يغادر إلاَّ آخرهم, وحتى وجبات طعامه يتناولها معهم سوية. بل وامتد نشاطه إلى الاهتمام بتسوية وتنظيف ساحات الكلية التي تعتمد على مبادرات الطلاب والمدرسين لعدم وجود عامل نظافة رسمي, وأصبح خلال أشهر قليلة شخصية معروفة ومحبوبة من قبل جميع مدرسي وطلاب وطالبات الكلية, فانتزع منا التقدير والاحترام.. وأمثاله ينبغي أن تُرفع لهم القُبَّعات.. والشكر في حقهم قليل ..
ولا نملك إلا أن نقول دمت في خير (عم عبدالحافظ المُلاَّ).. وكثر الله من أمثالك, وجزى الله المرحوم عمر قاسم العيسائي وأولاده الكرام كل خير وجعل كل ما يقدمونه في ميزان حساناتهم.