كثيرا ما تلصق بأبناء الجنوب تهم الانفصال ومحاوله تشظية الوطن واللحمة اليمنية من قبل الإخوة في شمال الوطن .. لا أدري هل هو حب للوطن المدعو الجمهورية اليمنية حقا؟ , أم ان هناك مآرب أخرى لهذه الشعارات الوطنية الرنانة ... على العموم انا لست بصدد الدخول في نوايا الآخرين , ولكن الذي استطيع ان اقوله بإن من يصنع الانفصال حقاً هم اصحاب تلك النبرة العنصرية المقيتة والتي تكشفت جليا في الأحداث الأخيرة التي شابت الجنوب , وأنا هنا أقصد الإخوة الشماليين أنفسهم , فالمتابع لصفحات التواصل الاجتماعي وكذا تعليقات الزوار في المواقع الإلكترونية يلحظ كماً كبيرا من الحقد الدفين تجاه ابناء الجنوب وفوق ذلك استهتار بدماء الجنوبيين , فتارة يوصف القاتل بانه بطل مناضل ومدافع عن حمى الوحدة والوطن , ولعل العمل الاجرامي الجبان الذي طال ابناء مدينة الضالع لخير مثال على ذلك , انا لست هنا لأدين واستنكر الفعل الإجرامي على بشاعته .. ولكنني ادين جريمة أكبر من ذلك ,الا وهي تبرير الجريمة من قبل الإخوة في الشمال , فنرى تعليقا لأحد الإخوة يقول (لا صوت يرفع فوق الدولة , يستاهلون اكثر لكي يكونوا عبره لمن يعتبر) , ياللسخرية !!. أصبحتم الآن مطالبين بهيبة الدولة على دماء وأشلاء الجنوبيين ... لابأس هم معذورين في ذلك فالجنوبيون ليسوا من جلدتهم أصلا . فلماذا يهمهم دمهم الذي يسيل ؟ ,, وللأسف الشديد هناك من يبرر لهذه الجريمة النكراء تبريرا مقيتا بربطة بمقتل الجنود بالرغم من أنهم يقتلوننا منذ العام 2007 , حتى وان كان ذلك صحيحا , فهذا لا يبرر الضرب بالأسلحة الثقيلة منطقة سكنية بهذه الطريقة الوحشية وجميعنا تابع نتائج هذه الفاجعة. وإنني في نفس الوقت اشكر كل أخ شمالي حر وواعٍ وقف موقف حق مع اخوانه في الجنوب بالرغم من انه تعاطف سببه تلك الصور الشنيعة التي نشرت وليس تفهما لحق الجنوبيين في الخلاص واستعادة دولتهم . وإذا قلنا بأن هذه التعليقات والآراء تعتبر افكار شخصية لفئة من الناس الذين وقعوا في فخ التعبئة الإعلامية الخاطئة ضد الجنوب ولذلك علينا ان نعذرهم , فكيف نبرر وقاحة الفئة المثقفة الواعية والذين يعتبرون صفوة المجتمع في الشمال ؟ حيث نرى نفس الأسلوب الساذج في تسطيح الأمر وجعله ضمن اطار ما يتعرض له اليمن شمالا وجنوبا , وهنا يجب الوقوف بقوة عند هذا القول , فإذا كان ابناء الشمال متعودين على رخص الدماء التي تسيل ( وثورة التغيير ليست عنا ببعيد حيث لم يحاكم أي متسبب في جرائم قتل بحق ابنائهم لحد الآن) , فإن ابناء الجنوب لا يرتضون بالذل والهوان , وقد خرجوا منذ عام 2007 باحثين عن كرامة ووطن مسلوب. رسالة الى مثقفي الشمال , كفوا أذاكم عنا فإن لم تريدوا أن تقوموا بواجبكم كمثقفين وارباب فكر فعليكم على الأقل أن لا تحاولوا تشويه ما يحصل في الجنوب وعكسه بطريقة مغايرة للواقع للمجتمع الشمالي. وعلى ذكر التشوية وانتقاء الأخبار فالعتب كل العتب على مراسلي القنوات الاخبارية مثل الجزيرة والعربية وغيرها , فالمتابع لتلك القنوات لا يكاد يرى تقريرا عن الوضع في الجنوب يشرح بالتفصيل الوقائع والحقائق على أرض الميدان , فكل ما نراه على الشاشة هو مجرد اخبار تذكر على استحياء في مده لا تتجاوز الدقيقتين وذلك بعد الضغوطات وفرض الواقع نفسه على الأرض الجنوبية .
فلماذا يا نبراس الامة التي يفترض ان تضئ له الطريق وتظهر له الحقائق ... لماذا عندما يكون الأمر متعلقا بمجازر كنتاكي وجمعة الكرامة واحداث بالشمال نرى التغطيات المباشرة والتقارير العاجلة واللقاءات , أما عندما توجه فوهات المدافع الى الجنوب فلا نرى سوى الشحيح الشحيح من الأخبار والمغلوطة كذلك في بعض الأحيان . قد يقول قائل بأن عداوة أبناء الجنوب هي مع السلطة الحاكمة او مع الرئيس فلان أو القبيلة الفلانية ومراكز القوى المتنفذة , وليست مع الشعب والناس في الشمال , نقول لكم ولماذا لا تكونون في عداوة أنتم أيضا مع هؤلاء المجرمين , فخنوعكم لهم وسكوتكم عن جرائمهم يجعلكم في نفس المستوى معهم. ختاما قد يوصف من يكتب بهذه النبرة ( التشطيرية كما يقول الإخوة في الشمال ) بأنه انفصالي تشطيري وما الى ذلك, ولكن عليهم أن يعلموا ويدركوا تماما بأن ما يحصل من ابناء الجنوب ما هو الا رده فعل عن سنين من القمع والتنكيل والتعتيم الإعلامي والتجاهل من الاخوة في الشمال لقضية اصبح صداها يملأ الآفاق .
