أحتضنت باحة منارة عدن التاريخية عصر يوم الجمعة الماضية تدشين نشاط منتدى "عدن اجين" الثقافي وباكورة فعالياته أستضاف د. أسمهان العلس أستاذ التاريخ الحديث المشارك في جامعة عدن الأمين العام للجمعية اليمنية للتاريخ والآثار- عدن التي ألقت محاضرة في الموروث الثقافي غير المادي الذي تزخر به مدينة عدن ولأهمية النداء الذي اطلقته الجمعية منذ 2005 لإعلان عدن محمية تاريخية. أستهلت د. العلس حديثها التعريف بالموروث الثقافي لعدن بمكوناته المادي وغير المادي و هذا الموروث الذي دفع الجمعية بالدعوة لإعلان عدن محمية تاريخية، وفي محاضرتها عن مكونات التراث الثقافي لعدن ركزت حديثها عن الموروث الثقافي للمرأة العدنية، و ضربت الكثير من الشواهد من الحياة بعدن قديماً و ريادتها في أكثر من مجال و السباقة بذلك و مآل إليه الحال للعبث الجائر في التعامل مع الموروث المادي و غير المادي لعدن. و ضربت د. أسمهان شواهد كثيرة على ذلك التدمير و ما تقوم به المعاول كل يوم من نهش في معالمنا التاريخية الآثرية، فطمس منها ما طمس، أو حل محلها بناء حديث لا يمس لتاريخ مدينة عدن، مثال على ذلك مسجد "أبان" التاريخي، و بينما هناك معالم تركت للعبث دون رادع أو محاسبة من الجهات الحكومية و السلطة المحلية في عدن. كما دقت د. العلس جرس إنذار للكارثة القريبة التي يخطط لها هذه الايام لهدم معلم تاريخي في عدن و هي مدرسة "الطويلة" بكريتر التي تعتبر أول مدرسة أنشئت في 1964م لتوسيع التعليم الثانوي للبنات بعد إضراب طالبات كلية البنات في خورمكسر اللواتي نادن لتوسيع فرص التعليم للبنات في عدن، ودعت محبي عدن لتظافر جهودهم والتصدي لهدم المدرسة التي تقع في مكان آثري رائع من صنع الإنسان فسور المدرسة ملاصق لأكبر خزان من سلسلة منظومة صهاريج عدن التاريخية. وطالبت د. أسمهان لإلغاء مصطلح الهدم من قاموس التعامل مع مدارس عدن ومؤسساتها الرسمية التي يعود عمرها لأكثر من 50 عاماً، ومعالجة الإحتياجات المجتمعية في التوسع التعليمي والمعيشي بأساليب مختلفة غير الهدم، ومؤكدة إن إستمرار سياسة العبث بالموروث الثقافي يؤكد على غياب الرؤية الجادة في التعامل مع الموروث، وزيادة الحساسية الرسمية تجاه الموروث الثقافي لعدن، و أعلنت إننا كل يوم نخسر من رصيدنا الثقافي موقعاً تاريخياً كلما أشتدت أساليب الهدم في عدن وهو ما يبعدنا عن تحقيق دعوة الجمعية لإعلان عدن محمية تاريخية، وناشدت تكاثف الأهالي والمجتمع المدني في عدن للضغط على السلطات الرسمية لوقف أعمال العبث والهدم الجائر لمعالم عدن التاريخية والمعمارية. و عقب ذلك شارك الحاضرون بمداخلاتهم حول ذات الموضوع وساهموا بإثراء الجلسة بحواراتهم وإستفساراتهم التي ردت عليها د.أسمهان. وفي بداية الفعالية تحدث رئيس المنتدى مازن شريف مرحباً بالضيوف وقرأ بياناً جاء فيه" إن المنتدى يهدف لإثراء الساحة العدنية بالمواضيع الثقافية و إعادة هيمنتها الثقافية كما كانت تحظى بها في المنطقة. وسيتم تنظيم لقاءات أسبوعية تثقيفية نهدف منها:
1. إعادة إحياء دور عدن الثقافي الهام في المنطقة, وما تزخر به من إرث ثقافي.
2. نشر الثقافة بين أوساط الشباب وأفراد المجتمع, والإسهام في تحرير العقل وتطوير البلد.
و نحن ندشن اليوم نشاط المنتدى نأمل أن يلقى صدى إيجابياً وتقبلاً رحباً وتفاعلاً نشطاً من كافة أطياف مجتمعنا العدني, و أن يزيد الشباب من جهودهم في سبيل إثراء الثقافة في عدن و ندعو المجتمع عامة للإهتمام بالعلم والثقافة.
و نختتم البيان بمقتطف من حوار هام دار بين زعيم الحرية المهاتما غاندي وبين رائد التنوير العدني الأب محمد علي لقمان , حيث جرى لقاء بين المهاتما غاندي ومحمد علي لقمان أثناء زيارة الأول لعدن في 3 سبتمبر 1930م, و كان ضمن حوارهما الذي جرى أن سأل غاندي لقمان : "ماذا عملتم يا لقمان لعدن؟"
فرد لقمان عليه:"أسسنا بعض النوادي" في إشارة للنوادي الثقافية آنذاك.
فأدرك لقمان التورية* في كلمة clubbed والتي تعني أدى ما عليه من نفقات و واجبات, ومعناها يضرب بهراوة ومعناها ناد, أي كانت التورية "ضربتم ضربتكم بالنوادي". ونأمل نحن في المنتدى أن نضرب ضربتنا أيضا من خلال منتدى "عدن أجين" الثقافي.
هذا وفي الحفل القى ألقى الشاعر ناصر السيد قصيدة له بعنوان "جنة الدنيا عدن"، و قطعت التورتة بمناسبة تدشين المنتدى و وزعت المرطبات على جمهور الحضور. * يقصد بالتورية ضرب من البلاغة في الكلام يحمل مضموناً تعريفياً أن لقمان يمشي في الطريق الصحيح و أولى خطواته تأسيس الأندية الثقافية.
