وأخيراً وصل الفصل السابع إلى اليمن بقرار مجلس الأمن 2140 بعد طول انتظار . لم ننتظره لأننا عملنا لصدوره ؛ بل لأنَّه كان حتمي الحدوث . قال الحراك : إن حكومة صنعاء فاسدة متسلطة احتلت الشمال والجنوب . . . فلم يصدقنا أحد....! وقال : إن صنعاء تصنع الإرهاب وتُصدره إلى العالم ؛ وهي التي تقف خلف القراصنة الصومال ؛ وتبتز دول الجوار بحروب الحوثي ؛ فلم يصدقنا أحد.....!
حتى صرخ الواقع [ وإذ يقرر أن الحالة في اليمن تشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين في المنطقة] لقد كنا لكم عضةً وعبرة . . . فلم تعتبروا....! فجعلكم الله لنا عبرة .
كنتم عبرة ؛ عندما فشلتم مع ثعابين صنعاء ....؟ ما أضطركم لإصدار قرار تحت الفصل السابع ؛ قرار بنص قابل للتأويل -يحمل معاني كثيرة- يستطيع الإنسان البسيط أن يضع له أكثر من تفسير ؛ وهذا يدل على عمق الفشل الذي دفعكم لوضع هذه الصيغة المفتوحة لتنفذوا من خلالها بين الحين والآخر. . .
وندرك الهدف من هذه الصياغة من خلال قراءتنا للتاريخ ؛ فقرارات مجلس الأمن تفسرها الدول العظمى بالطريقة التي تناسبها ؛ ويفسرها طرفا الصراع كلاً في مصلحته ؛ ومثال على ذلك قرار 242 بعد حرب 1967 -22 نوفمبر- كانت صياغته مطَّاطة ؛ فسرها العرب بطريقتهم وفسرتها إسرائيل بطريقتها....! ومازال عالقاً حتى اليوم .
وعليه ؛ فالتحليل الصحيح من وجهة نظري لا يكون بتفسير النص في الوقت الحالي ؛ فالتفسير متغير بتغيُّر توجهات دول القرار ورغباتها ؛ ومتغير بتغيُّر قوة أطراف الصراع . . . والسؤال الذي يجب أن يُجيب عليه التحليل اليوم ؛ ماهي رغبات وتوجُهات دول القرار......؟ وماهي رغبات أطراف الصراع التي يبنون عليها تفسيرهم للنص....؟
في رأيي أن الدول العشر تريد تحقيق انجاز في القضية اليمنية ؛ توظفه داخلياً وخارجياً بعد أن فشلت في تحقيق أي تقدم في قضايا أخرى -مصر وسوريا وتونس وليبيا وبورما وافريقيا الوسطى وأخيراً اوكرانيا وغيرها . . . فصدر القرار لفرض سيطرة الدول العشر والمانيا والاتحاد الاوروبي "دول القرار" على القرار اليمني ، وتجاوز أي تدخل في المستقبل المنظور لروسيا والصين في القضية اليمنية . . . والأيام ستكشف لنا هذا الجانب . ولا بأس أن نحترم رغبتهم في الظهور بإنجاز . . . فهذه هي استراتيجية المجاراة التي ادعوا لها منذ أشهر . . .
وتوقيت إصدار القرار أوضح رغبة أخرى [إعطاء مشروعية دستورية للرئيس هادي] فالقرار صدر في 26 فبراير 2014 قبل يوم من انتهاء الفترة الرئاسية الانتقالية -27 فبراير 2014- فالدستور الذي استند إليه الرئيس خلال العامين الماضيين في إصدار قراراته الرئاسية كان المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية و الرغبة الثالثة ؛ تظهر بكل دِقَّة "اليمن دولة فدرالية" كما جاء في النصّ . . . صحيح أنَّه لم يحدد عدد الأقاليم لكنَّه حسم الأمر "فدرالية" ويبقى عدد الأقاليم ؛ ونوعية الفدرالية قابل للتفسير بعدة طرق حسب رغبة الدول القائدة ومصالحها خلال الفترة القادمة . وعليه ؛ فدول القرار من وجهة نظري ؛ بدأت اليوم مرحلة جديدة في القضية اليمنية ؛ قدَّمت للشماليين الدعم التام للحفاظ على الوحدة ؛ وضمان مشاركتهم في السلطة ؛ وفدرالية ستة أقاليم . . . فإذا لم يتجاوبوا ، واستمروا في مؤامراتهم ؛ واتضح للدول القائدة استحالة تعاونهم سوف تنتقل إلى التفسير الثاني للقرار "دولة فدرالية" وتعني إقليمين.... والعصا -الفصل السابع- لمن عصى....؟ وهذا المآل وافق هوى عند قيادات جنوبية انتهازية "العطاس ومن لف لفيفه" كانت مع الفدرالية وتحولت إلى الاستقلال قبل أشهر ؛ وعادت إلى الفدرالية اليوم بعد القرار . وقد بدأت مؤخراً في اتصالاتها وجمع فلولها للعمل من جديد على تمزيق الشارع الجنوبي ، وإسقاط كل شرفاء الجنوب -قوى الاستقلال- والسيطرة على القرار الجنوبي خلفاً للرئيس الهارب وفريقه ؛ تحت مظلة عقوبات الفصل السابع......!
وقد يُفشِل صقور صنعاء هذا الخيار...؟ فتطور دول القرار تفسيرها للقرار 2140 بوضع توصيف للفدرالية وتوزيع للصلاحيات يجعل الوضع كونفدرالية بمسمَّى فدرالية... ختاماً ؛ هذا رأيي في القرار من إحدى الزوايا ، وهو قابل للتغيير بتغيُّر تفسيراته وتغيُّر المعطيات...؟ وانصح الجميع بجعل الهدف نصب أعينهم ؛ وعدم الخوف من ممارسات نظام صنعاء الدموية استناداً إلى تفسيرهم للقرار ؛ وعدم اليأس عندما يهرب ويختفى المزايدون وعلى رأسهم الرئيس . فالثبات الثبات