قبل أيام قليله رحل عن دنيانا الفانية المناضل الجسور قاسم ثابت شعفل عن عمر يناهز الثمانون عاماً وابرز ما يميز ذلك الرجل الصنديد كثائر من الرعيل الأول أنه عاش تجربة نضالية وإنسانية فريدة من نوعها ففي عنفوان شبابه امتشق السلاح وهب للدفاع عن ثورة سبتمبر في العام 1962م وخاض مع أخوانه من ابناء ردفان اشرس المعارك في جبال حجة والمحابشة وقاد مجموعة من رفاقه ضمن المجاميع التي قادها المناضل الشيخ عثمان محسن حسين الجبراني وبعد انتصار ثورة سبتمبر وقيام الجمهورية العربية اليمنية عاد كغيره من الألاف من أبناء الجنوب ليشعلوا الأرض ناراً تحت اقدام المحتلين في اشهر المعارك الضارية التي خاضها ابناء ردفان خلال أربع سنوات حتى طرد المستعمر البريطاني ونيل الاستقلال الوطني في الثلاثون من نوفمبر 1967م وللأمانة التاريخية أن هذا الرجل الفذ ظلم في كل المراحل ومثل في قناعاته ووعيه وشخصيته معنى الرجولة والصلابة في اصعب وأحلك الظروف . وعلمنا كيف يمكن للإنسان أن يصنع مجداً بسيطاً لذاته .
لم تنحني هامته في زمن انحنت فيه بعض الرقاب للخوف وأثرت جلب المصالح والمنفعة الضيقة وهي زائلة والعز باق إلى قيام الساعة ؟؟؟
لم ينل شيئاً من الحظوة والرتب والامتيازات التي نالها بعض من لا يستحقها لكنه نال المكانة المشرفة كشخصية عامة مثيرة للأعجاب والاحترام عاش حراً عزيزاَ ومات واقفاً شديداً كما تموت الاشجار الباسقة لم تكن الشجاعة والبسالة هي أكثر ما عرف بها عند الناس فالشهامة والكرم هي بعض من صفاته الفطرية رجل عاش حياته ببساطة ورسخ جذوره بالأرض التي احبها حد الإدمان بالفلاحة والجهد الشاق فهي مصدره الوحيد والزهيد لمواجهة العيش الصعب ورغم الظلم الفادح الذي احس به وتجرع مرارته من الإهمال والتهميش وعدم الانصاف من الدولة التي هي وليده الثورة التي نذر حياته في سبيلها لم ينل ذلك شيئاً من وعيه الكبير فضل مسكوناً بالهم العام كما يهم في تدبير شئون معيشته ولم يفصله جهده الشاق بالأرض كنشاط أساسي في حياته عن الشأن السياسي ويبهرك في المامة الشديد وخلفيته الواسعة حين يخوض نقاشاً وتحليلاً وأكثر ما يهواه نقداً حاداً لما يراه خاطئاً فالنقد أهم رافد للشخصية القوية .. أبن العم لك أن تنام قرير العين أيها الجسد الرامس في الثرى وعزاءنا الكبير فيها تركت من تجربة انسانية قوية بالبساطة مهيبة بالعزة والاحترام.
وما حشود المعزين التي اكتظت بهم منطقة الكرهية م/ردفان عند رحيلك بذلك الوفاء النبيل إلا دليل على عمق حبك وارتباطك بهم.
نسال الله أن يشملك بواسع رحمته ويسكنك فسيح جناته ويلهم الأهل كافة وكل محبيك الصبر والسلوان أنا الله وأنا إليه راجعون . مقبل سعيد شعفل