الشهادة منحة إلهية    تضحياتٌ الشهداء أثمرت عزًّا ونصرًا    إعلانات قضائية    في وقفات شعبية وفاءً لدماء الشهداء واستمرارًا في التعبئة والجهوزية..قبائل اليمن تؤكد الوقوف في وجه قوى الطاغوت والاستكبار العالمي    فيما الضامنون يطالبون بنزع سلاح المقاومة الفلسطينية .. كيان الاحتلال يواصل انتهاكاته وخروقاته لوقف إطلاق النار في غزة    مرض الفشل الكلوي (27)    فتح منفذ حرض .. قرار إنساني لا يحتمل التأجيل    الأمين العام لجمعية الهلال الأحمر اليمني ل 26 سبتمبر : الأزمة الإنسانية في اليمن تتطلب تدخلات عاجلة وفاعلة    تيجان المجد    الزعوري: العلاقات اليمنية السعودية تتجاوز حدود الجغرافيا والدين واللغة لتصل إلى درجة النسيج الاجتماعي الواحد    الدولة المخطوفة: 17 يومًا من الغياب القسري لعارف قطران ونجله وصمتي الحاضر ينتظر رشدهم    سقوط ريال مدريد امام فاليكانو في الليغا    الأهلي يتوج بلقب بطل كأس السوبر المصري على حساب الزمالك    الدوري الانكليزي: مان سيتي يسترجع امجاد الماضي بثلاثية مدوية امام ليفربول    نجاة برلماني من محاولة اغتيال في تعز    الرئيس الزُبيدي يُعزي قائد العمليات المشتركة الإماراتي بوفاة والدته    قراءة تحليلية لنص "مفارقات" ل"أحمد سيف حاشد"    الأرصاد يحذر من احتمالية تشكل الصقيع على المرتفعات.. ودرجات الحرارة الصغرى تنخفض إلى الصفر المئوي    محافظ العاصمة عدن يكرم الشاعرة والفنانة التشكيلية نادية المفلحي    قبائل وصاب السافل في ذمار تعلن النفير والجهوزية لمواجهة مخططات الأعداء    هيئة الآثار تستأنف إصدار مجلة "المتحف اليمني" بعد انقطاع 16 عاما    في بطولة البرنامج السعودي : طائرة الاتفاق بالحوطة تتغلب على البرق بتريم في تصفيات حضرموت الوادي والصحراء    وزير الصحة: نعمل على تحديث أدوات الوزارة المالية والإدارية ورفع كفاءة الإنفاق    تدشين قسم الأرشيف الإلكتروني بمصلحة الأحوال المدنية بعدن في نقلة نوعية نحو التحول الرقمي    جناح سقطرى.. لؤلؤة التراث تتألق في سماء مهرجان الشيخ زايد بأبوظبي    اليمن تشارك في اجتماع الجمعية العمومية الرابع عشر للاتحاد الرياضي للتضامن الإسلامي بالرياض 2025م.    شبوة تحتضن إجتماعات الاتحاد اليمني العام للكرة الطائرة لأول مرة    رئيس بنك نيويورك "يحذر": تفاقم فقر الأمريكيين قد يقود البلاد إلى ركود اقتصادي    صنعاء.. البنك المركزي يوجّه بإعادة التعامل مع منشأة صرافة    وزير الصناعة يشيد بجهود صندوق تنمية المهارات في مجال بناء القدرات وتنمية الموارد البشرية    الكثيري يؤكد دعم المجلس الانتقالي لمنتدى الطالب المهري بحضرموت    بن ماضي يكرر جريمة الأشطل بهدم الجسر الصيني أول جسور حضرموت (صور)    رئيس الحكومة يشكو محافظ المهرة لمجلس القيادة.. تجاوزات جمركية تهدد وحدة النظام المالي للدولة "وثيقة"    خفر السواحل تعلن ضبط سفينتين قادمتين من جيبوتي وتصادر معدات اتصالات حديثه    ارتفاع أسعار المستهلكين في الصين يخالف التوقعات في أكتوبر    علموا أولادكم أن مصر لم تكن يوم ارض عابرة، بل كانت ساحة يمر منها تاريخ الوحي.    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    محافظ المهرة.. تمرد وفساد يهددان جدية الحكومة ويستوجب الإقالة والمحاسبة    نائب وزير الشباب يؤكد المضي في توسيع قاعدة الأنشطة وتنفيذ المشاريع ذات الأولوية    أوقفوا الاستنزاف للمال العام على حساب شعب يجوع    هل أنت إخواني؟.. اختبر نفسك    أبناء الحجرية في عدن.. إحسان الجنوب الذي قوبل بالغدر والنكران    عين الوطن الساهرة (1)    سرقة أكثر من 25 مليون دولار من صندوق الترويج السياحي منذ 2017    الدوري الانكليزي الممتاز: تشيلسي يعمق جراحات وولفرهامبتون ويبقيه بدون اي فوز    جرحى عسكريون ينصبون خيمة اعتصام في مأرب    قراءة تحليلية لنص "رجل يقبل حبيبته" ل"أحمد سيف حاشد"    الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري تعزّي ضحايا حادث العرقوب وتعلن تشكيل فرق ميدانية لمتابعة التحقيقات والإجراءات اللازمة    مأرب.. فعالية توعوية بمناسبة الأسبوع العالمي للسلامة الدوائية    في ذكرى رحيل هاشم علي .. من "زهرة الحنُّون" إلى مقام الألفة    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    على رأسها الشمندر.. 6 مشروبات لتقوية الدماغ والذاكرة    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    صحة مأرب تعلن تسجيل 4 وفيات و57 إصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام الجاري    ضيوف الحضرة الإلهية    الشهادة في سبيل الله نجاح وفلاح    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



راجح بن غالب لبوزة
ثائر كسر حاجز الخوف.. وشهيد رأى ما قد سقى بالدم غرسه
نشر في الجمهورية يوم 13 - 10 - 2013

راجح بن غالب لبوزة فتيل أشعل بحياته درب نضال متواصل, أرهب قوات الاستعمار وكسر حاجز الخوف النائم بنفوس الضعفاء لتولد قوه ضاربة للأعداء سطر بها فوج من الانتصارات, وبمقتله فجر ثورة 14أكتوبر أعلن الثوار فيها عهد مواصلة الكفاح وفاء لقطرات دمه, ونالت الجنوب استقلالها, فتاريخه عبرة فياضة لكل مستعمر سافل وحاكم جائر, حتى لا تصادر تلك الروح الوثابة من الذاكرة والوجدان .. ولنستعيد حياته الملهمة لمسيرة كفاح مسلح .
حين نقدم على ذكر شهداء الثورات تتجلى أعمال أسطورية وبطولية صنعت تاريخاً عظيماً يستحق التعظيم والاحترام لأولئك من أحرقوا أنفسهم ليستضيء الآخرون , وراجح بن غالب لبوزة من أوائل القناديل النضالية الذي باعوا أنفسهم لله ليصنعوا ثورة 14 أكتوبر 1963 بنفوس تواقة تذيب ظلم البريطانيين الغاصبين ..
حياه قاسية
يتصف لبوزة بالحنكة والشجاعة والحكمة التي نبعت من أميته المحضة أستخلصها من حياته الكادحة بالعمل عاش أيام طفولته يتيما ورب أسره تركها أباه له مع حفنة من التراب كمصدر للدخل يواسي بهما حياة أخيه وأمه , في وادي (دبسان ) محافظة لحج ولد وعاش طفولته البريئة مع أخيه , ومن أرض جدباء نخر فيها لتحصيل قوته حتى عام (1914)م بدأ تكوين حياته الأسرية بالزواج الذي كونه منه أربعة من الأولاد ليبدأ حياته النضالية في مكابدة لقمة العيش بالعمل في التجارة باستيراد الحبوب وغيرها من المواد الغذائية من الضالع وقعطبة.
من ثقافة القبيلة القاسية تجرع الشهامة وعاش متمردا على نفسه وثائراً في وجه الطغيان فاحتلال عدن في عام (1839)م من قبل بريطانيا أجبرت لحظاته الأولى على أن تخلق لسماع صوت الاستعمار وأفواه البنادق، صنعت بنفسه إرادة وعزيمة راسخة كرسوخ جبل ردفان أملها الوحيد طرد الاحتلال من حينها وزئير الرصاص يجدد شعور الحرية حتى تدفق وشكل جماعات غير منظمة تسعى لاستقلال جنوب اليمن.
أول كفاح مسلح
وفي عام (1942)م كانت أول انتفاضة قادها لبوزة شكلت خطوة خطيرة تهدد البريطانيين , بالهجوم على ثكنة عسكرية لجيش (شبره) في منطقة ردفان جبل (حمراء الحبيلين) دون دعم للعمل النضالي الذي كان بجهود ذاتية وأسلحة شخصية وفعلا تم القضاء على هذه الثكنة العسكرية الذي استوقفت أفكار البريطانيين ليعيدوا تحديث خطتهم بمتابعة جماعات لبوزة وإخضاع هذه المجموعة بحجة أنها عصابات رجعية فاسدة , فالاحتلال أدخله بالحسبان مع فريقه المكون من (70)رجلا.
وفي عام ( 1956) سعى في تحصيل السلاح الذي يمكنه من الصمود أمام الاحتلال ذهب مع مجموعة من أبناء ردفان إلى السخنة لاستلام السلاح ( زاكي كرام ) ألماني يقال زوده به الإمام أحمد حيث عمل الإمام في حينها على طرد الاحتلال , وبعد استلام السلاح ومعرفة الإنجليز بأمره وبأمر الاجتماع الذي يقام في منزل شيخ القبيلة (آل قطيب) أرسلت طائرات (هوكر هنتر ) لضرب البيت بالذي فيه إلا أن الثوار المتواجدين أسقطوا طائرتين وفرت البقية فالتكتلات الثورية بجنوب عدن تصب اهتماماتها وتركيزها لصنع ثورة مثالية موازية للشمال وتحتاج لإشعالها عدة وعدد فبنائها يحتاج تعاون الطرفين للقضاء معا على الاحتلال وكان لابد مناصرة الشماليين حتى تقوى ثورتهم.
دورة بالشمال
للبوزة دورا هاما في الدفاع عن ثورة (26) سبتمبر فالتخطيط المسبق بين خلايا أحرار الشطر الشمالي والجنوبي بالتكاتف معا لإنهاء الإمامة وتحرير جنوب عدن من المحتلين, فهاتان المهمتان تعتمد على تنفيذ الأولى والانطلاق لتحقيق الثانية فانطلق الشيخ راجح لبوزة بدوره للدفاع عن الثورة الوليدة, وفي الطريق نزل على منطقة ذي ردم حيث توجد قبيلتا (الداعري والمحلاتي) المتقاتلين فيما بينهما وعقد صلحاً فيما بينهما لمدة سنة، واستفاد من هذا الصلح بانضمام سيف مقبل عبدا لله وأبناؤه حيث ذهبوا معاً ومجموعة كبيرة من أبناء ردفان إلى قعطبة وكانوا حوالي «150» شخصاً، وتم ترحيلهم إلى إب ثم الحديدة، وهناك سلمت لهم أسلحة شخصية وذخيرة, وواصل الشهيد تحركاته من الحديدة إلى منطقتي عبس برفقة قائد لواء إب المقدم أحمد الكبسي، واستقبلتهم القوات المصرية المرابطة في عبس والمحابشة، وتم تمركز القوة التي قادها في المحابشة في منطقة (الوعلية , والمفتاح)الخاليتين من السكان سوى قوات لبوزة والقوات المصرية ، و أحمد الكبسي، وعبد المنعم رياض قائد القوات المصرية في المحور.
إلى جانب ذلك فتلك المنطقتين يسكنها أناس متمردين على الثورة بالغت في عنادها وبغفوة من الزمن استطاعت محاصرة القوات المرابطة هناك بأكملها المصرية واليمنية وأثناء الحصار المغلق عليهم تقدم لبوزة ب(50) مقاتلا لفك حصار الجبهة القبلية على القوات واستطاع بالفعل فك الحصار وسقط العديد من الشهداء إثر تلك المعركة الدامية التي انتهت بحماية الثوار الأحرار والثورة اليمنية.
المهمة الثانية
بعد تحقق ثورة الشمال ومعرفة دور الثائر لبوزة بدأت المهمة الثانية التي هي أكبر خطرا لكونها مسقط رأسه وقوات الأعداء قوية تمتلك المال والأسلحة بمختلف أصنافها وجيش مدرب على الحروب, لا يمكن لقوات مارست بعض النضال الثوري أن تقف بوجهها غير أن العزيمة الصلبة والمخلصين من أبناء الجنوب ما تزال ترفض الاستعمار ولديها الإرادة التي تكبح العدو الخارجي.
بعد الدور الموكول إليه بالشمال طلبت القيادة بصنعاء من لبوزة العودة للتشاور حول عودة المجموعة إلى ردفان والتكاتف لانطلاق أول ثورة منظمة بعدن لمقاومة الاستعمار البريطاني , بعدها تم اللقاء بصنعاء برئاسة عبدا لله السلال ومجموعة منهم ( قحطان محمد الشعبي , ومحمد علي الصماتي ,وثابت علي , وعبدالحميد بن ناجي ) وغيرهم ممن خرجوا بقرار عودة لبوزة مع مجموعته لردفان وترك أمر تفجير الثورة للمجموعة لتحديد الزمان والمكان ..
منظم سياسي
وبعد الاتفاق على العودة عمل لبوزة منظما سياسيا مع القادات المتواجدة داخل المحافظات التي مر منها أثناء العودة منها (صنعاء - إب - قعطبة - الضالع - حالمين - ردفان)فالتقى بمحافظة -إب- المقدم أحمد بن أحمد الكبسي قائد اللواء، فالعلاقات معه وثيقة جمعتهم فيها أعمالهم القتالية في جبهة المحابشة، الذي أكد استعداده لدعم تفجير الثورة، بتجهيز مجاميع جديدة للمشاركة في القتال ضد الاحتلال الذي دخل عدن بعد مقتل لبوزة , وهكذا عبر المرور في أكثر المناطق كسب لبوزة الجماهير التي واصلت معه المسيرة ومنها تأخرت التي كانت في المناطق الشمالية, بقيت مرابطة تحافظ على الثورة ومكاسبها حتى استقرت وتابع الأمر بمقاتلة الاحتلال احتراما للوعود التي أجريت أثناء عودة لبوزة.
رسالة استفزاز وإنذار
بعد عودته نهاية شهر أغسطس 1963م سمع الضابط السياسي المتواجد في الحبيلين عودة لبوزة وامتلاكه لقنابل يدوية وغيرها من الأسلحة حس حينها الضابط بالخطر وأرسل رسالته التي تطلب من لبوزة وجماعته تسليم أنفسهم مع الأسلحة وضمانة قدرها خمسمائة شلن بالتزامهم بعدم العودة إلى الشمال , حملت تلك الرسالة نوعاً من الاستفزاز والضعف لأبناء ردفان توعدهم بالعقاب الشديد والوعد والوعيد إذا لم يأتوا صاغرين رؤوسهم , وبعد استلام لبوزة للإنذار البريطاني دعا رفاقه والمواطنين إلى اجتماع في قرية تتوسط قرى ردفان، وأطلعهم على محتوى الإنذار، وطلب منهم رأيهم في الرد على بريطانيا، واتفقوا بعدم الاستسلام لما في الرسالة. وتمّ تشكيل لجنة من أربعة أشخاص لكتابة الرد على بريطانيا. فلبوزة لا يجيد القراءة والكتابة فقد كتب الرد أكثر من أربع مرات من قبل محمد جابر ثابت تقول: (إلى حضرة الضابط السياسي البريطاني المرابط في (الحبيلين )والنائب محمود حسن علي نائب مشيخة القطيبي لقد استلمنا رسالتكم الموجهة إلينا بخصوص عودتنا من الجمهورية العربية اليمنية التي تضمنت تسليم أسلحتنا وكل ما بحوزتنا من قنابل وغرامة خمسمائة شلن وضمانة بعدم عودتنا إلى اليمن وتسليم ذلك إلى حكومتنا حكومة الاتحاد.
نحن نعتبر حكومتنا هي الجمهورية العربية اليمنية وليس حكومة الاتحاد، ونحن غير مستعدين لكل ما في رسالتكم، ونعتبر حدودنا من الجبهة وما فوق، وأي تحرك لكم من تجاوز حدودنا فنحن مستعدون لمواجهتكم بكل إمكاناتنا ولا تلوموا إلا أنفسكم.. والسلام ختام.
(الشيخ راجح بن غالب لبوزة )عن مجموعة العائدين إلى ردفان من الجمهورية العربية اليمنية 28 / 9 / 1963م
وقبل إغلاق الظرف وضع لبوزه رصاصة غيلمان لتكون هي الرسالة الأخرى التي تبشرهم بعدم الاستسلام والمقاومة وبأن الحرب قائمة لاشك فيها, حمل المظروف وما بداخله وكلف بالأمر قاسم شائف لإيصال الرسالة للضابط السياسي “ميلسن” الذي فوجئ بهذا الرد العنيف لما فيه من التحدي متسائلين كيف لمناضلين لا يملكون سوى أسلحة شخصية وثلاث قنابل يدوية يستطيعوا الوقوف أمامهم , ما جعل من ساعتهم ساعة قيامة.
جمع المقاتلين
بعد ذلك يوم 13 أكتوبر ( 1963)م تحركت القوات البريطانية في وادي المصراح، واخترقوا الوادي، فاعتقلوا واحداً من زملاء لبوزة أحمد مقبل عبدالله بعد مهاجمته أخذوا سلاحه وصادروه واحتجزوه، فتناقل المواطنون الخبر من شخص إلى شخص ومن قرية إلى قرية حتى وصل الخبر إلى لبوزة، الذي أمر الجميع بتجهيز أنفسهم حينها، طالباً منهم التحرك باتجاه وادي «ضرعة» وإشعار الناس في تلك المناطق بما يجري، على أن يكون اللقاء رأس جبل «البدوي» في المساء، وكان غرض لبوزة من جمع المقاتلين في رأس جبل البدوي الإعداد للقيام بهجوم على مركز القوات البريطانية في منطقة الحبيلين رداً على اعتقالها لأحمد مقبل.
تقسيم الثوار إلى مجموعات
بمنتصف الليل تجمع الثوار وزاد عددهم على ( 70) رجلاً أمرهم لبوزة بالتفرق على شكل مجاميع صغيرة، حتى جاء الصباح أنظمت مجاميع أخرى إلى المجاميع الأولى، قسّم فيها الثوار إلى أربع مجموعا ت الأولى بقيادة ابنه بالليل، أوكل إليها مهمة النزول من رأس جبل البدوي والتمركز في القمة على يمين قرية البيضاء بحيث تكون المواجه الأول للعدو أثناء عبوره لوادي المصراح. أما المجموعة الثانية فكانت بقيادة محسن مثنى حسين، ومهمتها التمركز في أسفل الجبل خلف المجموعة الأولى لحمايتها.
والمجموعة الثالثة وهي الكبرى بقيادة راجح لبوزة نفسه، ومهمتها السير إلى غرب الجبل وتطويق العدو وعدم السماح له بالانسحاب, أما الأخيرة بمثابة قوة احتياطية لحراسة المجموعتين الأولى والثانية من ناحية ولاستقبال الوافدين من الثوار من ناحية أخرى.
استشهاد لبوزة
بعد تحرك الجيش الإنجليزي، بدأت المعركة بإطلاق النار من قبل المجموعة الأولى التي كانت بقيادة بالليل راجح لبوزة على مقدمة القوات الإنجليزية وتصدت لها بقوة ولم تسمح لها بالانتشار أو بالتقدم وعند مشاهدة المجموعة الثالثة الاشتباك بين المجموعة الأولى وبين القوات الإنجليزية قامت بإطلاق النار على مؤخرة الجيش البريطاني، فلجأت إلى القصف المدفعي المكثف، وكان التركيز على المجموعة الثالثة التي كان يقودها الشهيد لبوزة في أكمة «الضاجع»، وكان الشهيد قد تقدم على مجموعته هو وشخص آخر اسمه سعيد حسين العنبوب، عندما رأى مقدمة القوات تراجعت للوراء، وفي الساعة الحادية عشرة ظهراً أصيب موقع لبوزة بخمس طلقات مدفعية ثقيلة أصابته منها شظية في الجانب الأيمن تحت الإبط اخترقت جسده حتى الجانب الأيسر على موقع القلب في حين كان قابضاً على سلاحه يطلق النار على مؤخرة القوة.. حينها دعا الداعي أن لبوزة قد استشهد، مما جعلهم يشعرون بالهزيمة.. الهزيمة وكان عمره «46» سنة رحمه الله.
صوت واحد
وفي اليوم الثاني لاستشهاد لبوزة تم دفن جثمانه في قرية الذنب بمنطقة (عقيبه) بحضور حشد جماهيري كبير، جميعهم وقفوا على قبر الشهيد هناك ليتعاهدوا على أنفسهم وبصوت واحد بمواصلة الكفاح الذي بدأه الثوار بقيادة الشهيد راجح غالب لبوزة بعد هذا أصدرت الجبهة الوطنية بياناً عن انطلاق الثورة من ردفان، واعتبرت أن الشهيد لبوزة هو أول شهيد في ثورة 14 أكتوبر..لم يكن مقتل لبوزة إلا عنوان لإشعال الثورة فقد زاد استبسال المناضلين وضراوة القتال بعكس ما تبادر إلى ذهن الأعداء بأنهم نالوا النصر فقتل القائد هي الخسارة الفادحة التي لن تقوم لهم بعدها قائمة إلا أن الثوار جددوا عهدهم وبددوا مشاعر الخوف عند بعض المواطنين الذين قد أذلهم العدو فكل أرجاء الوطن تنبض أحاسيسهم وتزداد شوقا لأن تضحي بدمائها قدوة بمفجر الثورة الذي ولد لحظات جديدة فالمعارك تتفجر, نطاق الثورة يتوسع بجبهات مواليه للثورة ب (الضالع والشعيب ودثينة والصبيحة، وعدن،) وغيرها من الجهات الجنوبية. مما حدا بالقوات البريطانية إلى استخدام مختلف أنواع أسلحتها البرية والجوية في قصف مناطق ردفان دون تمييز، قتلت عشرات النساء والأطفال في هذا القصف، وعجزت قواتها المتمركزة في العند والضالع وعدن من إخماد الثورة من ردفان استقدمت فرقة عسكرية متكاملة من القوات الخاصة المتمركزة في جنوب أفريقيا المسماة بفرقة (الشياطين الحمر)، فرقة مدربة على القتال في المناطق الجبلية، والمسالك الوعرة التي أسفرت بالهلاك.
عمليات فدائية حتى الاستقلال
- تطورت أساليب النضال المسلح ليشهد صوراً مختلفة أكثر تأثيراً فالعمليات الفدائية, مشهد أرعب الاحتلال، فالعمليات خسرتهم الكثير كالعملية التي اشترك فيها (30) شخصا لضرب الإذاعة البريطانية الواقعة في التواهي , وحادثة مطار عدن التي قتل فيها مساعد المندوب السامي البريطاني في عدن، وإصابة المندوب السامي، وعدد من مساعديه أثناء توجههم إلى الطائرة التي كانت ستنقلهم إلى لندن, وغيرها عمليات فدائية كثيرة أخذت من أخذت من البريطانيين فبثت الرعب بصفوف جنودهم فمنفذ العملية هو الذي يحدد الهدف بنفسه وأصبح البريطانيون بين كماشة النيران وقذائف الرصاص الشرسة التي تنبع من كل اتجاه أجبر المستعمر على الرحيل من وجه الطوفان. .تشعبت المواجهات مع القوات البريطانية في المناطق الريفية وامتد إلى 12 جبهة، وأعلنت الجبهة القومية عن فتح جبهة عدن، ونقل النضال إليها, حيث أصبح للعمليات التفجيرية وطلقات الرصاص ببسالة المقاومة صدى إعلامياً عالمياً يصعب على الاستعمار البريطاني إخفاؤه, وبفعل مساندة النظام والثوار الشماليين ضاقت أكثر بوجوه الطغيان التي لم تحتمل التواجد لتمنح استقلالها للجنوبيين في الثلاثين من نوفمبر عام (1967) م وتحقق ما كان بالأمس مجرد حلم، فالقوات البريطانية حملت عدتها ولاذت بالفرار بعد أن خسرت خسائر لا تقدر بثمن من الضباط والجنود والأسلحة والأموال التي التهمتها ثورة اشتعلت بمقتل لبوزة الثائر الذي كتب التاريخ اسمه من ذهب ليكون مضرب مثل للشجاعة والإقدام لكل سنة جديدة تحتفل اليمن بعيد استقلالها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.