وسط فوضى أمنية.. استهداف مزارع تربية النحل في إب يكبد النحالين خسائر كبيرة    تفاصيل وفاة دبلوماسيين قطريين في حادث سير بمصر    اعتراف أمريكي: مواجهة إيران كان المحرك الرئيسي وراء التعاون الأمني العربي-"الإسرائيلي"    20 دولة تحتفي باتفاق غزة في شرم الشيخ    4 قتلى بإطلاق نار في ولاية مسيسيبي الأميركية    نجما برشلونة خارج لقاء جيرونا    الصين تتصدى للضغوط الأمريكية برد حازم على فرض رسوم جمركية جديدة    قراءة تحليلية لنص (عالم يتنفس ألماً) ل"أحمد سيف حاشد"    قراءة تحليلية لنص (عالم يتنفس ألماً) ل"أحمد سيف حاشد"    الفريق السامعي: اغتيال الرئيس الحمدي كان في جوهره اغتيالاً للحرية والسيادة الوطنية    تقرير يرصد أكثر من 1600 حالة انتحار سنويًا في مناطق سيطرة الحوثيين    السلطات الايرانية تفرج عن بحارين يمنيين    الفريق السامعي: اغتيال الرئيس الحمدي كان في جوهره اغتيالاً للحرية والسيادة الوطنية    كاحل مبابي يثير مخاوف ريال مدريد    القائم بأعمال وزير الاقتصاد يتفقد سير العمل في مكتب الوزارة بالحديدة    مدير هيئة المواصفات يطلع على سير العمل بميناء الحديدة وفرع الهيئة بالمحافظة    منشور لترامب يتسبب في تراجع مؤشرات الأسهم الأمريكية    فعالية في الحديدة باليوم العالمي للصحة النفسية    من يقرر مستقبل حضرموت؟    تكريم فريق السنوار الرياضي في البيضاء    وداع الستين: وقفة للتصفية والتجديد والاستعداد    وفاة الفنان علي عنبة    جدد دعم المجلس للاصلاحات الحكومية.. النائب العليمي يؤكد التزام مجلس القيادة بمواجهة التحديات بروح جديدة وصف متماسك    أمن العاصمة عدن يلقي القبض على أخطر عصابة تزوير وثائق وشهادات رسمية في مديرية كريتر    تعز.. لجنة الإخلاء تسعى للتهرب من مهمتها وتفتح باب تلقي الشكاوى    تكتيك جديد لفليك مدرب برشلونة.. راشفورد مهاجم صريح    وفاة وإصابة 3 أشخاص من أسرة واحدة في إب نتيجة انهيار أكوام من التراب عليهم    مئات الآلاف يواصلون العودة في اليوم الثاني لوقف الحرب على غزة    عن التهريب: ميناء عدن.. ماذا يجري الضبط؟    المهرة.. ضبط أكثر من 3000 قطعة إلكترونية تستخدم في الطائرات المسيّرة وصناعة المتفجرات    خبير طقس يتوقع أمطاراً غزيرة على عدد من المحافظات    شبوة.. تنفيذ حكم إعدام قبلي في مديرية نصاب    الخيال المتوحش في أمريكا حين يتحول الحلم إلى قوة بلا روح    الخطر السكاني: لماذا يهدد ضم مناطق يمنية هوية الجنوب العربي؟    عاجل الى القيادة الجنوبية.. أين الرواتب    التصريحات السياسية بين "الإستراتيجية والتكتيك" وخطورة تأويلها    غزة.. مدينة الرماد والرجاء    شكر وعرفان    علاء الصاصي يهاجم قيادات اللجنة الأولمبية واتحاد رفع الأثقال    تشييع جنازة الشيخ محمد يحيى حسن الورد    توزيع 5 أطنان من بذور الذرة لعدد 150 مزارعا في وصاب السافل    وفاة فنان شعبي يمني شهير    تحذير من توقف كلي لكهرباء عدن    اليمن يستأنف مشاوراته مع صندوق النقد الدولي بعد 11 عاما من الانقطاع    قطاع الحج والعمرة يعلن بدء تطبيق اشتراطات اللياقة الطبية وفق التعليمات الصحية السعودية لموسم حج 1447ه    تصفيات اوروبا لكأس العالم: هولندا تعزز صدارتها بفوزها على مالطا    التصفيات المؤهلة لكأس آسيا 2027: سوريا تكتسح ميانمار بخماسية    منتخب اليمن يحيي أحلام التأهل لكأس آسيا 2027    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يشارك في ندوة علمية بعنوان "سقطرى في مواجهة الغزاة"    "دبور الجولان" يقتل جندي إسرائيلي    الرمان... الفاكهة الأغنى بالفوائد الصحية عصيره يخفض ضغط الدم... وبذوره لها خصائص مضادة للالتهابات    ما فوائد تناول المغنيسيوم وفيتامين «بي-6» معاً؟    اليهود في القرآن...!!    إِنَّا عَلَى العَهْدِ    مرض الفشل الكلوي (22)    كاد تهرب المسؤول أن يكون كفرا    جريمة قتل جماعي قرب حقل مياه عدن.. دفن نفايات شديدة الخطورة في لحج    بدء توزيع الزكاة العينية للأسر الفقيرة في مديرية اللحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من يتذكر الربيع العربي؟!

أحوال الجمهوريات العربية المنتفضة لا تسر عدوا ولا صديقا، فهي غارقة في وحول الأصولية والفوضى، تسعى جهدها للملمة هذين التحديين الخطيرين، وبعضها نجح في مواجهة الأولى كمصر وإن لم ينتهِ منها بعد، وبعضها لم تزل الأصولية تفرض نفسها عليها مع اختلاف النموذج كما في تونس وليبيا، أما الثانية فلم تزل هاجس الجميع وستظل لمدة ليست بالقصيرة.
نحاول أن نتذكر مع بداية 2011 كيف كانت الأحلام الوردية تملأ عقول الحالمين والآمال العريضة تحلق بلا حساب في سماوات تفكير الثائرين، وانجرف خلف تلك الأحلام والآمال فئات من الشباب السادر في غي الثورة وما تثيره من جرس يدغدغ المشاعر بحل سحري - لا علاقة له بمعطيات الواقع ولا منطق التاريخ - يغير كل شيء في لحظة استثنائية لتنتقل الدول والشعوب إلى مصاف العالم الأول، بل تتجاوزه إلى ما هو أكثر تقدما وازدهارا.
كان الشباب الثائر حينها يعتقد أنه الشعب كله والجماهير كلها، وقامت سوق نفاق متبادل بين النخب والشباب. الشباب يحلمون والنخب تبرر وتحلل وتسوِّق البضاعة التي يطلبها الشباب، ثم تكسرت تحت مطارق الحاجات الملحة في الواقع للأفراد غالب تلك الأحلام والآمال، وتحطمت على صخرة المنطق والتاريخ كل التحليلات والتبريرات التي جرى تسويقها وترويجها في تلك السوق.
اليوم بدأ الجميع يدرك أنه لم يكن من ربيع في تلك الجمهوريات التي انبثقت فيها الأصوليات القديمة والعتيدة بكل شكل ولون وأزكمت روائحها أنوف الجميع، وبات التعامل معها واجبا يفرض نفسه على الدول والشعوب، وتعملقت الفوضى وتحولت لمؤسسات وتيارات وأحزاب ورموز لها شبكات معقدة من المصالح والمكتسبات التي لن تتخلى عنها بسهولة وستدافع عنها إلى النهاية.
مصر اليوم، على سبيل المثال، تسعى تحت حماية الجيش إلى تجاوز تلك المرحلة والعودة للواقع والتعامل معه ورسم سبل النجاة من براثن الأصولية والفوضى بأي ثمن، وهي حظيت بدعم تاريخي من حلفائها التاريخيين وعمقها الاستراتيجي في دول الخليج العربي كالمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت ومملكة البحرين، ومع ذلك فهي تسير بخطى وئيدة في طريق استكمال خارطة المستقبل، وهي أنجزت الكثير وبقي عليها الكثير في إنفاذ تلك الخطة والدخول فيما بعدها. فنهاية خارطة الطريق أو المستقبل لا تعني سوى بداية وضع القدم على طريق الألف ميل الذي لا يعدها إلا بكثير من التعب والآلام عسى أن تستطيع في السنوات الطويلة المقبلة أن تعود لنفسها وأن تتماسك من جديد وأن تضمن الاستقرار والأمن ومن ثم الاكتفاء فالرخاء.
تعلم معظم دول الخليج أن استقرار مصر وعودتها قوية يمثل مصلحة استراتيجية لأمنها الوطني الإقليمي، وهي قدمت وستقدم في سبيل ذلك الكثير من الدعم والمؤازرة والمساندة، ولكن أحدا لن يستطيع أن يساعد مصر ما لم تساعد نفسها، بمعنى أن هذا الدعم لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية بذات القوة والتدفق، وأن على مصر أن تجد الحلول العملية لمشكلاتها وأن تجترح الخطط التنموية التي تضمن لها النجاح والاستقرار، وهذا سيكون هو الرهان الحقيقي الذي ستواجهه.
مع كل ما تستحقه المرحلة الانتقالية الحالية من جدل وما تثيره من أسئلة مستحقة فإنها ستنتهي في الأشهر المقبلة، وأيا كان شخص الرئيس القادم فهو لن يستطيع النهوض بمصر من كبوتها ما لم يقنع عامة الناس بجدوى خططه ومشاريعه ويثبت لهم أنه قائد يمكنهم الوثوق به في إكمال حمايتهم من الأصولية كما يقنعهم بأنه قادر على قص أجنحة الفوضى ويجمعهم خلف رؤى ومشاريع البحث عن المستقبل.
أسقطت مصر حكم جماعة الإخوان المسلمين الأصولية والمتطرفة، وقدمت نموذجا للخلاص من حكم الإسلام السياسي المتطرف، ووقفت بذلك ضد مصالح دول غربية كبرى، وحظيت بدعم صريح وعلني لهذا التوجه، وهو الدعم الذي توجته السعودية والإمارات بحظر جماعة الإخوان المسلمين وتجريمها بحكم القانون وبناء الأنظمة والآليات التي تضمن تجفيف منابع أي دعم من أي شكل لمساعدة تلك الجماعة في نشر الإرهاب والقتل والتفجير داخل مصر، وهو دعم أوضح بيان اللجنة المشكلة بالأمر الملكي قبل أكثر من أسبوع والذي أعلنت عنه وزارة الداخلية، مدى صرامته والحزم في تطبيقه، وهو ما لقي ترحيبا معلنا من وزارة الخارجية في دولة الإمارات.
تعلمت جماعة الإخوان المسلمين في تونس الدرس الذي جرى في مصر وقدمت تنازلات غير مسبوقة تجاه إقرار الدستور والتوافق مع الفرقاء السياسيين، ولكنها نظرا لطبيعة الدولة وشح الموارد الاقتصادية ستظل تعاني من بعض جيوب الأصولية التي هي خارج الحكم كما ستعاني من تيارات الفوضى وتلاعبات الأصولية في إدارة الدولة والحكم.
أما ليبيا فهي تقدم اليوم نموذجا صارخا لمآلات ذلك الربيع؛ جماعات مسلحة بالعشرات، وتكالب على المصالح الضيقة وإنْ بالتهديد بالتقسيم أو التمهيد له، وتدخلات أجنبية لدعم تيارات الأصولية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، وخطف لرئيس الوزراء ثم إطلاقه، ثم إسقاطه وملاحقته وهربه، ومنطق السلاح والقوة يفرض نفسه حتى على البرلمان وأعضائه، وإعاقة لإنجاز الدستور وتصدير كميات محدودة للنفط في ظل غياب شبه كامل لمعنى الدولة وأفق شبه مسدود للمستقبل، وهو واقع تبين من تصريحات بعض المسؤولين الليبيين السابقين ما بعد 2011 أن إحدى الدول العربية شاركت فيه بقوة وبتخطيط ولم تزل.
قدمت الدول الغربية الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، دعما غير محدود ومتعجل في بدايات 2011 لإسقاط الأنظمة القديمة والترحيب بالحكم الأصولي فيها، وتغيرت مواقفها لاحقا بحسب كل دولة بعد إسقاط الحكم الأصولي بمصر، ولكنها جميعا وعندما وصل الأمر لسوريا أبدت تخاذلا تاريخيا وضعفا دوليا ورضيت أن تكون شاهدا على أكبر مجزرة تاريخية تقع في القرن الحادي والعشرين، وتركت الشعب السوري يواجه أعتى تحالف دموي عسكري برعاية روسية وقيادة إيرانية ومشاركة من النظام السوري وحلفائه من الأصوليين الشيعة من لبنان والعراق واليمن.
وقفت دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، موقفا تاريخيا واستراتيجيا في دعم الشعب السوري ولم تزل، وهو موقف سينتصر في النهاية قرب الزمان أم بعد، ومع الأخذ بالاعتبار حقوق الشعب السوري في رسم مصيره ومستقبله بعيدا عن نظام بشار الأسد فإن أحدا في سوريا لا يتحدث عن الربيع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.