مَّر عقٌد ونيفٌ من الزمنِ منذ فرقتنا الظروف لم يرى أحدنا الآخر و فجاءه رأيته واقفا مع تجمهر من مختلف الأعمار ,فسلمت علية وبصعوبة رد السلام بصوت شاحب وقد غلب عليه اليأس وتملكه الحزن وخيمت الكآبة على بصرة وقال:(أخاف أن تمضي بنا الأعمار بما تبقى منها ونحن في دائرة ندور فيها دون أن نشعر بالدوران ولا بالحركة ..إنها حاله جمود وملل ورتابة هذه التي نعيشها,أشعر أن الطريق تزداد وعورة وتشعب, أخاف إن نصل إلي مفترق أو محطة أكثر تعقيدا من التي نحن فيها) ثم تركني وعاد إلي بين من كان وإياهم في نقاش بأصوات مرتفعة متداخلة. أما أنا فبطبعي متفائلا وهذه نعمة من خالقي ورازقي، من أكرمني بعقل أفكر من خلاله, فله وحدة سبحانه وتعالي أحني هامتي للحمد والشكرُ، إليه وحدهُ يشرأب عنقي وترتفع أكُفّْي للتضرع والدعاء لأنه سبحانه وتعالى دون غيره من أستمدُ منه الثقة في عملي وحياتي, وإيماناً من لدني بذلك أقول أنني لازلتُ متفائلا برغم ما سمعته أو اسمعه بين الفينةِ والأخرى من تناولات خبريه أو تصريحات إعلامية لبعض القيادات الجنوبية المتواجدة في الخارج , متفائل والثقة تملا نفسي أن من أشرت إليهم سلفا أو الأطراف السياسية الأخرى سيتحملون مسئوليتهم أمام الله ثم شعب الجنوب, وسيعملون في نوايا حسنة تمكنهم من الوصول إلي ما يرضي شعبنا بكل فئاته ويتيح له المشاركة في تقرير مصيره , بعيدا عن التفرد بالقرارات وإدعاء السبق , لأن المعرفة ليست حكرا علي فرد أو مجموعة ..
لذلك فإن هذه الأطراف السياسية أو الإفراد مطلوبٌ منهم أن يكونوا على أعلى قدر من الأمانة والصدق من حيث طرح الحلول والمخارج من الوضع الحالي التي يُرى فيها الصواب , ومن الأهمية بمكان أن تُطرح أمام الآخرين من القوى في المجتمع لضمان نجاحها , وفي تقديري إن ذلك هو الطريق الأسلم الذي يوصل بنا إلي الخيار الأسلم المتوافق عليه , وأي مشاريع مطروحة يجب التحاور حولها وبإشراك شعب الجنوب صاحب الحق الأول في تقرير مصيره وتلك إذن هي الضمانة لعدم تكرار الأخطاء التي سوقتنا إلي وضع نتألم منه ونعيش خطوبه ومآسيه , وأحسب أن أسس الحوار بعناوينه وآلياته والتوافق باختيار الزمان والمكان بكل وعي وبالقبول بالأخر ستكون الكفيلة بتوصيل الحوار إلي روية وأليه مجمع عليها. (الفاشلون وحدهم هم الذين يسوقون الناس بالسياط أو السيوف إلى حظيرة رأيهم ).
ساعتها فأننا نجد من نبحث عنهم واخص تحديدا أولئك الذين سيقفون بجوارنا في دعم قضيتنا العادلة, لأن ما نسمعه يدعوا للحزن بأن أفراد يصرون علي فرض آرائهم دونما اعتبار للآخرين , أنهم يتنكرون للواقع الذي من المفترض الاعتراف فيه والقبول فيه لأن القفز عليه أو تجاوزه يؤدى إلي نتائج غير محمودة , ولحساسية اللحظة وأهميتها بالنسبة لنا فأنني أقول انهُ لابد من تعزيز الاصطفاف على قاعدة ما نلتف حوله في الخطاب العام , لأن الأفق من حولنا يموج بعديد من التوقعات والأسرار الغامضة...