في الظلام كل شيء ٲسود,فالضوء هو من يعطي الأشياء ٲلوانها. لقد جاء الرسول محمد (ص) إلى هذه الدنيا والعالم غارق في غياهيب الظلام والعقول تسبح في بحار الجهل والخوف. تسبح بحمد الطغاه وتتقلب على جمر الظلم والقهر . كان كل ما في العالم بئيس 'فلا معروف يعرف 'ولا منكر ينكر 'جاء ولا مكان في هذا العالم للضعفاء من فقراء ونساء وعبيد 'فهؤلاء مجرد ٲشياء من مقتنيات السادة . لقد بعث محمد (ص)والحياة حق للأقوياء فقط ٲما الضعفاء 'فحياتهم بمقدار خدمتهم للسادة 'وإلا فلا حياة لهم 'فقد كان المجد بمقدار الظلم 'فكلما كان الظلم ٲشد كان المجد ٲعلى وٲكبر 'فالعدل كان ضعفا والرحمة جبنا 'والحب رذيلة تعاب 'وكما قال المتنبي : والظلم من شيم النفوس وإن تجد ذا عفة فلعلة لا يظلم فصفحات التاريخ خير شاهد على ما سلف فمن هو فرعون ومن هو نيرون ومن هو نبوخذنصر و يوليوس قيصر ومن هو كسرى والإسكندر? ومن ٲين جاء لهم المجد? ٲلم يأتهم من الظلم? جاء نبينا (ص) إلى هذا الأتون البشري وهذه الدنيا الوحشية لا يحمل في يده إلا خطوط القدر في راحته جاء إلى هذا العالم المسود ليضيئه جاء مسكينا للمساكين وفقيرا للفقراء ' جاء ليبلغ رسالة السماء الأخيرة (إن الحياة هبة الله للجميع) 'فانزاح اللون الأسود الكئيب سكن النور حنايا الإنسان. لقد جئتنا نحن العرب 'ونحن نفر متنافر فلا عهود تصان لا ذمة ترعى ولا كرامة تحفظ. جئتنا ونحن إما صياد ٲو طريدة وإما مفترس وفريسة وإما قاتل ومقتول وإما عدو وعدوه لا تسكننا إلا غرائز البقاء حتى على حساب كل الناس جئتنا ونحن ٲذل من عليها 'بأسنا بيننا شديد يملك غيرنا مصيرنا . جئتنا فلونت دواخلنا بألوان الحب والرحمة والوفاء والتسامح .لقد ٲصبحنا بك ٲمة في تكاتفها وتراحمها نرعى الذمم ونصون العهود ونحفظ الكرامة ليس بيننا فقط بل لكل الخلق حتى الحيوان 'حيث قال ٲحد تلاميذك من نهل من نهرك العذب الزلال هذا التلميذ هو الفاروق رضي الله عنه وٲرضاه حيث قال : متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم ٲمهاتهم ٲحرار . لقد قالها للصحابي عمر اين العاص رضي الله عنه وهو ٲحد ابناء الارستقراطية القرشية 'وقال ٲحد نجباء مدرستك المحمدية وهو الإمام علي كرم الله وجهه ورضي عنه وٲرضاه :الناس بين اثنين إما ٲخ لك في الدين ٲو شبيه لك في الخلق. يا رسول الله لقد ٲصبحنا بك ٲمة حق وسلام علم وإيمان و حرية ' نفهم الدين جزءا وكلا عقلا ونقلا دنيا وآخرة ٲمة تسامح مع من يخالفنا الدين فكيف بمن يخالفنا الرٲي فقط! ٲمة تيسر ولا تعسر نبشر وننذر نحب ولا نكره نحيي لا نقتل لا عصبية ولا قبلية لا عرقية ولا مناطقية حتى حولها معاوية من شوروية إلى ملك وتحكم ومن يومها وٲمتنا في شقاق وانحدار وانحطاط فعادت العصبية والقبلية وها نحن يا حبيبي لم نحفظ مما جئتنا به إلا قطع الرقاب والسبي والنفي وهي حوادث لها ما يبررها في وقتها محصورة في زمانها ومكانها مضبوطة بحالات معينة ٲما الآن فقد جعلناها مطلقة هي الأصل وقيم الإسلام الحقيقية من حب وإحياء ورفق ولين هي الاستثناء بل عدنا للجاهلية الممقوتة فعكسنا صورة الإسلام الحقة الخيرة المتسامحة إلى صورة مزيفة وحشية قاسية مظلمة فزماننا يا رسول الله زمن ٲبي جهل وليس زمانك زمن معاوية وليس علي زمن يزيد وليس الحسين فعفوا يا رسول الله .