span style=\"font-size: medium;\" لم يتمكن كاتب هذه السطور من المشاركة في المؤتمر الدولي للصحوة الإسلامية الذي انفض بعد التئامه ليومي 17 – 18سبتمبر الجاري 2011م ، وذلك بالرغم من الدعوة الكريمة الموجهة لي من إدارة المؤتمر نتيجة لأسباب خارجة عن الإرادة .. الإرادة التي نحسب أننا نمتلكها كلية ولكننا نكون في وهم مهما بلغنا زماناً ومكاناً .. فما كان مني إلا الشكر للمنظمين والاعتذار والرجاء بأن تخرج هذه الكوكبة النوعية بمقررات مفيدة ، حيث ضم المؤتمر ما يربو عن الألف مفكر وناشط سياسي من أكثر من 80 دولة تتعدد لغاتها ومذاهبها وقومياتها وقاراتها مما يعني أنه كان مؤتمراً كونياً بامتياز ، ولقد تابعت مجريات أعماله عبر فضائية العالم وبعض وسائل الإعلام عملاً بالقول بأن ما لا يدرك كله لا يترك جله . اللافت هو أن توقيت هذا المؤتمر كان علامة فارقة ميّزت طهران عن غيرها من اللاعبين الدوليين والإقليميين في مرحلة حرجة وغاية في تعقيداتها ومخاضاتها العسيرة وربما يصدق القول بأنها سحبت البساط بمؤتمرها هذا على باقي اللاعبين ولفتت الأنظار إليها أكثر مما فعلت وتفعل تركيا على مستوى المنطقة في السنوات الأخيرة الفائتة بإدارة نجمها رجب طيب أردوغان . إن التنافس التركي الإيراني لم تعد تُخطئه عين ولا يخفي الإيرانيون ذلك ، وعبروا عنه بأكثر من شكل سواءا لجهة الحساسية من تنامي الدور التركي أم لجهة تلك التصريحات التي صدرت مؤخراً من جانب تركيا وتحدثت عن بناء الدولة العلمانية في بلدان الثورات العربية ، وليس غريباً أن جاء الرد من طهران من قبل ومن بعد بتبني فكرة ومفهوم (الصحوة الإسلامية ) في مقابل ما يمكن أن نقول عنه مفهوم (الربيع العربي) عند من يقفون في الضفة الأخرى .. الكلام عن دولة علمانية من قبل قيادة تركيا الإسلامية السنية في مقابل الكلام عن دولة إسلامية من قبل إيران الشيعية يضع نفسه في إطار التنافس بين أنموذجين إقليميين كبيرين لا يمكن لثالث منافستهما فهما فرسا رهان حقيقي في المنطقة بلا منازع ويستحق النموذجان التقدير والإكبار وفقاً لتجربتهما المشهودة في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والفكرية وصولاً إلى الرياضة والفن وبقية مناحي الحياة . المشكلة لا تكمن هنا وفي هذا النوع من التنافس والمتنافسين الكبار والحقيقيين بل في ذلك النوع الذي يمضي إلى الوراء غير آبة بعجلة التاريخ وحقائقه وسنن التغيير الكونية التي لا مناص من مجاراتها والمتمثل في النموذج الخليجي والسعودي بدرجة أساسية حيث أصبحت الرياض نادِ للديكتاتوريات الحية والميتة وتلك المحروقة التي تريد بث الحياة إليها كما تفعل مع علي عبد الله صالح باحتضانها له للترميم وإعادة الإنتاج وتسمح له بأن يعتبر عاصمتهم عاصمته السياسية ويوزع منها بكل صلف حرب بياناته وخطبه في وقت يقوم فيه آل سعود بدعم أنجاله بالمدرعات العسكرية ( وصلت دفعة ثانية قبل أيام ) لقمع الثورة ظناً منهم أن بإمكان درع الجزيرة أن يفعل فعله في ثورة اليمن كما فعل ولا يزال في ثورة البحرين . من الواضح أن مؤتمر الصحوة الإسلامية في طهران الذي يتعامل معه المتنافسون الحقيقيون بشكل إيجابي وبردود أفعال إنتاجية بناءة وخلاقة كتركيا مثلاً شكل تحدياً خطيراً للرياض لم تستطع أن تتمالك أعصابها للتعامل معه إلا بطرقها السلبية والوحشية فما كان منها إلا أن ردّت على طبل أو رقص طهران بشرح في صنعاء ، فكانت مجزرة القاع التي راح ضحيتها ما يقرب من 30 شهيداً ومئات الجرحى .. ولا نتجاهل نوع التمثيل اليمني في المؤتمر حيث شارك فيه ما يقرب من السبعين مشارك حسب المعلومات الواردة من هناك من مختلف الطيف السياسي والاجتماعي والثقافي اليمني ومن الناشطين الثوريين البارزين (حضر عملاء يمنيون للرياض ليكتبوا لها التقارير المفصلة ) . يمكن القول بأن روافع التغيير كلها قد حضرت المؤتمر من شباب الثورة إلى الحراك الجنوبي والحوثيين ومعارضة الداخل والخارج ، وكان بارزاً بل لافتاً جداً لجميع المراقبين حضور الرئيس علي ناصر محمد الذي رفض مجلس وطني تابع لبيت الأحمر وتدعمه السعودية ليقول من طهران في كلمة نوعية بأن الثورة اليمنية كانت سباقة في هذه الصحوات التي تشهدها المنطقة بدءًا بالحراك السلمي الجنوبي 2007م وحركة الحوثيين في الشمال وتوجت بثورة الشباب التي لابد أنها منتصرة وقد وحّدت شعارها بإسقاط النظام من المهرة إلى صعدة ، معيداً إلى الأذهان مواقف جمهورية اليمن الديمقراطية التي كان رئيساً لحكومتها يوم انطلقت الثورة الإسلامية في إيران 79م ، حيث كانت تلك الجمهورية الفتية التي سرقها علي عبد الله صالح وشركائه في الحرب 94م (حزب الإصلاح ومشائخ التكفير) الوحيدة في المنطقة التي أعلنت تأييدها للجمهورية الخمينية الوليدة في حينه كما كانت الوحيدة في الجزيرة العربية التي رفضت الحرب الصدامية العراقية عليها والتي دعمت من السعودية والخليج والعالم كما لم تُدعم حرب قبلها لثمان سنوات عجاف . من الأمور اللافتة في معطيات ومخرجات مؤتمر طهران تركيز المؤتمرين على الثورة المضادة وخطورتها وعلى سرقة الثورة وحرفها عن مسارها وهو الأمر الذي نجد أجلى تطبيقاته في ثورة الشباب اليمني ، والأفضع أنه بالرغم من جلاء هذه التطبيقات في الساحة اليمنية سواءا بادعاء امتلاك الثورة ( حميد الأحمر أنموذجاً ) أو بادعاء قيادتها وتمثيلها ( المجلس الوطني أنموذجاً ) أو بادعاء حمايتها ( علي محسن والفرقة أنموذجاً ) تجد أصواتاً من الداخل تقول لك وفي زمن الثورة والتغيير والحرية : إخرس ولا تتحدث عن أية ممارسات خاطئة وقم بتأجيل ذلك كله ، وإلا فأنت أمن قومي أو تابع للسفاح أحمد علي .. بالرغم من أن المنطق الصحيح يقول العكس وأن الفرز والتصويب يأتي من داخل الثورة ف (تجريب المجرب خطأ والتصحيح بالملوثين خطأ مرتين) كما قال الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي.. يقولون لك وبعيون مبهررة لايرف لها جفن إنتظر حتى نسرق الثورة ونتعاطى مع المبادرات الإقليمية المرفوضة شعبياً ، وهاهي النتيجة .. الرقص في طهران والشرح في صنعاء ، وهاهي صديقتهم السعودية تُنجز وعدها عبر عائلة صالح بمجزرة القاع في يوم اختتام مؤتمر طهران لندفع نحن اليمنيون الثمن غالياً ليس لتصفية الحسابات المحلية فقط بل والإقليمية والدولية أيضاً... اليوم يُعاد السؤال مرة أخرى إلى ملعب الثورة المضرج بالدماء الزكية الطاهرة النقية .. هل نثق بأنفسنا أم بمشاريع الساسة وأدعياء الثورجية المتأخرة (العجائز) الذين أطالوا عمر النظام حتى اللحظة ؟! .. إلى متى سنخجل ونستحي من لحية الزنداني وعمامة الهتار ومشدة حميد والشعر الأبيض لنعمان ؟! . هل كانت هذه المجزرة لتتم لولا أن قُدمت لهذا النظام السفاح ضمانات وحصانات من جيوبهم عبر المؤامرة الخليجية .. الآن سنخرس نحن بعد السؤال مجدداً حتى لا نتُهم بأننا أمن قومي مجدداً أيضاً .. وسنرى ما هي الأحجية الجديدة التي سيُتحفنا بها المنبطحون بأبواب السفارات ؟!!. [email protected]