يوم الأربعاء الماضي شهدت المدينة الباسلة بورسعيد المصرية لأكبر جريمة في تاريخها حيث قتل أكثر من 74 شخصا وأصيب أكثر من 1000شخص بجراح مختلفة في مباراة كرة القدم بين النادي المصري البورسعيدي والنادي الأهلي القاهري . وكل الإشارات والتصريحات تشير وتتهم فلول مبارك والحزب الوطني بالضلوع في ما حصل لتلك الجماهير الغفيرة التي امتلأت بها مدرجات الملعب . الحادثة المأساوية تدعونا لاستعراض لمحة قصيرة لبعض الجهات المصرية وأخرى مشابهة لها في الواقع اليمني . عرف النادي الأهلي المصري منذ فترة زمنية طويلة بأنه نادي الحكومة والنادي المدلل الذي تيسر له الإمكانيات وتجير له النتائج ويحظى بتعاطف لجنة الحكام واتحاد الكره لما له من لوبي خطير فيهما . على الرغم أن لديه من الكفاءات المتميزة والنجوم اللامعين من باستطاعتهم تحقيق المراد دون الحاجة لمساعدة صديق وعلى رأسهم النجم الأبرز والأفضل لعبا وسلوكا الكابتن محمد أبو تريكه . ولكنها سياسة قهر الخصوم والاستعلاء عليهم بكافة الطرق الشريفة والغير شريفة هي التي يمارسها باشوات هذا النادي العريق . هذه السياسة أفرزت وأبرزت لدى الجماهير الأهلاوية الغطرسة والغرور والاستعلاء على جماهير الأندية الأخرى وفي نفس الوقت زرعت الكراهية والبغضاء من كافة الجماهير الأخرى للنادي الأهلي . وما رفعته الجماهير الأهلاوية من لافتات في المباراة من عبارات استهجان وازدراء لجماهير بورسعيد جميعا هو دليل على ما اشرنا إليه وفي العالم العربي الكثير من أندية الدلال شبيهة بالأهلي المصري بل وأسوأ منه . هذا الكلام ينطبق أيضا على الحزب الوطني أو الوثني كما يطلق عليه بعض إخواننا المصريين تهكما به وبفلوله . هذا الحزب الذي جثم على صدور المصريين أكثر من ثلث قرن من الزمان واستظل بمظلته كل زاعق وناعق وكل المستبدين والإقطاعيين والبرجوازيين بكل فئاتهم والذين تحقق لهم من خلاله كل ما يصبون إليه من سلطة وعز والمثال هو (احمد عز) استحوذوا على مقدرات البلاد والعباد وصفقوا للحاكم وصفق لهم واستمتع بعضهم ببعض ونهبوا خيرات مصر الظاهرة والباطنة وأصبحوا من القوة والمنعة ما الله به عليم وامتد فسادهم المالي والأخلاقي حتى وصل إلى هيفاء وهبي وسوزان تميم . كل هذا الجبروت والهيلمان انهارت قواه يوم عرف الشعب المصري طريق الخلاص يوم بحث الشعب عن الحياة الحرة عن الكرامة . فلم تنفع الحزب الوطني ورئيسه آلة البطش الأمنية القذرة التي صنعها حبيب العدلي ومن سبقه ولم ينفعهم قتل المتظاهرين دهسا بالسيارات ولم تنفعهم موقعة الجمل حيث تفننوا بأنواع البلطجة من دهس للمتظاهرين بحوافر الخيل والبغال والحمير وخفاف الجمال . ولم ينفعهم ما يقارب ثلاثة ملايين عضو يحملون بطاقة الحزب الوطني. كل ذلك تبخر بإرادة الله أولا ثم بإرادة الفعل الثوري للجماهير المصرية الحية التي صنعت ثورتها المجيدة . وتتكرر تلك النماذج السيئة في عالمنا العربي بنفس الصيغة والأسلوب لأن كاتب السيناريو واحد والمخرج واحد وان تغيرت وجوه الممثلين وجموع الكومبارس . كل ذلك يذكرني في الواقع اليمني بحزب الحاكم أو مؤتمره الشعبي العام الذي صنع خصيصا لليمن كتلك المصنوعات الخارجية قليلة الجودة ورديئة المحتوى حتى لا يلام مصنعوها يكتبون عليها (صنع خصيصا لليمن ) وقد رأيت هذا المنتج قبل ثلاثون عاما في الغربة وكيف كان اليمنيون يتهافتون على شرائه لأنه كتب عليه صنع خصيصا لليمن . ولأن اليمن غير فقد أعطيت لهذا الحزب الذي دخل العملية الديمقراطية من بوابة وحدة 22مايو 1990 السلمية أعطي له مالا يخطر على بال منتسبيه من إمكانيات . وسخرت موارد الدولة وثروات البلاد الظاهرة و الباطنة للخيل وراكبيه وأصبح قويا مهابا أمام الجميع ويمثل مصدر رعب وإزعاج لخصومه ومعارضيه فان كنت مؤتمريا يا حظك ويا حظ أقربائك وجماعتك وان لم تختار المؤتمر أو بالأصح ((الموت المر)) فيا ويلك ويا سواد ليلك وأصبحت من المغضوب عليهم . ومازلت أتذكر احد أساطين الفساد عندما كان محافظا وحاكما بأمره في إحدى المحافظات كيف كان يوصل الليل بالنهار ويتنقل في أطراف البلاد شرقها وغربها حواضرها وبواديها وبالذات ايام مواسم الفيد الانتخابية ويجوب الجبال والوهاد والاودية والصحاري ليجسد هذه الحال لمؤتمره في واقع الناس. ويمكّن له في الأرض لينال ما على ظهرها وما تحتويه في باطنها . لدرجة انه كما قال احد الناس انه قد بلغ به الهوس والإخلاص والولاء للتسبيح بحمد المؤتمر ورئيسه فهو يعادي من اجل المؤتمر ويبغض من اجل عيون خيله ويمنع مشروعا عن تلك القرية التي لم ترشح حوافر الخيل ويقصي هذا عن وظيفته لأنه لا يرى في ناصية خيله بركة ولا سماحة ويعرقل مستخلص ذلك المقاول لأن التقارير قالت انه متعاون مع منافسي الخيول ويحارب هذا في مصدر رزقه لأنه لايروق له او لا يمكن ان يمشي خلف ذيل خيله التعيس . وبالتالي فهو يكره كل من يكره المؤتمر ويحب كل من أحبه وأحب رئيس المؤتمر على وجه الخصوص وأحب الطريق التي يمشي عليها . أليس هذا ولاء وبراء ؟؟! يا رجال العقيدة ويا طلبة العلم يا من كنتم تخصصون له من الدعوات الخاصة وبجوار بيت الله وتتصلون به من جوار الكعبة ( لقد دعوت لك وللأولاد وأم الأولاد وجدة الأولاد) . وهو قطعا قد عرف عقيدة الولاء والبراء ومفهومها في حلقات الإخوان التربوية التمهيدية التي نال منها بعض الزاد فكانت له عونا مع غيرهم على القوة والعتاد . ولهذا لم ينسى لأهل الفضل فضلهم فأفاض على بعضهم بما أفاء الله عليه من أراضي الغير التي حكمها وكانت تحت تصرفه وأمره . هذا نموذج لصناعة الطغاة من خلال طغيان هذه الكيانات. ونحن قد عنونّا بكارثة بور سعيد وبدأنا حديثنا بها وكما قلنا إن التصريحات والمؤشرات تتهم الفلول وتشير إلى ضلوعهم بتلك الجريمة النكراء التي لا يقرها عاقل . جريمة بذلك الحجم ومن خلفها مجرد فلول متناثرة فهل البقايا وهي مازالت لها شنة ورنة ستكون اقل شأنا وفعلا من الفلول المبعثرة . أم أن لها حسابات أخرى؟؟ خاتمة : للشاعر احمد مطر أنا لا أدعو إلى غير الصراط المستقيم أنا لا أهجو سوى كل عتل وزنيم وأنا أرفض أن تصبح أرض الله غابة وأرى فيها العصابة تتمطى وسط جنات النعيم وضعاف الخلق في قعر الجحيم