اقتربت اللحظات الأخيرة من إسدال الستار على تمرد عسكري يقوده علي محسن الأحمر، مدعوماً من الإخوان المسلمين، ويترقب الشارع صدور قرارات عسكرية رئاسية مكملة لقرارات هيكلة الجيش والتي من شأنها إزاحة علي محسن الأحمر، من المشهد الذي ظل يتربع عليه. وفي السياق يصل غداً وفد رفيع المستوى من مجلس الأمن الدولي إلى العاصمة صنعاء، لتعزيز الدعم الدولي لقرارات الرئيس هادي، الأمر الذي من شأنه أن يشد من عضده أمام تهديدات الإخوان المسلمين له بالفوضى الداخلية، ليمضي بقرارات الهيكلة إلى النفاذ. يرأس الوفد – بحسب ما نقله موقع وزارة الدفاع- المندوب الدائم لبريطانيا مارك ليال، الرئيس الحالي لمجلس الأمن الدولي بالاشتراك مع المندوب الدائم للمملكة المغربية الشقيقة محمد لوليشكي ممثلا عن المجموعة العربية، ومن المقرر أن يصل أمين عام مجلس التعاون الخليجي د. عبداللطيف الزياني بالتزامن مع وصول الوفد، وتستغرق زيارة الوفد يوماً واحداً فقط، وفي سياق التمرد الذي بات يأخذ مسميات عدة في الأوساط العسكرية والسياسية، منها "التمرد الأخير".. كشف مصدر عسكري رفيع ل"اليمن اليوم" عن أسباب الانقلاب الدراماتيكي السريع لعلي محسن من مباركته لقرارات الهيكلة إلى تدشينه للتمرد. وقال المصدر - وهو مقرب من اللجنة العسكرية والأمنية- إن علي محسن وحلفاءه القبليين والدينيين كانوا يتوقعون تمرد العميد أحمد علي، على قرارات 19 ديسمبر المتضمنة إلغاء الفرقة والحرس وإعادة توزيع الجيش بتقسيمات جديدة "سلاح البر، سلاح الجو، سلاح البحر، حرس الحدود"، وفصل المنطقتين الشمالية والغربية". وأضاف المصدر "ومن هذا المنطلق بنى علي محسن وحلفاؤه موقفهم المبدئي من تلك القرارات، حيث سارعوا إلى مباركتها وتأييدها في انتظار شروع الطرف الآخر في التمرد فيظهرون على أنهم سند الشرعية في وجه التمرد المنتظر للعميد أحمد علي وقوات الحرس الجمهوري، وتكون الفاتورة حينها أن يتحول هادي ووزير دفاعه في منصبيهما إلى مظلة ليس إلا لأهل الحل والعقد – محسن وحلفائه – في المجالين العسكري والسياسي. وبحسب المصدر فإن الموقف الإيجابي للعميد أحمد علي أحدث إرباكاً جعل علي محسن وحلفاءه يهرعون إلى غرفة عمليات طارئة لا تزال في حالة انعقاد دائم، حتى أن محسن - وفقاً للمصدر – يكاد ينام ببزته العسكرية كما لو أنها المرة الأولى التي يرتديها. وذكر المصدر أن علي محسن يعيش منذ قرار إعادة الهيكلة أسوأ أيامه وأضعفها، رغم محاولاته الظهور بمظهر الرجل القوي من خلال افتعال اضطرابات داخل بعض الوحدات العسكرية كالتي شهدها لواء 314 حماية رئاسية ولواء و 29 ميكا المعروف بلواء "العمالقة" وهي بمثابة رسالة أراد إيصالها لمدى قدرته على الفوضى داخل المؤسسة العسكرية في حال أصر الرئيس هادي على نفاذ قرارات 19 ديسمبر بالشكل الذي بدت عليه غير مجتزأة، لكن الرسالة لم تؤد غايتها، وظل الرئيس هادي مصراً على قراراته ما دفع بعلي محسن مؤخراً إلى رفض عقد لقاء رباعي بينه والرئيس هادي والسفير الأمريكي وجمال بن عمر، لمناقشة أسباب تمرده، قائلاً: "الحل في يد هادي"، وهذا الحل بحسب المصدر العسكري هو الاستجابة لشروطه المتمثلة في تعيينه قائداً للمنطقة الشمالية وتعويضه في اختيار قائدي المنطقة المركزية والغربية، ويعتبر هاشم الأحمر قائداً للواء 314 مدرع حماية رئاسية، شروط علي محسن وتمرده لا تعكس قوة ذاتية بقدر ما تستند إلى الدعم القطري ومحاولة للحصول على نقاط قوة بقيده إلى الواجهة تحفظ له تحالفاته الداخلية والخارجية. فبحسب مصدر رفيع في ما كان يعرف بالفرقة الأولى مدرع- ل"اليمن اليوم" أنه لم يشاهد اللواء علي محسن ضعيفاً يوماً، كما هو عليه اليوم وبالشكل الذي ظهر به أثناء تدشين العام التدريبي للمنطقة الشمالية. رغم محاولاته البقاء متبسماً طوال ساعات التدشين، وهي المرة الأولى أيضاً التي أرى فيها اللواء محمد ناصر أحمد قوياً كوزير دفاع أمام علي محسن. وأضاف: لقد ظل علي محسن ممسكاً بمعصم وزير الدفاع أثناء تجولهما في ساحة المعسكر أمام الأفراد، موزعاً ابتساماته التي تحولت ولا تزال محل تندر لدى الكثير من الضباط والأفراد داخل المعسكر، متسائلين عن قدرة هذا الرجل على البقاء مبتسماً كل هذا الوقت ، في حين لم يكن الوزير يعيره الاهتمام المطلوب، وفي أكثر من مرة كان الوزير يرقب ساعته كمن يتعمد إيصال رسالة لمن يمسك بمعصمه "إنك قد أخذت الكثير من الوقت وبما يكفي لالتقاط الصور التذكارية مع وزير كان هو آخر اهتماماتك إلى قبل حين".
أوراق تالفة من جهته قال مصدر رئاسي ل"اليمن اليوم" إن الرئيس هادي عازم على المضي قدماً في استكمال قرارات الهيكلة غير مكترث بالعقبات، مشيراً إلى أن هادي سخر من المظاهرة التي دفع بها علي محسن في مديرية الوضيع، مسقط رأس هادي، منتصف الأسبوع الفائت للمطالبة بإقالة مدير المديرية أثناء وصول هادي العاصمة السعودية الرياض. وأضاف المصدر وهو من المقربين إلى الرئيس هادي: "كنا نحتاج إلى المظاهرة في الوضيع ليعرف علي محسن ومن معه أن ما لديهم من أوراق قد أحرقتها المراحل وهي في حكم التالفة"، مشيراً إلى أن أبناء الوضيع لم يتجاوبوا مع المظاهرة وسرعان ما وجد رموزها أنفسهم مجبرين على العودة إلى منازلهم خائبين. وقال المصدر إن علي محسن كان قد اجتمع السبت الفائت بعدد من مشايخ ووجهاء أبين ويافع ويقدر عددهم بحوالي (25 شخصاً) بدعوى حثهم على المشاركة في الحراك الوطني، إلا أن تقدمهم للمظاهرة في الوضيع كشف عن حقيقة اللقاء وأن هذا يأتي في إطار التمرد الأخير. مضيفاً أن وفد مجلس الأمن يعزز موقف الرئيس هادي ويحمل رسالة قوية إلى المعتكفين داخل مقر ما كان يعرف بالفرقة الأولى مدرع، وبهذا الصدد قالت مصادر إن وفد مجلس الأمن يناقش مع الرئيس هادي نشاط تنظيم القاعدة في المغرب العربي ومستجدات المواجهات في مالي والهجوم الإرهابي على المنشأة النفطية في بانياس الجزائرية الخميس قبل الماضي الذي أظهرت التحقيقات أن مجموعة من منفذيه تلقوا تدريباتهم على أيدي رجال دين بارزين وقيادات عسكرية ثمينة كبيرة، وهي ذات الرسالة التي حملها الوفد العسكري الفرنسي إلى الرئيس هادي في زيارته لليمن منذ أيام. معطيات تضيق الدائرة أكثر أمام خيارات علي محسن، ولكن ضعف الرجل وتساقط أوراقه تبث في اتجاه واحد هو الإطاحة بعلي محسن دون ثمن.