span style=\"color: rgb(255, 0, 0);\"span style=\"font-size: medium;\"حياة عدن span style=\"font-size: medium;\" الناس ملونا ومليناهم، كلمات ما زال غالبية أبناء اليمن يتذكرونها جيدا، ويتذكرون خطاب رئيس الجمهورية الذي وردت فيه، ولكن ما لا يتذكره الكثيرون ويتأملون الأهمية المستمرة لذلك الخطاب، ما تضمنه من عبارات وكلمات كانت بمثابة تأكيد لما سبقها من إرهاصات وإعلان بداية مخاض يمني حقيقي يبدو أنه وصل إلى ضربات الطلق الأخيرة، ولم يتبق إلا المرحلة الحاسمة لخروج المولود بولادة طبيعية «أو متعسرة بعض الشيء» أو التهيؤ لعملية قيصرية نسبة الخطورة فيها عالية نظرا لحالة الأم الضعيفة جدا، والمتأخرة كثيرا عن الوقت المناسب لتلقي العلاج والإسعافات الأولية الضرورية. الخطاب الذي ألقاه الرئيس علي عبدالله صالح في منتصف يوليو 2005 جاء في فترة «تحسب بالأشهر وليس بالسنين» شهدت بداية أطول حرب عسكرية تفجرت باليمن منذ أواخر ستينيات القرن الماضي، حرب صعدة التي لم تتوقف فعليا حتى اليوم، وشهدت ظهور نذر الصراعات الداخلية داخل الحزب الحاكم ومراكز القوى الرئيسية في رأس السلطة ومفاصل الدولة الأساسية، وشهدت تعرض الرئيس وأقربائه والعديد من أركان نظامه لأقوى الحملات الصحفية والانتقادات التي اخترقت الخطوط الحمراء باندفاع وهجمات مركزة لم تعرف الصحافة مثيلا لها إلا في فترة أزمة وحرب 1993-1994م وشهدت خروج أقوى وآخر المظاهرات العامة والاحتجاجات الشعبية الرافضة للجرع السعرية بمعظم المحافظات خلال أسبوع واحد. خطاب الرئيس في صباح يوم احتفاله بالذكرى الثامنة والعشرين لتوليه مقاليد السلطة، وإعلانه عدم الترشح للانتخابات الرئاسية في سبتمبر 2006م، دشن بالفعل مرحلة يمنية جديدة «من حيث لم يدرك» أعطت زخما أكبر لما قبلها من إرهاصات «الحملات الصحفية وحرب صعدة ومؤشرات الصراع الداخلي» فضلا عن تحركات ومبادرات المعارضة في تلك الفترة، الأمر الذي أحدث هزات عنيفة داخل نظام الحكم نفسه «وكان لها ارتدادات بلا شك خارجة وكشفت أول علامات المخاض الوطني المتصاعد من ذلك الحين». تأملوا جيدا إيقاع الأحداث والأزمات اليمنية في الفترة من احتفال 17 يوليو 2005 -احتفال مايو 2010م، وقارنوا بين خطابي الرئيس في المناسبتين. وستصلون إلى نتائج واستخلاصات حتمية بما شكلته هذه الفترة من مخاض لسنوات حمل طويلة بالإمكان اعتبار عام تفرد نظام الحكم القائم بكامل صناعة القرار في 1997م هو عام تحول الجنين من نطفة إلى علقة، إذا جاز التشبيه. بعد خطاب يوليو 2005م اندلعت الحرب الثانية في صعدة رغم أن احتفالات السلطة بالانتصار العظيم في الجولة الأولى وقتل حسين الحوثي في سبتمبر 2004م كان يوحي بالعكس تماما، ثم توالت الحروب ببدايات ونهايات لم يتخيلها أحد، الأصوات الفردية والمعدودة التي كانت تطالب بتصحيح مسار الوحدة تحولت إلى تحركات يشارك فيها العشرات والمئات، ثم حركات مطلبية ينضوي تحت لوائها الآلاف، إلى أن أصبحت «حراكاً جنوبياً» ظهر سلميا، وهاهو يتشكل في أطوار سياسية أوسع لا تخلو بعضها من الاحتماء بأجنحة عسكرية ومسلحة غير معلنة رسميا، الصحافة وإن انخفض سقف خطابها منذ انتهاء انتخابات سبتمبر 2006م إلا أن دورها في التأثير على النخب وتوعية الناس لم يتراجع بالمستوى الذي سعت إليه السلطة بمختلف وسائل الترهيب والترغيب المختلفة، استمرار تماسك المعارضة وتطور أدائها من تقديم مشروع إصلاح وطني متكامل عام 2005م ومرورا بالمنافسة القوية في انتخابات الرئاسة، وإلى خوض صراعات وخلافات سياسية مع السلطة في الأربع السنوات الأخيرة بتكتيكات وقرارات حاسمة أفضل من ذي قبل، كل ذلك وغيره من مؤشرات تصاعدية في قضايا سياسية واجتماعية واقتصادية متعددة، يؤكد أن ما تبقى من شهور المخاض لن تزيد عن المدة المتبقية على موعد الانتخابات البرلمانية المفترضة في أبريل 2011م. span style=\"color: rgb(128, 0, 0);\"أحدث خطاب.. يدشن أخطر مرحلة عبارة «الناس ملونا ونحن مللناهم» هي ما رجحت -حتى الآن- صدق الرئيس ورغبته في يوم إلقاء خطاب 17 يوليو 2005م بعد الترشح مجددا للرئاسة، غير أن فشل مقاومته للضغوط النفسية وضغوط المحيطين به فيما بعد «زاد الطين بلة» وضاعف الآثار السلبية لذلك الخطاب، حيث تسبب في وقوع الرئيس بأخطاء غير مسبوقة، سواء بما تضمنته خطاباته في الحملات الانتخابية وما بعدها، أو بفقدان جزء غير قليل من سيطرته على إدارة الدولة، أو بانتهاء صلاحية جزء مهم من وسائله التي كان يعتمد عليها في «الرقص على رؤوس الثعابين» إلى جانب تفاقم الأوضاع بصورة لم يتوقعها، وفيما أضاع الرئيس فرصة ذهبية لمغادرة السلطة وهو لا يزال يتمتع بشعبية عالية جدا قبل خمس سنوات كانت تؤهله لتكرار التجربة الرائعة التي صنع بها رئيس السودان السابق سوار الذهب تاريخا مشرفا لنفسه ومجدا دائما لاسمه.. فإنه وجد نفسه في وضع لا يحسد عليه في هذه الدورة الرئاسية، من ناحية يواجه ضغوط ذاتية ومن المقربين منه تدفعه لمواصلة المشوار، وعدم إظهار الضعف أو الهزيمة أمام الخصوم والأعداء، وأيضا من أجل العمل على ضمان انتقال الرئاسة لشخص يثق في ولائه له سواء كان ابنه أو أحد أشد الموالين له، ومن ناحية ثانية هو يدرك كغيره أن اتجاه الأحداث يمضي بسرعة في غير صالحه، وتفاؤله بوقوع متغيرات داخلية وخارجية تعيد له ما ضاع من شعبيته ومصادر قوة، أصبح يتضاءل بشكل واضح إلا أنه لم يتلاشى -بحسب تقديراته وحساباته- إلى الحد الذي يجعله يبادر إلى تقديم تنازلات لم يتعود عليها، كأن يخفض من صلاحيات سلطة الرئاسة لصالح الحكومة أو البرلمان. أو يقوم بخطوات وإجراءات عملية تقود إلى شراكة وطنية واسعة وإفساح المجال للأحزاب والقوى المؤثرة بالمجتمع للقيام بأدوارها السياسية والاجتماعية بحرية وبمعايير ديمقراطية حقيقية، وأكبر دليل خطابه الأخير عشية عيد الوحدة الجمعة الماضية، الذي لم يكن منعشا للآمال إذ لم يحمل جديدا وهذا مبعث القلق، خاصة بأنه تم الترويج لأهمية مفاجآت سيتخللها منذ الأسبوع الماضي، ومن قبل الرئيس شخصيا، ولأن ذلك الخطاب ومناسبة إلقائه كان يمكن الاستفادة منها لتعويض قدر جيد مما خسره الرئيس في السنوات الماضية، وكذلك لأنه لم يعد في الوقت متسع للمناورات والتظاهر بغير ما هو على الواقع «الواضح» فإننا نرى في خطاب 21 مايو 2010م تدشينا لمرحلة خطيرة أو بالأصح لسيناريو خطير لما يمكن أن ينتهي إليه المخاض الحالي. خطاب الرئيس بصيغته ومفرداته التي سمعناها لن يقود إلى تطبيق اتفاق فبراير، أو تشكيل حكومة وحدة وطنية أو الاتفاق على إجراء الانتخابات القادمة في موعدها، بل إنه سيعقد الأزمة مع المعارضة ويثقل فاتورة تداعياتها، ولن يهدئ ما يجري بالمحافظات الجنوبية، وسيؤجل نشوب حرب سابعة في صعدة لبضعة شهور فقط، ولن يتمكن من خوض انتخابات انفرادية إذا كان يفكر بهذا الخيار فعلا، وتأجيل الانتخابات البرلمانية مرة أخرى بموافقة المعارضة أو بدونها، لم يعد مقبولا داخليا وخارجيا وبالتالي سيناريوهات هذه الاحتمالات مستبعدة، وهو ما يرجح بالمقابل وجود بدائل لدى السلطة أسوأ منها لأنها ستكون منافية للتداول السلمي الديمقراطي للسلطة بلا شك. السيناريو الأول حدوث انقلاب سياسي داخل السلطة، وبموافقة الرئيس، لتصعيد قائد جديد لإعادة إنتاج السلطة القائمة في قالب مختلف، وسيرافقه الإجراءات المعتادة في مثل هكذا حالات: فرض الطوارئ وتعليق الدستور، وحل البرلمان -وربما الأحزاب أيضا- واستخدام قوات الجيش والأمن لتنفيذ تلك الإجراءات، وهذا الخيار ليس مستبعدا خاصة إذا ما وجد ضوءا أخضر من واشنطن والعواصم الكبرى، ونسبة نجاحه ليست عالية، ولكنها أعلى من نسبة الفشل -للأسف الشديد- ويكفي أن من بين أسباب نجاحه وجود أوضاع ورغبة عامة مهيئة ل»تغيير» أيا كان.. على الأقل لقطع الطريق على سيناريوهات أفظع. استطاعت هذه السلطة إثارة رعب المواطنين من وقوعها، كالانهيار المفاجئ للدولة ولحاق اليمن بالصومال وما يحدث فيه، وبالمناسبة التغيير عن طريق «الانقلاب الأبيض» قد يقود إلى خيار الصوملة أيضا من أيامه الأولى، لأن درجة الاحتقان الشعبي والسياسي لن تمهل الانقلابيين تنفيذ مخططهم بالسهولة التي قد تكون متوقعة لديهم. وأما ما هو محتمل من سيناريوهات بعيدة عن إرادة السلطة فهي بروز قائد سياسي يحظى بدعم المعارضة وقوى أخرى كالحوثيين ومعارضة الخارج، يستطيع قيادة ثورة شعبية «بدعم دولي» لإسقاط النظام الحالي بالمظاهرات والاعتصامات واستخدام الشارع. وهذا الخيار لا يوجد -إلى الآن على الأقل- مؤشرات لإمكانية حدوثه، أو نجاحه في الحفاظ على وحدة البلد بعد إسقاط السلطة الحالية. span style=\"color: rgb(128, 0, 0);\"اتفاق فبراير أفضل الخيارات بناء على كل ما سبق فإن تغييرا معينا قادم لا محالة، وقد يكون أقرب مما نتوقع، ربما الإعداد له قد بدأ بالفعل من جهة ما، إلا أن اتفاق السلطة والمعارضة على تنفيذ اتفاق فبراير بسرعة تضمن إجراء الانتخابات في موعدها سيظل هو الخيار الآمن، والسيناريو الأفضل للتغيير المرتقب، مهما اعتراه من أخطاء ونواقص أو تضحيات وتنازلات «من السلطة والمعارضة» فسيبقى الأنسب للجميع بشرط أن يؤدي إلى انتخابات تعبر نتائجها عن الإرادة الحقيقية للناخبين، والتي لن تتحقق إلا بحياد كافة مؤسسات وإمكانيات الدولة، وبتكافؤ فرص التنافس لجميع التيارات والأحزاب والقوى الفاعلة في عموم أنحاء اليمن وفي كل الأحوال سيكون النظام الحاكم حاليا كاسبا حتى لو انتقل إلى ضفة المعارضة، فهو لن يستطيع مواصلة الاستئثار بالسلطة والثروة لوحده حتى لو تحقق له إعادة إنتاج سلطته بأي طريقة كانت، ويكفيه عبرة ودرسا ما نعيشه من مخاض هو من أوصلنا إليه، وهو المتضرر الأول منه، تذكروا كم تضاعف حجم «الملل» منذ يوليو 2005م. p style=\"text-align: left;\"span style=\"font-size: medium;\" span style=\"color: rgb(51, 51, 153);\"*نقلا عن الاهالي فوزي الكاهلي