يبدأ في الثامن عشر من مارس/ آذار الجاري مؤتمر الحوار الوطني في اليمن، و يستمر ستة أشهر يناقش فيه أبرز القضايا، وصولا لإقرار الحلول المطروحة وبناء الدولة اليمنية الحديثة. وتقف أمام المؤتمر عدد من التحديات أبرزها ذات طابع سياسي وأمني وأخرى اقتصادية واجتماعية، بيد أن الملف الاقتصادي لا يقل أهمية عن الملف السياسي نظرا للأوضاع الاقتصادية المتردية التي تعيشها اليمن وظلت تتراكم منذ سنوات، بفعل قلة الموارد الاقتصادية وضعف الإدارة وتفشي الفساد لفترة طويلة من الزمن. وفي تصريح خاص لوكالة الأناضول للأنباء قالت أمل الباشا الناطق الرسمي باسم اللجنة الوطنية للحوار إن "هناك محورا حول التنمية الشاملة مدرج على أجندة الحوار ويدخل ضمنه قضية التنمية الاقتصادية". واستدركت قائلة "إن اللجنة الفنية للإعداد والتحضير للحوار الوطني لا تضع معالجات، لكنها فقط تضع عناوين للقضايا في جدول أعمال المؤتمر. أما فيما يتعلق بالتعاطي مع الملف الاقتصادي وإبراز اشكالاته فهذا ما سيقوم به المؤتمر". وكانت لجنة إعداد الحوار الوطني أعدت القضايا التي ستطرح على المؤتمر، و تشمل "التنمية"، بالإضافة لقضايا سياسية كالقضية الجنوبية، وقضية صعدة، و المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، وبناء الدولة والحكم الرشيد، وأسس بناء الجيش والأمن، واستقلالية الهيئات ذات الخصوصية، والحقوق والحريات، وقضايا اجتماعية وبيئية خاصة، وتشكيل لجنة صياغة الدستور،وضمان تنفيذ مخرجات الحوار ونجاحها. من جهته قال أمين عام لجنة الحوار الدكتور أحمد مبارك "هناك محورا مهما جدا في المؤتمر الوطنى اليمنى وهو محور التنمية وسيناقش البعد الاقتصادي بشكل كبير، وايضا هناك محور شكل الدولة والذى سيناقش كذلك شكل الدولة وأسسها الاقتصادية والتنموية وغيرها". وفي حديث نشرته جريدة "الثورة" الرسمية الأثنين أضاف مبارك: "سيكون للقطاع الخاص حضورا كبيرا في المؤتمر، عبر رجال الأعمال أو من خلال منظمات المجتمع المدني وسيكون هناك تمثيلا لجهات وقطاعات مرتبطة بالتجارة والأعمال". ويقول مهتمون إنه روعي في إعداد الحوار الوطني أن يضم جميع أصحاب المصلحة المعنيين في إعادة بناء الإطار السياسي والقانوني.. ويقول الخبير الدولي في مركز المشروعات الدولية الخاصة، ماتيو جودوين، إن "معالجة القضايا الاقتصادية من بين المهام الأكثر حيوية في الحوار الوطني"، مشيرا إلى أن سقوط نظام على عبد الله صالح خلق مساحة أكثر انفتاحًا من الوجهة السياسية؛ مما يسمح للقطاع الخاص بإمكانات المساعدة في صياغة سياسات اقتصادية قابلة للاستمرار وسريعة الاستجابة لمتطلبات الواقع. يذكر أن مركز المشروعات الدولية الخاصة ساعد في الفترة الماضية مجموعة من ممثلي القطاع الخاص والشركاء المحليين من منظمات المجتمع المدني باليمن في صياغة وثيقة حول "رؤية القطاع الخاص"، تعكس أولوياتهم فيما يتعلق بالحوكمة والديمقراطية، والإصلاح الاقتصادي، والتنمية. وحول رؤية القطاع الخاص للمرحلة الراهنة باليمن، يقول رجل الأعمال اليمني نبيل غانم للأناضول "من خلال اللقاء برئيس الجمهورية ومؤشرات انعقاد مؤتمر الحوار زرع فينا الأمل أن المرحلة القادمة ستكون مرحلة جذب للاستثمار". وعن القضايا المطروحة على طاولة الحوار الوطنى اليمنى أفاد إنها تشمل الاستثمار ومشاكل البطالة وتوفير البيئة الآمنة للتنمية الاقتصادية في مختلف الجوانب. وأضاف "نأمل أن تتضمن مخرجات الحوار الوطني اعتماد عدن الكبرى كإقليم اقتصادي حر يخدم اليمن". و في حديثه لمراسل الأناضول قال نبيل غانم عضو الغرفة التجارية والصناعية بعدن، أن اليمن تعيش ظروفاً اقتصادية صعبة، وتراكمات التركة الثقيلة التي خلفها النظام السابق، الذي لم يستطع إيجاد تنمية حقيقية في البلاد في أي مجال يذكر، فقد أدى ذلك إلى نفور المستثمرين رغم أن اليمن بشكل عام وعدن بشكل خاص فيها الكثير من الفرص الاستثمارية، و هو ما يجعل طرح هذه القضايا أمرا ضروريا من وجهة نظره. ودعا غانم في تصريحاته للأناضول لاستفادة اليمن من النهوض الذي حققته تركيا، لأنها "تمكنت من إحداث تنمية حقيقية في شتى المجالات وفي فترة زمنية قياسية". و كان وزير الخارجية اليمني دعا الأسبوع الماضي الجهات المانحة لتسريع مساعدتها لليمن، وتقديم الدعم اللازم له في عمليته السياسية الانتقالية، ومكافحته لتنظيم القاعدة، وذلك أثناء اجتماع "أصدقاء اليمن" في لندن، الذي يعد الخامس ضمن سلسلة لقاءات تشارك فيها دول ومنظمات دولية مانحة بهدف دعم اليمن لتجاوز أوضاعه الراهنة. وفي مؤتمر صحفي على هامش الاجتماع قال الوزير اليمني ابو بكر القربي "اليمن ربما خرج من الهاوية، لكنه لا يزال يواجه تحديات اقتصادية واجتماعية وسياسية مهمة". وبحسب التزامات المانحين وتعهداتهم حصل اليمن على ما يقارب 8 مليار دولار كمساعدات ترمي لتحسين أوضاعه الاقتصادية.