يحتفل العالم اليوم 14فبراير بعيد يوم الحب .. عادة وعرف قررها المجتمع المتحضر وصارت شيئا مألوفا.. دعونا من النقاش في شأن المناسبة من وجهة نظر شرعية، على الأقل لسنا قضاه ولا فقهاء شرع ، لكنه الحب والتسامح .. الود الآلفة .. التعاون والإيثار .. الكلمة الطيبة والهدية الحانية .. جميعها مقاصد شرعية ، وتبسمك في وجه أخيك صدقة ، تهادوا تحابوا... قدرتنا على إبراز الحب وإفشاء السلام ونشر الفضيلة وصنع الإبتسامة ، وسط كل هذا الشحن والصراع والعنف .. مقدرتنا على الإعتذار ممن أخطأنا في حقه .. فتح صفحات جديدة متفائلين بالقادم .. ترك أبواب الآمال مشرعة ، ورؤية النور يبدد كل هذه الظلمات.. إننا اليوم نحتاج إلى عيد الحب أكثر من أي عام مضى ، نحتاج أن نرى غيثا مدرارا من الحب والألفة ينهمر على مدننا وشوارعنا .. الأحياء والطرقات .. وقبلها يملئ القلوب بفيضه كي تنتصر الحياة على كل مخلفات الموت الرابضة في كل اتجاه.. كي تتبدد بقايا ألم وصراع احتدم بيننا لأشهر في أعلى ذروته العامين الفائت والحالي. إننا اليوم بانتظارك.. اشتقناك يا حب كما لم نفعل في حياتنا من قبل ،لأن وطني الحبيب يا أيها العيد يحتاج إليك كي يبقى اسمه محفوراً في صدورنا وعلى السهول والجبال والبوادي والحضر.. على حدود السماء وقطرات المطر وفوق كل حصاة وحجر، بل ليبقى منقوشاً بتفاصيله العريقة بماء الذهب على سجلات الشموس العالية وبين ثنايا أوراق الشجر الحانية وعلى امتداد الصحاري وحبات الرمال.. وبك أيها الحب سننزع معاً أسافين الفرقة التي زرعها الصراع والعناد والجهل والأنانية في نسائم صباحاتنا وروحانية صلواتنا وسندمر أصنام الحقد وننهي جاهلية أعدائنا ومن ثم ننشر رايات انتصاراتنا على كل تجار الرذيلة من دعاة الحرب الأهلية. هنا نحن في كل بقعة من وطننا العربي الكبير .. بل وفي كل شبر من اليابسة والماء ، شعارنا الإنسانية جمعاء .. نحن قريبون من بعضنا والعالم مثل غرفة واحدة .. قربت مسافاتنا التكنولوجيا الحديثة ومن باب أولى كأمة واحدة أبونا آدم وأمنا حوى والله خالقنا أن توحدنا روابط شتى ومقتضيات عديدة. يا بلد الإيمان والأهل الأطيب قلوبا والأرق أفئدة .. وانتي يا مدينة عدن الساحرة ، كنتي ولازلتي أرض المحبة والتعايش ، حيث تجمعت فيك الثقافات والأجناس وحتى القباب والكنائس ما تزال شاهدة حتى اللحظة على سعة صدرك وفضائك الواسع ، العامر بالحب والتسامح. يا مدينة الحب انتصري للحياة وضخي في قلوب كل ساكنيك وقاصديك والمارين على شطئانك فيضا من حبك الطاغي.
هل للحب أن يظهر اليوم وما بعده في أبهى صورة ، فيكتسح الكراهية التي يجهد البعض لتعميمها في أكبر نطاق ، هل نستطيع جميعنا اليوم وما بعده أن نمنح كل من حولنا من البشر مشاعر صادقة تشعرهم أننا بشر نحبهم ونرجو لهم كل الخير والأمان. هل يستطيع من دار عليهم الحول في أتون الخصومة والصراع أن يرفعوا اليوم الورد الأحمر ، ويبدأوا عهدا جديدا، إذ أن الحب أقوى من الكراهية. هل بالإمكان أن نتذكر الشهداء بالرحمة، وندعو للجرحى بالشفاء، ونتمنى للمساكين والفقراء والمقهورين حياة سعيدة وأن يعيشوا كما أرادهم الله كرماء. باختصار أيها الفرقاء تعالوا نحب بعضنا .. تعالوا نتصالح فليس في الحياة شيئا يستحق أن نخسر بعضنا من أجله. لقد كان غاندي ثائرا وانتصر بالسلام وما يزال اسمه وروحه تفيض حبا لكل الأحرار والشرفاء، وهو القائل: لقد رأيت الحياة وسط الخراب ، ولا بد ان يكون هناك قانون أعلى من قانون الخراب.. وتحت لواء هذا القانون وحده يمكن ان يقوم مجتمع يسوده النظام ، ويمكن ان تكون الحياة فيه جديرة بأن يحياها الإنسان .. وإذا كان هذا هو قانون الحياة ، فيجب ان نستغله ونطوره في حياتنا اليومية ، فإذا صادفتنا صدمة من الصدمات ، أو واجهنا عدو من الأعداء ، فطريقنا إلى النصر على هذا وذاك هو الحب...