لازلت أتذكر أول شرارات الثورة في عدن عندما لم نصدق بهروب بن علي لا ولم نصدق انتظار خطاب حسني مبارك كانت نكهة أخرى على مناخ عدن ذلك اليوم, الكل كنا ننتظر بفارق الصبر من سيصيح ولو بأدنى صوت الشعب يريد إسقاط الرئيس, كون هذا الشعار هو السائد قبل تبلور شعار الشعب يريد إسقاط النظام. دعوني اليوم أتجرد من الحزبية و المناطقية, وأتكلم بواقعية وشفافية, كم أتمنى من المنصفين أن لا يحكّموا عواطفهم, دُعينا إلى أول مهرجان دعي إليه المشترك في كريتر الساحة التي أمام منتزه صيرة . الشرطة أوقفتنا في جولة العاقل عندما كنا متجهين من خور مكسر إلى عدن منعنا من المرور منعت السيارات أيضا ثم بإلحاح قررنا المشي والهروب من جانب سيارات الشرطة والأطقم العسكرية كم يضحكني سماع صوت أحد الضباط وهو يصيح خلفنا بعد إن أستيأس من اللحاق بنا (لن ينفعكم المشترك سلام الله على علي عبد الله صالح لا يغرروا بكم هؤلاء عادهم سرق أكثر). من ضمن الذين مروا شخصين كانا يحملان القات وكان كل واحد منهم يبتسم ابتسامة عريضة للآخر وهو يقول اليوم العرطة بانطلع حق التعب ذا كله هكذا وكلا يغني على ليلاه, كان أيضا من ضمن الماشين عجوز لازلت أتذكره بظله الخفيف وقبعته الصوفية وسرواله المتواضع كان متجه بهمة عالية لا يعنيه ما يقوله الناس حتى من ضمن خفة دمه أنه وجد مجموعة من الشباب لا يسلكون طريق الساحة غير مباليين بأن هناك تجمع جماهيري فقال لهم أكيد مش عارفين بالطريق طيب الحقوني باوصلكم إلى الساحة ,ولازال الخوف محدق في تلك الأيام قالوا مالك ياحاج نحن ما لناش دخل !. قبل أن نصل إلى الساحة كان هناك عامل بلدية يوزع منشورات كانت تحمل مقارنات بين توكل كرمان وزوجة الرئيس التونسي الهارب من حيث غسيل الأموال والفساد, وفي الوجه الآخر من المنشور صورة حميد الأحمر ومداخل ومخارج فساد كانت مكتوبة تحت صورته ,هكذا كانت رحلة الوصول إلى ساحة المهرجان كانت الساحة شبه فاضية من ضمن الشخصيات البارزة التي رأيتها عيدروس النقيب وإنصاف مايو الذي تفاجئ من تهور أحد العسكر وهو كان على وشك صفع ناشطة حقوقية فكان يصيح ويقول هذا العسكري مش طبيعي هذا مخدر أخبروا مدير الأمن حقكم بأننا سَنخرّج مسيراتنا يوم الجمعة من المساجد, فجأة تأتي مسيرة شبه حاشدة من قبل كريتر تدخل الساحة والكل كان يصيح الشعب يريد إسقاط الرئيس ولكن لجنة المهرجان من على المنصة كانت تصيح الشعب يريد إسقاط الفساد وهكذا حصل تضارب بين شعارات اللجنة التنظيمية وشعارات الجماهير المتحمسة . رفعت بعد ذلك علامات حزب الإصلاح وهذا ما أثار حفيظة الجماهير فصاح الأغلب ثورة ثورة ياجنوب ثورة ثورة ياجنوب, كانت المنصة تلقي خطاباتها في جانب والجماهير في المهرجان تدور يمين يسار بشعاراتها الممزقة في جانب آخر . وإلى سلسلة متتابعة إنشاء الله من أخطاء ثورية استودعكم الله.