الوحدة اليمنية ليست مجرد ذكريات نتغنى بها او حدث مقيد بزمن معين بل الأمر أبعد من ذلك كله , الوحدة اليمنية التي ضمت الجنوب والشمال في العام 1990م كانت هدفا أزليا لدى الكل في الجنوب والشمال على حد سواء, وقد أخطأ كثيرون عندما ربطوا هذه المناسبة العظيمة بشخص عفاش المخلوع أو علي سالم البيض ووقع فريق آخر في نفس الخطأ حين أنكروا حسنات الوحدة وحملوها ما لم تحتمل, و فريق ثالث وقع في الفخ نفسه عندما اعتبر الوحدة بشكلها الحالي صنما وخطا أحمرا لا يمكن التباحث حولة, وهم بذلك يكررون نفس اسطوانة عفاش المخلوع الذي أصبنا بالصمم منجراء ترديده لهذه الكلمة . الوحدة جعلتنا نتحد وإن بمقابل, جعلتنا نعرف بعض وإن على حساب البعض, انطلقنا بالوحدة ورأينا العالم بينما تراجع آخرون وتقهقروا باعتبار الوحدة سلبتهم بعض ما يملكون, وبالوحدة عشنا وشفنا بينما مات آخرون وما شافو شيء. يجب ان تكون المعايير التي نقيم بها الوحدة منطلقة من ضمائرنا قبل العواطف الجياشة التي تجعلنا نندفع بدون أدنى تفكير, نعم الوحدة قيمة ايمانية, نعم الوحدة هدف أزلي يسعى اليه كل عاقل في هذه المعمورة, فكم نحن بحاجة الى التفكير بقيمة الوحدة وفضلها والقيم التي تركتها في قلوب اليمنيين, يقول أحد الشباب في رده على صديقه في الفيسبوك الذي بدا متشددا في رأيه مطالبا بالانفصال بدون أي نقاش أو حوار – يقول في معنى كلامه سنسعى لإرضائكم بالوحدة وسنزحف اليكم بصدور عارية لتقتلوا منا ما شئتم وسنحمل الورود لمواجهة رصاكم الرحيم لأننا نشعر أن عفاش قد أحدث جرحا عميقا في قلوبكم التي تجسد الجسم الأكبر للوحدة, سنمضي وإياكم سويا فاقتلونا برصاصكم وسنقتلكم بحبنا لكم, سنكون ممتنين اذا شفيتم غللائلكم بدمائنا المحبة لكم , لقد منحنا عفاش الحصانة بعد أن تشرب الكثير من دمائنا لان ثورتنا لم يكن هدفها الانتقام او التشهير بشخص بعينه بقدر ماهي استنهاض للعقول والقلوب لكي نعيد الوحدة التي غدر بها عفاش وجعلكم تكرهوننا الى الحد الذي أنكرتمونا من الوجود ,أيها الجنوبيون لن تفلتو من حبنا لكم سنعيش وإياكم على هذه البقعة النكداء, سنتقاسم رغيف العيش سويا, اقتلونا وسنضمن لكم الحصانة مسبقا, لن تجدوا غير الورد والعطور ترش على بنادقكم التي تصوبوها نحونا, لكم كل الحب ايها الجنوبيون الأوفيا, قلوبنا معكم وسيوفنا أيضا. لقد فعل عفاش المخلوع ما لم يفعله الاوائل من تدمير وتشويه وحرق للمبادئ والقيم في عقول وقلوب الجنوبيين, لكن ذلك لا يبرر لنا المطالبة بالتراجع عن الوحدة التي تسعى اليها كثير من دول العالم لتقوية الروابط بين الشعوب ومواجهة الاخطار الاقتصادية والاجتماعية التي داهمت العالم منذ بداية العقد الماضي مع انتشار العولمة واستئثار جهات معينة وتحكمها باقتصاد العالم نتيجة التفكك الذي اصاب دول العالم الثالث ونحن في عمق ذلك العالم الثالث المنهك من جراء الجوع والجهل والتخلف. اليوم البيض يريد إعادة الكرة ويلعب نفس الدور الذي لعبه شريكه عفاش باليمن وخيراتها, البيض بات تحت الاضواء اليوم بعد صمت سنين عجاف وتنسيق مع عفاش كما كشفت ذلك وثائق ويكيليكس يطالعنا البيض بخطاب نزق أشبه بالهذيان منه الى االعقل والمنطق. حاول البيض أن ياسرني بكلامه الذي بداعقلانيا في مقابلة على قناة (آسيا) عندما قال بان المسؤول عن تدمير البنية التحتية في الجنوب هو علي عبدالله صالح مع امتناعه عن وصفه بالمخلوع ربما لأسباب شخصية بين الرجلين!! المهم ان البيض تطرق لبعض الاحداث وساق بعض الامثلة إلا أنه انحرف عن أسلوبه المعتاد إلى كلام شوارعي وكرر نفس الاسطونة المنفجرة التي يرددها القيادات الخشبية العتيقة في الحراك من أن الإصلاح والزنداني وعلي محسن وحميد يتصارعون في أبين وهو – اي البيض- يعلم يقينا بأن كلامه مليء بالمغالطة, فقط للاستهلاك الداخلي, من هنا أقول له يا سيد علي البيض رجاء لا تلعب بعواطف الناس لقد مللنا منهذه الإكليشة التي لا تسمن ولا تغني من جوع, اليوم وبعد أن رميتنا في أحضان عفاش وقدتنا للهزيمة بالامس تريد أن تضحك على ذقوننا وتقول لنا بأنك المهدي المنتظر .. بل ظهرت لنا بصورة الإمام المهدي الذي اختفى في السرداب كما تحكي ادبيات الشيعة الروافض الذين ارتميت في احضانهم, الوحدة يا علي ليست خيارك انت او خيار عفاش تتراجع عنها او تقبل بها بأهوائك ونزواتك الكثيرة. الوحدة ستدوم ما دام قد ازيل المانع الخبيث الذي كان يمثل تهديدا حقيقيا لبقائها ونحن كجنوبيين يجب ان نتحلى بالصبر ونحكم العقل والمنطق ونقبل بالراي الاخر وكذا علينا التفكير بان زمن التحكم والاستعلاء والاخفاء القسري قد ولى وراح, اليوم واليوم فقط يجب ان نعلم باننا امام عالم جديد يتشكل ليس في المنطقة العربية فحسب بل على مستوى الشرق والغرب جميعا, نحن امام شباب ولد مع التقنية الحديثة,فلم تعد تنطلي عليهم الاملاءات والتبعية مثل زمان ياحضرة الاستاذ علي.