إن الاستعمار البريطاني على فلسطين اوجد عندهم شيء اسمه الكيان الصهيوني أو بما يسمى حالياً ( دولة إسرائيل ) وهذا الدولة هي وتعتبر أكبر تجمع لليهود في الأرض , وقد زعم اليهود كما هو معروف أن أرض فلسطين هي الأرض الموعودة لهم من الله وأن هيكل سليمان - المزعوم - الموجود تحت المسجد الأقصى هو أكبر دليل على ذلك , ولذلك قاموا بالحفر تحت المسجد الأقصى الذي يعتبر عند المسلمين هو أول القبلتين وثالث الحرمين الشريفين حتى أنهم أنهكوا أساسات المسجد من عملية الحفر المتواصلة وهو مهدد بالهدم في كل لحظة , إن اليهود كما عرفوا خلال تاريخهم بالغدر والكيد والكذب ونقض العهود والإساءة إلى كل ما هو غير يهودي تحت مسمى " السامية " ويعتقدون أنهم أبناء الله وأحبائه , وهم نتاج الاستعمار البريطاني والذي أوجدهم في فلسطين , وما يعانيه الشعب الفلسطيني من كل أنواع العذاب والتشريد والخلاف والتفرقة كان سببه ذلك الاستعمار البغيض على أرض فلسطين والذي قام بزرع اليهود في تلك الأرض المباركة ... وكما أن الاستعمار البريطاني قام باستعمار فلسطين أيضا ً قام باستعمار جنوب اليمن وبالتحديد مدينة عدن والتي من خلالها قام بالسيطرة على المضيق باب المندب البحري وهو المنفذ التجاري العالمي الذي يربط أفريقيا وأوروبا بآسيا بحرا ً , وقد قام هذا الاستعمار بتقسيم اليمن إلى قسمين قسم شمالي كان تحت حكم أسرة حميد الدين وهو ما سمي بالحكم الإمامي , وقسم جنوبي وهو الذي كان تحت حكم الاستعمار وهو ما كان يسمى " عدن ومحمياتها " وقام أيضا ً بتقسيم المحميات إلى المحميات الشرقية والغربية وبعدها قامت المحميات بتكوين تحالف أسموه "اتحاد إمارات الجنوب العربي" والذي كان بالأساس احد أفكار الاستعمار وقد وضع هذه الفكرة السير (توم هيكنوتام ) حاكم عدن بعد أحداث مارس عام 1956م التي قام بها العمال بعد أن صاروا قوة سياسية منظمة في نقابات حيث رفعوا ولأول مرة شعارات تطالب بالاستقلال الوطني وبالوحدة اليمنية مما استدعى طرح تلك الفكرة وقد أنشئ هذا الاتحاد في 11 / فبراير / 1959م بستة كيانات وهي ( إمارة بيحان - السلطنة العوذلية - السلطنة الفضلية - إمارة الضالع - مشيخة العوالق - وسلطنة يافع بني قاصد ) ثم انضمت السلطنة العبدلية ( لحج ) في 12 / مارس / 1960م ومن ثم انضمت ثلاث إمارات هي ( سلطنة العوالق السفلى ومشيخة العقارب ومشيخة دثينة ... ) , ولم تدخل عدن في الإتحاد إلا بتاريخ 24 / سبتمبر / 1962م مع وجود رفض تام لبعض القوي والنقابات والأحزاب في تلك الفترة ووضع مقترح دخول عدن في الإتحاد الفدرالي وزير المستعمرات البريطانية عام 1961م الذي استهدف دخول حكومة عدن وحكومة الإتحاد في حكومة واحدة أسمها " إتحاد الجنوب العربي " وقد اختار هذا الاسم حتى يفصل جنوب اليمن عن تاريخه الذي هو جزء منه وينتمي له كل العرب وهو أصل العروبة اليمن وهذا يعني أن تاريخ الجنوب العربي يبدأ من 24 / سبتمبر / 1962م حين اجتمع المجلس التشريعي لعدن ليقر دخول عدن في الإتحاد وسط رفض شعبي وحزبي ومظاهرات تريد منع المجلس من التصويت لهذا القرار ولكن تحت ضغط بريطاني تم التصويت بأغلبية بسيطة وبعدها بيومين تفاجئ الجميع أن ثار اليمنيون على الحكم الإمامي في شمال اليمن في 26 / سبتمبر / 1962م وتحول الحكم في شمال اليمن من حكم إمامي إلى حكم جمهوري تحت كيان سياسي سمي " بالجمهورية العربية اليمنية " وهذا ما أثار الوضع في جنوب اليمن وفي شبة الجزيرة العربية ككل حيث جعل أبناء اليمن في الجنوب يعيدون ترتيب أوراقهم وبعدها بعام قامت ثورة 14 / أكتوبر / 1963م اليمنية بتطهير جنوب اليمن بإعلان الكفاح المسلح والذي قامت به الجبهة القومية تحت راية ألوانها هي ألوان علم الجمهورية اليمنية ( الأحمر - الأبيض - الأسود ) واسمرت أربع سنوات حتى تم إجلاء آخر جندي بريطاني منها بتاريخ 29 / نوفمبر / 1967م يوم توقيع اتفاقية الجلاء في جنيف وفي 30 / نوفمبر / 1967م تم الاحتفال بالنصر وإعلان الكيان سياسي الذي سمي " جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية " وأول من اعترف بهذه الدولة هي نصفها الآخر " الجمهورية العربية اليمنية " ومن ثم توالت الاعترافات بها من باقي الدول العربية ... إن المشروع المزعوم الذي يسمى " الجنوب العربي " إنما هو مشروع استعماري يراد من خلاله أن يعيد جنوب اليمن إلى ما قبل ثورة 14 من أكتوبر مع وجود دول تدعم هذا المشروع وهي نفس الدول التي استعمرت اليمن عبر التاريخ , إن الذي لا يستفيد من التاريخ هو ذلك الذي لا حاضر ولا مستقبل له , صحيح انه لا يوجد عاقل ينكر انتشر مسلسل الفساد الإداري في كل المؤسسات المكونة للدولة كانت في شمال و جنوب أو حتى شرق وغرب اليمن ولكن هذا لا يعني أن يكون العلاج هو الكي ولكن هناك أسس واطر يتم من خلالها معالجة هذه المعضلة إن الثورة الشبابية الشعبية التي خرج بها اليمنيون في 3 / فبراير / 2011م في كل أقطار اليمن والتي بدأت شرارتها في 2007م بالحراك الجنوبي الذي التف حوله الجميع لقد بدأت تزهر أشجارها وهذا دليل على بداية جيدة للخروج بحل مرضي لكل اليمنيين وهي الآن في عامها الثاني , إن الحوار هو منهج العقلاء للخروج من أزماتهم ولكن لهجة ( رأيي صواب لا يحتمل الخطأ ورائي غيري خطأ لا يحتمل الصواب ) إنما هي لهجة ضعيف الحاجة والحجة , إن طرح القضية الجنوبية على طاولة الحوار بدون سقف أو شرط يمنحها العدالة التي ولدت من أجلها هذه القضية إن تحقيق العدالة والشراكة الوطنية والمواطنة المتساوية هي جوهر القضية الجنوبية والتي يتفق عليها الجميع , لأن القضية الجنوبية لا تعني قطعة الأرض التي نعيش عليها فقط وإنما هي تلك المشكلات والإشكاليات التي تعرض لها أبناء اليمن في الجنوب من يوم التحرر والاستقلال من الاستعمار مرورا ً بمسلسل الصراعات التي كانت تحدث وحتى بعد الوحدة المباركة , ولكن المحامي البارع هو من يستطيع أن ينجح هذه القضية ويخرجها إلى بر الأمان ...