منذ أن وجد الإنسان على ثرى هذه المعمورة والحكومات والأنظمة تتعاقب على حكم الشعوب , وهذه سنة الحياة , ومهمة تلك الحكومات هي خدمة الشعب والسهر على أمنه واستقراره وتوفير كل وسائل الراحة له , والعدل والمساواة بين كل فئاته , والعمل على سن القونين وتطبيقها على الجميع دون استثناء أو انتقاء , على المواطن البسيط حتى أعلى مسؤول , ليعم الأمن والأمان والرخاء بين الناس , وفي بلد الإيمان والحكمة لا نرى في أغلب الأحوال أي تطبيق أو عمل لتلك القوانين على أرض الواقع , وان وجد العمل بهذه القوانين فهي على المواطن البسيط والذي لا سند ولا ظهر يحميه , وعند ظهور أي شغب أو إشكال يتم تشكيل لجنة لحل هذا الإشكال , والأسلم من ذلك هو تطبيق القوانين , وإلا لماذا تسن القوانين وتشرع الأنظمة ؟ أما أصحاب النفوذ والجاه فلا تعرف القوانين طريق اليهم وبعيدين كل البعد عن المساءلة والمحاسبة , ويعيثوا في الأرض فساداً , ولا نجد من يردهم إلى جادة الصواب , ولا تتم معاقبة القاتل , وقاطع الطريق , والمختلس للمال العام , وان تحرك الشارع وثار على ذلك المسؤول الفاسد والمختلس تسارع الحكومة بنقله إلى موقع آخر , وديننا حرم الشفاعة في الحدود , لقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في أمره ) فلماذا لا يحاسب ويقدم للقضاء ليكون عبرة لغيره , وليس مكافأته بمنصب آخر , يجب أن يقدم الفاسدين مهما كانت مناصبهم ومكانتهم في المجتمع إلى القضاء , وان يخضعوا للأنظمة والقوانين كعامة الشعب , أم أن تلك الأنظمة والقوانين شرعت لتطبق على المواطن المسكين دون سواه ؟ وأننا نخشى على هلاك هذه الأمة لعدم تطبيق القوانين وسنحاسب على ذلك أمام رب العزة والجلال لقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( إنما اُهلك من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه , وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد , وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) فلا فرق أمام الشرع والقضاء بين سارق من عامة الشعب وسارق قوي وصاحب سلطة , وان لا يكون هناك انتقاء لتطبيق شرع الله , فالكل سواسية أمام الشرع والقانون , وواقعنا الذي نعيشه اليوم هو مأساة بكل المقاييس , فالقوي يأكل الضعيف , والمسؤول وصاحب السلطان يسرح ويمرح دون حسيب أو رقيب , والقوانين معطلة ومهملة على الرفوف , وحان الوقت أن تفعَل دولة النظام والقانون بعيداً عن المحسوبية والتمييز بين أبناء الشعب , وان تتحرك قضايا الناس المتراكمة في المحاكم والمنسية منذ سنوات , والإسراع في النظر لحلها أولاً بأول , ومحاسبة القضاة المقصرين والمهملين لقضايا المواطنين , ونذكر قضاتنا الأفاضل بأن منصب القضاء من أخطر المناصب وأعظمها شأناً إذ هو نيابة عن الله , وخلافة لرسوله صلى الله عليه وسلم , ولهذا حذر منه رسولنا الكريم ونبه إلى خطورته بقوله ( من جعل قاضياً بين الناس فقد ذبح بغير سكين ) فليحذر القضاة من ذلك , وعلى النيابة النزول إلى السجون العامة لترى كم من مظلوم مرمياً منذ دهور خلف الأسوار المظلمة دون محاكمة , وعليها مراقبة أوضاع المساجين وحالتهم الصحية وظروف اعتقالهم , والنزول إلى السجون الخاصة والتي للأسف الشديد لا زالت موجودة حتى يومنا هذا , والعمل على إغلاغها ومحاسبة من قاموا بذلك مهما كان نفوذهم وجبروتهم , يجب أن تحرك القوانين من على الرفوف وتطبق على الجميع , وتبدأ بالتنفيذ على القوي قبل الضعيف , على الشيخ قبل المهمش , على المسؤول مهما كان موقعه قبل المواطن العادي , انظروا إلى دول العالم المتحضرة كيف يحاسب المسؤول فيها على زلة لسان , ويزاح عن منصبه لمجرد هذه الزلة !! اعدلوا بين الناس , العدل الذي يطبق على الكبير قبل الصغير والرئيس والمرؤوس والغني والفقير , ولا يفلت من قبضته احد لقوله تعالى (( وأقسطوا أن الله يحب المقسطين )).*قيادي في اللجان الشعبية / مودية بأبين