أصابتنا لعنة المرأتين.. قالها أحد الأقرباء مصحوبة بتنهيدة عميقة كادت أن تخرج أحشاءه.. في شوال الفائت قتل الحوثيون امرأتين من أسرتي وكان ذلك الفعل الأخرق مدعاة لتوحيد أبناء مديرية الشاهل الذين أدانوا الجريمة وأظهروا موقفا بطوليا. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقد تحولت المنطقة إلى «كتلة من الباروت» نبشت إثرها المخازن واستل أبناء العزلة بنادقهم الصدئة والمدفونة في زاوية سحيقة من الذاكرة الجمعية، وتذكر الصغير قبل الكبير الحكمة القائلة «توسل لدهرك حنش» وامتلأت الأزقة والجبال بالمبندقين. واستبدل الناس أسماء الأشخاص بأسماء البنادق فعبدالله يدعى «شيكي» ويحيى ينادونه «جرمل» وآخر «أبو شرمة» وهلم جرا. وحين غادر قتلة النساء المنطقة ظلت مخلفاتهم عالقة في الأذهان ولم تغادر البنادق الأكتاف ومع مرور الوقت تحولت فعلا هذه البنادق إلى ثعابين تكاد أن تبتلع المنطقة برمتها. وكأننا فقط كنا بانتظار جريمة مقتل «المرأتين» للتمرد على حالة السلم والطمأنينة التي حظيت بها منطقتنا طيلة العقود الماضية. كان الناس قبل شوال يحلون مشاكلهم بالتفاهم ويلجئون للمحاكم لفض النزاعات أما بعد فسادت لغة الرصاص والبارود وهاهي عزلة الأمرور تغرق في ضجيج العنف الذي تتعمد قيادة محافظة حجة تجاهله. فالمحافظ الذي مكث أشهرا ممنوعا من دخول المحافظة لم يصدق نبأ الإفراج عن المدينة المحاصرة والسماح له بالدخول ولذا يظل مأسورا لمن أسدى له هذا الجميل ونسي أنه معين بقرار جمهوري وأن حقن دماء الناس مقدم على أي شأن آخر. وبفعل القوة الناعمة التي تديرها مراكز قوى داخل المحافظة تم تعطيل وظائف الجهات الأمنية وانشغلت الجهات المسئولة بإرسال الوسطاء فقط. ولا أتحامل ضد أي طرف لحساب طرف آخر بل أؤكد أن قبيلة آل القاعدي وآل بدر على مر التاريخ المنظور كانوا إخوة وأنساب وأحباب ولا زالوا وسيظلون كذلك ولن يفرقهم العابثون وباسم القبيلتين وعقلاءها أناشد رئيس الجمهورية ووزير الداخلية بإنقاذ «الدولة» في مديرية الشاهل. وربما أن طقما واحدا يستطيع فض النزاع وحقن الدماء وضبط المسلحين من الطرفين وفك الحصار عن قرى «البراري والمزعالة»، لكن المعنى من تخاذل قيادة المحافظة في القيام بواجبها يظل سرا في بطن المحافظ ومدير الأمن.