الأوضاع المتردية التي تزداد سوءًا الآن في الشمال والجنوب وفي ظل انسداد سياسي واضح تدعو إلى الخوف كأمر حتمي لابد منه، ففي الشمال استبشر الناس خيرا بقيام ثورة التغيير بعد سنين عجاف من الحكم الاستبدادي وسرعان ما تلاشت هذه الآمال في تحويل الثورة إلى أزمة وبالتالي من يقول إن ما حدث هناك ثورة عليه مراجعة الحقائق على الأرض.. جاء مؤتمر الحوار وعقد بضغط دولي في محاولة لإيجاد حلول بالقدر المتاح ولكن الأمل في وجود دولة مدنية يبدو أمرا مستحيلا فالدولة غائبة بشكل كلي، وما هو حاصل أن عصابات تقوم بمهام الدولة.. فهل يستطيع جمال بنعمر على أقل تقدير إقناع أصغر شيخ بالتخلي عن بعض نفر من مرافقيه؟.. حتما الجواب واضح؛ فالقوى التقليدية هي التي تسير المشهد السياسي. ينبغي البحث عن مخرج لمؤتمر الحوار بدلًا من الحديث عن مخرجات، ومن يراهن على بقاء الجنوب كطرف ضعيف في المعادلة السياسية لم يستوعب بعد ماذا يعني الجنوب.. أيها السادة.. في الجنوب غليان منقطع النظير قابل للانفجار في أية لحظة والمسألة وقتية لحدوث ذلك منذ حرب 94م, والجنوب على واقع الطرف المهزوم ولم يتغير الحال كثيرًا. اليوم في الجنوب لم يبق من الوحدة سوى علم تحرسه مدرعات عسكرية وكذا ألوية عسكرية مهلهلة ولم يعترف الطرف الشمالي بهذه الحقيقة. بالمقابل هناك بعض التشققات في الأطراف الجنوبية وما نسميها تباينات تؤثر على المشهد الجنوبي العام.. ولكن الجنوب يعيش ثورة شعبية عارمة في ظل عدم وجود للوحدة وفي انتظار الانفصال. وبالمحصلة الشمال لن يقبل بدولة مدنية ولو يستبدلوا بنعمر بابن علوان ومشروع الدولة المدنية في الشمال حلم من نسيج الخيال، ومن يخالفني الرأي عليه بالسؤال عن كلفوت وكعلان على أقل تقدير! أما الثورة الجنوبية فهي بحاجة إلى مزيد من العمل المؤسسي لبلوغ أهدافها بعد أن فقد معظم شعب الجنوب الأمل في استمرار الوحدة.