وجاء في "عدن أونلاين" هذا أمس (8 يناير 2014) ما يلي "وعقب التوقيع ثمن الأخ الرئيس جهود الجميع في الوصول الى الاجماع على هذه الوثيقة (وثيقة حل القضية الجنوبية).. مؤكدا ان التوقيع عليها اليوم ليس من أجل مصلحة فرد أو مكون أو جهة بعينها بل انتصار للوطن وجميع أبناء الشعب اليمني للخروج به من واقع الازمات الى بر الأمان والتنمية والازدهار"! وذلك تنبؤ غير صادق ويراد به تمرير باطل علمه لهم أباهم الروحي أو بريمر اليمن جمال بن عمر ففي ظل سلطة الجهل والفساد والهيمنة والنهب والكراهية لشعب الجنوب سيسير اليمن نحو المزيد من الإنحدار في الهاوية. ومنذ يومين صرح فخامته بأنهم بعد خمسين سنة توصلوا إلى أن الحل الفيدرالي هو الأفضل لحل قضية الجنوب وهو معمول به في دول مجاورة! وطبعاَ ذلك غير صحيح البتة ويعبر عن جهل مركب، للآتي: أولاً: أن من فشل في إدارة دولة "موحدة" يستحيل أن ينجح في إدارة دولة "إتحادية". ثانياُ: المستوى المتدني لوعي الشعب يؤكد أنه غير مؤهل للتعايش مع نظام فيدرالي. ثالثاً: الرئيس عبدربه منصور وجماعته لم يأتوا بالذئب من ذيله بعد 50 سنة من ثورتي سبتمبر وأكتوبر لمجرد أنهم سيقيمون الدولة الفيدرالية (التي بإذن الله ستنكب أبو الدولة والشعب للنهاية) فالصحيح هو ما كان سائداً وهو الدولة "الموحدة" والناس لم يطالبوا بالفيدرالية إلا لتجنب إنفصال الجنوب لكن الفيدرالية ليست حلاً أفضل من "الوحدة" فالإخفاق ليس في نظام "الوحدة" ولكن في الرئيس وسلطة الفساد والجهل فهم يحكمون دولة بالجهل وتغليب كاسح للمصالح شخصية على مصلحة الشعب (لدرجة أن الرئيس أستكثر كالعادة أن يعزي في إستشهاد أبرياء بقذيفة دبابة بالأسبوع الفائت كونه وجد القتلى جنوبيين بل ومن الضالع التي هزمته في يناير 86 وهو نائب رئيس أركان وجعلته يلجأ للشمال كنازح ، وأخذته النخوة ليعزي في إنفجار وقع بروسيا! فالكفار يستحقون التعزية أما المسلمين فلا يستحقونها من "ولي أمر مسلمي اليمن"!). رابعاً: يحاول الرئيس الترويج للنظام الإتحادي (وأكرر بأنني متأكد وبنسبة 100% بأنهم سيفشلون في تطبيقه وبهذا سينكبون الشعب اليمني نكبة لم يمر بها في تاريخه) وترويجه للفيدرالية ليس إلا دليلاً جديداً على عدم ثقافته ومستشاريه ومعاونيه في الشؤون السياسية والقانونية بل والجغرافية فليس هناك دولة مجاورة تأخذ بالفيدرالية والدول المجاورة يا فخامتك هو إصطلاح جغرافي يقصد به الدول التي لها حدود مشتركة مع الدولة المعنية، وبذا فأن الدول المجاورة لليمن هي السعودية وعمان وجيبوتي وأريتريا وكلها دول ذات نظام "موحد" فمن أين أتيت بأن النظام الإتحادي معمول به في دول مجاورة؟ وأنا متأكد بأن أحد مستشاريك خلفاء أبو جهل لقنك بأن دولة الإمارات العربية المتحدةوالعراق هي دول مجاورة وتأخذ بالفيدرالية، وقد أوضحت لك بأنها لا تعتبر دولاً مجاورة وأود الإضافة بأن الفيدرالية التي جلبتها واشنطن للعراق لم تحل مشاكله بل عقدتها أكثر أم أنك لا تتابع ما يدور هناك من إنفجارات وإغتيالات وتمردات؟ فدراليتكم ستقود اليمن لمستنقع أسوأ من مستنقع العراق، أما دولة الإمارات فالجهلة وحدهم (وكثير من منهم يحملون لقب دكتور بالحق وبالباطل) يظنون أن الإمارات العربية ذات نظام فدرالي وهذا خطأ وعندما كنت طالباً بكلية الإقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة في سبعينات القرن الفائت تناقشنا أنا وطلبة قسم العلوم السياسية مع أحد أساتذتنا حول طبيعة النظام السياسي لدولة الإمارات وخرجنا بنتيجة مفادها أنه ليس نظام فدرالي بالمرة (كتبت عن هذا الموضوع عدة مرات بالصحافتين الورقية والألكترونية وبينت حقيقة النظام السياسي لدولة الإمارات ولن أكرر هنا ولكن سأكرر الليلة بصفحة القراء المهتمين). سادساً: سبق وكتبت بأن التحول من نظام موحد لفدرالي أو العكس هو عملية معقدة ولها شروط عديدة يجب توفرها ولكن القيادة اليمنية "الحكيمة" وجهابذة ما يسمى بمؤتمر الحوار واخذين الموضوع وكأنه سلق بيض! فللعلم هناك دول أكثر من اليمن تحضراً في كافة المجالات ولكنها لم تنجح في الأخذ بالفدرالية لماذا؟ لأن الفدرالية قد تنجح عندما تتحد دولتين أو أكثر ولكنها تعتبر ضرباً من الجنون إذا ما أرادت دولة موحدة التحول إلى دولة فدرالية. والعكس صحيح فعندما تكون الدولة فيدرالية فأنه يحالفها نجاح كبير في التحول لدولة موحدة وللعلم فإن تحقيق المزيد من الترابط الإجتماعي بين مختلف فئات ومناطق الدولة لا يكون كما أشار فخامته عندما تأخذ الدولة بالفدرالية بدلاً عن الإندماجية فالعكس هو الصحيح فعندما ترغب شعوب دولة فدرالية في تحقيق مزيد من الترابط والتكافل بينها فأنها تترك الفيدرالية إلى الإندماجية. لكن فخامته ومستشاريه وجهابذة ما يسمى بمؤتمر الحوار لا يفهمون بالطبع خصائص الأنظمة السياسية ولذلك يرفسوا بكلام ما أنزل الله به من سلطان. خامساً: إن الخروج من واقع الازمات الى بر الأمان والتنمية والازدهار لا يكون بإستيراد نظام سياسي لا يصلح تطبيقه على الجمهورية اليمنية ولكن يكون بإحترام دستور الدولة وقوانينها والكف عن رفع شعار مكافحة الفساد بينما من يرفعونه هم أفسد من الفساد نفسه! وبعدم أن يتولى السلطة من يفتقدون للتأهل لها من حيث التعليم والثقافة والتاريخ النظيف ونظافة اليد! وبأن يطبق فعلاً مبدأ المواطنة المتساوية ليس فقط على مستوى ابناء المناطق المختلفة ولكن أيضاً على مستوى الأفراد ولو كانوا من ابناء نفس المنطقة وذلك بتطبيق سلوك "تكافؤ الفرص" في شغل الوظيفة العامة وفي كل شيئ كالمنح الدراسية والعلاج بالداخل والخارج والتعليم الجامعي وما بعد الجامعي وغيره. تنويه: بالطبع لم أكتب هذا المقال من باب الحرص على بقاء الوحدة اليمنية الإندماجية الحالية فموقفي معلن مراراً وهو أنني ضد وحدة أدت لإلغاء الجنوب وضمه للشمال ليس بحرب 94م ولكن من قبل الحرب كان الإلغاء والضم قائماً وبشكل دستوري (المادة الدستورية القائلة بتقسيم الجمهورية لدوائر إنتخابية نيابية متساوية من حيث العدد السكاني مع التجاوز عن نسبة 5% زيادة أو نقصان) ولا يهمني أن تكون وحدة يمنية أو إتحاد أو إنفصال الجنوب فسوف أؤيد حتى إنفصال لحج أو الصبيحة كدولة مستقلة لو أنها ستحقق العدالة فهي الهدف الأسمى.