عندما تكلم المتخصصون في الإعلام و خبراء التأثير على الرأي العام عن ضرورة الشعور بالمسئولية تجاه الكلمة والتعامل على أساس المهنية والمصداقية ، لم يرتكبوا بذلك بدعاً من القول، بل كانوا يرسخون بذلك مصطلح (مسئولية الإعلام)، و قد يقول قائل و هل للإعلام مسئولية؟ إن المتابع لوسائل الإعلام في بلادنا بكل مستوياته المرئية والمسموعة و المقروؤة، إضافة إلى الإعلام الإلكتروني، و أثرها الخطير في التأثير على الرأي العام، في إطار التحول الذي تشهده بلادنا، فإن للإعلام دور محوري في إشعال أو إطفاء الحرائق، وذلك هو مربط الفرس في حديثي، مؤخراً تناولت وسائل الإعلام عن جرعة قادمة تعتزم الحكومة تنفيذها من خلال رفع المشتقات النفطية، و شاهدنا التعاطي اللامسئول في قضية حساسة لها مئالات خطيرة، رغم تأكيد رئيس الجمهورية بأن قراراً مثل هذا لن يتخذ بشكل انفرادي، إضافة لنفي الحكومة و شركة النفط، بأن السعر لن يتغير فيما يخص للمواطن البسيط، لكن وسائل إعلام لازالت تصر حتى اللحظة على التحريض و إثارة الشارع و ذرف دموع التماسيح على قضية ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، يخيل إلى بعض الوقت أن من القائمين على بعض وسائل الإعلام من يحمل عداوة ضد أي تقدم أو استقرار، أو إيجابية تستحق الإشادة، مثله مثل الذباب الذي يحب الوقوع على الجرح مهما كان صاحبه مهندماً و نظيفاً، تلك هي سجيته، ولا يرى إلا بعين تكبر الخطأ حتى لا يرى غيره، يقع على الإعلاميين و الصحفيين مسئولية كبرى في دعم الانتقال السياسي، وفضح كل ممارسات الفساد و المفسدين شريطة عدم الوقوع في فخ التهييج والتحريض فتلك مسألة و محاربة الفساد شيء آخر ليس له علاقة بما أقول، وعليه فإننا مدعوون أكثر من أي وقت آخر إلى صياغة ميثاق شرف إعلامي يحفظ للمهنة هيبتها ومصداقيتها من الدخلاء و أصحاب الدكاكين، و يقدمها كسلطة رابعة بكل ماتحمله من معاني ودلالات، لا أبواقاً تنعق بما لا تعرف، و كما قيل قديماً "لكل قول حقيقة".