فيما لا يزال مستقبل ميناء عدن مجهولا لا تزال التسريبات و التكهنات هي الخبر الأكثر وضوحا في سلسلة متابعات ما يجري في الميناء، و إذا كان المواطنون استبشروا خيرا بمغادرة موانئ دبي العالمية فإن التفاؤل لم يجد له طريقا معبدا حيث لا يزال هناك ما يدعو للقلق على مصير أكبر منشأة اقتصادية يمنية على مستوى الوطن – أو هكذا يفترض بها أن تكون. الحدث الأبرز كان يتمثل في توقيع اليمن اتفاقية مع الصين قضت بتطوير الميناء، و ما عداها تسريبات و تكهنات يجد البعض منها طريقه للمتابعين وسط أجواء من الترقب و القلق على ميناء كان في يوم ما يتصدر موانئ الشرق الأوسط قاطبة. حاليا لا تزال مؤسسة موانئ عدن التي تدير الميناء بدون رئيس بعد إقالة رئيس مجلس إدارتها لكن دون تعيين آخر للقيام بمهام موقعه رغم وجود "قائم بالأعمال". و هو ما يطرح السؤال: هل هناك خلافات بين الجهات المشرفة و القائمة على المؤسسة أرجأ موضوع البت في تعيين رئيس جديد للمؤسسة؟ أم أن هناك أسباب أخرى غير الخلافات؟ و كانت الصحافة المحلية تناقلت أواخر مايو الماضي تسريبات إعلامية تتضمن وجود توجيهات من قيادة وزارة التخطيط و التعاون الدولي لمكتب التخطيط بعدن ب"التنسيق مع الجهات المعنية في إدارات ميناء عدن لاستقبال خبراء ألمان يعملون لحساب شركة قطرية، تسعى لإدارة و تشغيل الميناء" وفق التسريبات ذاتها. و قبل يومين طالعنا وزير النقل الدكتور/ واعد باذيب بتصريح له صلة بالموضوع، بالتزامن مع لقائه بسفير جمهورية الصين الشعبية بصنعاء تشانغ هوا، الذي قالت الأنباء إنهما ناقشا مجالات التعاون الثنائي بين اليمن والصين خاصة في مجال النقل، وإمكانية الاستفادة من الخبرات الصينية خصوصاً في قطاع النقل البحري. و في ما بدا انها إشارة لميناء عدن رحب الوزير باذيب بالاستثمارات الصينية في اليمن في مجال النقل.. مؤكدا أن تلك الاستثمارات ستحظى بكامل الدعم والرعاية من قبل الوزارة. و بيت القصيد هنا ما كشف عنه الوزير بقوله أن وزارة النقل ملتزمة باتفاقية تشغيل ميناء عدن من قبل الجانب الصيني، مشيدا بحرص الحكومة الصينية على دعم مقدرات التنمية في اليمن ومنها مجال النقل. وتطرق وزير النقل إلى اللقاءات التي أجراها مع المسئولين الصينيين على هامش زياراته الاقتصادية للصين، مبيناً أن اللقاءات التي أجراها وفد اليمن مع المسئولين في الصين استهدفت تطوير التعاون الثنائي وتعزيز الشراكة الاقتصادية والدفع بالشركات العالمية للمساهمة في المشاريع اليمنية بمجال النقل أو القطاعات المختلفة. و كان الرئيس هادي وقع مع الحكومة الصينية أواخر العام الماضي على اتفاقية توسيع وتعميق محطة الحاويات بالمنطقة الحرة بميناء عدن "كالتكس" ليصبح العمق 18 متر وبناء رصيف بطول الف متر إضافي للرصيف السابق البالغ طوله أكثر من ألف ومائتي متر وقعها رئيس مؤسسة موانئ خليج عدن مع الشركات الصينية المنفذة، و تبلغ كلفة المشروع نصف مليار دولار. خراب الميناء مستمر بسبب موانئ دبي مع أن شركة موانئ دبي العالمية تخلت أواخر العام 2012 عن إدارة و تشغيل ميناء عدن لكن الخراب الذي أحدثته لا يزال موجودا، و لهذا الخراب و التدمير الممنهج أكثر من شكل، فمنه تدمير سمعة الميناء برفع رسوم التكلفة والوقوف و تضييق شركات الملاحة و الخطوط الملاحية التي كانت تعد ميناء عدن محطتها الرئيسية، و قد دفعتها تلك الممارسات لتغيير خوطها بدلا عن ميناء عدن الذي تضرر كثيرا بسبب هذه الإجراءات. إضافة لما قامت به موانئ دبي من تضييق على الشركات فقد ظلت مشكلتها مع العمال و الموظفين قائمة بدون حل، رغم أن المظاهرات الاحتجاجية تواصلت عشرات المرات للطالبة بالحقوق التي حرموا منها بسبب إدارة موانئ دبي التي ظلت تهددهم كل مرة بطردهم و الاستغناء عنهم نهائيا و استقدام عمالة أجنبية بدلا عنهم. ناهيك عن الخراب الذي طال معدات نقل و أرصفة الميناء في المعلا، و لا يزال كثير من هذه الأدوات معطلا أو تالفا ما أدى لتوقف العمل في المحطة الرئيسية بميناء المعلا منذ أكثر من عامين. و تؤكد مصادر مختصة في الميناء ضلوع (موانئ دبي العالمية) في إلحاق الضرر بميناء عدن خلال فترة التشغيل (2008-2012) و ظل هذا الضرر متواصلا بسبب التخريب الذي طال معدات الميناء الأساسية (رافعات النقل و المناولة و كذلك سكة الميناء ورصيفه) و لا تزال محطة الميناء في منطقة المعلا متوقفة لهذه الأسباب، علما أن محاولات تبذل لإصلاح ما تم تخريبه و أصلح بعضها في الأشهر الأخيرة. منذ استلام (موانئ دبي العالمية) ادارة الميناء بدأت في رفع رسوم المرسى و التخزين ما ألحق خسائر لدى القطاع الخاص و شركات الملاحة، و بعضها غيرت خطوط نقلها من ميناء عدن إلى موانئ أخرى مجاورة منها ميناء جيبوتي الذي تديره (موانئ دبي)، يمكن إيجاز أبرز ما قامت به "موانئ دبي" كما يلي: - تجاه الميناء: دمرت السكة و الرصيف و الرافعات و بسببها توقف العمل في محطة المعلا (الميناء الرئيسي)، - تجاه شركات الملاحة و القطاع الخاص: رفع الرسوم و التكاليف في بعض الحالات 100%، و دفعها لمغادرة الميناء بصورة نهائية، و بينها شركات عملاقة. - تجاه العمال: رفض تلبية حقوقهم حسب الاتفاق الأولي مع الحكومة اليمنية اثناء استلامها الميناء (محضر 2008م)، ما ادى للإضرابات العمالية التي توقف الميناء بسببها أكثر من مرة، - تجاه الملاحيين و الفنيين من منتسبي ميناء عدن: تحويلهم لأعمال هامشية و ثانوية و لا تتناسب مع تخصصاتهم و خبراتهم، و صلت القضية إلى المحكمة و عشرات العمال لا يزالون في المحكمة و قد صدرت أحكام قضائية لصالحهم لكنها لم تنفذ. - شركات ملاحية شهيرة كانت في طريقها لميناء عدن لكنها تراجعت بعد الاضرابات الاخيرة، و غيرت طرقها اثر الاضرابات العمالية الأخيرة. القطاع الخاص: خسائر متواصلة قالت تقارير اقتصادية إن القطاع التجاري الخاص في عدن يتكبد 450 مليون ريال سنويا فوارق أسعار الشحن إلى ميناء عدن مقارنة بالموانئ المجاورة , حيث يدفع كل تاجر يمني يشحن بضائعه إلى ميناء عدن ألف وخمس مئة دولار فارق سعر أجور الشحن عن كل حاوية بسبب رفع الشركات الملاحية الدولية لأجور الشحن القادمة إلى ميناء عدن بسبب ارتفاع رسوم التامين على السفن المتجه إلى الموانئ اليمنية نظرا لتدهور الأوضاع الأمنية والإضرابات العمالية المتكررة في ميناء عدن , الأمر الذي ساهم في تدهور سمعة الميناء. و ذكرت مصادر في الغرفة التجارية والصناعية بمحافظة عدن أن أكثر من ثلاثين تاجر تعرضوا للإفلاس النهائي بسبب الاضرابات العمالية الأخيرة التي شهدها الميناء أواخر العام الماضي، حيث تعرضت بضائعهم للتلف أثناء ما ظلت راسية في الميناء دون تفريغ خاصة تلك البضائع الحساسة مثل اللحوم المعلبة وبضائع الآيسكريم وبعض المشروبات والأدوية و غيرها من السلع والبضائع الحساسة التي تحتاج إلى التبريد والحفظ في درجة حرارة معينة. و الشكل التالي يوضح تراجع أداء الميناء في الفترة الأخيرة، من حيث عدد الحاويات التي تتم مناولتها سنويا: أما الشكل التالي فيوضح التراجع في مناولة الحاويات خلال عامي 2012 و 2013م، (بالتركيز على الفترة من مايو – أكتوبر)،