عدن اون لاين/ واشنطن بوست/ كتب: سودارسان راغافان - ترجمة مهدي الحسني تظهر لوحات الثورة بشكل بارز في كل أنحاء المدينة الساحلية الجنوبية. و تتزين السيارات و بكل فخر بالعلم السابق لليمن الجنوبي و تكتب الشعارات الداعية للاستقلال على الجدران واحد تلو الآخر. وفي شارع رئيسي مزدحم كتب هذا الشعار على احد الجدران ( الحرية للجنوب. يا عدن صحي النوم ). و قد عززت الثورة الشعبية التي اجتاحت البلاد خلال العام المنصرم، عززت من خروج الحركة الانفصالية من الظل بعد الاختفاء تحت الأرض فترة طويلة. و تدعو تلك الحركة الى التراجع عن اتفاقية الوحدة التي تمت بين اليمن الشمالي و اليمن الجنوبي في عام 1990. و يعتقد الكثير من أعضاء الحراك أنهم كانوا عامل الهام للثورة التي قامت في اليمن، و ذلك عندما نزل الحراك إلى الشوارع في 2007. و يقول سعيد كحيل و هو احد قادة الحراك "نحن الذين بدأنا الثورة" ولفترة طويلة من الزمن عمدت قوات الأمن و الأجهزة الاستخباراتية إلى استهداف مناصري الانفصال بالضرب و الاعتقالات و التعذيب و دفعت الكثير منهم الى الخروج من البلاد او العيش فيها بشكل متخفي. و لكن مع الضعف الذي أصاب الحكومة جراء الاضطرابات السياسية التي تشهدها البلاد، استشعر الانفصاليون الجنوبيون الفرصة السانحة لاسقاط سنوات من التهميش و لإعادة تأسيس اليمن الجنوبي المستقل بحسب وصفهم. اليوم تخرج المسيرات الشعبية و تقام المؤتمرات في فنادق خمسة نجوم و يسافر أعضاء الحراك من و إلى خارج البلاد. و يقول ناصر الطويل و هو عميد متقاعد في جيش اليمن الجنوبي و احد قادة الانفصال " لقد أصبحنا أكثر قوة نتيجة للوضع السياسي و أصبحت وجهة نظرنا أكثر قوة ". و خلال الأسابيع القليلة الماضية دعى دبلوماسيون بارزون من الولاياتالمتحدة و بريطانيا و الأممالمتحدة، دعوا قادة الحراك إلى الالتحاق بالعملية السياسية في اليمن. و يخشى الدبلوماسيين الغربيون من ان يقوم فرع تنظيم القاعدة في اليمن ذو الطموح الكبير و الذي يتخذ من جنوب اليمن مقرا له و يستهدف الغرب، ان يقوم باستغلال تلك الاضطرابات. و تم استهداف المدمرة يو اس اس كول في عام 2000 في ميناء عدن من قبل تنظيم القاعدة في هجوم اودى بحياة 17 فردا من البحرية الأمريكية. و قد غادر الرئيس اليمني علي عبدالله صالح البلاد يوم الأحد متجها الى الولاياتالمتحدة لتلقي العلاج مفسحا بذلك الطريق أمام انتقال السلطة بعد حكم دام أكثر من 30 عاما. لكن ليس من الواضح ما الذي يعنيه رحيله بالنسبة للحركة الانفصالية. و يصر مستشاريي الرئيس البارزين على عودته لقيادة الحزب الحاكم مؤكدين على ان حضوره المؤثر سيستمر لأشهر و سنوات قادمة. يعود تاريخ التوتر بين الشمالين و الجنوبيين إلى الوقت الذي توحدت فيه اليمن بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، الذي ارتبط بعلاقات عسكرية و دبلوماسية بحكومة الجنوب الماركسية. و في عام 1994, اندلعت حرب اهلية قصيرة و انتهت بانتصار الشمال. و يقول الجنوبيون ان صالح و مناصروه من رجال القبائل الشمالية حرموهم من حصتهم من عائدات النفط. كما ان 80 بالمائة من عائدات النفط تاتي من الجنوب... وأضافوا ان الحكومة قامت بتسريح العديد من الجنوبيين من اعمالهم في الجيش و الحكومة و حرمتهم من المشاركة في السلطة المحلية و ان محافظي المحافظات الجنوبية السبع ينتمون جميعهم الى الشمال. كما يتهم الجنوبيون نافذين من أبناء الشمال بنهب أراضي الجنوب لمصالحهم الخاصة. و تدعو القيادات الأكثر تطرفا في الحراك إلى الانفصال الفوري عن الشمال و العودة الى الوضع الجغرافي الذي سبق العام 1990. و يسعى القادة المعتدلون في الحراك الى قيام نظام فيدرالي يفضي الى المزيد من السلطة لمصلحة الجنوب. و بعد خمسة أعوام يتم الاستفتاء حول تقرير المصير سواء بالبقاء ضمن اليمن الموحد او الانفصال كما حدث في جنوب السودان العام الماضي. و بموافقة صالح على تسليم السلطة، يخشى دبلوماسيون عرب و غربيون انه في حال فشل معالجة القضية الجنوبية، فان ذلك سيعيق عملية انتقال السلطة في اليمن و يؤدي إلى أكثر الاحتمالات خطورة و الذي يتمثل في قيام حرب أهلية أخرى. و في مقابلة مع صحيفة يمن تايمز اجريت مؤخرا، قال مبعوث الامين العام للامم المتحدة الى اليمن، جمال بن عمر، انه قلق على عدم إجماع الحراك الجنوبي على وجهة نظر سياسية موحدة. و قال إن – عدم الشمول – في العملية السياسية قد يلحق ضررا بعملية الانتقال التي تشهدها البلاد. و يقول الطويل، و هو احد القادة الانفصاليين، لن يكون هناك تغيير يذكر حتى يسلم صالح و أسرته السلطة بشك تام. لكن الحراك يشعر انه لم يعد مضطرا إلى العمل بشكل سري و لا يمكن محاصرته مرة أخرى. في عام 2000 التقى الطويل و كان بصحبته احد القادة الانفصاليين، التقيا بكاتب هذا التقرير بداخل سيارة بيضاء بدت عليها اثار الصدمات. و كان يبدو عليهما اثار التوتر و هما ينظران بحذر من خلف نافذة السيارة للتاكد من عدم وجود عناصر الاستخبارات اليمنية. و إصرا على ان تجرى المقابلة بداخل السيارة أثناء جولة حول المدينة. و في الشهر الماضي، تحدث الطويل خارج شقته التي يقيم بها عن رغبته في تقرير المصير. و عندما مر جندي يمني بالقرب منه، لم يهرب الطويل و لم يحجم عن الكلام. لقد كان الطويل يخطط لمسيرة شعبية ضخمة في الايام القادمة بحسب قوله. وقد تعهد الطويل قائلا "لن نتوقف و سنصعد من نشاطنا السياسي بشكل كبير. نحن نريد حقوقنا ".