شرطة تعز تعلن ضبط 3 من المشتبهين في اغتيال افتهان المشهري    السعودية تعلن تقديم دعم مالي للحكومة اليمنية ب مليار و380 مليون ريال سعودي    وفاة طالب متأثراً بإصابته أثناء اغتيال مدير صندوق النظافة بتعز    في ظل ضغوط مجتمعية وتحركات شعبية.. متهم باغتيال المشهري يعلن تسليم نفسه والشرطة توضح    شباب المعافر يُسقط اتحاد إب ويبلغ نهائي بطولة بيسان    لقاء أمريكي قطري وسط أنباء عن مقترح أميركي حول غزة    تعز.. الاعلان عن ضبط متهمين باغتيال المشهري دون الكشف عن اسماؤهم بالتزامن مع دعوات لتظاهرة حاشدة    منتخب اليمن للناشئين يفتتح مشواره الخليجي أمام قطر في الدوحة    المنتصر يبارك تتويج شعب حضرموت بكأس الجمهورية لكرة السلة    عطوان يصف تهديدات كاتس بالهذيان! ويتحدا ارسال دبابة واحدة الى صنعاء؟    صنعاء.. البنك المركزي يعيد التعامل مع شبكة تحويل أموال وكيانين مصرفيين    السعودية تعلن عن دعم اقتصادي تنموي لليمن    شرطة تعز تعلن القبض على ثلاثة متورطين في جريمة اغتيال أفتهان المشهري    مساء الغد.. المنتخب الوطني للناشئين يواجه قطر في كأس الخليج    صلاح يتقدم على سلم ترتيب أفضل صانعي الأهداف في تاريخ البريميرليغ    شباب المعافر سطروا تاريخهم بقلم من ذهب..    مستشفى الثورة في الحديدة يدشن مخيماً طبياً مجانياً للأطفال    توزيع 25 ألف وجبة غذائية للفقراء في مديرية الوحدة    تعز بين الدم والقمامة.. غضب شعبي يتصاعد ضد "العليمي"    انتقالي العاصمة عدن ينظم ورشة عمل عن مهارات الخدمة الاجتماعية والصحية بالمدارس    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    ضرورة مناصفة الانتقالي في اللجنة القانونية: لتأمين حقوق الجنوب    رئيس الإصلاح: لمسنا في تهاني ذكرى التأسيس دفء العلاقة مع القوى الوطنية    عرض كشفي مهيب في صنعاء بثورة 21 سبتمبر    "العفو الدولية": "الفيتو" الأمريكي السادس ضد غزة ضوء أخضر لاستمرار الإبادة    فعالية لأمن محافظة ذمار بالعيد أل11 لثورة 21 من سبتمبر    تعز.. خسائر فادحة يتسبب بها حريق الحوبان    الشيخ عبدالملك داوود.. سيرة حب ومسيرة عطاء    بمشاركة 46 دار للنشر ومكتبة.. انطلاق فعاليات معرض شبوة للكتاب 2025    الأرصاد يتوقع هطول أمطار رعدية على أجزاء من 6 محافظات    وزير الخدمة يرأس اجتماعا للجان دمج وتحديث الهياكل التنظيمية لوحدات الخدمة العامة    هولوكست القرن 21    وفاة 4 من أسرة واحدة في حادث مروع بالجوف    0محمد اليدومي والإصلاح.. الوجه اليمني لانتهازية الإخوان    بورصة مسقط تستأنف صعودها    البنك المركزي يوجه بتجميد حسابات منظمات المجتمع المدني وإيقاف فتح حسابات جديدة    إب.. وفاة طفلين وإصابة 8 آخرين اختناقا جراء استنشاقهم أول أكسيد الكربون    بسبب الفوضى: تهريب نفط حضرموت إلى المهرة    البرازيل تنضم لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام العدل الدولية    الرشيد يصل نهائي بيسان ، بعد الفوز على الاهلي بهدف نظيف، وسط زخم جماهيري وحضور شعبي الاول من نوعة منذ انطلاق البطولة    بن حبريش: نصف أمّي يحصل على بكلاريوس شريعة وقانون    المركز الثقافي بالقاهرة يشهد توقيع " التعايش الإنساني ..الواقع والمأمون"    أين ذهبت السيولة إذا لم تصل الى الشعب    الربيزي يُعزي في وفاة المناضل أديب العيسي    الكوليرا تفتك ب2500 شخصًا في السودان    الصمت شراكة في إثم الدم    الفرار من الحرية الى الحرية    ثورة 26 سبتمبر: ملاذٌ للهوية وهُويةٌ للملاذ..!!    الهيئة العامة للآثار تنشر القائمة (28) بالآثار اليمنية المنهوبة    نائب وزير الإعلام يطّلع على أنشطة مكتبي السياحة والثقافة بالعاصمة عدن    موت يا حمار    العرب أمة بلا روح العروبة: صناعة الحاكم الغريب    خواطر سرية..( الحبر الأحمر )    اكتشاف نقطة ضعف جديدة في الخلايا السرطانية    في محراب النفس المترعة..    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الآلاف من شباب عدن يحيون جمعة استكمال أهداف الثورة .. هتفوا لثوار سوريا ودعوا لانتخابات 21فبراير وخطيب الساحة يندد بالفكر الإقصائي
نشر في عدن أون لاين يوم 10 - 02 - 2012


عدن اون لاين/مياد خان
تظاهر الآلاف من شباب الثورة في محافظة عدن وجابوا شوارع مدينة كريتر وهم يرفعون الأعلام الوطنية معلنين تضامنهم مع الشعب السوري وثورته المباركة التي تتعرض لأبشع قمع من قبل نظام بشار الأسد القاتل.
واعتبر ثوار عدن أن شهر فبراير من العام الماضي والذي شهد اندلاع الثورة السلمية هو ذات الشهر من الجاري الذي سيشهد يوم 21فبراير طي صفحة نظام علي عبدالله صالح والبدء باليمن الجديد بانتخاب عبدربه منصور هادي رئيسا توافقيا.
مسيرة ثوار عدن في هذه الجمعة طافت بشوارع جديدة في إطار مدينة كريتر حيث أكد ثوار أن ثورتهم التي انطلقت من هذه الأحياء هاهي تلتحم من جديد بالناس البسطاء لتواصل معهم مسيرة البناء لليمن الجديد واستكمال الأهداف التي حددتها الثورة السلمية وهي اليوم تحتفي بذكرى انطلاقتها الأولى وتحقيق هدفها الأول.
وفي نهاية المسيرة بشارع شعب العيدروس تلى رئيس اللجنة الإعلامية لساحة التغيير بمدينة تريم محافظة حضرموت صبري عليوه الذي شارك ثوار عدن مع وفد من شباب حضرموت ، كلمة في الفعالية أكد فيها أن الثورة اليمنية التي اندلعت في كل محافظات الجمهورية ماضية نحو بناء اليمن الجديد الذي ينشده الشعب، وحيا ثوار عدن الذي شكلوا حضورا فاعلا في مسيرة الثورة طوال عام مضى.
وأكد خطيب الجمعة في ساحة الحرية الشيخ شوقي كمادي أن الحرية هي مطلب الشعوب اليوم، بكل ما تعنيه الكلمة من معاني، وما تدل عليه من دلالات ..
حرية التدين والاعتقاد ، حرية الفكر والتعبير، الحرية السياسية، حرية اختيار الحاكم وعزله ومراقبته ومحاسبته ، حرية جاءت شريعة الإسلام لتقريرها ولحمايتها.
وأشار الشيخ شوقي إلى فئة اليوم- قال أنها ( لا تزال تحمل عقليات متعفنة تجرنا إلى الماضي ، تعيش في زمن العصبيات النتنة ، تصنِّف الناس في نقاط تفتيش على الهوية ، تاريخها أسود ، وأياديها ملطخة ، تريد اليوم أن تعيد تلك الحقبة المظلمة باسم التحرير والحرية) .
معلقا على الأحداث التي شهدتها المعلا الجمعة الماضية عندما اعتدى مسلحون من الحراك الجنوبي على مسيرة سلمية لشباب الثورة بعدن قائلا: (أي حريةٍ تقوم بالاعتداء على أحرار مسالمين يطالبون بالحرية ، أي حريةٍ تقوم على نبذ الآخر وإقصاء الآخر وتحقيرِ الناس وازدرائِهِم وطمسِ هوياتهم ومصادرةِ حقوقهِم .، فالحرُّ يعشق الحرية ، والثائرُ يثور مع الثوار الأحرار ، وليس للحرية إلاَّ عدوٌ واحد وخصمٌ وحيد هو الطغيان والاستبداد .
نص خطبة الجمعة في ساحة الحرية بعدن:
أيها الإخوة المؤمنون : عندما نقف أمام مجريات الأحداث ، نوقن تماماً أنها بتدبير الله I ، لأننا نؤمن أنه لا يحدث شيء في هذا الكون من خير أو شر إلا بإرادته I ومشيئته ، ولا يقع أي أمر إلا بإذنه ، فلا يتصور ولا يتخيل أن يحدث شيء بدون إرادته I ، وأن الخلق مهما خططوا وفعلوا فلن يحدث ولن يقع إلا ما أراد الله وقدر . فالله تعالى فعّال لما يريد قال Y : ( وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ ) وقال سبحانه : ( إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ) .
أيها الإخوة المؤمنون : هذه الشعوب الثائرة هنا وهناك عن مّاذا تبحث ؟ ولماذا تثور اليوم ؟
لاشك أنكم وأنتم الثوار الأحرار تعرفون الإجابة !! مطلب الشعوب اليوم ... المطلب الأساس الذي اتفضت وثارت من أجله : (( الحرية )) هي مطلب الشعوب اليوم، بكل ما تعنيه الكلمة من معاني، وما تدل عليه من دلالات ..
حرية التدين والاعتقاد ، حرية الفكر والتعبير، الحرية السياسية، حرية اختيار الحاكم وعزله ومراقبته ومحاسبته ، حرية جاءت شريعة الإسلام لتقريرها ولحمايتها .
نعم أيها الإخوة : إن من أعظم ما ينشده الإنسان في هذه الحياة هي الحرية والكرامة .
جعل الإسلام "الحرية" حقاً من الحقوق الطبيعية للإنسان ، فلا قيمة لحياة الإنسان بدون الحرية، وحين يفقد المرء حريته ، يموت داخلياً ، وإن كان في الظاهر يعيش ويأكل ويشرب ، ويعمل ويسعى في الأرض .
ومن هنا جعل الإسلام الحرية من أخص الخصائص الإنسانية ، فالإسلام هو المنهاج الوحيد الذي جعل الناس أحراراً يتساوون في العبودية لله عز وجل ، فهو الذي أعلن هذا المبدأ للعالمين في قوله : ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران:64] . وشرع الأحكام التي تصون هذه الحرية وتحميها وتمنع من الاعتداء عليها .
لكن إلى أيّ حدّ أدركنا حقيقة هذه القيمة الإنسانيّة وكيف يمكن أن نتعاطى مع هذه المنحة الربّانية ؟
أيّها الأخوة المؤمنون : إعلموا أنّ الحرية هي منطلق النهضة والتنمية والتقدم وهي أساس العيش الكريم ، فالإنسان الذي لا يملك الحرية لا يستطيع أن يصنع الحياة ، والإنسان الذي يشعر بالاضطهاد والتقييد وسحق إرادته وشخصيته ، لا يتفاعل ولا يستجيب لا للسلطة ، ولا لمشاريعها وسياستها ، ولا يستطيع أن يوظّف طاقاته ، ولذلك لا يستطيع النهوض أو التقدم .
وإن من أخطر أسباب تخلف عالمنا ومجتمعاتنا هو مصادرة إرادة الإنسان ، وكبت حريته المشروعة ، وإن السبب الأساس في ركود الأمم وتخلفها ، هو طبيعة الأنظمة والسلطات الحاكمة ، فإن الاستبداد السياسي والأنظمة التي لا تحترم شعوبها ، تسبّبت في عالمنا الإسلامي بتضييع ثروات الأمة ، وطاقاتها المبدعة ، وجعلت منها أمة متخلفة تلاعبت بمصيرها ومصالحها وصادرت ثرواتها وخيراتها وإمكاناتها.......
ولكي تنهض الأمة ، فهي بحاجة إلى الحرية ، بحاجة إلى حرية الفكر ، بحاجة إلى أن يحرر العقل من الإرهاب الفكري ، ويفسح أمامه المجال واسعاً لينطلق ، وليفكر وليبدع وليمارس دوره الملتزم في مجال المعرفة وتشخيص المسار فإن الإنسان المكبوت الحرية هو إنسان مشلول القدرة والإرادة ، ولا يستطيع أن يوظف طاقاته وإمكاناته .
كلّ من تولّى السّلطة على العباد يتصوّر أنّه ملك الرّقاب وينسى أنّ الكرسي الذي اعتلاه تكليف لا تشريف ، ينسى أو يتناسى مقولة عمرt " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا " .
إن محنة شعوب العالم الإسلامي اليوم الأولى هي مصادرة حرية الإنسان ، وسحق إرادته ، وتسليط الاستعباد والكبت الفكري والسياسي عليه . في الوقت الذي انطلق الإسلام مع الإنسان الحرّ المختار ، فوهبه حرية الفكر ، وحرية السلوك ، وحرية التملك وحرية العمل ، والحرية السياسية ، غير أنه قرن الحرية بالالتزام والمسؤولية . والإسلام أقام الحياة السياسية على أساس الحرية السياسية ، أقامها على أساس الشورى والتشاور ومشاركة الأمّة ورقابتها للسلطة ، وثبّت هذا المبدأ في كتابه الكريم بقوله : ) وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ( [الشورى : 38] . ومن هنا انطلق في إعطاء الأمة حق اختيار حكامها وولاة أمورها غير المعصومين وفق مواصفات مبدئية محددة ، ومنحها المحاسبة والرقابة بسلطة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . بل وأمر الله نبيه الكريم e المسدد بالوحي الإلهي أن يستشير أمته ليدربها على حياة الشورى ، واحترام رأي الآخرين وإشراكهم في صناعة مصيرهم .
لقد خاطب الله سبحانه نبيه بقوله : ) فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ( [آل عمران : 159]
ومن حقوق الإنسان الأساسية التي لا يجوز أن تُسلب منه بحال من الأحوال حرية إبداء الرأي .. فمن حق الإنسان أن يفكر وأن يقول ما يعتقد ، وأن يعلن رأيَه فيما يراه من عوج وفساد ، وأن ينكر على غيره ما وقع منه من تجاوزات وظلم ، وجاء في الحديث [ لا يمنعن أحدكم هيبة الناس أن يقول الحق ] رواه ابن ماجة ، وفي الحديث أيضًا [ قل الحق وإن كان مرًّا ، ولا تخف في الله لومة لائم ] رواه الطبراني .
أيها الإخوة المؤمنون :
الحرُّ يأبى أن يبيعَ ضميرَه بجميعِ ما في الأرض من أموالِ
ولكم ضمائرُ لو أردتَ شرائَها لملكتَ أغلاها بربعِ ريالِ
إن الحرية ليست منحة للأغنياء دون الفقراء , ولا عطية للأقوياء دون الضعفاء , ولا مكرمة للغربي دون العربي , ليست حكرا لطائفة دون أخرى ، بل هي ملك للإنسان ، كل إنسان يعقل ويفكر ، " إن حرية الإنسان مقدسة - كحياته سواءٌ بسواء - وهي الصفة الطبيعية الأولى ، بها يولد الإنسان : [ ما من مولود إلا ويولد على الفطرة ] [ متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ] وهي مستصحِبة ومستمِرة وملازِمة له ، ليس لأحد أن يعتدي عليها ، فالإنسان يصنع وجوده بحريته . نعم ؛ الإنسان يصنع وجوده بحريته .
بل الحرية حورية , هي آية الآيات , وحسناء الحسناوات , تخُطَب ولا تخَطُب , وتُطلَب ولا تَطلُب , عاليةَ القصر , غالية المَهر , رفيعة القدر ، لا تنال بالتمني , ولا بليت ولعل ولو أني , فليس لها إلا أمثال أبي فراس حين قال :
ونحن أناس لا توسط بيننا لنا الصدرُ دون العالمين أو القبرُ
تهونُ علينا في المعالي نفوسُنا ومن يخطبُ الحسناء لم يُغلِه المهرُ
لها بابٌ لا يُدق إلا بالأيادي الحمراءِ المضرجَّة .. على حد قول أمير الشعراء شوقي :
وللحريةِ الحمراءِ بابٌ بكل يدٍ مضرجَّةٍ يُدقُّ
اليوم ، لا تزال هناك عقليات متعفنة تجرنا إلى الماضي ، تعيش في زمن العصبيات النتنة ، تصنِّف الناس في نقاط تفتيش على الهوية ، تاريخها أسود ، وأياديها ملطخة ، تريد اليوم أن تعيد تلك الحقبة المظلمة باسم التحرير والحرية .
أي حريةٍ تقوم بالاعتداء على أحرار مسالمين يطالبون بالحرية ، أي حريةٍ تقوم على نبذ الآخر وإقصاء الآخر وتحقيرِ الناس وازدرائِهِم وطمسِ هوياتهم ومصادرةِ حقوقهِم ...
الحرُّ يعشق الحرية ، والثائرُ يثور مع الثوار الأحرار ، وليس للحرية إلاَّ عدوٌ واحد وخصمٌ وحيد هو الطغيان والاستبداد .
نعم أيها الأخوة: هذا الطغيان الذي هو عدو للحرية ، عانت منه مدينةُ عدن في الماضي كثيرا ، عانت من صنوف الإقصاء والتهميش لأبنائها الذين لطالما حَلُموا بالاعتراف بهم وهم أبناءُ عدن الذين يشكلوا نسيجها الاجتماعي والثقافي ، ولكنهم قُوبِلوا في تلك الحقبة الغابرة من الزمن ، بالتهميش والإقصاء وصارت عدن بفعلتهم وأطماعهم ومصالحهم الأنانية والمناطقية الضيقة ، ميدانُ صراعٍ دائم وساحةُ حربٍ بين فئاتٍ تتوافد عليها لتصفية حسابات بينها .
اليوم هذه الوجوه تعود إلينا من جديد ، وهم أنفسهم الذين أضحوا اليوم يتباكون على عدن ، وهم أول من سعوا إلى طمس هوية العدنيين . هم يريدوا اليوم أن يعيدوا عجلة التاريخ إلى الوراء ، وما علموا أن الشعوب قد انتفضت وتحررت من الطغيان .
إننا نقولها ملئ الفضاء ملئ الأرض والسماء ،حقنا في الحرية لا مساومةَ عليه ، لن نسمحَ لأيٍّ كان أن يُصادر هذا الحق ، لن نتركه ولن نتنازل عنه ، ونقول لهؤلاء : لا تُورِّثوا صراعاتكم وأحقادكم لنا ، لا تورثِّوها لأبنائكم ، دعوا أبنائكم يتنفسون الحرية في عهد جديد لليمن ، بعيدا عنكم وعن نظام أرغموه على السقوط . دعوا عدن تعيش بأمان وسلام بعيدا عن أطماعكم وأحقادكم التي ما استطعتم أن تتخلصوا منها ، دعوا أبناء عدن المسالمين يعيشون عواطف الحب المشترك ، والود الصافي ، والبعد عن الحقد الكنود .
فشعارنا وقيمنا التي نحملها عبر عنه الشاعر العربي الأصيل :
وإن الذي بيني وبين بنِي أخي***وبين بني عمي لمختلفٌ جداً
إذا نهشوا لحمي وفَرت لُحومَهم***وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا
ولا أحمل الحقد القديم عليهم***وليس زعيم القوم من يحمل الحقدا
أيها الأخوة : نحن ومن هنا نحن أبناء الجنوب نقول لإخوتنا لأبناء عدن ولأبناء الجنوب ، كلنا مظلومين وكلنا مسنا الضر . نعم ، هناك شهداء ماتوا من أبناء الجنوب في سبيل الحرية ، وهناك أيضا شهداء ماتوا من أبناء الشمال قدموا حياتهم فداء للحرية أيضا ..
لماذا ننكر واقعا موجود ؟
هذه الثورة حققت لليمن ولليمنيين ما لم تحققه كل الثورات والاحتجاجات والنضالات ، هذه الثورة قدمت لليمن بصفة عامة وللجنوب بصفة خاصة ما عجز عنه الكثير من الشرفاء . فبعد تحقيق الهدف الأول لهذه الثورة والذي سيتوج بانتخابات 21 فبراير 2012م بإذن الله ستدخل اليمن مرحلة جديدة وعهدا جديداً بما نصت عليه الآلية التنفيذية المزمنة للمبادرة الخليجية ، التي اعترفت بأن لشعبنا ، بما فيه الشباب ، تطلعات مشروعة إلى التغيير . ونصت على أن هذا الوضع يتطلب وفاءَ جميع الأطراف السياسية بمسؤولياتها تجاه الشعب ، عبر التنفيذ الفوري لمسار واضح ، للانتقال إلى حكمٍ ديمقراطي رشيد في اليمن ، من خلال عقد مؤتمر حوار وطني شامل لكل القوى والفعاليات السياسية بما فيها الشباب والحراك الجنوبي ، والحوثيون وسائر الأحزاب وممثلون عن المجتمع المدني والقطاع النسائي ، على يقف الحوار أمام القضية الجنوبية بما يفضي إلى حل وطني عادل لها يحفظ لليمن وحدته واستقراره وأمنه .
وتوضع حينها كل الخيارات الصالحة والمرضية لأبناء الجنوب دون استثناء والتي منها الحكم المحلي كامل الصلاحيات ، حيث يختار أبناء المحافظات من أبنائهم من يديرون شؤون محافظتهم ، وإعادة هيكلة الحياة السياسية والاجتماعية بشكل صحيح وعادل ، وبما يكفل عودة حقوق الجنوب المسلوبة ، وبما يكفل عودة الشخصية والهوية الجنوبية .. وبما يكفل تحقق المواطنة المتساوية ، وبما يكفل زوال هيبة القبيلة ونفوذها على الدولة .. وبما يكفل مشاركتنا في الحياة السياسية كشركاء للوحدة وليس كمغنم حرب ، والعاصمة عدن تعود للواجهة كأهم ميناء في المنطقة ، ومطار عدن الدولي يشتغل كما كان يُفترض به أن يكون ، الجنوبي يكون مواطن درجة أولى وليس درجة ثالثة مثل أرقام السيارات ، ليس هناك ما يُسمى مركزية قرار ، عدن وصنعاء تكون بنفس القوة والمكانة والهيبة .
هذه المكاسب التي ضحَّى من أجلها الشباب وقدَّموا أعز ما يملكون من أجلها ينبغي أن نحرص على تحقيقها فهي حلم كل يمني أينما كان ومن أي محافظة كان . وليس عيباً أن نعدَّل أفكارنا ومواقفنا بناء على متغيرات الواقع ، ولكن العيب أن نظل متمسكين بموقف معين بدون ما يكون هذا الاستناد مبني على أسس وحقوق واقعية .
أيها الأخوة المؤمنون : كل يوم يمضي يتبين لنا فيه أن تضحيات الشباب ودماء الشهداء لم تذهب سدى ، وأن تحقق أهداف الثورة وتطلعات الشعب , أصبح قاب قوسين أو أدنى ، وأن الانتخابات القادمة ستقود اليمنيين إلى مستقبل جديد بأقل كلفة ممكنة , وإن كان ذلك بحركة بطيئة , لكنها أفضل من التضحية بالمزيد من الدماء , وعلينا أن ننظر اليوم إلى الأمام , ونداوي الجراح والآلام , ونستعد للمشاركة الإيجابية في الانتخابات الرئاسية المبكرة التي تمثل المصداقية والرغبة في التغيير , بحيث نشهد يوم الثلاثاء 21من فبراير القادم رئيساً جديداً يجمع الشمل ويقود الحوار والإصلاحات الدستورية والانتخابية المنشودة , وعلى الحكومة أن تبادر بالاستماع لشباب الساحات واستيعاب أفكارهم وأطروحاتهم ورؤاهم , فهم أكثر من نصف الحاضر وكل المستقبل , وقد كانوا عصب الثورة ومحركها الأساس .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.