نواصل قراءة سيرة السيد المسيح، كما وردت في التراث الإسلامي، ونتوقف اليوم مع كتاب "قصص الأنبياء" للحافظ أبن كثير، الذي يتحدث عن السيدة مريم، رضى الله عنها، في بداية القصة : قال أبو القاسم ابن عساكر: مريم بنت عمران بن ما ثان بن العازر أبن اليود بن أخنز بن صادوق بن عيازوز بن الياقيم بن أيبود بن زريابيل أبن شالتال بن يوحينا بن برشا بن أمون بن ميشابن حزقيا بن أحاز بن موثام بن عزريا بن يوارم بن يوشافاط بن إيشا بن إيبا بن رحبعام بن سليمان بن داود عليه السلام . وفيه مخالفة لما ذكره محمد بن إسحاق، ولا خلاف أنها من سلالة داود عليها السلام وكان أبوها عمران صاحب صلاة بنى إسرائيل في زمانه، وكانت أمها وهي حنة بنت فاقود بن قبيل من العابدات، وكان زكريا نبي ذلك الزمان زوج أخت مريم أشياع في قول الجمهور وقيل زوج خالتها أشياع فالله أعلم . وقد ذكر محمد بن إسحاق وغيره أن أم مريم كانت لا تحبل فرأت يوما طائرا يزق فرخا له فاشتهت الولد فنذرت لله إن حملت لتجعلن ولدها محررا أي حبيسا في بيت المقدس . قالوا : فحاضت من فورها فلما طهرت واقعها بعلها فحملت بمريم عليها السلام "فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت" وقرئ بضم التاء "وليس الذكر كالأنثى" أي في خدمة بيت المقدس، وكانوا في ذلك الزمان ينذرون لبيت المقدس خداما من أولادهم . وقولها : " وإني سميتها مريم" استدل به على تسمية المولود يوم يولد، وكما ثبت في الصحيحين عن أنس في ذهابه بأخيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحنك أخاه وسماه عبد الله . وجاء في حديث الحسن عن سمرة مرفوعا " كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويسمى ويحلق رأسه"، رواه أحمد وأمل السنن وصححه الترمذي . وقولها : " وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم" قد استجيب ها في هذا كما تقبل منها نذرها، فقال الامام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبى هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من مولود إلا والشيطان يمسه حين يولد فيستهل صارخا من مس الشيطان إلا مريم وابنها " ثم يقول أبو هريرة: وأقرئوا إن شئتم " وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم ". أخرجاه من حديث عبد الرزاق ورواه ابن جرير عن أحمد بن الفرج عن بقية، عن عبد الله بن الزبيدي، عن الزهري عن أبى سلمة، عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه . وقال أحمد أيضا: حدثنا إسماعيل بن عمر، حدثنا ابن أبى ذؤيب، عن عجلان مولى المشعل، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل مولود من بنى آدم يمسه الشيطان بإصبعه إلا مريم بنت عمران وابنها عيسى "تفرد به من هذا الوجه .