اعتاد محبو عالم الساحرة المستديرة في السنوات الأخيرة على تواجد اسم النجم البولندي، روبرت ليفاندوفسكي، مهاجم بايرن ميونخ، بين قائمة الأفضل أو الأكثر تهديفا أو أي أرقام قياسية خلال المواسم القليلة السابقة. لكن على النقيض تماما يختلف الأمر بشأن مشاركات "ليفا" مع منتخب بلاده، الذي يحتاجه بشدة للذهاب بعيدا في منافسات يورو 2020. وبالعودة إلى التاريخ، فقد وقف وراء إنجازات بولندا، نجوم مميزون، أوصلوا المنتخب للهدف المنشود. وفي نسختي كأس العالم 1974 و1982، حيث حقق منتخب بولندا المركز الثالث، تألق كل من جريجورز لاتو وزبيجنيو بونيك، بعدما حصد الأول لقب الهداف في مونديال ألمانيا، بينما تألق الثاني وجاء في المركز الرابع بين أفضل لاعبي البطولة التي أقيمت في إسبانيا. أما ليفاندوفسكي، فبالرغم من تألقه اللافت مع بايرن ميونخ في السنوات الأخيرة، إلا أنه دائما ما يعاني مع المنتخب، ولا يقدم الأداء المنتظر منه. وشارك مهاجم الفريق البافاري في يورو 2012، التي استضافتها بلاده مع أوكرانيا، ونسخة فرنسا 2016، بالإضافة إلى كأس العالم 2018 في روسيا، بينما فشل في قيادة بلاده للتأهل إلى منافسات كأس العالم 2010 في جنوب أفريقيا و2014 بالبرازيل. وخاض ليفا 11 مباراة في البطولات الثلاث الكبرى التي شارك فيها مع المنتخب، لكنه لم يحرز سوى هدفين: الأول في مرمى اليونان خلال منافسات يورو 2012، بينما كان هدفه الثاني في مرمى البرتغال في يورو 2016. وبعد ذلك صام عن التهديف في منافسات المونديال الوحيد الذي شارك فيه. ومع غياب التألق عن مهاجم المنتخب البولندي الأول، عانى الفريق في البطولات التي شارك فيها بشكل واضح، إذ اكتفى بتوديع يورو 2012 المقامة على أرضه من الدور الأول، رغم المجموعة المتواضعة التي نافس فيها مع التشيك واليونان وروسيا، وتأهل منتخب بولندا إلى ربع النهائي في يورو 2016، التي ودعها بالخسارة أمام البرتغال، التي توجت باللقب وقتها، وأخيرا، في المونديال اكتفى الفريق بالمشاركة في دور المجموعات، قبل أن يودع المنافسات. أداء مبهر على العكس، كان النجم البولندي دائما ما يقدم مستويات مميزة مع دورتموند ثم بايرن قبل المشاركة في البطولات الكبرى مع المنتخب. قبل المشاركة في يورو 2012، كان قد أحرز 30 هدفا في 47 مباراة مع دورتموند، وقبل يورو 2016، أحرز 42 هدفا في 51 لقاء مع بايرن ميونخ. وأحرز ليفا 41 هدفا في 48 مباراة مع الفريق البافاري قبل المشاركة في مونديال روسيا، وأحرز المهاجم البولندي 48 هدفا في 40 مباراة مع فريقه الألماني قبل المشاركة في يورو 2020. ويتفوق ليفاندوفسكي هذا الموسم على العديد من أبرز نجوم العالم بمعدل يتعدى الهدف في كل مباراة، ومنهم كيليان مبابي مهاجم باريس سان جيرمان (42 هدفا) والنرويجي هالاند مهاجم دورتموند (41) وميسي مهاجم برشلونة (38)، وكريستيانو رونالدو مهاجم يوفنتوس (36). وكان النجم البولندي أحد الأعمدة الرئيسية في تتويج بايرن بالسداسية التاريخية الموسم قبل الماضي. كما كان قريبا من التتويج بالكرة الذهبية، لكنها ألغيت بسبب جائحة كورونا، ليواصل اللاعب التألق على مدار الموسم المنقضي، مما جعله يعتبر نفسه بين النجوم الأفضل في العالم. طاولة العظماء وأشار إلى أنه "يستطيع أن يجلس مع ميسي ورنالدو على نفس الطاولة، والحديث معهم عن كرة القدم والشغف المشترك بينهم"، على حد تعبيره في مقابلة مع مجلة "سبورت ويك". لكن من أجل "الجلوس على طاولة العظماء" سيتعين على ليفاندوفيسكي كسر تلك العقدة التي تلازمه، ونقل نجاحاته وسجله التهديفي المبهر إلى المنتخب، وتحقيق إنجاز مع بولندا، من أجل حفر اسمه بين أساطير "النسور البيضاء"، وستكون يورو 2020، التي يدخلها في أوج عطائه، فرصة للظفر بهذا التحدي. وبالرغم من قلة المواهب في جيل بولندا الحالي، على عكس جيلي لاتو وبونيك، إلا أن ممارسته لهوايته المفضلة بالتهديف قد تمهد الطريق أمام منتخب بلاده نحو أدوار متقدمة في البطولة القارية، ليسدد بعد سنوات "الحسابات المعلقة" عليه مع منتخب بلاده، ويضعه بين كبار القارة العجوز.
