أوجب اقتصاديون يمنيون على الحكومة اليمنية تهيئة بيئة استثمارية جاذبة واستعادة رؤساء الأموال اليمنية الهاربة في الخارج وحثوها على تلافي ما من شأنه أن يمثل مانعاً لتقديم المنح المالية التي تعهدت بها الدول المانحة في لندن 2006م كون اليمن الدولة الأقل شفافية والأكثر فساداً بين الدول النامية. وكان رئيس الوزراء الدكتور/ علي محمد مجور قد اعترف في اللقاء التشاوري الثالث مع المانحين بعدم تحقيق معدل النمو الاقتصادي المتوقع "7. 1%" خلال الأعوام ال "3" الماضية أرجعه إلى التحديات التي واجهتها البلد والعالم وكوارث السيول وظواهر الإرهاب والتمرد. وكانت الحكومة قد أعلنت عن إعداد خطة استوعبت فيها "70%" من المنح المالية فيما لم تستكمل بقية استيعابها لعجز بعض الجهات الحكومية في تحقيق ذلك حسب تعليل مسؤول في وزارة التخطيط والتعاون الدولي. وفي هذا السياق أوضح د. جميل الأثوري أستاذ علم الاقتصاد بجامعة تعز أن تعهدات المانحين في 2006م لدعم اليمن بما يفوق ال "5" مليار دولار شريطة أن تعد اليمن استراتيجية وخطة توضح فيها استيعاب الأموال التي ستقدم لها في مجال التنمية والاقتصادية والاجتماعية ومن ضمنها دراسات جدوى اقتصادية للمشروعات التي يمكن من خلالها استيعاب هذه المنح. وأضاف الأثوري مستدركاً أن الحكومة أهملت مسألة وضع الخطط الاستراتيجية ودراسات الجدوى الاقتصادية والمشروعات التي سيتم فيها استيعاب المنح الأمر الذي أدى إلى تذمر بعض الدول المانحة وتأخير دعمها حتى تكون للحكومة استراتيجية في هذا المجال. وقال: إن الحكومة تطرح جملة من المبررات لكن السبب الرئيسي الفساد المستشري في جميع الأجهزة الحكومية فيما كان ينبغي على اليمن أن تعد جملة من التشريعات والقوانين بحسب الاشتراطات والتي تنظم استيعاب القروض والمنح بحيث تقوم الحكومة بتعديلات في قانون الاستثمار والقوانين المالية والضريبية. وتابع بالقول: الحكومة لم توفِ بهذا الطلب رغم أنه وضع من قبل صندوق النقد والبنك الدوليين منذ 90 إلا أن كثير من هذه القوانين لم تنفذ ومن ضمنها إنشاء وتأسيس سوق للأوراق المالية في اليمن مشيراً إلى أن هذه الفكرة حصلت على دراسة مستوفية مولها البنك الدولي وتم الاتفاق على إنشاء سوق رأسمالية بل ذهب البعض إلى تأسيس سوقين في صنعاء وعدن لافتاً إلى أنه كان بإمكان قيام السوق مد الاقتصاد اليمني بما تحتاجه التنمية الاقتصادية. وأشار الأثوري إلى أن المانحين كما عهدناهم مع كثير من الدول ينظرون إلى الفساد والشفافية كمؤشر حتى لا يرمون أموالهم طعماً للفساد. ونوه الأثوري في ختام تصريحه إلى أن الاقتصاد اليمني ضعيف ومستوى النمو ليس كبقية الدول لضعف القاعدة الاقتصادية في البلاد لاعتمادها على الخدمات بشكل رئيسي. مستدركاً أنه إذا ما تم تنفيذ جملة من المشروعات كدفعة قوية يمكن الحصول على انتعاش اقتصادي. من جانبه شدد الدكتور/ محمد علي قحطان أستاذ الاقتصاد بجامعة تعز على معالجة الاخفاقات التي اعترفت بها الحكومة مشيراً إلى أن اعترافها بالاخفاقات فيما يتعلق بسدة فجوة التمويل التي نوقشت في مؤتمر لندن للمانحين بداية طيبة. وأشار لدى تصريحه للصحيفة إلى أن الحكومة اليمنية تعاني من تدني في مستوى الأداء الإداري في المراكز والمحافظات واستمرار هذا التدني سيؤدي إلى مزيد من الاخفاقات. وشدد قحطان على إيجاد الحكومة اليمنية للبدائل غير الناضبة مرجحاً تأثر التزامات المانحين بالأزمة المالية العالمية واعتماد ميزانية الدولة مع مورد النفط بالنضوب في السنوات القادمة بالنسبة لليمن معتبراً ذلك يؤكد تأثر اليمن بالأزمة المالية العالمية والتي سبق وأن نفت الحكومة تعرضها للفحة نار الأزمة. وفيما حثت "سيلفر" ممثلة الأممالمتحدة الحكومة على تبني استراتيجية جديدة لمواجهة المشاكل الطارئة وخيارات سياسية للحد من النمو السكاني وتحسين الخدمة المدنية بناء على الجدارة والاستحقاق قالت بأن تجدد الاشتباكات في صعدة يبشر بأجواء غير جيدة للاستثمار. وكشف وزير التخطيط والتعاون الدولي/ عبدالكريم الأرحبي عن مراجعة قريبة لرؤية اليمن 2025 تأخذ في الاعتبار المتغيرات المحلية والدولية قال بأن تقييم الأداء ل "3" سنوات الماضية يظهر تحقيق معدل نمو بلغ "4. 3%" للفترة من 20062008م مرجعاً التباطؤ في النمو إلى التراجع الغير متوقع في أسعار النفط وإنتاجه وتأثر البرنامج الاستثماري بتأخر السحوبات من تعهدات المانحين إلى جانب تأثر البيئة الاستثمارية بالأعمال الإرهابية وتجدد المواجهات مع المتمردين في صعدة. كما كشف رئيس وحدة تنسيق المساعدات الخارجية مدير عام التعاون الدولي بوزارة التخطيط والتعاون الدولي نبيل شيبان أن نسبة تخصيصات تعهدات المانحين بلغ حتى منتصف فبراير 2009م حوالي "81%" من إجمالي تعهدات المانحين في مؤتمر لندن المنعقد في فبراير 2006م والبالغة خمسة مليارات و"580. 8" مليون دولار، ونسبة "65%" من إجمالي الفجوة التمويلية البالغة "6. 3" مليار دولار.