تدشيناً لفعالياته نظم منتدى التنمية الثقافية ندوته الأولى بعنوان (ثورتي سبتمبر وأكتوبر.. والتغيير المنشود) والتي أحدثت جدلاً واسعاً بين حاضريها حيث وجه جمهور الحضور انتقادات لاذعة للسلطة الحاكمة جراء فشلها في استيعاب مضامين الثورة اليمنية والوحدة الوطنية، مشيرين إلى أن الثورة ليست أهدافاً تعلن أو لافتة تكتب بجوار ترويسة صحيفة رسمية, وإنما هي تغيير جذري وشامل في مختلف مناحي الحياة. وفي افتتاح الفعالية دعا المناضل/ محمد الفسيل اللقاء المشترك إلى توسيع جبهته بضم قوى أخرى من أجل إعادة مضامين ثورة 26ستمبر والوحدة الوطنية التي لم تتحقق حد قوله. مبينا أن ما ينبغي فعله اليوم هو إعداد خطة عملية تستوعب تلك المضامين وتكون مشروعاً نضالياً يمنع تحكم السلطة الحالية بحياة الناس. مستعرضاً في مدخل تاريخي لقيام الثورة، كيف تحولت من ثورة شرعية إلى ثورة دستورية بما في ذلك تأكيده على أنها لم تقم فجأة وإنما سبقتها إرهاصات ومحطات ابتداءً من ثورة 48 الدستورية التي كانت نقطة البداية ومروراً بحركة 1955 وما أعقبها من حركات شعبية وطلابية مهدت لقيام ثورة 26ستمبر. واتهم الفسيل مؤسسات الدولة الدستورية بأنها تحولت إلى مؤسسات ديكورية مضمونها مفرغ وشكلها مفقود. وذكر الفسيل أن ثورة سبتمبر انتقلت من الشرعية الثورية إلى الشرعية القانونية والدستورية ، داعياً كل القوى الوطنية إلى أن تعيد للوحدة مضمونها الذي قامت على أساسه الثورة . من جانبه أدان الدكتور/ محمد الظاهري أستاذ العلوم السياسية بجامعه صنعاء محاولات إلغاء وتهميش دور القبيلة في قيام الثورة ووضع أحكام أيدلوجية لتقييم ذلك، مؤكداً أن القبيلة ليست كتلة مصمتة وإنما هناك من شارك من أبنائها في قيام الثورة ومنهم من وقف مع الإمام. وأشاد الظاهري بالحركة الإسلامية في اليمن، كونها أفضل من الحركات اليسارية والقومية في استيعاب القبيلة. من جانب آخر أوضح/ محمد غالب أحمد عضو المكتب السياسي رئيس دائرة العلاقات الخارجية للحزب الاشتراكي اليمني أن ثورة 14 أكتوبر بقدر ما حققت انتصاراً سياسياً في التحرر من الاستعمار البريطاني والاستقلال دون شروط أو معاهدات تمس السيادة الوطنية فإنها حققت أيضاً انتصارات ذات أبعاد اجتماعية . وأشار إلى أن إنهاء الفوارق الطبقية ومنح الشعب الحقوق المتساوية في الحياة هي من أهم الانتصارات الاجتماعية للشعب اليمني، بالإضافة إلى منح المرأة حقوقها في التعليم والعمل وحقوق الطفل ومجانية التعليم والعلاج والتعليم الإلزامي وتعليم الكبار ومدارس البدو الرحل وتمليك الأراضي والسكن المجاني للمواطنين المحرومين وإنشاء التعاونيات الزراعية والسمكية وإنهاء الثارات وتوحيد السلطنات والمشيخات وتحرير ما كان يسمى بالعبيد ورد الاعتبار لهم وإلغاء القيود الحديدية في السجون وغيرها . وأكد أمين عام التنظيم الوحدوي الناصري سلطان العتواني أن حدث سبتمبر وأكتوبر ثورة بما يتضمنه الظرف التاريخي ، معتبراً قضية تحقيق الثورتين لأهدافهما وانحرافهما عن مسارهما مسألة تحتاج إلى البحث. وتطرق الحاضرون إلى الجدل حول ما تحقق من أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر على صعيد الحياة العامة لمواطني الشمال والجنوب اليمني والدولة المدنية التي ينشدونها بعد مرور كل تلك الأعوام عليها. ورأى البعض أن ما حدث في يومي 26 من سبتمبر للعام 1962م، و14 أكتوبر من العام الذي يليه، لا يعدوا عن كونه مجرد "فعل سياسي وحركة" لا ترتقي إلى مستوى الثورة، لأنها لم تحقق الأهداف المنوطة بها والتي قامت من أجلها، ولأن من شأن الثورة أن تحدث تغييراً جذرياً في حياة القائمين بها. وطالب عبدالرشيد الفقيه المدير التنفيذي للمنتدي في ختام الندوة بالسعي نحو تحرير الرواية المخفية قسراً للثورتين، معلنا عن تنفيذ المنتدى لندوات مماثلة تبحث في القضايا المسكوت عنها في مسار وأحداث الثورتين أو تلك القضايا التي أطلق عليها المخفية قسراً. الجدير ذكره أن منتدى التنمية الثقافي أسس بدعم من الصندوق العربي ويسعى لتحقيق عدد من الأهداف ومن أهمها تنمية ثقافة الحوار في المجتمع اليمني وتوسيع دائرته وتنمية الفكر العلمي.