سيادة رئيس الجمهورية اليمنية أعرف أن مشاغلك كثيرة وأن قضية مواطن ذات يوم كان يدافع عن الوطن، لم تعد مهمة أو جديرة بالاهتمام، فهناك ما هو أفدح بالنسبة لك حيث البلاد مسكونة بكل ما هو مؤسف ويدعو للخوف ، لكن سيادة الرئيس قصة هذا الرجل واحدة من آلاف النماذج لحالة الدولة الرخوة ، والنظام المتهالك والفساد المستشري والظلم الذي يسحق حق المواطنة المتساوية ويلغي قيم العدالة ويضيع اليمن السعيد !! ويجعلها في كف عفريت. ربما تجد في قصة هذا الرجل ما يمكن أن تحاول أن تتلافاه ، فيما تبقى من أحلامنا كيمنيين بحياة عادلة ومواطنة متساوية تنتهك صراحة ، بعد أن ذبحت سراً وتحت لا فتات ظاهرها الرحمة والحب للوطن وظاهرها العذاب للشعب. أضع بين يديك قصة الملازم أول/ محمد سعيد حيدر حسن علي الملقب " بصبور " كان مساعداً أول مكانيك في القاعدة البحرية في المحور الغربي بمحافظة الحديدة المسالمة جداً ولا تعرف لغة الأصابع المهوسة بالزناد ، يستوي فيها العسكريون والمدنيون .. الملازم " صبور " من محافظة الحديدة مديرية المراوعة ليس له قبيلة تقطع طريق ولا شيخ "يبهرر" ولا مسؤول يسند ظهره إليه .. لذا لا يزال يبحث عن راتبه ورقمه الوظيفي منذ عقدين من الزمن بسبب خوفه على سلاح الوطن من الخراب. لن أكتب عنه في هذا التقرير كل ما رواه ، وسأبعث لسيادتكم شريط كاسيت مسجل لما يقوله من تفاصيل ، يصعب نشرها في هذه السطور ، وقد لا تسمح به الصحيفة بسبب الظروف الاستثنائية التي تعيشها الصحافة والبلاد ، ما يقوله لا يمكن أن يتحمله مسؤول فيه بقية ذرة من مسؤولية وإنسانية ووطنية. في هذه السطور قصة هذا العسكري الغيور على وطنه وعلى رئيس دولته ، كان يظن أنه سيخدم الشعب والقائد ، فإذا به يكتشف عكس ذلك ، يكتشف أن الخونة وعديمي الضمير والمسؤولية هم من يحضون بالأوسمة والنياشين والرتب والرواتب .. دعني سيادة الرئيس أترك لهذا الرجل يروي مأساته دون تدخل ، سوى تعديل بعض المصطلحات العامية ونظراً لبكائه الشديد حيث تغيب الكلمات وتختلط بنشيج ذابح في حلق جندي عانق الوطن بقلبه فكان جزاؤه التشرد والبهذلة والضياع إنه يأكل من القمائم بعد قصة كفاح مع الوطن ، أسمعه وهو يقول : معذب عذاب لا يعلم به إلا ربي ، منذ عام 1990م زارنا فخامة الرئيس/ علي عبد الله صالح إلى القاعدة البحرية ، قمت أنا أتظلم لصالح الوطن من داخل الطابور ، قلت له بعد إذنك يا أفندم " علي " قال لي إش في ؟ قلت له أنزل أتفاقد القطع البحرية بنفسك كلها خربانة ، وأي قطعة شغالة وتعمل ، فأنا أتعاقب وأتجازى ، ما عدا القطعة البحرية التي تطلع عليها هي الوحيدة التي يصلحوها ، كانت الزوارق البحرية خربانة عطلانة قام الرئيس وتفقد فوجد الزوارق فوجدها كذلك ، ومنها كاسحات الألغام ، فقام تكلم مع "عبدالكريم محرم" ومع العلفي ومع -راشد المعمري- الله يرحمه رئيس العمليات حينها ، واحتجزهم الرئيس داخل القاعدة وحاسبهم ، لكنه بعدما سافر رئيس الجمهورية ، قاموا وزجوا بي داخل الزنزانة في قيادة البحرية حتى عام 90 إلى 91م قضيتها في السجن تحملت في سبيل الوطن ، فلما نزلت لجنة الدمج بعد الوحدة حينها منعت من الوصول إلى اللجنة ومنعت اللجنة من الوصول إلي لترقيمي ومسحوني من الكمبيوتر وقالوا لي الله معاك ، الآن اسمي في صنعاء مسجل في الكمبيوتر " فرار " موجود اسمي ورقمي ، وفي شؤون المالية يوجد رقمي يحمله شخص آخر ، وأنا كل ما تأتي لجنة أطلع يطلع اسمي في كشوفاتها رحت إلى اللجنة التي جاءت في معسكر الراحة ما بين الضالع "رابطك" شهر هناك بحثاً عن اسمي الذي أسقطوه ، بعدين قابلت الأفندم " على قاسم طالب " قال لي اطلع صنعاء راجع طلعت ونزلت وحصلت اسمي ورقمي محل " الفرار " ومحل الراتب رقمي يحمله شخص آخر ، جلست ولما جاءت لجنة حق المحافظات رحت إلى عدن ، أجري نفس الشيء أي لجنة اسمع بها أجري وراءها أجري وراء كل ما يتعلق بلجان داخل الجيش، وأنا أقول ممكن الآن ، وأتردد أقول: دلحين بيحلوا مشكلتي قلت لنفسي دلحين أروح الصحافة لا والله ، لا أريد الحديث عن أسرار القوات المسلحة وعن قياداتي ، أنا وطني ، وأخاف على عيالي من الضياع .. لكن الآن لم أعد أفكر في الضياع ، لأنني أنا ضايع وزوجتي ضائعة وأولادي ضائعون أفكر بالموت بكى بحرقة أصبحت مشرداً لا مأوى لا بيت يبكي أولادي مشردين ، هل بعد هذا الظلم أفدح من هذا ؟!! أنا مقهور خدمت اشتغلت وقلت أنا وطني سيادة الرئيس، ماذا لو جاء حينها عدو ماذا سنقول له القطع حقنا خربانة ، فكان رد الرئيس ايجابي لكن ما إن طلع إلى صنعاء خربت حياتي لأنني وطني , سحبوا مني كل ما يثبت رقمي وحتى بطاقتي إثباتي هناك في شؤون الأفراد العامة ، رقمي واسمي موجود في كشف الفرار وأنا موجود أبحث أشارع أجري أستغيث ، الآن بطلت الخوف ، الآن أجري أفتش القمائم بحثاً عن علب الصفيح والبلاستيك زي المجنون أحاول أطعم أطفالي من القمائم ، زوجتي ذهبت إلى بيت أهلها بعد أن خربت حياتي نتيجة الظلم ، يوم أحصل قيمة الروتي ويوم ما حصل ، أبيت أنا وأطفالي جائعين ، أين أروح يبكي كلما جاء قائد أقول ربنا بيفرجها أمس وأنا داخل القاعدة البحرية مع زملائي أتكلم يا إخواني يعرفوني من ضمنهم قائد القطعة قال لي أنا ما أقدر أسوي لك أي حاجة ، أركان حرب اللواء/ علي درزي وعبد الرحمن السمان ، أتيت إلى عند الأفندم عبد الرحمن - قائد أركان حرب البحرية يا أفندم عبده أنت تعرفني إني كنت عسكري أعملي يا أخي مذكرة إلى صنعاء ، قال يا أخي مالي دخل اسمك نزل في البحرية روح تابع ، جاءت لجنة حق البصمة تكلمت معهم قالوا هذا شيء يرجع للقائد أتيت أمس لجنة رحت للقيادة يا أفندم ناصر شوفوا لي حل يا إخواني أنا أحق من الأقدمية بدل ما هو مطلوب من كل محافظة 30 فرداً أنا الأولى أعيدوني .. كنت أعمل ميكانيك سفن بفضل الله وبفضل يحي صالح دخلت إلى السلك العسكري عام 84م إلى 90 م رتبتي مساعد ثاني في تلك الأيام كان القائد/ عبدالكريم محرم من منا عارف عن وطنيتي ستكون عذاب علي وعلى أطفالي وستحرمن معيشتي ومعيشة أطفالي هم يستلمون رواتبهم وأنا معاقب بسبب صراحتي وحب للوطن من أعداء يقاتلونا ونحن قطعنا البحرية خربانة هم لديهم مزارع ورتب ورواتب وأنا متشرد إذا كان هؤلاء قطعوا معيشتي وحرمنا حياتي من على وجه الحياة فأنا أفضل لو تقوم القيامة الآن وابعث بين يدي الله بتعلق برقابهم يا الله أنصف لي عذبوني حرموني حياتي بهذلوني أذلوني دون ذنب فقط كنت أحب وطني خايف على الوطن والرئيس من الأعداء ..بعت بيتي وبعت كل ما لدي وأصبحت متشرد أصبحت حياتي نار نار نار رابطك أمام منازل القادة ولكن لا حياة لمن تنادي .. أمشي من منتصف الليل من السلخانة إلى البحرية أحلم برقمي أريد أن أعيش حياة البهائم في بيوت القادة .. أنا خدمت وطني ومستعد أن أخدمه على قصعة فول، أطفالي يا سيادة الرئيس ضحية من ، أقطع لساني واعدني للبحرية ولن أقول هذا مليح وهذا قبيح كيف يسروا البلاد هم أحرارا ، أطفالي يا سيادة الرئيس لم يعد يهمني شيء أنا من المراوعة عمري 48سنة من وادي سهام .. أتمنى أن تقرأ هذه الصحيفة وأن تسمع حديثي وستذكر اليوم الذي خرجت فيه من بين الصفوف لأقول لك الحقيقة لأجل الوطن ولأجل دولة أنت على رأسها، مأساة صبور ، واحدة من ضحايا غياب المسوؤلية وتفشي النفاق السياسي والوظيفي الذي ينخر سلطة أدمنت الفساد والظلم واهتزاز المسؤولية ، لتغيب معها المواطنة المتساوية ، والملازم " صبور " لا يزال صبوراً بانتظار أن يلتفت المسئولون لمأساته ويعاد له راتبه، أو أن ينتظر الموت حسرة على الوطن ...