من الطبيعي أن تتعدد الآراء عند الإجابة عن هذا السؤال و تختلف باختلاف مفاهيم الأشخاص عن المعاني الدلالية للأنوثة و لقوة الشخصية. فمن يفضل الأنوثة على قوة الشخصية، و هم أكثر الرجال، ترتبط الأنوثة لديه بالرقة و الدلال و النعومة والعاطفة، والصوت الخافت، و التبعية للرجل وترتبط قوة الشخصية عند المرأة بمعاني سلبية كالقسوة و العنف و الصوت العالي و الصرامة الزائدة و التعامل بلا حياء أو خجل مع الآخرين. ومن يفضل قوة الشخصية على الأنوثة، وهم القلة من الرجال، ترتبط الأنوثة لديه بالميوعة و الضعف و السلبية بينما قد تعني قوة الشخصية الثقة بالنفس الزائدة ، والجدية والثقافة مثلا. والحقيقة انه يوجد لبس في تحديد المفهومين اللذين تم تعريفهما على أساس اجتماعي ذكوري وانطلاقا من مفاهيم اجتماعية متوارثة عززها الموروث الشعبي وضعت المرأة في إطار نمطي ككائن تابع خاضع صامت في حضرة الرجل و أعطته مسمى جذاب و هو الأنوثة، وأنكرت على المرأة أي صورة تمرد على هذا الإطار فوصمتها بالشخصية القوية. والحقيقة أن كثيراً من النساء في مراكز القيادة (في أي مؤسسة) عززت المفهوم الخاطئ للشخصية القوية عند الناس عندما حاولن فرض صورة المرأة الحديدية، ربما كردة فعل نفسي لا إثبات ذاتها والانتقام من نظرة المجتمع الدونية لها، أو ربما دافع فطري يستحثها البقاء في مكانها كخصم للرجل. ومع الأسف حدث ذلك بارتدائها قناعاً مزيفاً اسقط ملامحها كامرأة، وخلقت صورة ممسوخة عن المرأة في مركز اتخاذ القرار، فرفعت صوتها، تجاهلت دورها كزوجة و أم، و تخلت عن كثير من عواطفها حتى لا تتهم بالضعف. لذا من الطبيعي أن يرفض الرجل أن يدخل في شراكة مع امرأة ذات "شخصية قوية" لأنه لا يريد في الأخير أن يتزوج رجلا آخر. قوة الشخصية لا تلغي رقة المرأة ولا تتناقض مع حقيقتها ككائن عاطفي جميل، و إنما تعززها. الشخصية القوية كما يتفق عليها علماء النفس تعني شخص يتمتع صاحبها بتوازن نفسي وانفعالي، منسجم مع من حوله، متصالح مع ذاته، واثقا بنفسه و مدركا لإمكانياته. شخصية قادرة على خلق صلات ايجابية مع الآخرين، و امتلاك القدرة على تحقيق توازن اسري ثابت. الشخصية القوية تعني القوة في قيادة العواطف بعقلانية، و القدرة على التحكم بالذات و السيطرة على المشاعر السلبية والانفعالات و التعلم من الأخطاء و التجارب. ومن صلب صفات الشخصية القوية أيضا احترام الذات و التواضع و القدرة على التحمل و الصبر وتحمل المسئولية،الشخصية القوية شخصية دافئة، حنونة، مرهفة الأحاسيس، قادرة على الحب والعطاء. ألا تتفق معي عزيزي القارئ الآن أن الأنوثة و قوة الشخصية هما وجهان لعملة واحدة. في الأخير، ليس من الصعب أن تحقق المرأة معادلة الأنثى القوية، و بدلا من المرأة الحديدية تصبح المرأة الحريرية. المرأة ذات الحضور الهادئ لكنه آسر، الخجولة لكنها معبرة، التي تشعر الرجل بمكانته و رجولته و لكنها تفرض عليه احترامها.