بعيداً عن ساحات الحرية والتغيير والمعتصمين فيها، وبعيداً عن الأحزاب والمتحزبين، وبعيداً أيضاً عن مسؤولى المحافظة والموظفين والمؤتمرين، حاولنا أن نجس نبض الشارع في محافظة إب حول الأوضاع التي تمر بها منذ بداية الثورة وحتى اليوم، التقينا اثنين وطرحنا عليهما العديد من الأسئلة منها هل ما تمر به البلاد اليوم بسبب الثورة والمعتصمين في الساحات وقيادات اللقاء المشترك كما يقول أنصار النظام؟ وهل كنا فعلاً بحاجة إلى مثل هذه الثورة؟ وهل الشباب المعتصمون في الساحات وكل من أعلن تأييده وانضمامه إلى الثورة الشبابية الشعبية السلمية قادرون على إخراج البلاد مما نحن فيه وتولي القيادة والشروع في إصلاح الأوضاع والانتقال إلى الدولة المدنية الحديثة المنشودة؟...فإلى الحصيلة:- علي العودي :على قيادات المشترك أن تقف بعيداً عن المبادرات والتصريحات الإعلامية وعلى شباب الثورة التسريع في الحسم وترحيل بقايا النظام البداية كانت مع الشاب/ أحمد عبده البعداني –صاحب باص- ومنتظر دوره ضمن طابور طويل أمام محطة مارح للحصول على البترول والذي رد قائلاً: أولاً: بالنسبة لما تمر به البلاد من أوضاع سيئة للغاية، فليس هناك علاقة للمعتصمين أو المعارضة أو غيرهم بتلك الأوضاع لأننا منذ أن عرفت نفسي ونحن في أزمات للغاز وانقطاع متواصل للكهرباء وانتشار الحروب القبلية وحروب الدولة في صعدة والمحافظات الجنوبية وفي مأرب وغيرها، أضف إلى ذلك مسلسل الجرع المتواصل في رفع أسعار المواد الغذائية وغيرها، لكن هذه الأيام ازدادت الأوضاع سوءاً، لأن هناك من خلع ثياب الخوف وخرج إلى الشارع بالصدور العارية، ليقول: كفى فساداً وظلماً ونهباً للثروات، وعندما عجز الطرف الآخر عن إعادة المعتصمين إلى منازلهم لجأ إلى سياسة فرق تسد من خلال محاربة المواطن العادي بإخفاء وقطع الخدمات الأساسية والوسائل الضرورية للحياة وكأنها ملك خاص به، وذلك لغرض الدفع بالمواطنين العاديين للمواجهة مع المعتصمين وأصحاب الخيام، وبذلك يظل هو بعيداً ويفشل المعتصمين في تحقيق أهدافهم. أما بالنسبة للحاجة إلى الثورة، وبالرغم أنني لست من المعتصمين، لكن أؤكد لك أن الثورة قد تأخرت كثيراً، فخلال العشرين عاماً الماضية انتشر الفساد بشكل غير عادي في مختلف المرافق الحكومية وصارت الرشوة روتيناً يومياً وبالملايين وكشر رجال الأمن عن أنيابهم تجاه المواطن العادي في أقسام الشرطة ووصل الفساد والرشوة إلى النيابات والمحاكم، وعرفت الرشوة طريقها إلى منازل القضاة والمحاكم وأعضاء النيابات عبر سماسرة معروفين، أما أمناء سر أو وكلاء شريعة أو مرافقين، أو للأسف محامين وغيرهم، وصارت الدولة وموظفوها أو بمعنى أصح النظام وموظفوه يتعاملون مع المواطنين حسب ما يدفعونه من رشوة وهذا مواطن من الدرجة الثانية وذلك من الدرجة الثالثة وهكذا، وأنت احسبها عشرين عاماً وأكثر ونحن على هذا الحال وما قد ينتج عن ذلك. طبعاً في البداية تدهور الوضع الاقتصادي للبلاد وانتشرت رقعة الفقر والمجاعة ونضوب الثروات الجوفية المعدنية منها والمياه والثروة السمكية والحيوانية وغيرها، بالإضافة إلى ارتفاع معدل البطالة وتدهور مستوى التعليم والأداء وغياب روح المسؤولية والضمير لدى الكثير وانتشار مختلف الجرائم التي لم نكن نسمعها من قبل وهكذا. أما بالنسبة لقدرة هؤلاء المعتصمين وغيرهم على قيادة البلاد وإصلاح الأوضاع، فهذا ليس ببعيد، بل إن أي مواطن يمني لا يزال يحمل في جوفه روح الانتماء لهذا الوطن ولديه ضمير صادق ونية مخلصة في إصلاح الوضع، فبقدرته تحقيق ذلك، طبعاً وإلى جواره البطانة الصالحة ما دام هناك قانون يحكم الجميع وثواب وعقاب للصغير والكبير دون تمييز، لكن ما أريد أن أختم به حديثي هو أن أي ثورة ضروري أن يكون لها تضحيات، وكلما طال أمد الثورة كانت الخسارة جسيمة وأنا هنا أتساءل من هؤلاء الثوار، اليوم مرت أربعة أشهر؟ ماذا قدمتم وماذا تحقق من أهداف ثورتكم، متى ساعة الحسم وماذا تنتظرون؟ يجب أن تدركوا تماماً أنه كلما طال اعتصامكم في الساحات وطال أمد ثورتكم وتأخر موعد الحسم، كلما تفنن هذا النظام في قتل الشعب اليمني بمختلف الوسائل، وكلما أسرع في نهب ما تبقى من ثروات وخيرات البلاد والضحية في الأخير هم نحن عامة المواطنين وكذا فشل ثورتكم لا قدر الله، فلا تتجاهلوا هذه الحقيقة وأسرعوا قبل أن يقع الفأس بالرأس. أما الأخ/ علي العودي فقد حمل أحزاب المعارضة ما آلت إليه الأوضاع في البلاد، حيث قال: كلنا مع الثورة الشبابية السلمية، كل يمني سواء في الحزب الحاكم أو المعارضة وكذا المستقلين يتوقون إلى دولة مدينة حديثة، دولة نظام وقانون على الجميع لا دولة مشائخ وضباط وتجار وغيرهم، فما أن خرج المعتصمون إلى ساحات الحرية والتغيير حتى هللنا وكبارنا فرحاً بهذه الثورة التي نحلم بها منذ سنوات مضت، لكن للأسف استغلت أحزاب المعارضة رياح التغيير التي اجتاحت البلدان العربية وحاولت القفز على الواقع واستغلال الثورة لمصالح حزبية بحتة، دون الالتفات إلى المصلحة العامة. أحمد عبده البعداني :أي مواطن يمني يحمل في جوفه روح الانتماء لهذا الوطن يستطيع إصلاح الوضع بشرط وجود بطانة صالحة لقد دعت المعارضة أنصارها للخروج إلى الساحات تأييداً لثورة الشباب ودعمها وفي الوقت نفسه لم تترك الشباب يديرون شؤونهم بأنفسهم، حيث صارت قيادات المعارضة تتحدث باسم الثورة وشباب الثورة وبين الحين والآخر تظهر تلك القيادات عبر الفضائيات لمناقشة المبادرات والحلول مع أركان النظام والأشقاء وتهرول تلك القيادات لمناقشة المبادرة الخليجية ومن ثم التوقيع عليها، وهكذا تم اختزال الثورة بمسيرات احتجاجية وبيانات وتصريحات إعلامية عبر الفضائيات دون إحداث أي تصعيد ثوري آخر، حتى العصيان المدني في البداية استجاب أصحاب المحلات لدعوة العصيان، لكن بعد ذلك تراجع الكثير بعد أن طال أمد الثورة. المعارضة قالت إنها من خلال ممارساتها تلك تسعى إلى إنجاح الثورة وفي نفس الوقت حقن الدماء اليمنية، ولكن ما هي النتيجة؟، طبعاً كل يوم عشرات القتلى هنا وهناك في مختلف محافظات الجمهورية منذ بداية الثورة وإلى اليوم، أربعة أِشهر ومسلسل القتل متواصل من قبل النظام وكلما طال أمد الثورة كلما تفنن النظام في قتل الشعب اليمني. اليوم هناك حروب في أبين ولحج ونهم وأرحب والحيمة، اليوم هناك أزمات يعاني منها الشعب اليمني في الكهرباء وانعدام الديزل والبترول والغاز ويرافق ذلك ارتفاع في أسعار المواد الغذائية وأجور المواصلات، وتعطل المستشفيات وتسريح آلاف العمال في ا لقطاع الخاص إلى جانب الملايين العاطلين مسبقاً، هنالك انفلات أمني وفوضى في مختلف المرافق الحكومية. لقد انتصر النظام علينا وتحققت آماله، هنالك مجاعة تنتظرنا وحروب أهلية تهدد مصيرنا وأنا هنا أتساءل: ماذا لو أن قيادات المعارضة وقفت بعيداً وتركت شباب الثورة يزحفون إلى القصر لترحيل الرئيس وإسقاط النظام عقب جمعة الكرامة؟ أجزم بأن الحرس والأمن لن يتجرأوا على قتل من قد قتلوا منذ بداية الثورة إلى اليوم. وحتى نكون أكثر صدقاً وواقعية أتساءل في ظل هذه الأوضاع السيئة والخطيرة جداً أي مجنون يفكر في قيادة البلاد وإخراجنا مما نحن فيه؟. لذا أؤكد بأن الفرصة لا تزال قائمة، فعلى قيادات المشترك أن تقف بعيداً عن المبادرات والتصريحات الإعلامية لبعض الوقت، وعلى شباب الثورة التعجيل في الحسم الثوري وترحيل بقايا النظام وتحقيق كافة أهداف الثورة دون الانتظار لأي موافقة داخلية أو خارجية، فالوطن أصبح أمانة بين أيديهم وهذه ثورتهم ومسؤوليتهم في إنجاحها أو لينتظروا محاكمة الشعب اليمني.