الطفل عبد القادر يحيى محمد في السادسة من عمره، يحمل بين جنبيه قلب عصفور ولد للتو ولكن به من الألم ما يهدد طفولته، حين زرته في منزله المتواضع جاء إلي ومد يده مصافحا ثم جلس في حضني، تحدث معي ببراءة الطفولة عن كل شيء وحين سألته عن ألمه وضع يده في صدره وأزاح قميصه قليلا واراني اثر بارز لعملية جراحية، ثم قال ( بيدق قلبي قوي ويوجعني قوي)، لم أعرف كيف أرد عليه ولكنه واصل( أشتي العب مثل أصحابي في الحارة، وجدتني أيضا عاجزة عن الحديث، سألته عندما تكبر ماهي أمنيتك رد بابتسامة خجلة (اعمل العملية وأقع صحفي أو عسكري)، لا اعرف تماما وجه الشبه بين هؤلاء الصنفين ولكنه حلم مشروع.. في 3/8/2009م دخل عبد القادر إلى المستشفى وأجريت له الفحوصات وتم تشخيص حالته بأنه مصاب ( برباعية فالوت)، وهي تشمل فتحة كبيرة بين الأذينين مع تضيق شديد في مخرج البطين الأيمن والصمام الرئوي، أقرت عملية جراحية لعبد القادر، وحين عمل الأطباء مشرطهم في قلبه الصغير تبين لهم عدم وجود الشريان الرئوي الأيسر على الرغم من أن الشريان الأيمن موجود بحجم طبيعي، فقرر الأطباء غلق الجرح وعدم إجراء العملية. وطلب الأطباء من والد عبد القادر أن تجرى قسطرة لمعرفة مصدر تغذية الرئة اليسرى، وعمل توحيد الشرايين الفرعية للرئة اليسرى..!! لم يستطع والد عبد القادر من العمل بنصيحة الأطباء الذين كل ما فعلوه هو فتح صدر طفله وغلقه وإعلانهم أنه من المستحيل إجراء عملية؛ بسبب العيب الخلقي المتمثل في عدم وجود الشريان الرئوي الأيسر، يتحدث الأب بحسرة وألم عن صغيره وعن قلة الحيلة التي تجعله يراقب لحظات الألم التي تجتاح حياة صغيره وتجعل أنينه يملأ أرجاء منزله المتواضع. بالنسبة لي لم استطع مقاومة نظرات عبد القادر وهو يشير إلى قلبه المتعب والموجوع، حاولت ابتلاع غصة بحجم الألم الذي زرعته نظراته وكلماته في قلبي، وعدت لأكتب ما رأيته وسمعته وأحسسته كما كان وكما هو ربما تجد الطريق إلى قلوب تمتد لتنعش قلب هذا الصغير الذي أنهكه الألم. هذا شهر تضاعف فيه الحسنات، وينادي فيه مناد ( يا باغي الخير أقبل) .