حكاية العميد التلالي، حكاية طويلة من التحدي والتفوق والبطولة والتجدد والتواصل والإنجازات والإخفاقات.. حكاية العميد التلالي عمرها قرن ونيف، فهو عميد الأندية اليمنية والجزيرة والخليج العربي، الذي استهل مشواره الرياضي الطويل عبر المبادرات الذاتية والناجحة لمجاميع من الرياضيين في كريتر (فوة البركان) أو (عدن القديمة)، ويؤرخ التاريخ الرياضي وبالذات الكروي هذه المبادرات الذاتية والجادة للرياضيين في عدن، وذلك بإقامة وتشكيل وتأسيس نادي الترفيه المتحد الرياضي في كريتر عام 1952م، وهذا النادي عانى من الإهمال والتجاوز في زمن الحكم الشمولي، ليدشن بعد ذلك قيام وتشكيل وتأسيس نادي الاتحاد المحمدي الرياضي في كريتر، البداية الحقيقية والقيمة لتاريخ ممارسة كرة القدم، وذلك باعتباره أول نادٍ رياضي أهلي يمني يتم إنشاؤه وتشهده اليمن والجزيرة والخليج العربي، والذي خرجت من جلبابه الكثير من الأندية التي توزعت أرجاء كريتر، وملأت ساحات التنافس الكروي الجميل والبديع الذي تنافس على تقديمه مجاميع من الرواد والنجوم التي شكلت علامة فارقة في مسار وتاريخ ممارسة الكرة في عدن، حيث شكل ظهور وتشكيل هذه التجمعات الرياضية بمختلف ألوانها وأطيافها ومشاربها إضافة موفقة أسهمت كثيرا في نشر الممارسة الرياضية في عدن بشكل عام وكريتر خاصة، والدفع بها خطوات واثقة وموفقة ومتطورة نحو الأفضل. الامتداد.. التواصل ********* منذ 18 يوليو 1957م، يوم إشهار نادي التلال الرياضي والثقافي، وذلك تنفيذا لقرار دمج أندية عدن، وإقامة أندية الأحياء في عدن والصادر عن اللجنة التنفيذية للمجلس الأعلى للرياضة للمحافظة الأولى (عدن) برئاسة الأخ محمد سعيد عبدالله (محسن) وزيرا من الدولة وقتها ورئيس اللجنة التنفيذية. منذ يوم الإشهار هذا وظهور نادي التلال الرياضي في الساحة الرياضية في عدن .. شعاره قلعة صيرة التاريخية الشهيرة في مدينة كريتر – كورنيش شرعي وامتداد طبيعي ومتطور لنادي الاتحاد المحمدي الرياضي أول نادٍ رياضي أهلي في اليمن والجزيرة والخليج العربي وبقية التجمعات الرياضية المتعددة في كريتر. ولقد شكل ذا الامتداد هذه التركة المثقلة عبءً ثقيلا وكبيرا على النادي الجديد القديم، حيث مر نادي التلال الرياضي منذ إشهاره وحتى اللحظة الراهنة بالكثير من المراحل العديدة والمتفاوتة التي شكت في حصيلتها الإجمالية والنهائية إبعاد أفق التطور المتعدد الجوانب سلبا وإيجابا. ففي المرحلة الأولى التي مر بها العميد التلالي كانت عبارة عن البداية المضطربة والتي شهدت محاولات جادة للعمل على استقرار أوضاع البيت التلالي والتي عانت هذه الأوضاع الكثير من مظاهر الضبابية والاهتزاز، وعدم الاستقرار الإداري والفني بصورة عامة.. مما انعكس ذلك سلبا على إجمالي الأداء التلالي بصورة عامة. كما اتسمت المرحلة الأولى هذه بابتعاد واختفاء الكثير من الكوادر التلالية ذات الخبرة الطويلة والتجربة العليا والفنية، وذلك نظرا للتداعيات السلبية لعملية الدمج التي تمت بطريقة قسرية، وبفعل إصرار ونفوذ الأخ محمد سعيد عبدالله (محسن) – وزير أمن الدولة، رئيس اللجنة التنفيذية للمجلس الأعلى للرياضة للمحافظة الأولى (عدن)- ليبلغ إصراره على نجاح تنفيذ هذا الدمج القسري إلى حد أنه أجبر نادي الشعلة الرياضي على التنازل القسري عن فانلته الحمراء واستبدالها بفانلة التلال الصفراء وبطريقة استفزازية لاقت الكثير من الاستنكار والرفض من قبل مجاميع رياضية، وقد قام بذلك الأخ محسن إرضاءً لعناصر مقربة إليه في نادي المفضل نادي الشباب الرياضي (النادي الأهلي الرياضي فيما بعد). الاستقرار والازدهار ********* وأعقبت مرحلة البداية المضطربة مرحلة الاستقرار والازدهار ومن أبرز قادة هذه المرحلة الزاهية، هم كل من مراد شطارة والفقيد علي فضل علي والفقيد فضل منيباري وجميل عبدالمجيد ثابت وعبدالله إبراهيم محمد وعبدالحميد السعيدي والفقيد عثمان علي أحمد وغيرهم.. وفي هذه المرحلة الذهبية احتل التلال صادرة الحصاد الكروي الشامل، بحيث أصبح التلال والبطولة وجهان لعملة كروية واحدة ورائجة ومتداولة، فقد تنقلت الكتيبة التلالية من إنجاز إلى إنجاز بقيادة الكابتن أنور عفوري وناصر الماس وعبدالله خوباني وإبراهيم علي أحمد ولا أنسى هنا الدور الإيجابي الذي قام به كل من الكابتن أحمد محمود دحمان وأحمد صالح زغلول ونصر صياد وكمال صالح عبدالله في تعزيز قدرات الكتيبة التلالية من خلال الاعتناء والاهتمام بفئات البراعم والناشئين والشباب، الأمر الذي كان له الأثر الإيجابي البارز. وكان في هذه المرحلة الذهبية التلال في أوج ازدهاره ومجده الكروي الباهر وأيامه الذهبية، وكان آخر عهد للتلال مع البطولات إحرازه بطولة الدوري التصنيفي لكرة القدم أول دوري كروي يقام في ظل الوحدة المباركة، وذلك في أيام رئاسة الأخ عبدالجبار سلام لنادي التلال.. وبعدها دخل النادي المرحلة الرمادية، وذلك لأن دوام الحال من المحال وسرعان ما شهد نادي التلال تراجعا كبيرا ولم تفلح المحاولات الجادة على كثرتها في إيقاف مد التراجع الكبير، حيث ظلت الكتيبة التلالية الكروية باعتبارها أبرز مظاهر التطور التلالي والتواجد الإيجابي على منصات التتويج ظلت تراوح صعودا وتدنيا دون تحقق الاستقرار المطلوب والمنشود. السماوي.. دشن مرحلة المال ************* لا ينكر أي تلالي مخلص وصادق مع نفسه بأن مرحلة تدفق الأموال على البيت التلالي دشنها قدوم المهندس المخلص أنيس ناصر السماوي وتوليه رئاسة نادي التلال الرياضي والثقافي في إبريل 1999م.. وللأمانة فإنه بالسماوي دشنت مرحلة جديدة مختلفة في مشوار البيت التلالي، حيث يعود الفضل الأول الكبير في البدء بإقامة وإنشاء البنية التحتية لنادي التلال الرياضي الذي كان يعيش واقعا مريرا ومزريا له كنادٍ عريق ورائد، حيث كان مقر النادي لا يليق به بأي حال من الأحول، كما شكل قدوم المهندس أنيس السماوي نقلة نوعية موفقة ومتميزة في مشوار العميد التلالي، حيث سادت أجواء من الاستقرار والهدوء والانتعاش في الجوانب الإدارية والفنية. والغريب – حقا – أن ينال المهندس السماوي (جزاء سنمار)، وذلك بأن تأمر إزاحته والمجئ بالدكتور صالح باصرة بدلا عنه وقبل ستة أشهر، وقد فضح الدكتور صالح باصرة أمر هذا التآمر في اجتماع عام لأبناء البيت التلالي، وهذا كان له الأثر السلبي على نفسية المهندس أنيس السماوي الذي غادر إلى التلال، وهو يلملم جراحه جراء هذا التآمر المخزي على من كان هو المنقذ للبيت التلالي من الانهيار. وتولى بعد ذلك الدكتور صالح باصرة رئاسة نادي التلال، وتواصل تدفق الأموال مع اهتمام واضح للدكتور صالح باصرة بإرسال قواعد العمل المؤسسي بهدف تحويل النادي إلى مؤسسة رياضية متكاملة، كما قام ببناء غرفتي الأولى مكتبة، وهي اليوم تنعي من بناها، وعشش فيها العنكبوت، والأخرى للنشاط والشئون المالية، وبصراحة الوقت لم يسعف الدكتور صالح باصرة في إتمام ما بدأ به لينهار كل شيء بعد رحيله المفاجئ إلى صنعاء لاستلام عمله كرئيس جامعة صنعاء، ورفض أن يظل رئيسا لنادي التلال ويديره عبر الهاتف الجوال. وبقدوم الأخ رشاد هائل رئيسا لنادي التلال تواصل زخم تدفق الأموال، وفي أيامه قام المدرب القدير الكابتن سامي نعاش بإنجاح صفقة احتراف مع اللاعبين الأثيوبيين الثلاثة، وحقق الكابتن سامي نعاش أيام رشاد هائل إعادة التلال إلى منصبه التتويج بعد غياب أكثر من (16) عاما، وغادر الأخ رشاد هائل نادي التلال مكللا بالإنجاز الكروي الباهر، ليأتي بعده الدكتور عبدالوهاب راوح إلى رئاسة نادي التلال، وشهدت هذه الفترة تراجعا ملحوظا في تدفق الأموال إلى البيت التلالي، الأمر أوجد بعض الإشكاليات والاختلافات التي أدت بالمقابل إلى هبوط نادي التلال المدوي إلى الدرجة الثانية، وذلك بفعل فاعل عبر مؤامرة واضحة المعالم من قبل البعض، بالإضافة إلى سيادة أجواء من التهاون والتراخي بعدد من أبناء الكتيبة التلالية. حسن سعيد.. رمانة الميزان ******** مهندس البيت التلالي القدير حسن سعيد قاسم كان بحق وحقيقة وبكل الصدق رمانة الميزان، وصاحب الدور الأبرز في قيادة مسيرة البيت التلالي وبصورة جيدة ومثالية إلى حد بعيد، وجاء ذلك على حساب صحته ووقته وماله، وتمكن بأدائه الراقي من إيصال مسيرة الكتيبة التلالية، ونحمل بشجاعة نادرة المسئولية الكاملة لتداعيات هبوط الفريق التلالي لأول مرة في التاريخ، وأصر بكل أمانة وصدق وعناد على البقاء، وتحمل المسئولية والقيادة للبيت التلالي حتى تحقق صعود الفريق التلالي السريع والعودة الموقفة إلى موقعه اللائق به وفي الصدارة والنخبة. ولقد أدى المهندس التلالي الشهير حسن سعيد قاسم مهمته الصعبة والمستحيلة على أكمل وجه وبنجاح باهر وكبير ونال إعجاب وتقدير واحترام الرياضيين في بلادنا.. هكذا هم الرجال الكبار دوما. حملة إنقاذ ******* في مستهل عام 2009م تعرض نادي التلال الرياضي لفراغ إداري شامل إثر الاستقالة الجماعية للأستاذ حسن سعيد قاسم وبقية أعضاء الإدارة، وظلت رئاسة التلال في المزاد لفترة من الوقت وأثر ذلك بالمقابل على إجمالي الأداء التلالي حتى شارف الفريق الكروي على الهبوط للمرة الثانية، وهنا تم الترتيب على عجل لحملة إنقاذ للعميد التلالي لم يسبق لها مثيل وقاد هذه الحملة كل من الأخوين/ عارف عوض الزوكا –رئيسا للنادي، وحافظ فاخر معياد – نائبا للرئيس، ورافق قدومها بتدفق أموال طائلة، حيث كان الصرف على المفتوح، ونجحت حملة الإنقاذ في أداء مهمتها، حيث ظل التلال في الدرجة الأولى والنخبة والكبار، ولكن بشق الأنفس وبعد جهد جهيد. بيت الغرباء ********* التلال.. وما أدراك ما التلال.. أعرق وأقدم أندية اليمن والجزيرة والخليج العربي، كما يتحدث التاريخ، هذا النادي العريق والكبير الذي كان في أيامه الذهبية حلم عزيز المنال وأمنية طالما راودت مختلف اللاعبين في كل اليمن لنيل شرف ارتداء فانلته الحمراء، هذا النادي العريق، فقد ظله وهيبته ومكانته وتحول بفعل سياسة الصرف العشوائي للمال التلالي الوفير.. وكيفما اتفق من النقيض إلى النقيض، من مجرد حلم وأمنية غالية إلى بيت للغرباء بعد أن شهدت الكتيبة التلالية ممارسة عشوائية لاستقطاب اللاعبين المحليين والأجانب من كل حدب وصوب وعلى طريقة (حاطب ليل) دون ضوابط ولا سياسة مرسومة لعملية الاستيعاب، الأمر الذي أدى معه إلى تكدس لاعبين ذوي إمكانيات وقدرات عادية وبعضهم انتهى عمره الافتراضي في الملاعب ويسحب ويجر أقدامهم جرا، وفي بيت الغرباء هذا لا هم لساكنيه سوى جمع الأموال وتحسين أوضاعهم المعيشية، وكأن نادي التلال قد تحول إلى فرع صندوق الرعاية الاجتماعية، وجاء كل ذلك على حساب أبناء التلال اللاعبين المخلصين الذين يفوقون كل أهل بيت الغرباء إمكانية وقدرات على العطاء الجزيل، وهكذا فتحت وأسالت سياسة المال المهدور والسائب، وحنفية المال التلالي المفتوحة لعاب هؤلاء اللاعبين، بل وشاركهم بعض الإداريين في التهام الكعكة التلالية الدسمة والشهية كل بقدر حجمه ومقدرته على الالتهام، وأصبح الانتساب إلى نادي التلال مغنما وليس شرفا وحلما وأملا كما كان في سابق العصر والأوان، وعلى كل التلاليين الشرفاء والمخلصين تكثيف جهودهم لإلغاء بيت الغرباء، هذا والسعي الدؤوب لإعادة العميد التلالي إلى سابق ظله الوافر وهيبته وسمعته واعتباره ومكانته السامية في رحاب الرياضية اليمنية.