استعرض باحثان بارزان متخصصان بالشؤون العربية موقف العراق من أحداث الأزمة السورية، في محاولة لتحليل موقف رئيس الحكومة نوري المالكي وغيره من القوى والشخصيات. وحسب ما أوردت وكالة كردستان للانباء (آكانيوز) فقد اعتبر هذان الباحثان أن موقف بغداد يتلخص بأنها تلقي ب "طوق نجاة" للرئيس السوري بشار الأسد، لأسباب متنوعة، من بينها العامل الإيراني. وقال الباحثان احمد علي وديفيد بولوك في تقرير لهما في "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى" الاميركي للأبحاث، إنه "من اللافت أنه في الوقت الذي يواصل فيه الرئيس الأسد، الذي أصبح في عزلة متزايدة، قمعه الدموي ضد انتفاضة شعبية، ترمي إليه العراق طوق نجاة". وتحدث التقرير، الذي نشرت وكالة كردستان للأنباء (آكانيوز) أمس الجزء الثاني منه، عن وجود "ضغوط مكثفة من جانب الإيرانيين تقف وراء موقف بغداد تجاه سوريا حيث كثفت إيران على سبيل المثال مؤخراً من قصفها للمناطق الحدودية العراقية في إقليم كردستان شمال البلاد. وأوضح الباحثان أنه في حين كانت التصرفات من هذا القبيل موجهة في الظاهر ضد حفنة من المتمردين من "حزب الحياة الحرة" في كردستان، إلا أنها تؤشر في الواقع على قدرة إيران على معاقبة العراق وحكومة إقليم كردستان إذا إما انحرف إحداهما بعيداً عن تفضيلات سياسة طهران. وتابعا انه مما يعزز هذه الفرضية أنه في الخامس من أيلول/سبتمبر رفضت إيران على الفور عرضاً بوقف إطلاق النار من حزب الحياة الحرة لكردستان المعارض، ورداً على ذلك، يقال أن رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني قد ألغى في السابع من أيلول/سبتمبر زيارة لطهران. وعلى الصعيد الغربي، حذرت صحيفة إيرانية كبرى في 29 آب/أغسطس من أن سوريا يمكن أن تقوم بتصدير "الحرب" لجيرانها لو تحولت تلك الدول ضد نظامها، وفي اليوم نفسه حذرت صحيفة طهرانية أخرى من أن المسلمين سينزلون إلى الشوارع احتجاجاً على أية حكومة تتخلى عن الأسد. كما أشارا إلى أن الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر، المتحالف مع إيران، قد أعلن في أواخر آب/أغسطس أنه يقف الآن ضد الدعوة لاستقالة الأسد "من قبل زعيم الشر أوباما وغيره". وخلص الباحثان إلى القول أن مثل هذه التهديدات من الخارج والداخل هي فعالة "لأن العراق ضعيف وغير مستقر ومشغول بمشاكله الداخلية الخطرة، وبالطبع موقعه بين إيران وسوريا". وتابعا "تسود مخاوف عراقية من الضغط من قبل إيران لدرجة أن كثيرين من المسئولين العراقيين يخشون سراً من أنه لو سقط الأسد فسوف تضاعف طهران من تدخلها في الشؤون العراقية تعويضاً عن خسارتها لحليفها السوري". ونقل علي وبولوك في تقريرهما عن المحلل السياسي البغدادي إحسان الشمري قوله إن "إيران التي تدعم النظام السوري هي اللاعب الرئيسي في العراق، ومن ثم فإن اتخاذ موقف مختلف ... قد يؤثر سلبياً على الكثير من الملفات المشتركة بين العراق وإيران".