حينما يغيب الأمن والعدالة وتفقد الدولة هيبتها، حينها تستباح دماء وأعراض وممتلكات الناس ممن لا يحملون ضمائر الإنسانية، أشباه الوحوش الضارية في الغابات المتسترة في ثياب الإنس خالية قلوبها من الإيمان والوازع الديني وقاسية كالحجارة أو اشد ويبقى المواطن يعيش في قلق دائم متربع في قلبه وخوف يسود أهل بيته من أن يكون أحداً منهم ضحية أخرى لعصابات إجرامية.. ولأجل ذلك أجمعت كافة القوى السياسية والاجتماعية والدينية بحضرموت حين اندلاع الثورة بما فيها قوى الثورة والسلطة الحاكمة والمعارضة والمجلس الأهلي مع العلماء على أن لا تكون حضرموت ساحة للصراعات الخارجية وحتى لا يتكرر سيناريو صيف 94م بتحويلها إلى ساحة حرب وفيد وغنيمة لأجندة خفية ولإطماع أجنبي، متناسين أمنها واستقرارها الداخلي وعلى ما يبدو لم يضعوه في الحسبان،وأكد الجميع على استمرار الحياة الطبيعية بكل جوانبها السياسية والاقتصادية والتعليمية، الأمر الذي أدى إلى استتباب الأمن في الأشهر الماضية القليلة وتشهد مدينة المكلا في الشهر الأخير من عمر الثورة انفلاتاً امنياً غير مسبوق بلغ ذروته حيث تم تنفيذ جرائم بشعة نفذها مجرمون محترفون بكل ثقة ودونما خوف من أن تصلهم يد العدالة خلال الأيام القلية الماضية وكان آخرها اغتيال نائب مدير البحث واستهداف جنود من شرطة النجدة أثناء تأدية واجبهم الوطني في حماية المدينة، والاعتداء على الاعتصامات السلمية بإطلاق الرصاص الحي على الشاب الحامد(عيون) فأردوه قتيلاً. وشهدت المدينة عمليات اختطاف كان ضحاياها أطفال، حيث تعرض الطفل البكري لاختطاف من أمام بيته،فيما تعرض الطفل أصيل محمد المقري البالغ من العمر عشر سنوات مساء أمس لمحاولة اختطاف فاشلة بعد أن اعتدى الخاطفون عليه وسحبوه بالقوة إلى داخل السيارة وأشهروا السلاح عليه عندما كان يلعب بصحبة رفاقه جوار منزله الكائن بمنطقة الديس حسب ما تحدثت بذلك مصادر صحفية ومحلية وبالإضافة إلى تلك الأعمال من قتل واختطافات ظهرت أيضاً في المكلا حملة اعتقالات واسعة طالت عدداً من شباب الثورة في المحافظة، الأمر الذي دفع بخيار الحسم الثوري إلى الواجهة بعد أن زادت مطالب الثوار في ساحة المكلا التي تشهد زخماً ثورياً غير مسبوق، وتوتر الأجواء السياسية بين شباب الثورة والسلطة القاضية بحمايتهم وامن واستقرار المنطقة والتي يتميز بها شباب حضرموت عن غيرهم في المحافظات الأخرى وتنوعت الجريمة وتعدد منفذوها بأيادي مجهولة وبطرق متنوعة دون الكشف عن هوية البعض من منفذيها ممن يمارسون تلك الأعمال الإجرامية،وحين كان يخيم الصمت على ساكني مدينة المكلا، لكن هذه المرة عنوانه " الخوف والرعب " الذي دب في نفوسهم خوفاً من أن يكونوا الضحية القادمة لغياب الأمن. و أثر هذا الانفلات الأمني التي تشهده المكلا هذه الأيام على الحركة الاقتصادية في المدينة حيث تغلق المحلات التجارية والمكاتب والعيادات أبوابها في وقت مبكر من الليل للحيطة والحذر وبفعل ذلك تصبح شوارع المدينة خالية من المارة لتضع علامة استفهام لمشاهدها وكأنها تعيش حالة طوارئ في حرب ساحقة. من جانبه اتهم رئيس المجلس الثوري بحضرموت صلاح باتيس أمس الإدارة الأمنية بالتسبب في الانفلات الأمني الذي تشهده المدينة. مرجعاً أسباب ذلك لممارسة السلطة الأمنية في حضرموت بعض التصرفات الخاطئة وترك كل من هب ودب يسرحون ويمرحون في المحافظة دون ما وضع حد لتلك المهزلة السمجة حسب تعبيره. وقال النائب صلاح باتيس في تصريح خاص ل "أخبار اليوم" أمس أن شباب حضرموت سيدشنون مرحلة التصعيد لإسقاط بقايا النظام بل وإسقاط النظام برمته لتقتدي بهم بقية المحافظات الأخرى، داعياً لسرعة الحسم الثوري في القريب العاجل.