نظم مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان بالتعاون مع مؤسسة المستقبل الدولية "F.F.F" أمس الأول بعدن ورشة العمل الأولى للعام 2012م الخاصة بالوقوف أمام الأوضاع الإنسانية للنازحين من محافظة أبين والذين استقروا في مدارس محافظة عدنولحج، ضمن مشروع "نشر ثقافة حقوق الإنسان وتقديم المساعدات القانونية"، ويعد الأول في اليمن من حيث الاهتمام والتركيز على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، تم فيه رصد ميداني للانتهاكات ذات الصلة المباشرة بحياة الناس وحقوقهم. وفي ورشة العمل التي خصصت لمناقشة أوضاع نازحي أبين في مدارس عدنولحج والصعوبات والمشكلات والمعاناة التي واجهها النازحون لضمان حصولهم على حقوقهم، قدم مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان تقريراً أشار فيه إلى أن مشكلة أبين مشكلة طارئة تقف وراءها تآمرات سياسية كثيرة، أفرزت مشاكل أخرى منها معاناة النازحين في إقامتهم وغذائهم وصحتهم وتعليمهم، ما أدى إلى حرمانهم من كثير من الحقوق الإنسانية. ولفت التقرير إلى أن قضية أبين جاءت في مرحلة معقدة تمر بها البلاد في ظل ثورة الشباب التي كانت من نتائجها المرحلة الانتقالية الحالية والتي هي حق أدنى من استحقاقات الثورة الشبابية كنتاج طبيعي لتضحيات الشباب في ساحات وميادين التغيير التي تم وضع العصي والحجارة في دواليبها كعراقيل لكي لا تحقق الثورة أهدافها وكانت من بين تلك العراقيل مشكلة نازحي أبين الذين هُجّروا من منازلهم وأراضيهم قسراً، أعقاب سيطرة من تسمي نفسها ب"أنصار الشريعة" أو ما يسميه البعض تنظيم القاعدة على مدينة زنجبار في ال27/5/2011م وقبلها مدينة جعار في مارس من نفس العام ونشوب الحرب بين الجيش وتلك الجماعات دون مراعاة للجوانب الإنسانية المدنيين أثناء الحروب والنزاعات المسلحة كما تنص عليه اتفاقية جنيف – حسب التقرير. وأوضح التقرير أنه لم يكن أمام الأهالي في أبين إلا خيارين إما البقاء دروع بشرية والتعايش مع تلك الجماعات في مدن وقرى تنعدم فيها أسباب الحياة وسبل العيش والأمن والاستقرار والخدمات العامة ومواجهة الموت إما بآلة الحرب أو الجوع.. وإما خيار التشرد والنزوح وترك كل ما جنوه طيلة حياتهم مقابل الحصول على حق البقاء على قيد الحياة في مأوى لا يلبي لهم حتى أبسط متطلبات الحياة الآدمية الكريمة ولا يحفظ لهم أبسط خصوصياتهم من الانتهاك وكلا الخيارين مرّ – حد تعبير التقرير- الذي قال إنه تم الإعلان رسمياً عن الوضع الإنساني المأساوي في أبين كمصدر للاستثمار وجني المال والثروة والارتزاق على حساب آلام النازحين الذين لم ينالهم من المساعدات إلا الجزء اليسير. واستند التقرير على مؤشرات رصدية عددية ونوعية للأسر النازحة في مدارس عدن، رصدها فريق الرصد في نطاق مديريات "كريتر- الشيخ عثمان – المعلا – المنصورة – التواهي – دار سعد- خور مكسر"- وأيضاً في محافظة لحج، تم فيها رصد عدد الذكور والإناث والأطفال والشيوخ والشباب والمرضى لمطابقة المساعدات مع الأرقام ومعرفة مدى توفير الحقوق للنازحين بمنهجية علمية عملية مدعمة بإحصائيات وأرقام صحيحة وتوثيق كل الانتهاكات في مجال حقوقهم الإنسانية والدستورية وبالذات فيما يتعلق بالإقامة والغذاء والصحة والعلاج والدواء والتعليم التي كان من المفترض توفيرها للنازحين في بيئة آمنة طبقاً للمعايير الدولية والمحلية والوطنية. وأورد التقرير بروتوكولاً في اتفاقيات جنيف المعقودة في أغسطس 1949م المتعلقة بحماية ضحايا النزاعات المسلحة الدولية الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية وفقاً لميثاق الأممالمتحدة والتي توجب الحماية العامة من آثار القتال. وأجمل التقرير مؤشرات رصدية عددية للنازحين المتواجدين في مدارس عدن جمعها الراصدون من سبع مديريات من الفترة 17/12/2011م وحتى 20/1/2012م شملت 62 مدرسة، بلغ عدد النازحين فيها 18687 نازحاً. استعرض تلك المؤشرات الأخ الراصد/ علي النقي – ناشط حقوقي في مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان، رئيس إحدى فرق الرصد الميداني- بيّن خلالها عدد النازحين ذكوراً وإناثاً وأطفالاً وشيوخاً وعدد الانتهاكات في الحقوق الاقتصادية البالغة "20406" انتهاكات، وكذا الانتهاكات في حق السكن ومرفقاته، وحق البيئة المحيطة بمدارس إقامة النازحين، وانتهاكات حق الغذاء والعلاج والدواء وحق التعليم، معرجاً على دور الجهات المحلية والمنظمات -سلباً وإيجاباً- راصداً أوجه القصور بما فيها سقوط أسماء العشرات من الأسر من كشوفات صرف الغذاء وحرمانهم منه في الوقت الذي لا يتصحل فيه النازحون على كفايتهم من الغذاء مع صعوبة ومشقة صرفه من قبل الوحدة التنفيذية المسؤولة عن صرف المواد الغذائية المقدمة من مختلف الجهات المحلية والدولية، مشيراً إلى أن الكمية المصروفة ليست هي المحددة ضمن المساعدات لبرنامج الغذاء العالمي الذي ينص على صرف كمية المواد الغذائية في برنامج الغذاء العالمي الذي ينص على صرف كمية بالتساوي مع عدد الأفراد في الأسرة، معتبراً أن الوحدة التنفيذية قامت بخروقات في عملها، لافتاً إلى غياب التناسب في الأرقام المعلنة رسمياً وبين ما تم رصده في الواقع. وخلص تقرير مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان إلى وجود فجوة كبيرة بين المعايير المحلية والدولية وبين واقع النازحين من حيث حرمانهم من الحصول على حقوقهم المشروعة المنصوص عليها، مؤكداً ضعف دور الوحدة التنفيذية – حسب تقارير الراصدين- من واقع "55" مدرسة، مع إصرار الوحدة التنفيذية على عدم تقديم المساعدات إلا عن طريقها، مستنكراً غياب الشفافية والمساءلة القانونية في عمل لجنة الوحدة التنفيذية، مؤكداً على أن ما تقدمه الحكومة الفرنسية كمنحة غذائية للنازحين بقيمة "60" مليون ريال لا ينطبق مع ما يتم استلامه والإعلان عنه. كما ورد في ختام التقرير عدة توصيات، أبرزها: العمل على إنهاء ما ورد من انتهاكات لنازحي أبين ومطالبة الوحدة التنفيذية وحكومة الوفاق الوطني والمنظمات المحلية والدولية بضرورة اعتماد الشفافية والرقابة على سير أعمال الإغاثة ومحاسبة المخالفين واعتماد إستراتيجية عمل تكفل للنازحين مأوى يتوافق والمعايير الدولية لضمان حقوقهم والعمل على نشر وزيادة الوعي الحقوقي من خلال الندوات والدورات وورش العمل.