ما يجمع أسر النازحين الأوروميين في اليمن هو الذكريات المؤلمة عن سلوكيات الشرطة والأجهزة الأمنية الإثيوبية بحقهم، إضافة إلى المستقبل المجهول الذي ينتظر أطفالهم المحرومين من مقومات الحياة الأساسية من تعليم وصحة وغيرها في موطن اللجوء الحالي اليمن، الذي ترفض حكومته الاعتراف بهم كلاجئين سياسيين، بعد أن لجأوا إليها بحثاً عن الملاذ الآمن من القتل والاضطهاد والإبادة التي تمارسها عليهم حكومتهم الأثيوبية، لا لشيء إلا لأن دينهم الإسلام وتمارس ضدهم ضغوطات لا تطاق بحرمانهم من الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية والسلام، واتخذت السلطات الإثيوبية سياسات عديدة ضدهم أدت إلى تشريد شعب أورومو حول العالم منذ العام 1992م. ويعيش بعضهم هنا حياة بائسة في ظل الأوضاع الحالية للبلد، بهواجس ومخاوف الإبعاد إلى أثيوبيا التي لا تعطي ضمانات على حياة وحريات اللاجئين "الأورومو" لأحد خصوصاً وأن الحكومة اليمنية تعامل مسلمي "الأورومو" النازحين إليها بنفس الطريقة التي تعامل فيها طالبي اللجوء الصوماليين، وكما هو أيضاً لدى المفوضية السامية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في قبلوهم كلاجئين وحرمتهم من أدنى الحقوق الإنسانية ولم تقدم لهم أي شيء من المساعدات الضرورية واللازمة لكل اللاجئين وطالبي اللجوء الإنسانية منها أو السياسية، والتي تدعي أنها من صلب مهامها كمنظمة إنسانية عالمية.. قبل عشرين سنة تقريباً وصل معظم اللاجئين الأورمو الذين مازالوا معتصمين جوار سور مصلحة الهجرة والجوازات بصنعاء احتجاجاً على عددٍ من الانتهاكات التي تعرضوا لها هناك، كان آخرها يوم الخميس 14 رمضان الموافق 2/8/ من العام الجاري. حين أتى رجال أمن ومزقوا مخيماتهم واعتدوا عليهم بالضرب بالهراوات ما أدى إلى إصابة خمسة لاجئين منهم برضوض مختلفة بينهم ثلاثة نساء واعتقلوا خمسة أشخاص منهم إلى قسم العمري بشارع خولان، ولم يفرج عنهم إلا بعد التواصل مع وزارة الخارجية. حيث أتى اعتصامهم الأخير أمام مصلحة الجوازات بعد خمسة أيام من الاعتداء عليهم وضربهم داخل سجن الجوازات، حيث كانوا محتجزين فيه منذ أربعة أشهر، حينما رفض اللاجئون الأورمو مغادرته إلا بحضور مندوب من المفوضية العليا للاجئين، أو مدير أمن الأمانة. وأكد اللاجئون "الأورمو" معاناتهم وما تعرضوا له خلال احتجازهم لأربعة أشهر في سجن الجوازات من انتهاكات بينها السب والشتم، ومنعهم من الأكل والشرب. وتم عرضهم على مسؤولين في السفارة الإثيوبية للتعرف عليهم، وتصويرهم، وعقب رفض اللاجئين "الأورمو" مغادرة السجن بتاريخ 22/7 من الشهر الماضي ثالث أيام رمضان تم استدعاء قوات مكافحة الشغب لهم، التي اعتدت عليهم بالهراوات، وأطلقت عليهم الغاز المسيل للدموع، ما أدى إلى إصابة العديد منهم برضوض مختلفة وحالات إغماء، ثم تولت هذه القوات نقلهم على شاحنة كبيرة، ورميهم في الشارع خارج المصلحة. كل ذلك حدث للآجئين المسلمين "الأورمو" مما يعتبر تراجعاً حكومياً خطيراً للسلطات اليمنية عن التزاماتها الدولية الإنسانية بموجب برتوكول واتفاقية حقوق اللاجئين التي صادقت عليها بلادنا، كما صنفت ذلك مراصد حقوقية يمنية وسجلتها في حينها وأدانته بشدة واستنكرت كل الانتهاكات التي تحصل ضد حقوق اللاجئين في اليمن. فمنذ سنوات عديدة ولاجئوا "أروموا" المسلمين يراجعون مكتب المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين باليمن لحل مشاكلهم ولكن دون جدوى، حيث يقول اللاجئ/ عبدالله كمال: زادت مشاكلنا مع الأزمة اليمنية التي اضطرتنا للاعتصام أمام مكتب مفوضية اللاجئين في شارع الجزائربصنعاء للمطالبة بحمايتنا وتحسين أوضاعنا وحل مشاكلنا وكان ذلك بتاريخ 28/5/2011م، وطرحت حينها عدة حلول، منها نقلنا إلى مخيم حرض الذي قوبل بالرفض من قبل المجلس المحلي ومدير مديريتها، ومن ثم مخيم الحديدة الذي كان أيضاً كلاماً شفوياً وليس عملياً جاد، وبعد ذلك أتى رد وكان الخيار الوحيد من قبل مكتب المفوضية والسلطات اليمنية باستخدام القوة بعد أن حاصرت المكان من مختلف الاتجاهات، واستخدمت خراطيم المياه والقنابل وأطلقت عليهم الغاز المسيل للدموع، والرصاص الحي، مما أدى إلى جرح وإصابة 96 شخصاً بجروح مختلفة وبالغة، حيث فارق منهم 11 شخصاً الحياة بينهم أطفال ونساء. حدث كل هذا العنف لفض الاعتصام السلمي أمام مكتب مفوضية اللاجئين في صنعاء وبإيعاز من القائمين والعاملين في المفوضية لا لشيء سوى أن هؤلاء اللاجئين الأفارقة وأغلبهم من "الأروموا" يريدون اللجوء لأن يمارسوا حقوقهم كلاجئين، برغم مضي عشرات السنين وهم في اليمن، ولم يفعلوا لهم شيئاً، ولم يضموا على اللاجئين، كلاجئين لهم حقوقهم، بعد أن استقبلتهم المفوضية على السواحل اليمنية قبل سنوات، وخاطروا بحياتهم عابرين مئات الأميال بأقدامهم وعبر البحار في عمليات تهريب ما تزال مستمرة ومحفوفة بالمخاطر والامتهان، يتعرض فيها الكثيرين للموت حسبما تشير تقارير للمفوضية العاملة بشؤون اللاجئين. حلول طرحت ولم يتم الإيفاء بها: وحكى اللاجئون "الأورمو" ك جمال يوسف ومحمد حسن والغيه حامد وآخرين بالقول: "بعد أن مورس ضدنا العنف في 3/7/2011م ومات من مات وأصيب من أصيب حول مكتب المفوضية وبعد 11شهراً من الاعتصام هناك تم التفاوض مع مكتب المفوضية والحكومة اليمنية وحضور أطراف محلية يمنية كثيرة ضمت مدير عام أمن أمانة العاصمة ومندوبين من الخارجية والداخلية والأمن القومي وحقوق الإنسان وأقسام الشرطة وبحضور ممثل المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في اليمن شخصياً، حيث كان هذا بتاريخ 14/3من العام الجاري وطرح حينها علينا ثلاثة حلول هي: الحل الأول: العودة إلى بلادهم تطوعياً لمن أراد، وهو حل يرفضه اللاجئون الأوروميون المسلمون الذين هربوا من أثيوبيا إلى اليمن، لأن الأسباب التي أجبرتهم على النزوح لم تزل قائمة، مادام النظام الأثيوبي وسلطاته قائمة على ممارساتها القاسية بحقهم والتي وصفوها بأنها لا تطاق وقمعية، متهمينها بارتكاب مجازر بحقهم كمدنيين عزل وبدون علم المجتمع الدولي، لممارستها "تكتم إعلامي" هناك. ويقولون بأنهم إذا عادوا إلى بلادهم فسيتم قتلهم من قبل الحكومة الأثيوبية لأنهم معارضون لها، ولأنهم أتوا إلى اليمن هرباً من الاضطهاد والتعذيب وأعمال القتل، إضافة إلى الاعتقال العشوائي واغتصاب النساء والإبادة الجماعية ومحاربة ثقافتهم الخاصة لقوميتهم في مناطق "أورومو"، مؤكدين أن هناك ضغوط تمارسها السلطات الأثيوبية على المزارعين والرعاة والتجار، معربين عن قناعتهم بأن هذه السياسة تهدف إلى محاربة التنمية في مناطق "أورومو" التي تقدر مساحتها بنحو600ألف كيلو متر مربع، واشتكوا الحكومة الأثيوبية في منع أبنائهم من استخدام لغتهم في التعليم، الأمر الذي أدى إلى انتشار الجهل وسط أبنائهم بنسبة 80%. ومفوضية اللاجئين تريد إعادتهم للموت الفارين منه، ويعانوه الآن في اليمن في برامج تضليل للرأي العام العالمي من قبل السلطات الأثيوبية. فيما ذكروا أن الحل الثاني الذي طرحو خلال تفاوضهم هو: الحل الثاني: أخذ المساعدة لاستئجار البيوت من المفوضية، وهذه المساعدة قدروها ب450دولار لا يأخذون منها إلا 250فقط وهناك حالات كثيرة قد تحايلت عليها المفوضية من ومارسها الأورموا" عليهم موظفو المفوضية في السابق. هذه المساعدات تعطى مرة واحدة فقط بعدها "على الله" كما يقول عثمان غلتو وعبد الله شريف، وهو حل رفضه لاجئو "الأورموا" المسلمون الفارون بدينهم إلى بلادنا ليواجهوا معاناة القائمين على شؤونهم في بلادنا اليمن، وقالوا عنها إنها شروط وحلول لا يقبلونها ولا تعالج مشاكلهم بالعقل والمنطق. الحل الثالث والأخير لهم هو: الذهاب إلى مخيم "خرز" إلى حين أن يحلوا مشاكلهم. وهو حل ارتضاه لاجئو "أورموا" أملاً بالأمان ومأوى يحتويهم حتى تحل مشاكلهم في مسألة اللاجئين رسمياً. وعلى هذه الشروط الثلاثة والحلول أيضاً اتفق الجميع من المسؤولين والمندوبين اليمنيين والمتحدثين المندوبين عن اللاجؤون الأورموا وبإشراف ورعاية المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في اليمن على أن يجتمعوا مرة أخرى بتاريخ 26/3/2012م وبالفعل تمت الجلسة الثانية للتفاوض بالتاريخ المذكور وتم الموافقة على نقلهم إلى مخيم خرز بمحافظة لحج ولمدة محدودة وعلى ذلك كتبت وثيقة من المفوضية ووقعت عليها. حيث تقول سعادة أدم في 27/3 أتت ثلاثة باصات وحملوا فيها 160 إلى 200 شخص وأرسلوهم إلى مخيم "خرز"، وفي نفس اليوم حوالي الساعة 5عصراً أتوا بحوالي 6باصات لنقل الآخرين وأتت التوجيهات بأن نصعد على تلك الباصات جميعنا وصعدنا جميعاً على أساس نقلنا إلى خرز ولم نجد أنفسنا إلا داخل سجن الجوازات. في السجن بإشراف المنظمة بلا أكل وتصوير: ويضيف يوسف: تم نقلنا تم نقلنا من شارع الجزائربصنعاء إلى داخل سجن الجوازات كان هناك العديد من المسئولين بما فيهم مدير شئون اللاجئين وآخرون لا نعرف أسماءهم وظلنا في سجن الجوازات من 27/3 وحتى أخرجونا بالقوة في 22/7/2012م، وخلال هذه المدة قطعوا عنا الأكل والشرب وعوملنا معاملات غير إنسانية من مدير السجن هناك، حيث كان في كل أسبوع يخرجنا نحن مندوبي اللاجئين من السجن للقنصل الأثيوبي ويقول له: هؤلاء زعماء "أورمو" المعارضين لكم وهم يصوروننا مع إننا لاجئون هاربون من حكومة أثيوبيا حتى أنه كان يدخل بين نسائنا مع مندوب سفارة أثيوبيا ويصورهم وهذا عمل يعرض حياتنا للخطر، وعندما استخدم القوة ضدنا وأطلق علينا القنابل المسيلة للدموع واعتدى علينا بالضرب لإخراجنا من السجن كان كل هذا بحضور ممثل سفارة أثيوبيا ثم ألقوا بنا في الشارع أمام بوابة الجوازات، ونحن الآن معتصمون سلمياً هناك وظروفنا جداً قاسية فلا حمامات وتحت الشمس والبرد والأمطار. نعم إنهم هناك أمام مصلحة الهجرة والجوازات في ظروف غير إنسانية دون أن يزورهم أحد أو تحل مشاكلهم. من سجن هؤلاء؟ كل المعتصمين أمام مصلحة الهجرة والجوازات والبالغ تعدادهم114لاجئاً مع النساء والأطفال، يتساءلون حتى اليوم من أمر بسجنهم،؟! وعندما كانوا يتساءلون داخل السجن يُرد عليهم "المدير العام" وأحياناً يقال لهم "المفوضية"، وحين أخرجوهم يوم22/7 ذهبوا إلى وزارة حقوق الإنسان التي قالوا إنها ردت عليهم اذهبوا للاعتصام هناك عند بوابة الجوازات ونحن سنبلغ الخارجية والداخلية ونأتيكم، يرددون لك كل معاناتهم بصوت حزين وحسرة تلمسها عند زيارتهم والجلوس معهم عن قرب هناك. عبد الله كمال المترجم والمندوب هناك سيشرح لك كل شيء فهم يتكلمون العربية بركاكة، يقول كمال: أين نذهب أطفالنا بلا دراسة وبلا خدمات نحن جميعاً. فعندما نذهب للمفوضية لا تقابلنا وكأننا ارتكبنا جريمة وكل هذه السنوات ونحن نراجعها ولم يفعلوا لنا سيئاً من معه بطائق من المفوضية، لكن الحكومة اليمنية تقول لا نعرف لاجئاً إلا الصوماليين، وما نطلبه أن تعترف بنا الحكومة اليمنية أننا لاجئون أو أن المفوضية تقوم بواجبها لعودة توطيننا في بلد ثالث، ووقعنا في فخ عندما أخذونا لترحيلنا إلى مخيم "خرز" ليأتوا بنا إلى سجن الجوازات، لا نعرف حتى الآن من وراء ذلك، ولو عدنا إلى أثيوبيا بمجرد وصولك يتم الاعتقال ثم الإعدام لك بلا محاكمة. تحمل مشاكلهم المفوضية: من جهته الأستاذ/ على نجاد من مكتب حقوق الإنسان عندما تواصلنا معه هاتفياً رد بالقول: لم نعمل لهم أي شيء لأن المفوضية مش راضية لا تساعدهم ولا تعطيهم أي شيء ونُحمل لمشاكلهم المفوضية وهي غير راضية بأن تحيل أمرهم لأنهم مجتمعون والمفروض أنهم يروحوا يعملوا لديها "أنتربيو" على فرد فرد "الأنتربيو" هي المقابلة الفردية للاجئين. فيما كمال رد على ذلك بالقول الآن أين نكون؟ أين السكن؟ وكيف نعيش، هي الأولوية والمقابلة، الفردية فيما بعد ونحن لا نرفضها ونقبلها بعد المأوى وتأميننا، نحن الآن بالشارع بلا خدمات ولا مساعدات وقد تقابلنا مع المفوضية قبل عشر سنوات وأخذنا البطائق ومن حينها حتى اليوم نحن بلا دعم أو مساعدات وإذا كانت ظرورية نقبلها بعد تأميننا من التشرد الآن. المفوضية ترفض استلام مذكراتهم: في7/8من الشهر الجاري ذهبنا معاً في وفد لمندوبي اللاجئين "الأورموا" إلى المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الواقعة في منطقة حدة بصنعاء بعد أن تم انتقالها من شارع الجزائر إلى مبنى يبدو محصنناً بترسانات أسمنتية مرتفعة تحسباً من أي اختراقات إرهابية قد يكون أحدها تعاملهم السيئ مع مثل هؤلاء اللاجئين الذين لا سبيل أمامهم إلا تفجير أنفسهم في أي شيء لما يعانونه من معانات لا يلتفت إليها أحد، فعندما ذهبنا إلى هناك لتسليمهم المذكرة لم يتسلموها منهم، كونهم معتصمين للمطالبة بحقوقهم، والتي طالما يسمعون عنها بأنها ملتزمة بالقيام بكل ما هو ممكن من أجل استمرار تحسين الظروف المعيشية للاجئين حسب قول ممثلها في بلادنا. ما دور المفوضية إذاً؟ الكثيرون من اللاجئين المتواجدين باستمرار على أبواب منظمة اللاجئين للمراجعات قالوا: إن دورها غائب تمام وما نسمعه من حين لآخر هو مجرد كلام وكأن دورها اقتصر فقط في إحصاءات عدد الواصلين ومقارنتها بالأعوام السابقة، وما يتشدق بها مسئولوها بالإعلام هنا وهناك وفي عديد من وسائل إعلامية سُخرت لتناول هذه الإحصائيات فقط دون أن يتلمسوا أوضاعنا نحن اللاجئين وما نعانيه من مفوضية تحمل شعار السلام حول الكرة الأرضية وتقول إنها تعني باللاجئين مع أنها انسحبت "أي إدارة الإعلام فيها" من أحد البرامج التلفزيونية على القناة اليمن الفضائية في أحد البرامج الذي تناول أوضاع اللاجئين ومنهم "الأورومو"ا عندما وصلوا إلى الأستوديو خوفاً من المكاشفات فيما بينهم وتعريتها أمام الرأي العام. وهناك اعترافات للبعض من لاجئي "أوروموا" أن المفوضية طلبت منهم تغيير جنسياتهم وهو يأتهم حتى تعترف بهم كلاجئين ونتيجة للضغوط قبل الكثير منهم فيما لايزال الآخرون متمسكين بهوياتهم الأورومية رغم الجوع والفقر والتشرد. والجدير ذكره بأنه وفي العام1951م كانت بلادنا هي الدولة الوحيدة في شبه الجزيرة العربية التي وقعت على معاهدة اللاجئين التي تنص على منح ملتمس اللجوء حقه دون تمييز، إضافة إلى مصادقتها على بروتوكول1967م.