سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
جمعة الكرامة.. مذبحة بلا عقاب هيومن رايتس: على مجلس الأمن معارضة قانون الحصانة علناً وحظر سفر وتجميد أموال كل متورط في مجزرة الكرامة.. تايلر: اللذين نفذوا الهجوم في جمعة الكرامة اغلبهم في الأجهزة الأمنية أو داعمين لحزب الرئيس السابق
ما يزال اليمن يعاني من جريمتين بشعتين ارتكبتا ضد شباب الثورة التي أطاحت بنظام علي عبد الله صالح وهما جمعة الكرامة 18 مارس 2011 و جريمة إخفاء القتلة الذين ما يزالون فارين من وجه العدالة حتى اللحظة. وبالتزامن مع مرور الذكرى الثانية لثورة 11 فبراير كشفت منظمة هيومن رايتس ووتش أن الحكومة اليمنية أخفقت في التعامل بشكل ملائم مع أعمال القتل المرتكبة في جمعة الكرامة ضد شباب الثورة في ساحة التغيير والتي راح ضحيتها 45 متظاهراً – بينهم 3 أطفال – وإصابة 200 آخرين، في هجوم هو الأكثر دموية على المتظاهرين منذ بدء ثورة السباب في 11 فبراير2011، وأنه لم يتم استجواب مطلقاً لأي من كبار المسؤولين ضمن التحقيقات الجنائية. وأكدت أن التحقيقات الجنائية التي أجرتها الحكومة اليمنية السابقة بخصوص مجزرة جمعة الكرامة شابتها تدخلات سياسية كثيرة، وتجاهلت أدلة كثيرة على تورط مسؤولين حكوميين، وقالت إن ممثلي النيابة كذلك قد أخفقوا في التحقيق في سبب مغادرة قوات الأمن التابعة لنجل شقيق الرئيس السابق صالح لمواقعها في مكان الحادث، قبل فتح المسلحين النار. وطالبت "هيومن رايتس ووتش" البرلمان اليمني بإلغاء قانون الحصانة الممنوح لصالح ومعاونيه الذي قالت إنه ينتهك التزامات اليمن بموجب القانون الدولي بالملاحقة القضائية للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، كما طالبت أيضاً مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وكذلك الدول المعنية بما فيها الولاياتالمتحدة والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي، وقالت:" يجب عليهم أن يعارضوا علنًاً قانون الحصانة اليمني وأنه ينبغي عليهم أن يفرضوا قرارات حظر سفر وتجميد أصول على أي مسؤول متورط في الانتهاكات الجسيمة المرتبطة بالانتفاضة الشعبية، بما في ذلك هجوم جمعة الكرامة. ودعت هيومن رايتس في تقريرها الموسوم ب "مذبحة بلا عقاب " - الذي دشنته أمس في مؤتمر صحفي بصنعاء- دعت حكومة الوفاق أن تقوم بإعادة فتح التحقيق في الجريمة، وقالت إنه ينبغي على الحكومة اليمنية أن تطالب بإصدار قرار من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بإعداد تحقيق دولي في اعتداءات جمعة الكرامة. ومن جهته أكد نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا/ جو ستوريك، أكد أن الأشخاص المسؤولين عن مجزرة الكرامة لا زالوا فارين من وجه العدالة، وقال: "هناك فجوة عدالة في اليمن". وقال ستوريك إنه إذا أرادت اليمن أن تمشي في المسار الصحيح فلابد من وجود أجهزة أمنية بإشراف قيادات كفؤة، مشدداً على ضرورة وجود مساءلة وعدالة، وأنه ينبغي أن تبذل أجهزة الأمن والاستخبارات اليمنية جهوداً حقيقية للقبض على المتهمين المدرجين في عداد الهاربين. فيما أكدت ليتا تايلر وهي كاتبة التقرير "مذبحة بلا عقاب" وباحثة أولى في هيومن رايتس ووتش أكدت أن المسلحين اللذين نفذوا الهجوم في جمعة الكرامة كان أغلبهم في الأجهزة الأمنية أو داعمون للمؤتمر الشعبي العام حزب الرئيس السابق علي صالح واستدلت على ذلك بقيام الرئيس السابق بإقالة النائب العام/ عبد الله العلفي والذي كان قد فتح تحقيقاً نشطاً في قضية المجزرة. ونوهت تايلر إلى بعض الشخصيات التي كانت وراء الهجوم، مشيرة إلى يحيى محمد صالح أركان حرب الأمن المركزي سابقا ووزير الداخلية السابق رشاد المصري ومحافظ محافظة المحويت أحمد علي محسن الأحول وابنه علي. وطالبت تايلر، الحكومة بفتح تحقيق في كافة الانتهاكات التي حصلت أيام الانتفاضة اليمنية ضد الرئيس السابق، وإصدار قانون العدالة الانتقالية، وقالت إن هذا ما سيبين أن الحكومة اليمنية جادة في الأمر". " إذا لم يفتح اليمن تحقيقاً عادلاً، ويحاكم أولئك المسؤولين عن هذا الهجوم المميت، فإنه يخاطر بترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب في قلب الانتفاضة اليمنية"... قالت تايلر. * إدارة التحقيقات مر ما يقرب من العامين على مذبحة جمعة الكرامة18 مارس 2011 التي سقط فيها 48 شهيداً وجرح أكثر من 200 آخرين وما تزال عائلات الضحايا تنتظر العدالة. ويتهم ضحايا مجزرة الكرامة ومحاموهم قوات الأمن بعدم بذل أي جهد للتوصل إلى المتورطين في المجزرة والذين ما يزالون فارين من وجه العدالة، فيما يطالب محامو الضحايا والمدعى عليهم على حد سواء، بفتح تحقيقات جديدة. المجزرة في الطرف الجنوبي من ساحة التغيير، التي كانت مخيماً احتجاجياً آخذاً في الاتساع آنذاك لمناهضة نظام علي عبد الله صالح، وبينما كان عشرات الآلاف من المتظاهرين يفرغون من صلاة الجمعة 18 مارس في مظاهرة أطلقوا عليها جمعة "الكرامة"؛ أطلق عشرات المسلحين في ثياب مدنية النار عليهم من الشوارع والمنازل المحيطة، بما في ذلك من مقر إقامة أحد المحافظين في صنعاء. وقال عبد الرشيد الفقيه الناشط الحقوقي في صنعاء، في شهادته ل هيومن رايتس ووتش: "كان الرصاص ينهمر على المتظاهرين كالمطر، رأيت الرصاص يصيب الجدران والأبواب، في المناطق التي انزاح عنها الدخان رأيت مسلحين فوق سطح بناية يطلقون النار عشوائياً على المعتصمين". وكان كافة الذين قتلوا أو أصيبوا تقريباً من الشباب، وقد تم إطلاق الرصاص عليهم في الرأس والجزء العلوي من الجسم، ووجهت قائمة الاتهام ل 52 مدعى عليهم التهمة بإطلاق النار بقصد القتل، يُعد الكثير من المتهمين أعضاء حاليين أو سابقين في قوات الأمن أو من أعضاء في حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يرأسه صالح. وقال شهود عيان إن قوات الأمن المركزي أخفقت في العودة إلى المنطقة لمدة 30 دقيقة على الأقل من بدء إطلاق النار، رغم الدعوات التي وجهت إليها طلباً للنجدة، وأضافوا إن قوات الأمن المركزي المسلحة فقط بالهراوات وخراطيم المياه وقفت تتفرج بينما كان المسلحون يطلقون النار، أو يتقهقرون خلف قوات الأمن للاحتماء بها. وقالت ليتا تايلر كاتبة التقرير: "يوحي إخفاق قوات الأمن المركزي حتى في محاولة وقف إطلاق النار، إما بإهمال جسيم أو تواطؤ مع المسلحين". * عائق الحصانة قالت هيومن رايتس في تقريرها إن ما يُعقد عملية توفير المساءلة على تلك الهجمات، قانون الحصانة الذي مرره البرلمان اليمني في يناير/كانون الثاني 2012 في مقابل تنحي صالح، إذ يمنح القانون لصالح ومعاونيه جميعاً حصانة واسعة ضد الملاحقة القضائية على أية جرائم ارتكبت خلال فترة رئاسته. وقال محامو الضحايا إن طلبهم بضم صالح ومسؤولين آخرين سابقين وحاليين إلى قائمة الاتهام، يمكن أن يكون بمثابة اختبار ضد منحهم الحصانة. وكررت هيومن رايتس ووتش دعوتها للبرلمان اليمني بإلغاء قانون الحصانة، الذي ينتهك التزامات اليمن بموجب القانون الدولي بالملاحقة القضائية للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وينبغي أن تبذل أجهزة الأمن والاستخبارات جهوداً حقيقية للقبض على المتهمين المدرجين في عداد الهاربين، وينبغي على المحاكم أن تعيد النظر في قضايا المعتقلين بهدف منح إخلاء السبيل المؤقت لكل من تعرض للحبس منهم بدون داعي. وقالت هيومن رايتس ووتش إنه يجب على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وكذلك الدول المعنية بما فيها الولاياتالمتحدة والدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي، يجب عليهم أن يعارضوا علناً قانون الحصانة اليمني، وينبغي عليهم أن يفرضوا قرارات حظر سفر وتجميد أصول على أي مسؤول متورط في الانتهاكات الجسيمة المرتبطة بالانتفاضة، بما في ذلك هجوم جمعة الكرامة، كما يجب على تلك الأطراف الدولية أن يرفضوا تقديم أية مساعدات لأي من قوات الأمن المتورطة في هذه الجرائم إلى أن يتم إبعاد المسؤولين منها ومحاسبتهم. وأضافت رايس إنه ينبغي أن تطالب الحكومات المعنية أيضاً، بإصدار قرار من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بإعداد تحقيق دولي في اعتداءات جمعة الكرامة، وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة التي شهدتها الانتفاضة اليمنية، إذا ما أخفقت الحكومة اليمنية في إجراء هذه التحقيقات بالمستوى المطلوب. * التعويضات لا تكفي قرابة أسبوعين على التوالي وعشرات جرحى الثورة الشعبية التي أطاحت بنظام صالح وواجهوا آلة القمع الخاصة به بصدور عارية يعتصمون مضربين عن الطعام أمام مقر الحكومة اليمنية- بينهم جرحى أصيبوا في جمعة الكرامة أيضاً- للمطالبة بتسفيرهم للخارج للعلاج بموجب أحكام قضائية تحصلوا عليها وسط صمت مريب لحكومة الوفاق، ناهيك عن استخدام القوة العسكرية لفض الاعتصام وهو ما حدث بالأمس الثلاثاء وتسبب في إصابة الكثير منهم بينهم النائب البرلماني/ أحمد سيف حاشد الذي يدعى ب "محامي الجرحى" الذي تعرض لضرب عنيف وصفه حقوقيون بأنه محاولة اغتيال واضحة. وكانت حكومة هادي دفعت خلال الأسابيع الأخيرة لأغلب المصابين وأقارب من قتلوا خلال الانتفاضة في عام 2011 مبالغ مالية تتراوح بين 360 ألفاً إلى مليون ريال يمني (ما يوازي 1700إلى 4700 دولار أمريكي) من خلال مؤسسة غير حكومية، إلا أن ذلك كان تحت ضغط من المدافعين عن حقوق الضحايا- بحسب هيومن رايتس. وبدأت الحكومة كذلك في إرسال عشرات من المتظاهرين المصابين لتلقي العلاج في الخارج، ولكن عشرات الضحايا المصابين بإصابات جسيمة ما زالوا ينتظرون الحصول على تلك المبالغ أو العلاج و فيما لم يحصل أي منهم على المعاشات الموعودة، ما يزال الضحايا ينتظرون العدالة أيضا. وقالت ليتا تايلر: "لا ينتهي تعويض الضحايا بتوفير التعويض المالي، إنما يستلزم إخضاع المتسببين في الانتهاكات للمساءلة". * متظاهرون بغير سلاح والتحقيقات معيبة وأكدت تحقيقات هيومن رايتس إلى أن المتظاهرين في يوم مجزرة الكرامة لم يكونوا مسلحين كما يتهمهم الطرف الآخر، وأشارت المنظمة في تقريرها إلى أنه شاب تحقيقات النيابة في مذبحة جمعة الكرامة التدخلات السياسية والإخفاق في السعي وراء الخيوط التي قد تؤدي إلى المسؤولين الحكوميين الضالعين في المذبحة، كما شابتها أخطاء في تسجيل الحقائق، أصبح ذلك التحقيق الأساس لمحاكمة أعمال القتل التي بدأت في 29سبتمبر /أيلول 2012 ، في محكمة أمانة غرب العاصمة الابتدائية بصنعاء. وقال التقرير: قام الرئيس صالح بوقف النائب العام/ عبد لله العلفي عن العمل بعد فترة وجيزة من مطالبة العلفي بالقبض على مشتبهين أساسيين، بينهم مسؤولون حكوميون، أخفقت النيابة في استجوابهم – ناهيك عن اتهام– بعض كبار المسؤولين الذين أفادت شهادات شهود بضلوعهم في الهجوم، أو رؤساء أجهزة أمنية مثل العميد يحيى صالح، الذي ظل حتى ديسمبر/كانون الأول 2012 القائد الفعلي للأمن المركزي، الذي أخفقت وحدة فض الشغب التابعة له في الرد على النحو الملائم على الهجوم. أدرجت المحكمة 34 شخصاً من بين المشتبه بهم ال 78 المدعى عليهم في قرار النيابة بتاريخ 29 يونيو/حزيران 2011 كهاربين من العدالة، بمن فيهم من يُزعم أنهم العقول المدبرة للهجوم. ويدعي محامون للضحايا أن أماكن العديد من المدعى عليهم المفقودين معروفة وأن السلطات لم تبذل جهداً جاداً للعثور عليهم، كما زعم محامو الضحايا أن تقريباً كل المدعى عليهم الثمانية المحتجزين كانوا من المارة، أو متواطئين هامشيين أو في حالة واحدة، شخص تم القبض عليه بالخطأ. ولم يحدد قرار الاتهام عدد المدعى عليهم من مسؤولي الأمن أو الحكومة، أو وحداتهم أو الأجهزة التابعين لها. ويدعي محامو الضحايا إن الأغلبية العظمى ممن يعتبرون في عداد الهاربين من العدالة هم من مسؤولي الأمن أو الحكومة،أو من أعضاء حزب المؤتمر الحاكم سابقاً من عهد الرئيس صالح. حتى وزير العدل/ مرشد العرشاني قال في الذكرى الأولى للهجوم إن "الجناة الحقيقيين هربوا ولم يدخل السجن غيرمعاونيهم ومناصريهم". وفي مقابلة مع هيومن رايتس ووتش نفى النائب العام الجديد علي أحمد ناصر الأعوش – الذي احتفظ بمنصبه بعد مجيئ الرئيس هادي – أن يكون مكتبه أو أطراف أخرى من حكومة صالح قد تدخلوا في القضية، وقال الأعوش: "لقد مضينا في التحقيقات بأفضل ما نستطيع". وألقى النائب العام مسؤولية أي ضعف في القضية على "رفض الشهود وأقارب الضحايا التعاون مع التحقيقات" وعلى اللواء علي محسن الأحمر قائد الفرقة الأولى مدرع الذي قال إنه "ربما" لم يسلم جميع الأسلحة والأدلة الأخرى التي صادرها، بينما نفى اللواء الأحمر أي تدخل من جانبه. وأقرّ الأعوش بأن من بين المشتبه بهم عناصر من الأمن ومسؤولين حكوميين لكن قال إنه لا يعرف عددهم تحديداً، قائلاً ل هيومن رايتس ووتش: "بصفتي النائب العام لا أدخل في تفاصيل هذه القضية". وقال التقرير إن أقارب الضحايا قاطعوا على مدار 18 شهراً الجلسات السابقة للمحاكمة احتجاجاً على وجود ثغرات في القضية، بدأ أهالي الضحايا في دعم مجريات القضية في سبتمبر/أيلول 2012 بعد أن أحضر محاموهم دعوى تطالب المحكمة بأن تأمر النائب العام بإعادة فتح التحقيق واتهام كبار المسؤولين ومنهم الرئيس السابق/ علي عبد لله صالح، إلا أن هذه الدعوى كانت لها مشكلاتها، فقد اشتملت على مرفق عبارة عن مذكرة يُزعم أنها من وزارة الداخلية تشير لتورط بعض كبار المسؤولين في تسليح الموالين للحكومة وقت أن بدأت جماعات مسلحة تهاجم المعتصمين. إلا أن محكمة منفصلة، هي المحكمة الإعلامية المتخصصة، كانت قد قضت قبل خمسة أشهر بأن هذه المذكرة مزيفة، ولم تشر الدعوى إلى اللغط المحيط بصدقية الوثيقة. هذه المذكرة المزعومة المؤرخة في فبراير/شباط 2011 والتي يُزعم أنها صادرة عن وزير الداخلية المصري إلى العميد طارق صالح الذي كان يرأس الحرس الرئاسي في ذلك التوقيت، تطالب قائد الحرس الرئاسي بالموافقة على قائمة من الأفراد الذين سيتولون مسؤولية توزيع الأسلحة على الموالين لصالح. * التدخلات السياسية بعد أن بدأ النائب العام/ عبد الله العلفي بالتحقيق في نشاط مجزرة جمعة الكرامة قام الرئيس السابق صالح بإنهاء عمله في أبريل/نيسان 2011، رغم أن العلفي محسوب على الموالين لصالح، إلا أنه أكد على استقلاليته فيما يخص المظاهرات والتحقيق في القضية في الأسابيع السابقة على إقالته، في 24 فبراير/شباط على سبيل المثال طالب العلفي قوات الأمن بحماية المتظاهرين المشاركين في المسيرات السلمية. وأضاف التقرير: في 23 مارس/آذار بعد أن أفادت قناة "اليمن" التابعة للدولة اتهام العلفي للمعارضة السياسية مسؤوليتها عن هجمات جمعة الكرامة، أنكر العلفي في اتصال هاتفي بساحة التغيير على العلن صحة هذا التقرير. وفي 26 مارس/آذار نشر موقع عين نيوز المعارض وثيقة مُحدثة تحمل توقيع الرئيس صالح والخاتم الرئاسي، وفيها يأمر الرئيس بعدم استجواب محافظ المحويت/ أحمد الأحول، وكذلك أحد أبنائه ومرافقيه، على صلة بالهجوم، حيث استخدم المسلحون منزل الأحول كنقطة تمركز أساسية للهجوم، كما أن نجلي المحافظ – وهما من كبار ضباط الأمن – يعتبران المدعى عليهما الأعلى رتبة على صلة بالقضية. وبحسب تقرير رايتس ورد في المذكرة الموجهة إلى وزير الداخلية في ذلك الحين، المصري: يتم كف الخطاب عن أحمد علي محسن الأحول وولده ومرافقيه وتجميد أي أوامر قهرية صادرة من النائب العام ضدهم... ولا مانع من ضبط المتهمين الآخرين في القضية وإرسالهم إلى النيابة للتحقيق معهم. و كان صالح أعلن حالة الطوارئ فور وقوع الهجوم إلا أنه في 3 أبريل/نيسان وصف العلفي حالة الطوارئ التي أعلنها صالح بأنها "غير دستورية". وفي 13 أبريل/نيسان هدد العلفي بالاستقالة إذا لم تستجوب وزارة الداخلية وتقبض على كبار المشتبه بهم، ومنهم مسؤولون حكوميون، وهذا طبقاً لإعلام المعارضة ومحامين للضحايا، وبعد أسبوعين، في 28 أبريل/نيسان قام الرئيس صالح بفصل العلفي وجاء مكانه بالنائب العام الجديد الأعوش. * مزاعم بزيف الشهادات وأوضحت هيومن رايتس بأنه حاول وكلاء نيابة في بعض الحالات تغيير شهادات الشهود أو هددوا باتهام الشهود كمشتبهين إذا لم يغيروا شهادتهم لتتفق مع نسخة النيابة من الأحداث، حسبما أفاد محامون للمدعى عليهم. وقالت إلهام شرف أبو طالب – أم المدعى عليه أيمن يحيى بدر ( 19 عاماً) – إنها عندما ذهبت إلى مكتب النيابة لتسأل عن ابنها، طلب منها مسؤول هناك أن تبصم على ورقة لتساعد في الإفراج عن ابنها. وأضافت الهام لهيومن راتس: "طلب مني وكيل النيابة أن أبصم على ورقة وقال إن هذا سيساعد في إخلاء سبيل ابني، ففعلت، ما زلت لا أعرف ما المكتوب في الورقة لأنني لا أجيد القراءة والكتابة". وقالت إلهام إنها عرفت بعد ذلك بأن الورقة شهادة مزيفة ورد فيها أنها رأت مشتبهاً آخر – هو باسم عبد الغني محمد حمود الحارثي، من أبناء عائلة معروفة – يتجه نحو الجدار يوم الهجوم ومعه بندقية. قالت إلهام: "لقد رأيته يحمل سلاحاً، لكنه كان يقف عند ركن الحارة مع أبنائي وآخرين قرب سوق القات، هذا كل شيء". أما محمد البوركي المدعى عليه المفرج عنه بضمان – من أشكال الكفالة في اليمن، حيث يتحمل شخص ذو نفوذ يكون قريباً أو عضواً بقبيلة المتهم أو رجل أعمال مسؤولية المشتبه على ذمة قضية لم يُفصل فيها – فقد قال لوسائل الإعلام اليمنية إن النيابة سجنته لأنه رفض الشهادة ضد أفراد لا يعرفهم. وتناقل الإعلام أقوال البوركي، كونه قال إن أحد وكلاء النيابة: "قال لي أن أشهد ضد هؤلاء الناس إن كنت أريد أن يُخلى سبيلي، عندما رفضت، أدخلني السجن أربعة شهور". * عدم استجواب كبار المسؤولين قال تقرير هيومن راتس إن الشهادات التي جمعتها النيابة اشتملت على عشرات الشهود الذين ادعوا بأن قادة أمنيين وغيرهم من المسؤولين الحكوميين لعبوا دوراً في تخطيط وتنفيذ أعمال القتل يوم جمعة الكرامة، لكن النيابة لم تستدع أغلب كبار المسؤولين الحكوميين الذين ذكرهم الشهود للاستجواب. وعلى سبيل المثال لم تستدع النيابة العميد/ يحيى صالح رئيس الأركان السابق للأمن المركزي ووزير الداخلية في ذلك الحين، المصري، كونه المسؤول المشرف على العميد صالح، بشأن سحب قوات الأمن المركزي من المنطقة المحيطة بالجدار في الليلة السابقة على الهجوم، وعدم كفاية رد الفعل ما إن بدأ إطلاق النار. كما لم تستجوب النيابة فروان رئيس هيئة التفتيش القضائي وقت الهجوم وغيره من المسؤولين الذين قال شهود إنهم تورطوا في تخطيط تشكيل لجان مسلحة من الحارات القريبة من الجدار. كما لم تستجوب النيابة الأحول محافظ المحويت الذي كان بيته منطقة رئيسية لتمركز المسلحين الذين أطلقوا النار على المتظاهرين والذي اتهمت النيابة نجليه علي وغازي ضمن المتهمين بإطلاق النار على المتظاهرين، كان المحافظ الأحول ضمن قائمة المشتبهين ال 127 الأولية لكن النيابة أسقطته من قائمة المتهمين بدعوى "نقص الأدلة". واحتجّ سكان المحويت على استمرار تولي المحافظ لمنصبه ووافق مجلس محافظة المحويت في 1 مايو/أيار 2011 على قرار بتنحيته بسبب دوره المزعوم في أعمال القتل، كان المحافظ ما زال يشغل منصبه. ولم تستجوب النيابة كذلك اللواء الأحمر قائد الفرقة الأولى مدرع الذي اتهمته بالإخفاق في تسليم جميع المشتبهين المقبوض عليهم يوم الهجوم إلى النيابة، كما لم تستجوب الرائد المخلافي من الفرقة الأولى مدرع الذي أدرجته النيابة في البداية مشتبهاً، لكن لم تنسب إليه اتهاماً، في شهادة للنيابة، قال بعض الشهود إن المخلافي قاد مجموعة من المسلحين في ثياب مدنية وكانوا يطلقون النار من سطح متجر للعسل قريب من الجدار. ولم يكن الإخفاق في استجواب كبار المسؤولين بسبب ضيق الوقت، فقد سلمت النيابة قرار اتهامها بعد ثلاثة شهور فقط من بدء التحقيق، أي نصف مدة الستة أشهر المسموح بها قانوناً لإتمام تحقيقات النيابة. المشتبهون الرئيسيون ما زالوا طلقاء هناك 8 فقط من بين 78 مشتبهاً بمذبحة جمعة الكرامة كانوا محتجزين، أغلب الثمانية عمال وحراس أمن وطلاب، فيما يدعي محامون للضحايا أن المدعى عليهم المحتجزين هم أكباش فداء إما أبرياء أو لعبوا دوراً هامشياً على أبعد تقدير، وما زالوا مسجونين لمجرد أن ليس لديهم نفوذ سياسي كافٍ. أورد قرار الاتهام 31 مدعى عليهم، بينهم مسؤولون أمنيون ذكرت النيابة أنهم لعبوا دوراً رئيسياً في الهجوم، ووردوا في القرار كهاربين من العدالة لم يتم القبض عليهم أبداً، هؤلاء ال 31 جميعاً تقريباً هم من بين المشتبهين ال 52 المتهمين بأقصى تهمة، وهي إطلاق النار بنية القتل، المحاكمات الجنائية الغيابية تخرق بشكل عام حق المدعى عليه في تقديم دفاعه والرد على الأدلة وشهادات الشهود، يمكن أن تشمل الاستثناءات القضايا التي يفر فيها المدعى عليه بعد بدء مداولات القضية. هناك 39 مدعى عليهم آخرين تم إخلاء سبيلهم بضمانات، كما أن 12 شخصاً من المدعى عليهم المخلى سبيلهم مفقودون حتى كتابة هذه السطور، رغم الأوامر المتكررة من قاضي المحاكمة بأن تضبطهم السلطات وتضمن حضورهم لمداولات المحكمة. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2012 حضر المدعى عليهم الثمانية المسجونين أغلب جلسات المحاكمة، حيث يودعون في القفص كما جرت العادة أثناء المحاكمات اليمنية الخاصة بالجرائم الجسيمة، مع بداية المحاكمة في 29 سبتمبر/أيلول 2012 قام المدعى عليهم المحتجزون بالضرب على قضبان القفص وهتفوا: "اخرجونا! الأبرياء مسجونون والمذنبون طلقاء!". من المدعى عليهم المسجونين رجل مشرد مصاب بحول شديد في عينيه، وظهر مشتتاً للغاية وأصر على أن اسمه معمر علي حسين الحوت وليس معمر ناجي علي الحوت، وهو الاسم الذي يظهر في قرار الاتهام، الحوت متهم بصفته ممن أطلقوا النار أثناء الهجوم. حتى يناير/كانون الثاني 2013 كان ثمانية مدعى عليهم محتجزين في صنعاء، أقصى عدد محتجزين من بين المدعى عليهم كان 14 شخصاً، ستة منهم تم إخلاء سبيلهم بضمانات بانتظار صدور أحكام المحكمة حضرت هيومن رايتس ووتش الجلسات حتى 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2012 ، وهي الجلسة الأخيرة قبل نشر هذا التقرير. المدعى عليه معمر علي الحوت يوم 29 سبتمبر/أيلول 2012 أثناء جلسة محكمة بصنعاء بشأن هجوم جمعة الكرامة، يقول الحوت إن اسمه الكامل هو معمر علي حسين الحوت وليس معمر ناجي علي الحوت، وهو الاسم الذي يظهر في قرار الاتهام. أثناء مقابلة بالسجن مع هيومن رايتس ووتش أقر الحوت – الذي كان محتجزاً في يوليو/تموز 2011 – بأنه كان يعيش في خيمة بميدان التحرير، المنطقة التي كانت تتمركز فيها المظاهرات الموالية لصالح، قال إنه في البداية تعرض للسجن بتهمة تعاطي الخمور وطعن رجلاً حاول سرقة نقوده وهاتفه النقال. وعندما أحيل الحوت إلى المحكمة بعد أسابيع على ما حسب أنها ستكون عقوبة 80 جلدة جراء هذه الواقعة، أعاده القاضي على غير المتوقع إلى السجن بصفته أحد الذين أطلقوا النار، على حد قول الحوت، أكد محاميان يمثلان الحوت دون مقابل هذه النسخة من الأحداث ل هيومن رايتس * ووتش. قال الحوت إنه ليست معه أوراق هوية ليثبت هويته وهي مشكلة شائعة في اليمن: لم أذهب إلى ساحة التغيير أبداً، بل إنني بكيت في المحكمة وانهرت، كنت أشعر بصدمة بالغة، أعرف أنه من الصعب تصديق أن رجل مثلي بريء بسبب شكلي ومظهري، لكن أقسم أنني مجرد إنسان بسيط ومشكلتي الوحيدة هي الشرب، لم أمسك في حياتي ببندقية. في سبتمبر/أيلول أمر قاض بالإفراج عن الحوت إذا أثبت هويته، لكن الحوت قال إنه مُبعد عن أسرته "لا أعرف أي أحد يمكنه أن يأتي ليتعرف عليّ". هناك مشتبه آخر مسجون هو جامع قمامة يبلغ من العمر 65 عاماً يُدعى خالد سعيد أحمد باطرفي، الذي تقول النيابة إنه أشعل النار في الجدار وقت أن تم إطلاق النار على المتظاهرين، في مقابلتين مع هيومن رايتس ووتش في سبتمبر/أيلول 2012 ، الأولى في السجن والثانية أمام قفصه في المحكمة، كان باطرفي غير متماسك ومتناقض ويبدو مرتبكاً للغاية. وحتى وقت كتابة هذه السطور كان باطرفي محتجزاً في السجن العسكري رغم أنه لا علاقة له بالقوات المسلحة. وأثناء جلسة 29 سبتمبر/أيلول بحسب التقرير "مذبحة بلا عقاب" ذكّر القاضي/ عبد الولي الشعباني بأن باطرفي حصل على إخلاء سبيل بضمان في يوليو/تموز. صاح باطرفي: "لكن لا يمكنني أن أجد ضامناً!" قال ل هيومن رايتس ووتش إنه لا يمكنه الاتصال بأقاربه ليساعدوه لأن السلطات صادرت هاتفه النقال ونظارته وبطاقة هويته أثناء القبض عليه ولم تعدها إليه بعدها. أحد المشتبهين – السائق صالح الجبري – شهد بأن عاقل الحارة عقيل البوني ووليد حسين حسن النمري من سكان الحارة، المتهم بإطلاق النار بقصد القتل، دفعا له 1000 ﷼ يمني ( 46 دولاراً) ليوصلهم إلى حيث يجدون مواداً لإحراق إطارات لدى الجدار. 190 اتهم جبري بالتواطؤ بينما لم يُتهم البوني بالمرة. هناك محتجز مشتبه آخر هو محمد أحسن علي زيت محاسب يبلغ من العمر 27 عاماً قال ل هيومن رايتس ووتش إن المتظاهرين قبضوا عليه وهو واقف في مدخل صيدلية، حيث يعمل في مركز تجاري، وهو أحد المباني التي أطلق المسلحون النار منها على المتظاهرين. قال زيت وهو يتحدث من داخل قفص المتهمين بالمحكمة إنه كان في الصيدلية وذهب إلى الباب ثم بدأ في التصوير بالكاميرا عندما سمع أصوات الهجوم: أمسكني المعتصمون وطعنوني في ظهري وساقيّ وحاولوا قطع رقبتي بالجنبية [خنجر يمني تقليدي يرتديه الرجال عادة في الحزام]. اتهمت بإطلاق النار على المتظاهرين بكلاشنيكوف، لكن لم أكن أحمل سوى كاميرا وحاسب آلي لاب توب. * أخطاء أخرى في التحقيق تساور هيومن رايتس ووتش بواعث قلق أخرى إزاء تعامل السلطات مع القضية: • تم استجواب العديد من المدعى عليهم في البداية كشهود ثم تلقوا إخطارات باتهامهم في يوم اتهامهم على حد قول محاميّهم، يطالب النظام القانوني اليمني النيابة بمنح المشتبهين فرصة لدحض الاتهامات قبل اتهامهم رسمياً. • بناء على الشهادة المكتوبة التي قدمتها النيابة العامة للمحكمة ضمن ملف اتهامها، يبدو أن وكلاء النيابة استجوبوا العديد من المشتبهين والشهود دون التأكد من هوياتهم. • اتهمت النيابة العديد من المشتبهين بناء على شهادات بأنهم يحملون أسلحة لا أكثر، رغم أن العديد من الرجال في اليمن يملكون ويستخدمون أسلحة، بما في ذلك الكلاشنيكوف. • أظهر محامون للمدعى عليهم ل"هيومن رايتس ووتش" أخطاء عديدة في الحقائق الواردة بملفات الاتهام، بعضها أخطاء كبيرة، العديد من أسماء الشهود والمتهمين غير كاملة أو غير صحيحة، بما في ذلك اسم أحد أهم المدعى عليهم، وهو نجل محافظ المحويت غازي أحمد علي محسن الأحول، إذ ورد في قوائم اتهام النيابة اسم مشابه لاسمه قال محامون للمدعى عليهم إنه اسم ابن غازي الأحول البالغ من العمر عشرة أعوام. • تشتمل قائمة المصابين ال 127 على أربعة أشخاص على الأقل شهدوا بأنهم لم يكونوا مصابين في ذلك اليوم بل في هجمات أخرى على المتظاهرين، هناك خمسة مصابين آخرين يبدو أنهم ذكروا مرتين مع تبديل خفيف في أسمائهم الكاملة. • حرك محامون للمدعى عليهم دعوى يدعون فيها بوجود تزوير في الصفحة الأخيرة من الشهادات، وما زالت الدعوى لم يُفصل فيها بمحكمة استئناف صنعاء حتى الساعة.