الديوان الملكي السعودي يعلن موعد ومكان الصلاة على الأمير الشاعر "بدر بن عبدالمحسن"    أنشيلوتي ... سنحقق لقب الليغا عن جدارة    الرئيس الزبيدي: نلتزم بالتفاوض لحل قضية الجنوب ولا نغفل خيارات أخرى    الحوثيون يستعدون لحرب طويلة الأمد ببنية عسكرية تحت الأرض    #سقطرى ليست طبيعة خلابة وطيور نادرة.. بل 200 ألف كيلومتر حقول نفط    آرسنال يفوز على بورنموث.. ويتمسك بصدارة البريميرليج    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    معاداة للإنسانية !    مكتب الأوقاف بمأرب يكرم 51 حافظاً وحافظة للقران من المجازين بالسند    من يسمع ليس كمن يرى مميز    صندوق النقد الدولي يحذر من تفاقم الوضع الهش في اليمن بفعل التوترات الإقليمية مميز    نقابة الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين تصدر بيانا مهما في اليوم العالمي لحرية الصحافة (3 مايو)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و654 منذ 7 أكتوبر    الحرب القادمة في اليمن    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    4 مايو نقطة تحول في مسار القضية الجنوبية!    من هي المصرية "نعمت شفيق" التي أشعلت انتفاضة الغضب في 67 بجامعة أمريكية؟    أبطال المغرب يعلنون التحدي: ألقاب بطولة المقاتلين المحترفين لنا    الرئيس العليمي يوجه بالتدخل العاجل للتخفيف من آثار المتغير المناخي في المهرة    تحديث جديد لأسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية    خبير اقتصادي بارز يطالب الحكومة الشرعية " بإعادة النظر في هذا القرار !    بدء دورة للمدربين في لعبة كرة السلة بوادي وصحراء حضرموت    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    منظمة: الصحافة باليمن تمر بمرحلة حرجة والصحفيون يعملون في ظروف بالغة الخطورة    وفاة فتاة وأمها وإصابة فتيات أخرى في حادث مروري بشع في صنعاء    المخا الشرعية تُكرم عمّال النظافة بشرف و وإب الحوثية تُهينهم بفعل صادم!    اسقاط اسماء الطلاب الأوائل باختبار القبول في كلية الطب بجامعة صنعاء لصالح ابناء السلالة (أسماء)    ماذا يجرى داخل المراكز الصيفية الحوثية الطائفية - المغلقة ؟ الممولة بالمليارات (الحلقة الأولى)    الحوثيون يعتقلون فنان شعبي وأعضاء فرقته في عمران بتهمة تجريم الغناء    مارب تغرق في ظلام دامس.. ومصدر يكشف السبب    ترتيبات الداخل وإشارات الخارج ترعب الحوثي.. حرب أم تكهنات؟    تن هاغ يعترف بمحاولةا التعاقد مع هاري كاين    الهلال السعودي يهزم التعاون ويقترب من ملامسة لقب الدوري    معركة مع النيران: إخماد حريق ضخم في قاعة افراح بمدينة عدن    أفضل 15 صيغة للصلاة على النبي لزيادة الرزق وقضاء الحاجة.. اغتنمها الآن    اخر تطورات الانقلاب المزعوم الذي كاد يحدث في صنعاء (صدمة)    تتقدمهم قيادات الحزب.. حشود غفيرة تشيع جثمان أمين إصلاح وادي حضرموت باشغيوان    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    الوزير البكري يعزي الاعلامي الكبير رائد عابد في وفاة والده    أمين عام الإصلاح يعزي في وفاة أمين مكتب الحزب بوادي حضرموت «باشغيوان»    دوري المؤتمر الاوروبي ...اوليمبياكوس يسقط استون فيلا الانجليزي برباعية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    أيهما أفضل: يوم الجمعة الصلاة على النبي أم قيام الليل؟    طقم ليفربول الجديد لموسم 2024-2025.. محمد صلاح باق مع النادي    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الصين تجدد دعمها للشرعية ومساندة الجهود الأممية والإقليمية لإنهاء الحرب في اليمن    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    الخميني والتصوف    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أخبار اليوم تواصل نشر رؤية الحراك المقدمة إلى مؤتمر الحوار الوطني
نشر في أخبار اليوم يوم 01 - 05 - 2013


قيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية
استفادت اليمن بعد ثورة سبتمبر من حالة المد القومي التي عمت المنطقة العربية والدعوة إلى توحد الأمة لكي تعيد إحياء مشروع الأئمة في الحاق "اتحاد الجنوب العربي" بما يسمى اليمن ولعبت العناصر اليمنية المهاجرة إلى الجنوب دوراً رئيسياً في الترويج للفكر القومي وان الوحدة اليمنية هي الخطوة الأولى لتحقيق هذا الحلم العربي العظيم. وفي إطار هذا التوجه القومي تم تسمية دولة الجنوب بعد الاستقلال جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية رغم أن هذه التسمية لم تكن من الخيارات الأولى المطروحة حينها.
قامت جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية بتحويل اسم الدولة المستقلة عن الاحتلال البريطاني وهي اتحاد الجنوب العربي في تاريخ 30 نوفمبر 1967 واعترفت 80 دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة بالدولة الجديدة بتاريخ 5 ديسمبر 1967م وكان مقعد الأمم المتحدة يحمل اسم اتحاد الجنوب العربي كهوية تاريخية نهائية لها ولمواطنيها ولم يطلق اسم اليمن بأي اشتقاق تاريخي على الجنوب سوى منذ30 نوفمبر 1967.
لقد تم الترويج وبكثافة لمسمى يمنية الجنوب عبر الآلة الاعلامية السياسية في النظام السياسي والقبلي الشمالي بكثافة كمحاولة لطمس استقلالية الهوية الجنوبية حتى قام النظام بتمويل دراسات جامعية وكتب تروج لهذه التزييف للتاريخ .
إن محاولة التزييف المكثفة والمتكررة من قبل النظام في صنعاء كانت احد الاسباب التي دفعت الجنوبيين الى التمسك بشكل متعصب بهويتهم وانتمائهم وبدأت تتجلى اطر هذا التمسك في الكتابات الصحفية التي ارسلت العديد من كتابها الجنوبيون الى غياهب المحاكمات والسجون وكانت الدولة تتمسك دوماً باتهام أولئك الكتاب بتهمة "تهديد الدولة ومحاولة قلب نظام الحكم" وهي اتهامات يعرفها العالم الحر جيداً بانها التهمة المستخدمة من الانظمة الدكتاتورية لقمع اراء معارضيها.
كما أن الحراك الجنوبي السلمي رفض منذ بدايته في 7/7/2007م الهوية اليمنية ولم يعترف بها كهوية وطنية وهي انعكاس لحالة الرفض المطلق في الشارع الجنوبي لمبدأ الضم والالحاق التي اتبعها النظام بل تندر الجنوبيون ورفضوا بشده شعار "عوده الفرع(الجنوب) الى الاصل (الشمال)" التي اطلقها ساسة الشمال.
كما أن هذا الرفض الشعبي في الجنوب للهوية اليمنية كان ايضاً بسبب غياب مفهوم المواطنة المتساوية في الجمهورية اليمنية غياباً تاماً حل محله مفهوم التبعية والرعوية للأنظمة القبلية الحاكمة في الدولة.
وكانت التصريحات العلنية للسياسيين الشماليين ابلغ برهان في تأكيد النية المبيتة في إلغاء الجنوب هوية وشعباً عندما قال الرئيس السابق علي عبدالله صالح في يوم 27 ابريل 1994م من ميدان السبعين في صنعاء لدى اعلانه الحرب على الجنوب "حانت لحظه الانتقام" و"هذه الوحدة تعمدت بالدم" وفي مذكرات الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر رحمة الله قال:" نحن رفضنا الوحدة ولكن الرئيس وعدنا بأنه سيقضي على الجنوبيين ويبتلع الجنوب خلال ثلاث سنوات" ... اما الدكتور عبدالكريم الأرياني فقال مباشرة بعد الحرب:" لقد ابتلعنا الجنوب ولم يبق إلا هضمه"، وقال الشيخ ناجي الشائف:" لم يعد هناك شيء اسمه الجنوب فقد اخذناه بالسيف"، أما محمد اليدومي، أمين عام حزب الاصلاح، فقد قال في حوار متلفز بينه وبين أمين عام الحزب الاشتراكي علي صالح عباد مقبل في العام 1997:" إن من حقهم (الشماليين) أن يزجوا بالملايين الى الجنوب لتغيير الخارطة الديمغرافية".
تسعة عشر عاماً من حرب 1994م عاشت اليمن أجواء التمجيد الرسمي اليومي للحرب ونتائجها .. و شعار "الوحدة فريضة دينية" واحد من الأمثلة التي يمكن التدليل بها على الانحراف .. فهذا الشعار لم يكن له وجود قبل حرب 1994م جرى صكه لتسويغ الهروب من المعالجة السياسية السليمة ... إن أبرز دلائل تسييس الدين لأغراض تخدم مصالح هذه القوى ما جاء في المسلسل التلفزيوني "همي همك" الذي قال فيه المثل فهد القرني ان اركان الاسلام ستة والركن السادس هو الوحدة وهذا يعيدنا الى التاريخ الذي جرى فيه تحريف الدين الاسلامي عند ادعاء الأسود العنسي بالنبوة في الشمال.
وكما هو معروف أجهزت الحرب على شراكة الجنوب في اتفاقية مشروع الوحدة وفرضت علية واقعاً جديداً يسميه المنتصر “وحدة معمدة بالدم" بينما تسميه قوى الحراك الجنوبي جهاراً نهاراً بأنها احتلال..
لقد طالت الحرب كل شيء في الجنوب وما ألفه و اعتاد و تعلق به من تاريخ ورمزيات و من حضور حقيقي للدولة و النظام و القانون .. تفسير ذلك أن النظام الذي اعلن الحرب نظام عصبيات مغتصبة للدولة .. مثلما فعل الإمام الهادي مع قبائل "يام" عندما قطع نخيلها وردم آبارها، و مثلما فعل الإمام أحمد عندما استباح مدينة صنعاء عام 1948م .
أما استباحة منازل قادة و مسئولي دولة الجنوب فتندرج في إطار الإمعان في الإهانة و ممارسة الإذلال.
فرضت نخبة الحكم في صنعاء نموذجها على الوحدة و عممت نظام الجمهورية العربية اليمنية كله .. وبدلاً عن وحدة 22مايو الطوعية السلمية أقامت وحدة 7يوليو "المعمدة بالدم" معتقدة أن نظام الجمهورية العربية اليمنية هو النموذج الذي انتصر على صعيد عالمي في الحرب الباردة و يجب أن ينتصر على صعيد محلي.
قام مركز دراسات مؤسسة الأهرام المصرية بإجراء بحث ميداني عن حرب صيف 1994 كان ابرز نتائجه" إن الوحدة لم تبن على أساس واقعي متين يقوم على التدرج و الانتقال الطبيعي السليم...إن التسرع في إعلان الوحدة دون إعداد كافٍ ودون وضع خطة عملية تدريجية سوف يكون هو السبب في فشلها لتضاف بدورها إلى مشاريع الوحدة العربية السابقة التي سقطت في زوايا التاريخ"
//////////////
ثانيا: البعد القانوني:
إن الشعب في الجنوب المقيم على أرضه منذ آلاف السنيين إنما قد دخل الوحدة على أساس اتفاقية شراكة مع شعب الجمهورية العربية اليمنية وهو في هذه الحالة لم يبع أرضه وثرواته ومؤسساته ولم يرهنها لأحد بل كان دافعه للوحدة هو الإخاء اليمني والعربي والإسلامي والقومي ولكن هذه الوحدة ضربت في الصميم بإعلان الحرب في 1994م من قبل نظام صنعاء.
أنهت لجنة من صياغة مشروع الدستور عام 1981 أعمالها لكن التوقيع عليه لم يتم إلا في 30 نوفمبر 1989.. وبين هذين العامين فاصل زمني كبير لم نجد تفسيراً موثقاً له إلا في حديث مطول أدلى به علي عبد الله صالح لنجيب رياض الريس و نشر في كتاب "رياح الجنوب" الصادر عام 1998 أي بعد حرب 1994 بأربع سنوات كان صالح خلالها مهووساً بنشوة النصر معتقداً أنه الصقر السبئي الذي أوقع الجنوب في فخ الوحدة وحوله من شريك بإرادته إلى ملحق بغير إرادته.. قال صالح لرياض الريس ما معناه: "إن قيادة الجنوب جاءت إلى الكويت(1982م) وهي منتشيه بنصرها العسكري و تريد أن تحقق الوحدة معنا من موقع القوي, لكن الإخوة في القيادة نصحوني أن لا أتسرع في الذهاب إلى الوحدة حتى نرتب أوضاعنا".
كما نصت الاتفاقية على "أن يسود العمل بدستور دولة الوحدة والشرعية الدستورية وعدم اللجوء إلى تجاوز الدستور أو تعديله, بينما تم تعديل الدستور مباشرة بعد انتهاء حرب 1994م.
إن الوحدة التي قامت بين الدولتين في الشمال والجنوب لم تكن قائمة على أسس وقواعد القانون الدولي والمواثيق الدولية كما أن اتفاقية الوحدة المبرمة كانت بين دولتين ذات سيادة وأعضاء في العديد من الهيئات والمنظمات الدولية والعربية ولم تشرك أي من هذه الهيئات وتحديداً منظمة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية في التوقيع على هذه الاتفاقية ولو حتى كشهود ولم تنشر تلك الاتفاقية أو تودع لدى الهيئات الدولية ولا يعلم الشعب في الجنوب والشعب في الشمال عن هذه الاتفاقية شيئاً سوى ما تسرب بانها من صفحة ونصف الصفحة وهي مساحة لا تكفي حتى لعقد تأجير محل.
والملاحظ في نص اتفاق إعلان الجمهورية اليمنية وتنظيم الفترة الانتقالية الإشارة إلى الاتفاقية بانها "اتفاق عدن التاريخي" ولم يتم الإشارة من قريب أو بعيد إلى أن اتفاقية الوحدة هي اتفاقية قانونية أو ذات بعد قانوني ويلاحظ أن هذا الوصف استخدم بكثافة من قبل النظام في صنعاء مع تحاشي الإشارة إلى أي بعد قانوني في الاتفاق الموقع.
من وجهة نظر القانون الدولي كانت حرب 1994م حرباً داخلية ومن الناحية الفعلية جرت الحرب بين حقائق دولتين تعذر دمجها وقد انقسمت مؤسسات الدولة على أساس شطري ابتداءً من مجلس الرئاسة والحكومة مروراً بالبرلمان وانتهاءً بالجيش والإعلام، ففي كل المستويات كانت الحرب بين حقائق دولتين.
القتل خارج إطار القانون:
في الفترة الممتدة من العام 1994م إلى 18 مارس 2013م تم قتل حوإلى1203 جنوبي من قبل شماليين ولم يتم معاقبة أي شمالي بتهمة قتل جنوبي سواء بالسجن أو الإعدام بل أن معظم الجناة تم تهريبهم من السجون إلى الشمال أو خارج البلاد كي لا تطالهم يد العدالة.
بل أن الأمر تطور إلى التصريح لجنود قوات الأمن المركزي بالقتل العشوائي وسحل الجنوبيين خصوصاً في الأرياف والمناطق النائية وكانت ابشع الممارسات في منطقة ردفان في أبريل من العام 2009 وأغلقت وسائل إعلام جنوبية عدة وعلى رأسها صحيفة "الأيام" لتغطيتها المصورة لتلك الأحداث التي شارك فيها قوات الحرس الخاص والأمن المركزي وتورط ضباط من الأمن المركزي في اغتصاب صبيان قاصرين داخل سجون الدولة في لحج على خلفية هذه الأحداث.
ومنذ العام 1994 قامت القوات النظامية باستخدام القوة المفرطة في قمع الاحتجاجات في الجنوب وقتل ما يزيد عن 17 دهساً تحت مجنزرات الدبابات وعجلات المصفحات بينما وعلى سبيل المقارنة قتل 4 فلسطينيين في إسرائيل دهساً من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.
أما أحد أكثر المشاهد ترويعاً للجنوبيين فهو مذبحة قرية المعجلة وهي إحدى قرى مديرية المحفد بمحافظة أبين، يبلغ تعداد سكانها 374 نسمة حسب الإحصاء الذي أجري عام 2004. تبعد القرية عن عدن مسافة 230 كيلو متراً شرقاً.
قتل فيها 68 من السكان المدنيين بينهم 14 من النساء و21 طفلاً، في قصف مزعوم لمعسكر تدريب لتنظيم القاعدة، حيث قامت بوارج أمريكية بقصفها بصواريخ كروز من نوع توماهوك كروزBGM - 109Dأطلقت في الساعة السادسة من صباح يوم الخميس 17 ديسمبر 2009م بناء على معلومات استخبارية خاطئة من نظام صنعاء للجانب الأمريكي ولم يقتل في الهجوم أي عنصر من القاعدة بل مدنيين أبرياء.
وقال فيليب لوثر -نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية- : "إن توجيه ضربة عسكرية من هذا النوع ضد مسلحين مزعومين من دون محاولة اعتقالهم هو على الأقل غير قانوني، كما أن حقيقة أن الكثير من الضحايا كانوا من النساء والأطفال يُعد مؤشراً على أن الهجوم كان في الحقيقة غير مسؤول بتاتاً ولاسيما على ضوء احتمال استخدام الذخائر العنقودية".
وأشارت المنظمة إلى أن الصور التي حصلت عليها تظهر أجزاء من الصواريخ من نوع توما هوككروزBGM - 109D،أمريكية الصنع. وأكد إن هذا النوع من الصواريخ أطلقت من سفينة حربية أو غواصات، وهي مصممة لنقل حمولة من القنابل العنقودية (166 قنبلة) وتنشطر الواحدة منها إلى ما يزيد عن 200 شظية حادة وصلبة، ويمكن أن تسبب إصابات على بعد 150متراً.
ثالثا : البعد السياسي:
منذ إعلان مشروع الوحدة في العام 1990 مارس الشريك الشمالي عملية اغتيالات سياسية طالت شريكة في الحكم الحزب الاشتراكي على وجه الخصوص حيث قتل 153 قيادياً من الحزب الاشتراكي قبل حرب 1994م.
استخدم الشريك الشمالي علاقاته المتوطدة أصلاً بالأطراف الدولية لتشكيل موقف معادي للشريك الجنوبي من المجتمع الدولي بني على معلومات مضلله.
باعتماد سلطة الحرب الأساليب العسكرية والأمنية المختلفة لإحكام سيطرتها على جغرافيا الجنوب والفيد والنهب المستمر على مقدراته وثرواته، فعملت بمختلف الأساليب والسبل لاستدعاء جراحات وخلافات الماضي بهدف تفكيك بنيته الاجتماعية والسياسية، فاتبعت سياسة التعاقدات الانتقائية لضمان التمثيل الشكلي للجنوب وإفراغه من محتواه كمؤسسات دولة قامت على النظام والقانون.
"وبهذا انقسم اليمنيون جغرافياً بين كاره للوحدة جنوباً وخائف عليها شمالاً، ومن ان سبب الكراهية في الحالتين واحد وهو حرب 1994، التي دمرت الوحدة كمشروع سياسي، تتهرب النخب السياسية في الجهتين من الاعتراف بهذه الحقيقة".6
وكان واقع الضم والإلحاق القسري هو المشهد الذي قوبل بالمقاومة والرفض، ليتحول إلى حراك سياسي اجتماعي سلمي اعلن عنه في 7/7/2007م.
لقد قام مشروع الوحدة اليمنية على أساس افتراض الحفاظ أو الإبقاء على البنية السابقة لكلتا الدولتين خلال الفترة الانتقالية، فهذه الاستراتيجية لم تحدث التكامل المأمول، لذلك واجهت دولة الوحدة، الإخفاق الأول الذي يتمثل في نقل مبدأ التوازن السياسي من المستوى المجتمعي العام إلى قمته و أجهزته التنفيذية الوسيطة و العليا، حيث تعثر استكمال دمج العديد من المؤسسات الحيوية، وبصفة خاصه مؤسستي الجيش و الأمن. الإخفاق الثاني يتمثل في هامشية الأحزاب السياسية. و الإخفاق الثالث وهو خاص بفشل تطبيق أحد أهم المبادئ التي قامت عليها الوحدة وهو مبدأ الأخذ بأفضل ما في تجربة الشطرين في نهج الدولة والمؤسسات والقانون والإدارة والعملة وتعميمه، وبالتالي لقد مس هذا الإخفاق عدم التوازن في الأثار الناتجة من الوحدة بين مناطق الشمال والجنوب، الأمر الذي أثر على نمو الشعور في أوساط الفئات الاجتماعية في المناطق الجنوبية بأنها قدمت تضحيات أكبر في سبيل الوحدة دون عائد مناسب، وأنه لم يكن هناك توازن بين الأعباء و العوائد بين سكان كل شطر سابقاً.
حرب صيف 1994م أحدثت تصدعات عميقة في مشروع الوحدة، ومما زاد الأمر سوءاً الممارسات التي أعقبت الحرب و انفراد السلطة في صنعاء بحكم دولة ما بعد 94م، كما أنها لم تقم بحل المشاكل الناجمة عن حرب، بل إنها استعذبت نتائجها المأساوية ووظفتها لتكريس سياسة النهب و الإقصاء والاستبعاد و التسلط أن السلطة إلى جانب تسريح عشرات الألاف من المدنيين و العسكريين عقب الحرب الأهلية في 1994م، و أطلقت يد الفاسدين و النافدين لنهب أراضي الجنوب و بيع مؤسساته العامة إلى المقربين، إلا أن قرار تسريح آلاف العسكرين و المدنيين نتج عنه أن أطلقوا شرارة ما يعرف ب(الحراك الجنوبي) فضلاً عن توزيع أراض شاسعه لقادة عسكريين ونافدين من أبناء الشمال و الجنوب.
بدأ شعب الجنوب بعد نهاية حرب 1994م يطالب بالمواطنة المتساوية و بالمشاركة في اقتسام السلطة و الثروة،. كذلك رفضهم قبول العناصر الإدارية المحسوبة على النظام السياسي حيث يرون أن هؤلاء العناصر معظمهم من الشمال وأتوا للإحلال في أماكنهم الوظيفية كما أدى الضعف الاقتصادي و الفشل الإداري وعدم قدرة النظام على تحقيق العدالة والمساواة، إلى ظهور ذلك الانقسام الاجتماعي.
النظام الإداري ما يزال حتى اللحظة يعتبر أهم نقطة ضعف في بناء الدولة في اليمن وما تم من إنجاز، لم يكن الفضل فيه لكفاءة الجهاز الإداري وفعاليته، وإنما يعود الفضل إلى المشاركة الشعبية المتمثلة في الهيئات التعاونية، وبعض رجال الأعمال وإلى المساعدات والخبرات الخارجية، المبادرات الذاتية للأفراد وليس للعمل المؤسسي من سلطة الدولة، مازال يعاني الجهاز الإداري من التسيب والفساد والضعف نتيجة نظرة الأنظمة السياسية المتتابعة للإدارة كأداة للإرضاء وتوزيع المغانم، وليس إدارة للإنتاج، إضافة إلى ذلك ضعف المستوى الاقتصادي، الذي يجعل من الموظف يتلاعب بالأنظمة و القوانين مقابل مبلغ من المال، أو لدعم مركزه ولم يقتصر الضعف على الجهاز الإداري، وإنما طال المؤسسة القضائية ونالها ما نالها من فساد، لذلك فقد تأثر وضع البناء الإداري في اليمن بنمط السلطة السياسية، فارتكزت الإدارة على المناطقية والطائفية والقروية والارتجالية والعشوائية، والأمزجة الشخصية، و لم يتحقق للإدارة أي بناء منهجي يرتكز على الخطط العملية والعلمية.
لقد بلغ حجم الإقصاء والتهميش السياسي، لأبناء الجنوب، في عام 2006م، مقارنة بعام 1990م، حداً كبيراً وما هو موضح أدناه هو عينه لما سيتم نقاشه باستفاضة في الأشهر القادمة:
1. انخفاض نسبة تمثيل الجنوب في رئاسة الجمهورية من 1990م إلى 2011م من 40% إلى 0 %.
2. انخفاض نسبة تمثيل الجنوب في مجلس النواب من 46%، إلى 19% فتم تقليص عدد مقاعد المحافظات الجنوبية بعد حرب صيف 1994م في البرلمان إلى 56 مقعداً من اصل 301 مقعد وبالمقارنة فأن محافظة صنعاء وأمانة العاصمة وحدها لديها 54 مقعداً في البرلمان.
3. انخفاض نسبة تمثيل الجنوب في مجلس الشورى من 47%، إلى 29%.
4. انخفاض نسبة تمثيل الجنوب في مجلس الوزراء من 54%، إلى 25%.
5. انخفاض نسبة تمثيل الجنوب في مجلس القضاء الأعلى من 46%، إلى 25%.
6. تعيين جميع محافظي المحافظات الجنوبية، من الشمال.
7. تعيين 57 مديراً عاماً للدوائر الأكثر أهمية من الشمال في عدن وإحلال كافة الموظفين الحكوميين في المهرة بنسبة 98% من الشمال والنسب تختلف بحسب المحافظة.
8. انخفاض نسبة أبناء الجنوب بين أفراد القوات المسلحة والأمن، إلى 12.3%.
9. انخفاض نسبة أبناء الجنوب بين قيادات المناطق العسكرية إلى 20%.
10. إقصاء جميع المشاركين في ترتيبات الوحدة اليمنية في الفترة من 24-27 رمضان، الموافق 19-22 أبريل 1990م، الواردة أسمائهم في الجريدة الرسمية العدد رقم 1
خطاب ادعاء الملكية:
اتباعاً للمبدأ القبلي المعروف في الشمال "ادعي بالشيء وبعدين شارع" فأن الطبقة السياسية الشمالية أغرقت الجنوبيين بادعاءات مثل :
1. إعادة توحيد اليمن:
قام الطرف الشمالي عبر وسائل الإعلام الحكومية والحزبية ببث فكرة أن وحدة 1990م ماهي إلا إعادة لتوحيد اليمن الذي فرقه الاستعمار والإمامة بينما لا يعدو هذا الخطاب سوى وهماً في فكر من ابتدعه.
2. عودة الفرع إلى الأصل:
إن هذه الفكرة تحمل في مضمونها رسالتين الأولى هي الحط من مستوى الجنوبيين وكأنهم اتباع أو مواطنون من درجة ثالثة أو أسوأ والرسالة الثانية هي التبعية المطلقة للشمال.
3. اليمن واحد منذ الأزل:
لا يوجد أي دليل تاريخي أو إنساني أو قانوني يدعم هذه الفكرة واستخدم الساسة الشماليون هذه الفكرة بكثافة في وسائل الإعلام لتثبيط وتيئيس أي حركة تطالب بفصل اليمنين من جديد فلم يكن اليمن واحداً سوى من العام 1990م.
4. الجنوبيون بقايا هنود وصومال:
احدى أسوأ الرسائل الموجهة من نظام صنعاء حيث قام الرئيس السابق شخصياً ببثها في لقاءاته الخاصة و العامة وحملتها العديد من وسائل إعلام حزب المؤتمر الشعبي العام.
5. الوحدة عمدناها بالدم
التهيئة لأي حرب أهلية قادمة وكانت اخطر الأطروحات هي التي بثتها صحيفة الديار في نهاية يونيو 2009 في مقال للصحفي الشمالي عادل الأحمدي، رئيس تحرير نشوان نيوز، يدعو لإبادة نصف مليون من الجنوبيين الأوغاد حد وصفه لكي يعيش العشرون المليون الشمالي الأخرون بسلام.
6. الوحدة أو الموت
شعار صرخة الحرب ضد الجنوبيين من ميدان السبعين في 27 أبريل 1994. وكلما زاد ضغط الجنوب على الشمال رأينا هذا الشعار في ملصقات على الشوارع كتهيئة نفسية مسبقة لحرب جديدة.
رابعاً: بعد المؤسسة العسكرية والأمنية الجنوبية:
أمتلك الجنوب مؤسسة عسكرية وأمنية مؤهلة تأهيلاً عالياً وتدريباً احترافياً بشهادة المراكز الاستراتيجية العسكرية العالمية و كان من افضل جيوش المنطقة حينها حيث كان الاتحاد السوفيتي سابقاً وبلدان حلف وارسو وفي اطار بروتوكولات التعاون العسكري يجري تدريب وتأهيل كل مكونات جيش الجنوب في بلدانها.
هذه المؤسسة التي ساهمت في ميزان معادلة الأمن القومي والدولي في المنطقة كانت الهدف الرئيسي والأساسي لنظام مراكز القوى الثلاث حيث تم تصفيتها أثناء وبعد حرب 1994م.
القائمة التالية توضح بعض من قوام المؤسسة العسكرية والأمنية في الجنوب:
• تتكون القوات المسلحة بأنواعها وصفوفها من 80,000- 100,000 ضابط وجندي بالإضافة إلى 60,000 من القوات الشعبية والاحتياط العام.
• 40 لواء نظامي مشاه وميكانيكي ودبابات ومدفعية صواريخ وقوى جوية ودفاع جوي وبحرية وغيرها.
• 18 دائرة تابعة لرئاسة الأركان العامة بمختلف أنواعها وتخصصاتها.
• كليتان عسكريتان.
• كلية شرطة.
• كلية طيران.
• مدرسه بحرية وكل الكليات كانت مجهزة تجهيزاً علمياً.
• 12 مدرسة تخصصية بمختلف صنوف القوات.
قوات برية :-
1. 16 لواء مشاه
2. 4 ألوية مشاه ميكانيكا
3. 3 ألوية دبابات + اربع كتائب مستقله
4. 3 ألوية مدفعية وصواريخ
قوات جوية :-
8 ألوية قوى جوية ودفاع جوي
قوات بحرية :-
6 ألوية بحرية وصواريخ ومدفعية وانزال وحراسات.
وزارة الداخلية : يتكون القوام البشري لوزارة الداخلية من 20,000 ضابط وصف ضابط وجندي وموظفين مدنيين تقريباً.
وزارة أمن الدولة : القوام البشري لوزارة امن الدولة تتكون من 8 آلاف موظف تقريباً.
كما امتلكت القوات البحرية الجنوبية اضخم سفينة انزال في المنطقة لا يوجد مثيل لها سوى 3 أخريات مع القوات البحرية التابعة للاتحاد السوفيتي سابقاً وتم تفكيك معداتها بعد حرب 1994م وتستخدم حالياً من قبل نافذين في أعمال التهريب.
كما امتلك الجيش قاعدة صيانه للصواريخ كانت الوحيدة في المنطقة وموقعها في بير النعامة تقوم بصيانه الصواريخ بكافة أنواعها لصالح حلف وارسو وتم نهب هذه القاعدة من قبل متنفذين وحولت معداتها المدنية لشيوخ قبليين بعد اقتحام عدن في 1994م.
وفي 27 أبريل 1994م تم تدمير اللواء الثالث مدرع جنوبي في معركة دارت مع لواء من الفرقة الأولى مدرع وقد سبق هذا الموقف أن تم في 22 أبريل 1994م تدمير اللواء الخامس مدرع الجنوبي في حرف سفيان منطقة عمران.. كما تم مساء 4 مايو 1994م تفجير الموقف في منطقة ذمار حيث يعسكر لواء باصهيب المدرع الجنوبي الذي تم تطويقه بقوات شمالية تفوقه عدة وعتاد وهذه فقط أمثلة من واقع ما تعرض له الجيش الجنوبي من إبادة متعمده.
الأسلحة نهبت.. الجنود والضباط سرحوا من العمل
خامساً: البعد الاقتصادي:
((أقسم الرئيس علي عبدالله صالح، بتحويل عدن إلى قرية)) قد تكون من الأقاويل التي يرددها الناس وقد لا يكون القسم حقيقياً لكنه بالتأكيد ما جرى على أرض الواقع فبموجب اتفاق مشروع الوحدة أصبحت مدينة صنعاء عاصمة الكيان الجديد. وبسقوط صفة العاصمة السياسية عن عدن، وعدم مصداقية تحويلها إلى عاصمة اقتصادية وتجارية عانت مدينة عدن من تدهوراً لكل مقومات الحياة فيها وبشكل خاص في الجانب التجاري والاقتصادي.
فقد أغلقت دواوين الوزارات فيها، أما مكاتب فروع الوزارات فلا تستطيع شراء القلم الرصاص بدون العودة إلى المركز في صنعاء.. وقد أسهمت هذه السياسات التمييزية الشديدة في تعطيل مصالح التجار واتشار الفساد بصورة غير موجودة في مناطق أخرى في اليمن.
و قامت الدولة وبشكل حثيث وباستخدام الوزارات ومكتب رئيس الوزراء بتغيير الوكلاء الجنوبيين للعديد من الشركات إلى وكلاء شماليين مباشرة بعد حرب 1994م حتى وكلاء توزيع الصحف والمجلات الدولية تم إرسال خطابات رسمية بتحويل وكالاتهم إلى الناشرين.
وأهملت الغرفة التجارية في عدن وهي أول غرفة تجارية في الجزيرة العربية أنشأت قبل اكثر من 100 سنه وأصبحت اليوم أثراً بعد عين.
كما تم إهمال أحواض السفن في ميناء عدن بشكل متعمد افضى إلى تدميرها وهي أول أحواض سفن جافة في الجزيرة أنشأت في العام 1983م.
وامرت الدولة مكاتب شركات النفط العاملة في اليمن والتي كانت قد اتخذت من مدينة عدن مقراً لها بالانتقال إلى صنعاء وإغلاق كافة مكاتبها في عدن، كما عملت الدولة على التمييز بشكل عنصري في تقديم خدماتها بفرض تعريفات مختلفة للخدمات الأساسية أرخص في الشمال عن الجنوب فعلى سبيل المثال مكالمة هاتفية داخل مدينة صنعاء ارخص ب40% منها في عدن وب50% عنها في المكلا كما أن سعر الكيلو وات/ساعه من الكهرباء في الشمال للبيوت السكنية أو للأغراض التجارية والصناعية ارخص عنها في الجنوب بفروقات تتجاوز ال30%.
إن ارتفاع نسبة البطالة، والإحالة إلى العمالة الفائضة والتقاعد المبكر في محافظات الجنوب. كانت بسبب فقدان عدن لعاصمتها، وإلغاء دواوين الوزارات فيها وإقصاء العمالة الحرة الوافدة من الشمال لنظيرتها من أبناء الجنوب بالمنافسة الاقتصادية و التمييز العنصري ضد الجنوبيين في التوظيف الحكومي الجديد لأبناء محافظات الجنوب، إلى اقل من عدد الموظفين الجنوبيين المتوفين وإلى اقل من ثلث عدد المتقاعدين قانونيا الحديث هنا عن المتقاعدين رسميا وليس المتقاعدين قسراً.
الملاحظ أن العوامل السياسية، والفساد، واختلاف ثقافة العمل، كانت أهم الأسباب الرئيسة للإقصاء والتهميش الاقتصادي لتجار الجملة والتجزئة، والمقاولين، والمستثمرين الجنوبين. فحجم الإقصاء والتهميش الاقتصادي والتجاري لأبناء الجنوب من أصحاب الوكالات التجارية وتجار جملة وتجزئة، ومقاولين، وشباب عاطلين عن العمل، ومستثمرين، وعمالة حرة، وموظفين، وقياديين، ومتقاعدين، وسلاطين وشيوخ وعقال، وغيرهم بلغ كما يلي:
1. إقصاء 367,974 عامل وموظف حكومي وقيادي جنوبي، من أعمالهم.
2. ارتفاع نسبة البطالة بين الذكور في المحافظات الجنوبية والشرقية إلى 22%، بالمقارنة مع 10% في المحافظات الشمالية(وفقا للأرقام الرسمية).
3. تربع محافظة عدن في المرتبة الأعلى في نسبة البطالة بين الذكور ب 31% تليها محافظة لحج ب 27% تليها محافظتي شبوة والمهرة ب 26% تليهما محافظة حضرموت ب 18 % أي أن الخمس المراتب الأعلى للبطالة بين الذكور هي في المحافظات الجنوبية أما أبين فلا توجد أية بيانات بسبب الدمار الحاصل فيها.
4. حرمان التجار في الجنوب من معظم الوكالات التجارية وجميع الوكالات الملاحية.
5. انخفاض نسبة التجار الجنوبيين في تجارة الجملة إلى 14%.
6. انخفاض نسبة المقاولين الجنوبيين إلى 14%. وتركزهم في الفئات دون الثانية.
7. تعرض تجار التجزئة في الجنوب إلى منافسة غير عادلة من قبل أصحاب الفرشات والباعة المتجولين وجميعهم من الشمال ويقومون بتصريف بضائع الموردين الشماليين في الجنوب مع تمتعهم بميزة عدم دفعهم الضرائب والواجبات، والإيجارات وتكاليف الكهرباء والماء والصرف الصحي.
8. تعرض المستثمرين من أبناء الجنوب؛ للنهب والاستيلاء غير المشروع على الأراضي التي تم صرفها لهم قبل حرب صيف 1994م؛ وتعرضهم للتمييز السلبي في المعاملات الإدارية.
وتعرضت منشآت القطاع العام والتعاوني إلى النهب والتخريب حيث تم :
1. نهب وتخريب 255 مرفق حكومي، كان يعمل فيها 25341 موظف.
2. نهب وتخريب 333 مؤسسة قطاع عام لها 859 فرع، تمتلك 1,192 منشأة منها 1,088 منشأة كانت عاملة في ديسمبر 1994م، وكان يعمل فيها 37,279 عامل.
3. نهب وتخريب 266 تعاونية لها501 فرع، تمتلك 767 منشأة. كان عدد المنشآت العاملة منها في ديسمبر 1994م،709 منشاة، يعمل فيها 3,839عامل.
كما تعرضت الأراضي الخاصة بأبناء الجنوب للبسط والاستيلاء عليها من قبل المتنفذين وشيوخ القبائل وكبار المسئولين في السلطة، وذلك على نطاق واسع. ويقدر العدد الإجمالي للمتضررين بحوالي 221 ألف أسرة من سكان الجنوب كما لعبت مصلحة أراضي وعقارات الدولة دوراً في التغيير لوثائق الملكية للأراضي والسجلات في الجنوب ومثالاً على ذلك فأن المصلحة قامت في محافظة لحج بالتزوير لغرض النهب والتلاعب بوثائق ملكيات هذه الأراضي التابعة لأبناء محافظة لحج.. كما أن حفر الآبار الارتوازية في الأراضي الزراعية وتحويل البعض منها إلى معامل للطابوق (البردين) وكسارات كما حدث في بستان الحسيني الأثري كل ذلك لهدف تدمير الأراضي الزراعية والتي تظهر عمليات التدمير المنظمة لها قيام الدولة بالتعمد في الضرر للمزارعين.
1. تم الاستيلاء على4.5مليون متر مربع من الأراضي المصروفة للمستثمرين، وإعادة صرفها لشيوخ قبائل، ولتجار متنفذين، ولوزراء، ولكبار القادة العسكريين.
2. استولت الهيئة العامة للمنطقة الحرة على 232مليون متر مربع، صرفت نسبة عالية منها لمستثمرين وهميين ومتنفذين لم ينفذوا المشاريع التي تقدموا بها بل عملوا على الإتجار بالأراضي.
3. استولت المؤسسة الاقتصادية العسكرية على 10.3مليون متر مربع من الأراضي الخاصة بالمرافق الحكومية وتوزيعها على متنفذين شماليين.
4. منع المحاكم من قبول أي قضايا حقوقية تخص الأرض، وعدم تنفيذ الأحكام الباتة فيها، منذ عام 1994م وحتى الآن.
5. منع السجل العقاري من تثبيت أي حقوق للجنوبيين تخص الأرض حتى وان كان صدر فيها حكم قضائي نهائي، منذ عام 1996م.
6. تعطيل تنفيذ الحلول التي أقرتها اللجان الحكومية المتعاقبة لحل مشكلات الأرض.
7. استخدام القوات المسلحة والأمن للاستيلاء على الأراضي، وتسهيل استحواذ المتنفذين عليها وامتلاكها أو البناء عليها أو بيعها.
في الجبال التي تقع معظمها في المحافظات الشمالية، تم إنشاء 1146سد وحاجز مائي تم بناء معظمها بصورة عشوائية وبدون دراسة لجدواها الاقتصادية. ويمثل ذلك تبديدا مزدوجا للثروات الطبيعية. فتساهم السدود والحواجز في زيادة تبخر المياه وانخفاض ما يصل منها إلى الوديان. والجنوب هو المتضرر الأكبر من ذلك بالشكل التالي:
1. الانخفاض الكبير في مستوى تدفق السيول في وادي بنا.
2. الانخفاض الكبير في مستوى تدفق السيول في وادي تبن.
3. الانقطاع النهائي لوصول مياه السيول إلى الأراضي الزراعية في محافظة عدن منذ عام 1992م وحتى الآن. أي لفترة اكثر من 20عام متتالية، وهو ما لم يحصل طوال التاريخ الموثق.
وفي مجال الثروة السمكية فأن حجم التبديد والعبث بلغ حد السماح للشركات الدولية المتعاقدة مع نافذين شماليين لاستخدام طريق التجريف السمكي في عملية الاصطياد وهي عملية محرمة في العديد من الدول لأثارها المدمرة على مصايد الأسماك وقد تجلى اثرها المدمر على الصيادين الفقراء الذين يضطرون إلى الاصطياد اليوم على أعماق أكبر بكثير وساهم ذلك في رفع أسعار المنتجات البحرية في المدن الجنوبية الساحلية إلى مستويات لم تشهدها في تاريخها وأصبحت اغلى من اللحوم الحمراء.
ولعل الدلائل الواردة في تقرير لجنة الزراعة والأسماك والموارد المائية الصادر بتاريخ 10 رجب 1424ه الموافق 7 سبتمبر 2003م. المقدم إلى مجلس النواب كفيل بإعطائكم صورة واضحة لحجم العبث بهذه الثروة والوضع الكارثي لها وأن تلك الأعمال تتم في وجود القائمين على مهمة الرقابة والتفتيش البحري وهذا يؤكد تواطؤهم مع الشركات التجارية، ولعدم وجود سياسة واضحة لاستغلال هذه الثروة الهامة وبطريقة سليمة ومستدامة".
أما النفط فإن النهب والتبديد والاستحواذ غير المشروع على الثروة خلال الفترة 1990م، وحتى نهاية أكتوبر 2012م على النحو التالي:
1. بلغت كمية إنتاج النفط من الجنوب 1.759 مليار برميل. أي ما نسبته 65% من إجمالي كمية إنتاج النفط الخام في الجمهورية اليمنية التي بلغت 2.703 مليار برميل.
2. تناقص إنتاج النفط من قطاع مأرب الجوف سنة بعد أخرى وازدياد الأهمية النسبية لما يتم إنتاجه من قطاعات النفط في الجنوب. من نسبة 5% عام 1991م، إلى 89% مع نهاية أكتوبر من عام 2012م.
3. بلغت قيمة النفط الخام المستخرج من الجنوب 76.801مليار دولار. بما نسبته 75%من القيمة الإجمالية لإنتاج النفط في الجمهورية اليمنية البالغة 102.482مليار دولار.
4. وجود قرائن كثيرة على وجود فساد كبير في مجال النفط. تؤكده الحقائق أدناه:
• الفارق الكبير بين إجمالي الإنتاج النفطي اليمني القليل والكمية الكبيرة المباعة في الأسواق العالمية.
• وجود بعض القطاعات التي لا تدفع الإتاوات.
• انخفاض الإتاوات في بعض القطاعات.
• وجود شركات محلية مشبوهة تحصل على جزء من نفط التقاسم.
• وجود مقاولون بالباطن لشركات مملوكه لمسؤولين في الدولة.
• ارتفاع كلفة إنتاج النفط في بعض القطاعات بصورة تثير الشكوك.
• ارتفاع الكمية المستخدمة في العملية الإنتاجية في بعض القطاعات.
• وجود شركات ثبت أنها دفعت رشاوي كبيرة لرؤساء دول أفريقية.
• وجود فساد كبير في العديد من القطاعات نفطية منها قطاع S1 في جنه، قطاع رقم 14المسيلة، وقطاع رقم 51 شرق حجر، وقطاع رقم 10شرق شبوة.
سادساً ً: البعد الثقافي والاجتماعي:
إن حقائق الأمور تتطلب النظر إلى طبيعة التطور الثقافي والاجتماعي للجنوب في تاريخه الحديث والمعاصر فمجمل التطور التاريخي أوجد ثقافة مجتمعية مختلفة عنها في شمال اليمن ولاشك أن النظر إلى التطورات الثقافية والاجتماعية لا يتم إلا ضمن سياق اجتماعي تاريخي معين باعتبار الثقافة جزاً من كل لمجمل التطور الاجتماعي، تفتضيه شروط التطور الاقتصادي والاجتماعي، وتتم مؤازرته بمنظومة متكاملة سياسية وحقوقية.
يشير الواقع إلى ان هناك ثقافة مدنية تأسست في الجنوب لعقود أحدثت تحولاً في سلوكيات الجنوبيين، فبات ترسيخ مبدأي النظام والقانون في الاحتكام اليه هما المؤشران الرئيسيان للدولة في الجنوب ولقد كان من سوء حظ حكام الجمهورية العربية اليمنية ان سيطرتهم على عدن في 1994م جاءت بعد ما يزيد على ربع قرن من قيام حكم وطني في الجنوب، نشأت فيه اجيال صبغتها هوية وطنية واحدة تتمتع بكافة الحقوق المدنية والمساواة أمام القانون. وحين سيطر الشمال على الجنوب حمل معه ثقافة الحكم القبلي، وكان من النتائج المباشرة لسيطرة ثقافة الحكم هذه تحويل الجنوب إلى ميدان واسع للفيد والنهب والسلب لصالح القوى المنتصرة في الحرب وتجاهل وتهميش مصالح سكان الجنوب الذين باتوا في ظل النظام الجديد يفتقدون الغطاء القانوني لحماية مصالحهم الخاصة والعامة.
كما سادت حملات التوعية السياسية والمشاركة الشعبية المجتمعية في مناقشات القوانين وربط الكثير من الفئات الاجتماعية بالعمل والانتاج والنشاط الزراعي وهي السياسات المتبعة لهذه المشاركات المختلفة. بالإضافة إلى ما أحدثته التعليم من ثورة على الموروث الاجتماعي وبشكل خاص في مجال تعليم الفتاة وإلى اعلى المستويات داخلياً وخارجياً، وربط ذلك بحقها بالمشاركة في العمل حيث تؤكد الدلائل ان المرأة الجنوبية حظيت بمكانه اجتماعية كشريك فاعل في عملية التنمية ولا ادل على ذلك من التوقيع والمصادقة على الاتفاقية الدولية لإزالة كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيدأو) في مايو 1984م كما أن حملات محو الامية وتعليم الكبار احدثت طفرة ملموسه في رفع الوعي المجتمعي بين أوساط واسعة من المجتمع وكان لنتائج هذه الحملات تحديداً بين أوساط النساء أن منح الاتحاد العام لنساء اليمن ميدالية كروب سكايا من قبل منظمة اليونسكو عام 1984م لإنجازاته في تصفية الامية من بين أوساط النساء بينما راهناً تعاني المرأة في الجنوب من نسبة أمية مرتفعة بلغت حوالى 65%.
وشهدت عدن نشوء أول حركة نسائية في الجزيرة العربية منذ أواخر أربعينيات القرن الماضي وكانت أول تظاهرة للنساء في الجزيرة العربية في عدن في العام 1951 ضد العنف المنزلي وهو ما تحاول المنظمات النسوية في صنعاء تزويره وقلب هذه الحقائق بادعائها نشوء الحركة النسائية في صنعاء.
لقد تحقق للمرأة الجنوبية المساواة وتكافؤ الفرص في مواقع صنع واتخاذ القرار من سبعينات القرن الماضي فهي أول قاضية وأول نائب وزير وأول عميد كلية اقتصاد وأول مذيعة تلفزيون وأول مذيعه إذاعة وأول مالكة ورئيس تحرير لصحيفة وأول طيار وأول سائقة تاكسي وأول مظلية على مستوى الجزيرة العربية.
إن المرأة الجنوبية التي بلغ عددها 38 قاضية في مختلف درجات القضاء والنيابة تأكيد على ان الفوارق التمييزية في النوع الاجتماعي لم يعرفها الجنوب بل ان المشاركة السياسية كانت واضحة المعالم في مجال انتخابات مجالس الشعب المحلية في الجنوب في أول دورة في 1976م وكذا انتخابات مجلس الشعب الاعلى في دورته الثانية في عام 1987م اذ بلغ عدد مقاعد النساء 10 عضوات من اجمالي 101 عضواً بنسبة 10% من اجمالي الاعضاء الذكور كما لعب صدور قانون الاسرة في 1 يناير 1974م باعتباره احد قوانين الاحوال الشخصية في الوطن العربية دوراً هاماً في الحياة الاسرية في الجنوب اذ ساهم كثيراً في تعميق علاقات الاحترام والتكافؤ بين المرأة والرجل في تحمل اعباء الحياة الاسرية.
كما تأسست منظومة متكاملة للمنظمات الجماهيرية ممثلة بالاتحاد العام لنقابات عمال الجمهورية واتحاد الشباب واتحاد الطلبة واتحاد الفلاحين وجرى بعد حرب صيف 1994م تفيد كل المباني التابعة لهذه المنظمات وهناك محاولات مستميته راهناً لإعطاء مقر النقابات في عدن لاحد المتنفذين والذي يعتبر احد اهم انجازات الحركة العمالية في الجنوب منذ أواخر خمسينات القرن الماضي والذي عرف بالمؤتمر العمالي والنقابات الست فيما بعد.
كما ساد الجنوب ثقافة مجتمعية تستند على انظمة مؤسساتية فكان انشاء البنى التحتية الأساسية المطلوبة من المدارس ورياض الاطفال والمراكز الثقافية و جامعة عدن وفروعها ومعهد الفنون الجميلة والمسرح الوطني والمكتبة الوطنية والمجمعات الصحية حيث منحت الدولة شهادة القضاء على مرض السل من قبل منظمة الصحة العالمية في العام 1983م.
اما مراكز رعاية الأمومة والطفولة والتي قدمت خدماتها للأم الحامل والطفل فقد انجزت حملة مكافحة الامراض السته الفتاكة بالطفولة كمشروع متكامل بدعم من منظمة اليونيسف في عامي 1982م و 1983م.
وجاء التوقيع على اتفاقية حماية حقوق الطفل الدولية في 13 فبراير 1990م تأكيد على الضمانات في الحماية والرعاية للنشء.
كل هذه المعطيات وفرت الأليات لحراك اجتماعي ثقافي لعب دوراً تنموياً تطويرياً ويمكن القول أنها احدثت نهضة اجتماعية ثقافية في الجنوب لا ندعي كمالها، ولكنها كانت تتجه بخطى ثابته صوب مجتمع مدني متطور يضمن الرفاه الاجتماعي للإنسان في الجنوب.
إن هذه النهضة الثقافية الاجتماعية في الجنوب والتي للأسف تم القضاء عليها بعد قيام الوحدة مباشرة في العام 1990م بفعل السياسات الخاطئة والممنهجة لنظام صنعاء وبشكل سافر بعد حرب صيف 1994م، فبدلاً من تسخير قدرات البلد وثرواته في تطوير التعليم، باعتباره احد اهم ركائز بناء الانسان و اداة التنمية وهدفها والثروة الحقيقية لأي مجتمع، حدث تراجعاً كبيراً، لما تم إنجازه في مرحلة ما قبل الوحدة، حيث عملت عقلية المنتصر بعد حرب صيف 1994م، على صياغة سياسة تعليمية تنسجم ومصالح الفئة الاقل والمسيطرة على مقدرات الجنوب ومستقبل أبنائه، بالإضافة إلى تدمير منظومة القوانين الاجتماعية، التي أسست لقيم انسانية حضارية وعلاقات متكافئة بين جميع افراد المجتمع.
إن التدمير الممنهج للقيم المدنية والثقافية التي تراكمت عبر عقود في الجنوب، لهي واحدةً من مظاهر سياسات القوة التي اتبعها النظام في الشمال، فالخطوات المتبعة للتدمير المتعمد للمتنفسات والشواطئ والجبال، والبناء العشوائي في كل مدن الجنوب، وتدمير اكثر من 39 متنزه للأطفال في مدن الجنوب بصرفها كأراضي للمتنفذين.
وتعززت سياسة الفيد والغنائم المتبعة منذ ما بعد حرب صيف 1994م حيث عمدت إلى التغيير لهوية مختلف مدن الجنوب فتم تغيير اسماء المدارس والشوارع بطريقة سياسة عنصرية حذفت اسماء ابطال وشهداء واعيان الجنوب من تلك المسميات واستبدلتها باسماء شمالية.
إن تهديم مسجد ابان في مدينة كريتر في عدن واحدة من اكبر الدلالات على طمس هوية مدينة عدن، بكل معالمها الأثرية والتاريخية وهي تجري ولا تزال إلى يومنا هذا على قدم وساق مثل صرف المعبد اليهودي في كريتر لاحد المتنفذين ومحأولة صرف مقابر البهرة والاسماعيليين ومقبرة اليهود حيث يجري المحافظة في الشمال على كل حجرة وشجرة اثرية ولا ننسى النهب الكارثي لمتاحف عدن بعد دخول القوات الشمالية اليها في حرب صيف 1994م.
ولايزال هذا العبث الممنهج مستمراً حتى اليوم فجزيرة سقطرى اليوم مهددة بالإزالة من قائمة منظمة اليونسكو لل"الإرث الإنساني" بسبب عدم دفع الرسوم من قبل الحكومة اليمنية وبسبب العبث بالسواحل التي تم تمليكها لنافذ واحد من النظام السابق وعبث بالأراضي فيها بشكللا يصدقه عقل بينما مدينه زبيد الشمالية تحضا بكل دعم حكومي ودفعت رسوم بقائها في "قائمة الإرث الانساني".
ناهيكم عن سياسات الإقصاء والتهميش والتسريح القسري للمدنيين والعسكريين والأمنيين والذين بلغ عددهم فقط بعد اغسطس 1994م 90 ألف موظف مدني وعسكري بل عمدت السلطة إلى تعميق الشرخ في النسيج المجتمعي، محددة ملامح تاريخية جديدة للجنوب اسست له تاريخاً اطلق عليه 7 يوليو 1994م يوم النصر.
ادى كل ذلك إلى بروز مؤشرات خطيرة يعيشها الجنوب تكمن في الآتي : -
1- اللجوء إلى التحكيم القبلي وسلطة الأعراف ادىإلى انتعاش عمليات الاقتتال والثأرات القبلية بعد أن عمل الجنوب على التخلص من ظاهرة الثأر والاحتكام إلى سلطة القانون.فقامت الدولة بفرض هيئة شؤون القبائل في الجنوب وبدأت بتعيين شيوخ قبليين يحملون بطاقات تعريفية رسمية بانهم شيوخ لمناطقهم وعينت شيخين أو اكثر في معظم المناطق الريفية لإشعال خلافات بين اتباع كل شيخ ودعمت اطراف عدة بالمال والسلاح لإذكاء هذه الصراعات الجديدة على الجنوب.
2- عدم ترسخ مبدأ النظام والقانون والاحتكام إليه.
3- ظاهرة الفساد المستشري في كل مفاصل الحياة الخاصة والعامة.
4- عدم استيعاب الخريجين من الجامعات والمعاهد العليا، حيث بلغت نسبة البطالة بين أوساط الخريجين في محافظة عدن 31%، بينما في الوقت الذي تمنح فيه الوظائف للخريجين القادمين من الشمال، بالوساطة.
5- انتشار ظاهرة الفقر في أوساط الأسر في الجنوب.
6- التعطيل والإلغاء المتعمد للقوانين.
7- واخرما قام به النظام ترحيل وثائق المكتبة الوطنية والتي تحتوي على السجلات المدنية والبلدية إلى صنعاء، وسبق ذلك بأعوام السطو وفي منتصف الليل على أرشيف تلفزيون وإذاعة عدن، ونقل كل المحتويات إلى تلفزيون صنعاء، في مسعى لطمس الثقافة والموروث الغنائي والمسرحي للجنوب، والذي هو الأساس للأغنية الخليجية واليمنية.
8- انتشار بيع المخدرات نهاراً جهاراً في المدن الجنوبية ويتم ذلك بحماية جنود تابعين للأمن المركزي هدفها تدمير الشباب الجنوبي.
تدهور مستوى الخدمات الحكومية في مجالي التعليم والصحة، يدل على واقع مفزع حيث انخفضت نسبة الملتحقين حاليافي التعليم من اجمالي السكان. فمن بين21 محافظة في اليمن جاءت محافظة حضرموت في المرتبة رقم 16، واحتلت محافظاتعدن، ابين، شبوة، لحج المراتب 13، 12، 11، 10 على التوالي. وجاءت محافظة المهره في المرتبة 6. وجود نسبة 22.6% من السكان في سن التعليم خارج المدرسة في محافظة عدن. وارتفاع نسبة التسرب من الصف الأول حتى الصف التاسع إلى 17.6% لكلا الجنسين، 23% للإناث، 12.6% للذكور.
وامتدت السياسات التمييزية والعنصرية في الابتعاث الخارجي للدراسة حتى يومنا هذا فعلى سبيل المثال في شهر ابريل الجاري تم اعلان اسماء المبتعثين للدراسة، وفي محافظة المهرة تم ابتعاث سته واحد منهم جنوبي والبقية شماليين.
لقد اسهمت السياسات الحكومية المنظمة في تدمير المنظومة التعليمية في الجنوب إلى ارتفاع معدل الامية إلى اكثر من 49% بعد ان كان قاب قوسين أو أدنى من القضاء على الامية تماماً في العام 1990م.
ظاهرة التمييز الديني:
إن شعار "الوحدة فريضة دينية" بات ملمحاً من ملامح الحياة اليومية، والخارج عنه "كافر ملحد" بل الحديث ولو همساً عن معطيات ودلائل تؤكد بما لايدع مجالاً للشك ان سياسة المنتصر فرضت واقعاً جديداً تحت مسمى "الوحدة المعمدة بالدم" وهذا ما حصل ويحصل على ارض الواقع في الجنوب، "حيث بالحرب تحولت الوحدة إلى دماء وجراح اشاعت الكراهية ونقلت براميل الشطريه من الجغرافيا إلى النفوس" 6.
على الرغم من ادعاء الساسة الشماليين عند دفاعهم عن الوحدة المقدسة بان الشعب يدين بدين واحد إلا أنه وعملاً على الارض استخدم الدين للتمييز ضد الجنوبيين.
واستخدام الدين من قبل الساسة الشماليين كانت اللعبة الخطرة في السياسة اليمنية الداخلية فقد بدأ النظام الشمالي بالإعداد لحرب 1994 بالترويج عبر معسكرات وزارتي الدفاع والداخلية وباستخدام رموز دينية شمالية تابعه لحزب الاصلاح بفكرة أن الجنوبيين ما هم إلا شيوعيون كفرة وان قتلهم ونهبهم وانتهاك اعراضهم حلال وجاءت فتوى الشيخ محمد الديلمي عضو مجلس شورى حزب التجمع اليمني للإصلاح سيئة الصيت لتحفر جرح غائر في قلوب الجنوبيين. 6
وبلغت الحملة الدينية قمة السقوط عبر نفس رجال الدين بنشر فكرة إن رجال الجنوبيين (**) ونسائهم (**) وزرعوا هذه الفكرة في رؤوس الشباب وافراد القوات المسلحة والامن في الشمال لحملهم على التمييز عنصرياً ضد الجنوبيين حال نقلهم هناك.(** تشير إلى لفظ بذيء يستخدم للحط من قيمة الانسان اجتماعياً)
إن التعامل الديني مع الجنوبيين على انهم كفرة ملحدون لم يتوقف بنهاية حرب 1994 بل توسع الأمر بشكل أكبر ليتم بعد الحرب استخدام الدين وتحديداً المذهب الزيدي لفرض التوظيف في المناصب العليا للدولة في الجنوب خاصة في المناصب المتحكمة في ايرادات الدولة.
رواية الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر في مذكراته حيث قال: " طلب الرئيس منا بالذات مجموعةالاتجاه الإسلامي و أنا معهم أن نكون حزباً يكون رديفاً للمؤتمر و نحن و أياكم لن نفترق و سنكون كتلة واحدة ولن نختلف عليكم و سندعمكم مثلما المؤتمر.. إضافة إلى أنه قال: إن الاتفاقية التي تمت بيني و بين الحزب الاشتراكي و هم يمثلون الحزب الإشتراكي و الدولة التي كانت في الجنوب و أنا أمثل المؤتمر الشعبي و الدولة التي في الشمال و بيننا اتفاقيات لاأستطيع أتململ منها وفي ظل وجودكم كتنظيم قوي سوف ننسق معكم بحيث تتبنون مواقف معارضه ضد بعض النقاط أو الأمور التي اتفقنا عليها مع الحزب الاشتراكي و هي غير صائبة ونعرقل تنفيذها.. و على هذا الأساس أنشأنا التجمع اليمني للإصلاح".6
أما الشيخ الزنداني و من معه من رجال الدين فليس بمقدورهم –وهم أحياء- أن ينكروا بأنهم كانوا أصحاب العطاء الأكبر في فن استثمار التراث التاريخي للصراع بين الشطرين.. لقد رفعوا شعار " نريد الوحدة و نفرط بالإسلام : نعم للوحدة لا للدستور " و اعتبروا قبول الدستور تفريطاً بالإسلام و أن المعركة بين كفر و إيمان و حق وباطل.. بل قالوا في بيان وقع عليه أكثر من 400 من رجال الدين أن مشروع الدستور أشتمل على ما يلي :-
1. أغفل هوية اليمن العربية الإسلامية.
2. الإشراك بالله في الحكم.
3. إلغاء الدفاع عن الدين و الوطن
4. إلغاء فريضة الزكاة.
5. إلغاء القصاص.
6. الغاء الفوارق الشرعية بين المسلم و الكافر و الرجل و المرأه
7. إلغاء شروط الإسلام فيمن يتولى ولايه عامة
8. إلغاء مقومات الأسرة
9. إلغاء الضمان بحفظ الأموال و الدماء و الأعراض.
وقالوا : أن المادة (33) ترد جميع النصوص الواردة في الكتاب و السنة:وتسخر من الحديد و القصاص عندما تصفها بالبشاعة،فهي تتهم شرع الله وتطعن مباشرة في ذات الله عز وجل.. والمعروف أن المادة(33) كانت تنص على"لا يجوزاستعمال وسائل بشعة غير إنسانية في تنفيذ العقوبات ولا يجوز سن قوانين تبيح ذلك"
وعلى سبيل المثال في الاعوام اللاحقة للحرب تم نقل واحدة من اسوأ مظاهر الحكم في الشمال إلى الجنوب عبر مصلحة الواجبات التي تستند في تحصيلها للزكاة من المواطنين بالقوة إلى المذهب الزيدي خلافاً لتعاليم المذهب الشافعي السائد في الجنوب والذي يدفع فيه اتباعه الزكاة طواعية بأنفسهم ويصرفوها على الفقراء وجرى اغلاق المحال التجارية في شارع العيدروس في عدن على سبيل المثال بالقوة العسكرية اذ رفض ملاكها تسليم الزكاة إلى مندوب المصلحة ويرى المواطنون في الجنوب مصلحة الواجبات كجهة سلب ونهب مباشر من المواطنين كما يدفع الموظفين الزكاة مباشرة من رواتبهم.
وقد تعرضت محافظة ابين خاصرة الجنوب ولاتزال تتعرض لحرب ابادة متعمده مورس تجاهها سياسة الارض المحروقة فهي اليوم رهينة المحبسين بين القاعدة وانصار الشريعة.
لقد تحولت بفعل السياسات التدميرية إلى محافظة فاقده لمعالم تواجد الانسان والمكان فيها فهي تتعرض للتمييز العنصري البشع وبفعل الفتأوى الدينية والارهاب الفكري الممارس تدفع ثمنا باهضاً... وقد كان تواجد القاعدة في هذه المحافظة بتسهيل وتواطؤ من قبل النظام السابق الذي فتح المعسكرات لتقوم عناصر القاعدة بنهب السلاح ولدينا معلومات موثقة بخصوص فتح مصنع "7 اكتوبر" للذخائر في جعار لنهبه من قبل الارهابيين قبل ان يغادروا المكان ويروح ضحية انفجار المصنع اكثر من 150 من الابرياء من الاطفال والنساء والشيوخ13...بل ان علماء اليمن وهم الضلع الديني في النظام السابق رفضوا مراراً وتكراراً اصدار اي بيانات تدين اعمال القاعدة في ابين عند بدء حملة اللجان الشعبية لطردها من المحافظة.
سابعاً : البعد الجغرافي:
يعتبر الجنوب منطقة استراتيجية هامة للأمن الإقليمي والعالمي حيث مساحته الإجمالية 360،133 كيلومتر مربع يحده من الشرق سلطنة عمان ومن الشمال المملكة العربية السعودية واليمن الشمالي ومن الجنوب خليج عدن والبحر العربي ويتحكم في مضيق باب المندب الحيوي لحركة الملاحة الدولية الاقتصادية والعسكرية وكذا العديد من الجزر الواقعة في البحر الاحمر غرب الحدود مع اليمن الشمالي وارخبيل سقطرى المطل على المحيط الهندي، فهو يمثل موقعاً استراتيجياً لتصدير نفط وغاز دول مجلس التعأون الخليجي وثروات بحرية ونفطية وغازية ومعدنية هائلة تجعله عامل جذب لذوي المصالح الضيقة التي لاترى فيه إلا غنيمة يجب عدم التفريط بها تحت اي ثمن حتى وإن كان ابادة شعب الجنوب.9
كما يمتلك الجنوب ميناء عدن الاستراتيجي وهو ميناء طبيعي عميق محمي بسلسلة جبلية تجعله أمناً على مدار العام ويبعد 4 أميال بحرية من خط الملاحة الدولي و حولته الإمبراطورية البريطانية على مدى 139 عاماً إلى ثاني اهم ميناء في العالم تؤمه اربعون11 سفينة يومياً.
الحدود الحالية للجنوب تتطابق إلى حد ما فقط مع الحدود القديمة فتم استقطاع مساحات شاسعه من محافظتي حضرموت وشبوة وضمها إلى محافظتي مأرب والجوف و محافظة البيضاء حالياً كان في نطاق حدود الجنوب والجزء الشمالي من محافظة الضالع حالياً كان يقع ضمن الجمهورية العربية اليمنية اما اكبر تعديل ادخله النظام فهو اقتطاع باب المندب من محافظة عدن الجنوبية وإدخاله ضمن محافظة تعز الشمالية وكذا جميع الجزر التابعة للجنوب والواقعة في البحر الأحمر.
الخاتمة:
إن التاريخ الحديث يؤكد ان هناك 93 تجربة وحده واتحاد تمت بين الاقطار العربية وقد فشلت في القرن الماضي منذ مطلعه حتى العقد العاشر اي تسعينات القرن الماضي" 10.
ثلاثة وعشرون عاماً من الصبر والمعاناة والانتهاكات الصارخة لحقوق الانسان في مختلف مجالات الحياة العامة سياسياً، اقتصادياً، تربوياً، ثقافياً، واجتماعياً وامنياً، وعسكرياً دمرت كل مقومات دولة الجنوب. وفرضت القضية الجنوبية نفسها كقضية سياسية بأمتياز وباتت تمثل العنوان الابرز في مواجهة النظام الذي بسببها بات يواجه تحديات عديده بسبب حالات الاختلال في التوازن، هذا ادى بدوره إلى تسارع وتصاعد وتيرة نضال الحراكالسلمي الجنوبي الذي عبر وبصوت مسموع ان الوحدة كانت مجرد الحاق للجنوب بالشمال للاستحواذ عليه.
الجنوب يمتلك ارضاً شاسعة وموقعاً استراتيجياً ومخزوناً هائلاً من الثروات الطبيعية فأصبح غنيمة وفيد جرى ويجري النهب المنظم لموارده وثرواته وليس ادل على ان حرب 1994م الظالمة كلفت النظام 11 مليار دولار وعشرة الاف قتيل حفاظاً على الوحدة... تنأول التقرير المقدم بعض من ابعاد القضية الجنوبية ملامساً الحقائق وليس كلها إذ في المحتوى الذي سيتم مناقشته في الاشهر القادمة سيتم التطرق بكل شفافية إلى التفاصيل الدقيقة لما جرى ويجري في الجنوب.
إن مليونيات الحراك الجنوبي السلمي والتي خرج شعب الجنوب معبراً عنها بمناسبة 14 اكتوبر و 30 نوفمبر والتصالح والتسامح وجاءت مليونية 27 ابريل 2013م لتؤكد حقائق على الأرض بأن القضية الجنوبية هي قضية سياسية بامتياز وان المجتمع الاقليمي والدولي يرى بها الخطوات الأولى لاستقرار المنطقة وهناك اصوات تتعإلى تصغر من شأنها في الوقت الذي ارتفع سقف هذه القضية ليعلن شعب الجنوب للعالم انه يريد تقرير مصيره بنفسه.
ان هذه المليونيات التي احتشد فيها الشعب الجنوبي بسلام وبدون اي حوادث امنية أو غيرها هي خير دليل على مدنية و سلمية الحراك الجنوبي وتنفي عنه كل ما يحأول البعض الصاقه به كيدياً من عنف وسلاح وارهاب.
نؤكد مجدداً ان القضية الجنوبية مرجعيتها شعب الجنوب الذي يريد استعادة دولته وتقرير مصيره بإرادته الحرة و مانحن اعضاء الحراك في مؤتمر الحوار سوى همزة وصل لشعب الجنوب فنحن في النهاية من هذا الشعب واليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.