تفاءل عشاق الكرة الالمانية في بداية الموسم الجاري بعد تتويج منتخب المانشافت في مونديال البرازيل باللقب الاغلى عالمياً، وازداد تفاؤلهم في افتتاح الموسم الكروي المحلي عندما استطاع فريق بوروسيا دورتمند اقتناص لقب السوبر الالماني أمام زعيم الأندية الالمانية بايرن ميونيخ وهو ما جعل الجميع يتوقعون أن يشهد الموسم صراعاً شرساً في البوندسليغا . ولكن أصيب الجميع بخيبة أمل كبيرة بعد الاداء الغريب لفريق بوروسيا دورتمند منذ انطلاقة الدوري حيث خسر الفريق ثماني مباريات خلال الجولات الثلاثة عشر المنقضية وهو ما وضعه في قاع ترتيب الجدول برصيد 11 نقطة فقط! لغز انهيار اسود فيستيفاليا صار حديثاً للصحافة الالمانية هذا الموسم، فكيف لفريق توج بلقب البوندسليغا في موسمي 2010 - 2011 ، 2011 -2012 وتأهل لنهائي دوري الابطال في عام 2013 أن يتراجع بهذه الطريقة المخيفة خاصة وأنه يعتبر المنافس الوحيد تقريباً للعملاق البافاري في المانيا وغيابه عن المنافسة يعني أن اللقب قد حُسم اكلينيكياً في توقيت مبكر للغاية . جماهير الفريق العاشقة له والتي تزحف خلفه اينما ذهب اعلنت عن تذمرها الشديد من مستوى الفريق هذا الموسم خاصة بعد خسارته الاخيرة امام اينتراخت فرانكفورت بثنائية نظيفة، خاصة وأن المدير الفني الشاب يورغن كلوب عجز تماماً عن ايجاد حلول للازمة الفنية الغامضة التي تواجه تشكيلته رغم وعوده في كل جولة بتصحيح المسار . وفي هذا التقرير نستعرض لكم أهم العوامل التي إلى هذا التراجع الحاد في أداء ونتائج الفريق خلال الفترة الماضية الفشل في التعامل مع الموقف الغريب معظم لاعبي دورتموند الحاليين لم يسبق لهم أبداً خوض الصراع من أجل البقاء في الدرجة الاولى وتفادي الهبوط، وهو الموقف الذي يعد غريباً عليهم ولم يسبق لهم مواجهته من قبل . ومع بداية الموسم وتواصل الهزائم والعروض الهزيلة وجدت إدارة النادي ومدربه ولاعبوه أنفسهم في وضع حرج للغاية لم يعتادوا عليه من قبل، وهو ما يؤدي إلى انهيار الجوانب النفسية وتحطيم معنوياتهم ويؤثر سلباً على النتائج، فمثل هذه المواقف تحتاج إلى صلابة من نوع خاص تتيح للاعبين التعامل بنجاح مع الازمة وتجاوزها بنجاح . ورغم أن مدرب الفريق يورغن كلوب قد سبق له المرور بهذه الازمة عندما كان يتولى الإدارة الفنية لفريق ماينز ولكن الوضع في دورتمند مختلفاً تماماً من حيث سقف طموحات الجماهير واللاعبين والإدارة أيضاً، فالفريق اعتاد بجميع عناصره التواجد في مصاف الكبار، واحتلاله قاع الترتيب يمثل صدمة كبيرة أصابت الجميع داخل الفريق بشلل تام . الإصابات العديدة وعدم توافر بدائل يعاني فريق بوروسيا دورتموند من لعنة إصابات طاردت نجوم الفريق منذ بداية الموسم، وغاب لاعبين من أهم مفاتيح لعب تشكيلة كلوب عن عدد كبير من المباريات مثل المدافع الالماني الدولي ماتس هوملز وصانع الالعاب هنرك مختريان والجناح المتألق ماركو ريوس ولاعبا الوسط الكاي غندوغان ونوري شاهين . وبالطبع لا يمتلك الفريق دكة بدلاء قوية يستطيع كلوب الإعتماد عليها من أجل تعويض هذه الغيابات المؤثرة، وهذه أبرز عيوب دورتموند في المواسم الاخيرة وما يميز فريق بايرن ميونيخ عنه حيث يتوافر في صفوف الفريق البافاري بدلاء أكفاء يمكن الاعتماد عليهم دون اهتزاز المستوى العام لتشكيلته . خسارة نجوم الفريق في صيف 2013 خسر دورتموند صانع العابه ماريو غوتزه الذي فضل الانتقال إلى المنافس المباشر بايرن ميونيخ، ثم تواصل في الموسم التالي رحيل النجوم بانتقال مهاجم وهداف تشكيلة كلوب روبيرت ليفاندوفيسكي إلى بايرن أيضاً والذي تأثر هجوم دورتموند برحيله بشكل واضح حيث لاحت للفريق العديد من الفرص داخل مناطق جزاء المنافسين ولكنه افتقد إلى رأس الحربة الهداف القادر على إنهاء الهجمات بنجاح ؛ ويكفي الإشارة إلى أن معدل تهديف الفريق خلال الموسم الماضي في البوندسليغا بلغ 2.36 هدف في المباراة الواحدة، بينما يبلغ المعدل هذا الموسم 1.08 هدف . ويبدو أن إدارة النادي العاجزة عن الحفاظ على نجومه ستواصل ارتكاب نفس الحماقات في ظل الشائعات العديدة التي تؤكد قرب مغادرة مدافع الفريق ماتس هوميلز والجناح المتألق ماركو ريوس لصفوف النادي في الفترة المقبلة خاصة في ظل وجود عروض عديدة من كبار الاندية الأوروبية الراغبة في الحصول على خدمات اللاعبان . صفقات جديدة مخيبة أبرم الفريق عدداً من الصفقات الجديدة من أجل تعويض رحيل نجومه في بداية الموسم، ولكن هؤلاء اللاعبون الجدد لم يقدموا المستوى المنتظر منهم. في بداية الموسم الماضي تعاقد دورتموند صانع العاب شاختار هنريك مختريان في صفقة كبيرة بلغت 27.5 مليون يورو من أجل تعويض رحيل غوتزه، ولكن مختاريان لم يقدم المستوى المنتظر منه وخيب جميع الآمال المعقودة عليه. أما هذا الموسم فقد جلب كلوب المهاجم الايطالي الدولي شيرو اموبيلي هداف الدوري الايطالي في الموسم الماضي ولكنه لم يقدم أي بصمة له في البوندسليغا حتى الآن وفشل هو والكولومبي ادريان راموس في تعويض رحيل ليفاندوفيسكي. حتى الياباني شينجي كاغاوا الذي عاد إلى صفوف الفريق في بداية الموسم لم يستعيد مستواه الذي كان يقدمه في السابق قبل انتقاله إلى مانشستر يونايتد الانجليزي رغم الآمال المعقودة عليه من جانب الجماهير . أخطاء ساذجة وانهيار بدني يصر لاعبو الفريق على تكرار أخطاء ساذجة في جميع المباريات تقريباً، خاصة حارس المرمى رومان فاندينفيلار والمدافع الصربي سيبوتيتش، وهو ما فشل كلوب في وضع حد له . كما أن الفريق يعاني من مشاكل بدنية واضحة خاصة إذا لاحظنا أن معظم الأهداف التي تسكن شباكه تأتي في الثلث ساعة الاخير، فلاعبو دورتموند يركضون أثر من جميع لاعبي اندية البوندسليغا باذلين مجهوداً بدنياً كبيراً منذ اللحظات الأولى للمباراة، ولكن فشل لاعبوه في ترجمة هذا المجهود والسيطرة إلى أهداف يدفعون ثمنه في الشوط الثاني بعد أن يستهلكوا بدنياً وهم لم يؤمنوا النتيجة . هناك العديد من اندية البوندسليغا تقدم اداءاً أسوأ من دورتموند هذا الموسم، ولكن لاعبو هذه الاندية يستطيعون التحكم في ايقاع اللعب بشكل أفضل مترجمين الفرص التي تسنح لهم إلى اهداف بأقل مجهود وهو ما فشل فيه دورتموند تماماً. التحدي الاكبر الآن بالنسبة ليورغن كلوب هو كسر سلسلة الهزائم ووضع حد لهذه الحالة السيئة التي يعيشها الفريق، توقف النزيف ولو بشكل مؤقت سيؤثر بشكل ايجابي على معنويات اللاعبين خاصة وان هناك فرصة كبيرة أمامهم من أجل إعادة ترتيب الأوراق خلال فترة التوقف المقبلة في بداية العام الجديد، وهي الفترة التي تمتد لقرابة الشهر في البوندسليغا .
